ظل طريق الحرير القديم مصدر إلهام فريد للتبادل والتواصل الودي بين شعوب العالم القديم. أما الآن فقد استلزمت متطلبات العصر الحديث رؤية استراتيجية جديدة لتعزيز الترابط والتواصل بين مختلف الدول. ومن هنا جاء اقتراح الرئيس الصيني شي جين بيغ بناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين . وهو ما أصبح يعرف بمبادرة "الحزام مع الطريق". التقرير المطول التالي يسرد تاريخ المبادرة وأهم التفاصيل المتعلقة بها.

ظل طريق الحرير القديم الممتد لأربعة آلاف سنة يدعم التبادلات التجارية والثقافية بين آسيا وأوربا لآلاف السنين. وخلال رحلة الرئيس الصيني شي جين بينغ لآسيا الوسطى سبتمبر الماضي، تحدث عن تطلعه إلى بناء طريق حرير جديد وطرح مبادرة لبناء حزام اقتصادي على طريق الحرير، مشيرا إلى خمسة أهداف، هي تعزيز التعاون الاقتصادي، وتوثيق الترابط والتواصل على طويل الطريق، ودفع تبادل التجاري والاستثماري، وتسهيل التداول النقدي، وتوسيع منصة التبادل البشري. وأثناء القمة السادسة عشرة لقمة الآسيان زائد الصين في إندونيسيا، طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ فكرة مماثلة هي بناء طريق حرير بحري. ومنذ ذلك الحين، تكررت مبادرة" الحزام مع الطريق" ولقيت ترحيبا أثناء زيارات الرئيس الصيني الرسمية لسائر دول العالم.

واتفق المحللون على أن المبادرة ستفيد بشكل مباشر الدول على طول الطريق والتي يعيش فيها أربعة مليارات وأربعمائة مليون نسمة، أي ما يعادل ثلاثة وستين بالمائة من إجمالي سكان العالم؛ ويصل إجمالي الناتج المحلي فيها إلى تريليونين ومائة مليار دولار أمريكي؛ وتملك ما يعادل تسعة وعشرين بالمائة من الثروة العالمية.

ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ كلمة رئيسية في حفل افتتاح الاجتماع الوزاري السادس لمؤتمر التعاون الصيني-العربي في بكين يونيو الماضي، مقترحا التمسك بروح"طريق الحرير" لتعميق التعاون الصيني العربي. وأعلن أيضا الأهداف التجارية والاستثمارية للصين مع الدول العربية، كما أشار إلى التوجيهات المتعلقة ببناء"الحزام مع الطريق".

شي جين بينغ، الرئيس الصيني: "على مدى القرون الماضية، تم توريث روح طريق الحرير المتمثلة في"السلام والتعاون والانفتاح والتفاهم والمنفعة المتبادلة من جيل إلى جيل."

قال شي إنه من أجل إبراز هذه الروح، يجب على الطرفين الصيني والعربي تحفيز التفاهم وتبادل احترام اختيار طريق التنمية لكل منهما. كما اقترح مواصلة التعاون ثنائي الفوز مع الدعوة إلى الحوار والسلام، مشيرا في الوقت نفسه إلى التوجيهات الأساسية لبناء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين.

شي جين بينغ: "مبادرة "الحزام مع الطريق" من شأنها أن تحقق منافع متبادلة والرخاء المشترك؛ وتجعل دمج الاقتصادات أكثر وثاقة، وتدفع بناء البنية التحتية والابتكار المؤسسي والمنهجي، وتخلق ساحات تنموية جديدة للاقتصاد والعمالة فضلا عن توطيد القوة الدافعة الداخلية للاقتصادات ومرونتها ضد المخاطر."

وخلال الاجتماع الوزاري السادس لمنتدى التعاون الصيني العربي، اتفق الحاضرون الصينيون والعرب على أن مبادرة "الحزام مع الطريق" هي فكرة عظيمة ستجلب قفزة ملحوظة للعلاقات الصينية العربية.

وانغ يي، وزير الخارجية الصيني: "هدف البناء المشترك للحزام مع الطريق يتمثل في تحقيق المنفعة المتبادلة والرخاء المشترك. اقترحت الصين مبادرة الحزام مع الطريق بهدف ربط التنمية الذاتية في الصين بتنمية سائر الدول على طول الحزام مع الطريق، بما فيها الدول العربية، لتكوين "إتحاد المصلحة المشتركة" و"إتحاد المصير المشترك" سعيا وراء المنفعة والتفضيلية المتبادلتين والتخطيط المشترك للتطور."

صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية المغربي، بالعربية

في الرابع والعشرين من أكتوبر الماضي هنا في بكين وقعت إحدى وعشرون دولة على مذكرة تفاهم خاصة بإنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. بالتزامن مع ذلك أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ على أن مبادرة "الحزام الاقتصادي على طريق الحرير" و"طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين" تواكب الطلب العصري، وتطلع البلدان إلى دفع التنمية. وأشار شي إلى وجوب التمسك بالأفكار الإبداعية في إدارة البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وصندوق طريق الحرير. وسيوفر البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الدعم المالي للبلدان على طول "الحزام مع الطريق" في بناء المنشآت الأساسية، وهو ما يدفع التعاون الاقتصادي الإقليمي للمضي قدما.

هذا وشدد الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال الاجتماع الثاني والعشرين غير الرسمي لقادة منظمة التعاون الاقتصادي في منطقة آسيا-الباسيفيك بالعاصمة الصينية بكين في نوفمبر الماضي، على ضرورة دفع بناء البنية التحتية وتعزيز التواصل من حيث السياسة والقواعد واللوائح، وتعزيز الصداقة والتبادلات بين الشعوب وتعميق التعاون ثنائيا وإقليميا ودوليا، وبذل الجهود المشتركة في تحقيق التواصل والترابط في كل الأرجاء. كما شدد الرئيس الصيني شي جين بينغ على أن إجراء تعاون الترابط والتواصل يعد محور مبادرة "الحزام مع الطريق"، وأن الصين ترحب بالأصدقاء الذين يشاركوها نفس الرغبة للمشاركتها بنشاط في التعاونات المعنية وبناء "الحزام مع الطريق" كطريق للتعاون والصداقة والرخاء المشترك.

في نفس الوقت شهدت الرؤية الاستراتيجية لبناء الحزام مع الطريق إقبالا واسعا من قبل شعوب مختلف دول العالم لأنها تعطي طريق الحرير القديم مغزى جديد. وستحمل هذه المبادرة التي تواكب التيار العصري أحلام دول العالم المتمثلة في التنمية والازدهار وستساعد على فتح آفاق جديدة في الترابط والتواصل في أنحاء العالم.