كوالالمبور 6 أغسطس 2015 (شينخوا) أوضح وزير الخارجية الصيني وانغ يي موقف الصين بشأن قضية بحر الصين الجنوبي يوم الخميس، رافضا إدعاءات الفلبين واليابان والولايات المتحدة.
وفي كلمته أمام المنتدى الإقليمي للآسيان ، قال وانغ إن الصين شعرت بحتمية قول الحقيقة وتوضيح موقفها إثر قيام بعض الدول بإثارة قضية بحر الصين الجنوبي في المنتدى الإقليمي للآسيان واجتماع وزراء خارجية قمة شرق آسيا في وقت سابق.
وذكر "بادئ ذي بدء، إن الوضع العام في بحر الصين الجنوبي مستقر، وإحتمالية نشوب صراع كبير غير قائمة بكل بساطة"، مضيفا "ومن ثم، فإن الصين تعارض أية أقوال وأفعال غير بناءة تعمل على مفاقمة الخلافات والمواجهة وخلق التوترات. إنها لا تتوافق مع الحقائق على الإطلاق ".
وتابع وزير الخارجية قائلا إن الصين لديها نفس المخاوف شأنها شأن البلدان الأخرى تجاه حرية الملاحة في بحر الصين الجنوبي، إذ إن معظم تجارة الصين تنقل بحرا، لافتا إلى أن حرية الملاحة هناك مهمة للغاية بالنسبة للصين أيضا.
وأضاف وانغ أن "الصين تلتزم دائما بالموقف المتمثل في أن الأطراف تتمتع بحرية الملاحة والطيران فوق بحر الصين الجنوبي وفقا للقوانين الدولية. وإن الصين على استعداد للعمل مع الأطراف الأخرى في الحفاظ على حرية الملاحة والطيران فوق بحر الصين الجنوبي".
وفيما يتعلق بالنزاعات على جزر نانشا، أشار وانغ إلى "إنها مشكلة قديمة".
وأكد أن الجزر في بحر الصين الجنوبي هي أراضي صينية حيث تعد الصين أول دولة تكتشف الجزر وتقوم بتسميتها.
وذكر الوزير الصيني أن هذا العام يوافق الذكرى السبعين للانتصار في الحرب العالمية الثانية، وقبل 70 عاما استعادت الصين جزر نانشا وشيشا التي احتلتها اليابان بصورة غير شرعية.
وسلط وانغ الضوء على أن إعلان القاهرة وإعلان بوتسدام، اللذان تأسس ارتكازا عليهما النظام الدولي فيما بعد الحرب، طالبا اليابان بإعادة الأراضي التي سرقتها من الصين.
وقال إن "السفن البحرية التي استخدمها الصين لاستعادة الجزر قدمتها الولايات المتحدة، حليفنا"، مضيفا أن "تلك الحقائق لابد أنها مسجلة في أرشيفاتكم الخاصة".
وأضاف أنه "في سبعينات القرن الماضي، بدأت بعض الدول في غزو الجزر والشعاب المرجانية واحتلالها بعدما وردت تقارير عن وجود احتياطيات من النفط في بحر الصين الجنوبي، ما يعد انتهاكا للحقوق والمصالح المشروعة للصين. ووفقا للقوانين الدولية، يحق للصين الدفاع عن سيادتها وحقوقها ومصالحها والتأكد من أن الإجراءات غير القانونية التي تنتهك الحقوق والمصالح المشروعة للصين لن تتكرر".
وذكر وانغ أن الفلبين لم تقل الحقيقة عندما أثارت قضية بحر الصين الجنوبي.
وقال إن الفلبين تدعى أن جزيرة هوانغيان وجزر وشعاب مرجانية ذات صلة أخرى في بحر الصين الجنوبي تابعة لها، ولكن معاهدة باريس (1898) ومعاهدة واشنطن (1900) والمعاهدة المبرمة بين الولايات المتحدة وبريطانيا العظمي (1930) تنص بوضوح على أن الحد الغربي للأراضي الفلبينية يقع عند خط الطول 118 درجة شرقا، ومن ثم فإن جزيرة هوانغيان وجزر نانشا ليست بكل وضوح أراضي فلبينية لأنها تقع بالكامل غرب خط الطول 118 درجة شرقا.
وعقب الاستقلال ، أكدت القوانين المحلية والمعاهدات ذات الصلة في الفلبين أكدت جميعا الآثار القانونية للمعاهدات الثلاث سالفة الذكر وأوضحت مرة أخرى وبكل صراحة أن الحد الغربي للأراضي الفلبينية يقع عند خط الطول 118 درجة شرقا
"ولكن بعد عام 1970، احتلت الفلبين بشكل غير قانوني ثماني جزر وشعاب مرجانية في جزر نانشا الصينية من خلال شن أربع عمليات عسكرية. وهكذا إندلعت النزاعات الإقليمية بين الصين والفلبين"، حسبما أفاد وانغ.
وعند شعاب رنآي المرجانية التي تعد جزءا لا يتجزأ من جزر نانشا الصينية، عملت الفلبين بصورة غير قانونية على جنوح سفينة حربية قديمة حولها في مايو 1999 تحت ذريعة وجود "صعوبات تقنية". وقدمت الصين احتجاجات متكررة للفلبين، مطالبة الأخيرة بسحب السفينة على الفور. ولكن الفلبين، من جانبها، تعهدت للصين بوضوح في مناسبات عدة بسحب السفينة التي جنحت بسبب "نقص قطع الغيار".
وبعد ذلك، أبلغت الفلبين الصين بأنها لن تكون أول دولة تنتهك إعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي.
وقال وانغ إنه بعد مرور أكثر من 15 عاما واعتلاء الصدأ السفينة وبدلا من أن تفى بوعدها، أعلنت الفلبين صراحة أنها قد سكبت خرسانة وغيرها من مواد البناء داخل السفينة المعنية.
وفي 14 مارس من عام 2014، ذكرت وزارة الخارجية الفلبينية في بيان أن الهدف من جنوح السفينة الحربية كان احتلال شعاب رنآي المرجانية. وهكذا كشفت الفلبين الكذبة التي ابتدعتها قبل 15 عاما ونكثت وعدها. ولم تكن ببساطة ذات مصداقية دولية، وفقا لما ذكره وانغ.
كما رد وانغ بشكل حاسم على ادعاءات الممثلين اليابانيين بأن جميع الجزر والشعاب المرجانية الصناعية في بحر الصين الجنوبي لا تمنح حقوقا قانونية لصاحبها.
"دعونا نرى ماذا فعلت اليابان. في السنوات الأخيرة، أنفقت اليابان حوالي 10 مليارات ين(حوالي 80 مليون دولار أمريكي) على جزيرة أوكينوتوري المرجانية الصغيرة، وقامت ببنائها لتصبح جزيرة فعلية بالأسمنت والفولاذ، وبعد ذلك طالبت في الأمم المتحدة بحق السيادة على رف قاري يمتد فيما وراء حدودها الساحلية الممتدة لمسافة 200 ميل بحري ليصبح منطقة اقتصادية خاصة لها.
"غير أن معظم أعضاء الأمم المتحدة رأوا أن مطلب اليابان لا يمكن تصوره واختاروا رفض الطلب".
"ومن ثم، ينبغي على اليابان مراجعة أقوالها وأفعالها قبل توجيه النقد للآخرين. وعلى نحو مغاير لليابان، طالبت الصين بحقها في السيادة على بحر الصين الجنوبي منذ فترة طويلة من الزمن، وهو أمر لا يتطلب تعزيزا من خلال استصلاح الأراضي".
وأكد وانغ أن الصين هي ضحية فعلية لقضية بحر الصين الجنوبي.
"فمن أجل الحفاظ على السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي، مارسنا قدرا كبيرا من ضبط النفس".
ويتمثل الموقف الأساسي للصين في حل النزاعات ذات الصلة عبر المفاوضات والمشاورات على أساس احترام الحقائق التاريخية والقوانين الدولية ومن بينها اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وقال إن "هذا الموقف لن يتغير أبدا".
وأضاف وانغ أنه بعد إجراء مفاوضات ودية، قامت الصين ودول الآسيان بصياغة مجموعة من الآليات لتناول قضية بحر الصين الجنوبي بالشكل الملائم.
وتتمثل الآلية الأولى في نهج "المسار المزدوج" الذي يؤشر على ضرورة قيام الدول المعنية بشكل مباشر بحل النزاعات ذات الصلة عبر المشاورات والمفاوضات. وهذا أيضا ما تنص عليه المادة رقم 4 من إعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي الذي تلتزم به كل من الصين وأعضاء الآسيان. وقد اتفقت الصين ودول الآسيان على بذل جهود مشتركة للحفاظ على السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي.
"أود أن أخبركم بأن الصين والآسيان قادرتان على الحفاظ على السلام في هذه البقعة من المياه"، حسبما قال وانغ.
وتتمثل الآلية الثانية في تنفيذ إعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي والتشاور حول صياغة ميثاق السلوك في بحر الصين الجنوبي.
وذكر وانغ أنه قد تم حتى الآن تنفيذ إعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي بكل سلاسة ، فيما تم إحراز بعض التقدم في التشاور حول صياغة ميثاق السلوك في بحر الصين الجنوبي.
"ومنذ إطلاق المشاورات قبل أقل من عامين فقط، قمنا بتمرير وثيقتين تم التوافق حولهما ودخلت المشاورات المرحلة الجديدة المتعلقة بمناقشة (القضايا الحاسمة والمعقدة). كما اتفقنا على إطلاق منصتين للخط الساخن بين الصين ودول الآسيان سيبدأ تفعيلها قريبا".
وثالثا،عرضت الصين مناقشة وصياغة إجراءات وقائية للسيطرة على المخاطر البحرية لإتاحة منصة جديدة لمناقشة المقترحات والأفكار التي تطرحها الأطراف المعنية. وقال وانغ "إنه يمكن وضعها موضع التنفيذ بمجرد التوصل إلى توافق حولها".
وحول ما يسمى بمقترح "أوجه الوقف الثلاثة " الذي طرحته الولايات المتحدة مؤخرا، قال وانغ إنه غير قابل للتنفيذ.
"على سبيل المثال، ما مضمون أوجه الوقف الثلاثة؟ فمقترحات الأطراف المختلفة متضاربة. وما معايير أوجه الوقف الثلاثة هذه؟ ومن سيحدد المعايير؟ هذه المشكلات لا يمكن في الواقع حلها".
وأضاف وانغ أن "الصين مازالت ترحب بالتعليقات البناءة حول الحفاظ على السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي، ولكن المقترحات ذات الصلة لابد أن تكون ذات جدوى، ولن يسمح على نحو خاص بإزدواجية المعايير"
"وفيما يتعلق بعملية استصلاح الأراضي في بحر الصين الجنوبي التي تشعر بعض الدول بالقلق حيالها، فإنها ليست شيئا حدث مؤخرا أو كانت الصين المبادرة به. وبعبارة أخرى، فإن (الوضع الراهن) لبحر الصين الجنوبي يتغير على مدار السنين"، هكذا ذكر وزير الخارجية الصيني وانغ يي .
وقال إن الصين بدأت مشروعات بناء في بعض الجزر الصغيرة المأهولة التابعة لجزر نانشا، مؤكدا على أنها تهدف إلى تحسين ظروف العمل والمعيشة على تلك الجزر الصغيرة مع الالتزام بمعايير بيئية صارمة.
وأطلع وزير الخارجية نظرائه على أنه بنهاية يونيو الماضي، أكملت الصين عملية استصلاح الأراضي. وتهدف الخطوة التالية إلى بناء مرافق تستخدم في المقام الأول للأغراض العامة بما فيها منارة، ومنشأة إنقاذ في حالات الطوارئ البحرية، ومحطة أرصاد جوية، ومنشأة للبحوث العلمية البحرية، فضلا عن مباني للشؤون الطبية والإسعافات الأولية.
وقال وانغ إنه "بمجرد أن تكتمل أعمال البناء، فإن الصين مستعدة لفتح هذه المرافق أمام البلدان في المنطقة. وباعتبارها أكبر دولة ساحلية في بحر الصين الجنوبي، فإن الصين لديها القدرة على والتزام تجاه تقديم تلك الحاجيات العامة البحرية للبلدان في المنطقة".
وأشار إلى طلب للتحكيم في قضية بحر الصين الجنوبي أشارت إليه الفلبين في اجتماعات وزراء خارجية قمة شرق آسيا والمنتدى الإقليمي للآسيان في محاولة لتشويه صورة الصين.
وقال "أود الرد بالحقائق. أولا : إن تسوية النزاعات عبر المفاوضات المباشرة بين الأطراف المعنية هو السبيل الذي يؤيده ميثاق الأمم المتحدة ويعد ممارسة دولية شائعة"، مضيفا "والأهم من ذلك، أنه أيضا أمر منصوص عليه بوضوح في إعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي. ولتحقيق هذه الغاية، اقترحت الصين إجراء محادثات ثنائية مع الفلبين ومازال هذا الاقتراح قائما. ولكن حتى اليوم، مازال الجانب الفلبيني يرفض اقتراحنا".
وبالنسبة للشروع في عملية تحكيم دولي، ذكر وانغ إن الممارسة الطبيعية تقول أنه الضرورة بمكان التوصل إلى توافق أولا من قبل الأطراف المعنية.
وتابع قائلا "ولكن الفلبين لم تحط الصين علما بالأمر مسبقا، ولم تسع لطلب موافقة الصين. فقد بادرت الفلبين بشكل أحادى وبقوة لطلب التحكيم". وأضاف أن "الجانب الصيني لا يستطيع فهم هذا التصرف، ولا يسعه سوى الاعتقاد بأنه يحمل دوافع خفية".
وأكد وزير الخارجية أن مانيلا لابد أن تعلم أن الصين أصدرت بالفعل بيانا في عام 2006 يفيد بأنها لا تقبل التحكيم بموجب أحكام المادة رقم 298 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، وهو حق مشروع للصين بموجب القانون.
ورغم علمها بأنه يستحيل على الصين قبول أي نتيجة لعملية تحكيم، إلا أن الفلبين مازالت تصر على دفع ما يسمى بالتحكيم قدما في انتهاك لإعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي والاتفاق مع الصين على تسوية القضية بشكل ثنائي.
وقال إنه "لا يوجد سوى تفسير محتمل واحد لهذا ألا وهو أنها تعتزم الدخول في مواجهة الصين"، مضيفا أنه "لابد للشعب الفلبيني من معرفة الحقيقة وأن مستقبل البلاد لا ينبغي أن تختطفه أقلية من البشر".
ومع ذلك، أكد الوزير الصيني أن الباب مازال مفتوحا أمام الحوار، قائلا "أرى أنه طالما جلس الطرفان معا وتحدثا بجدية، سيكون هناك دائما حل للمشكلة".