بكين 13 أغسطس 2015 (شينخوا) ينبغي على رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي أن يحذو حذو أسلافه في بيانه المرتقب بشأن الحرب العالمية الثانية. وإن أي انحراف عن ذلك سيتم تفسيره بأنه تحول كبير في السياسة الخارجية لليابان.
وكان رؤساء الوزراء السابقون لليابان قد أقروا رسميا بشيء واحد يتمثل في ضرورة اعتذار اليابان عن الأعمال الوحشية التي ارتكبتها ضد ملايين الأشخاص خلال حكمها الاستعماري وعدوانها.
فقد قال رئيس الوزراء السابق توميتشي موراياما في بيان صدر عام 1995 بمناسبة الذكرى الـ50 لانتهاء الحرب العالمية الثانية "أنظر بعين الاعتبار إلى هذه الحقائق التاريخية الدامغة وأعرب هنا مرة أخرى عن مشاعر الندم العميق وأتقدم بالاعتذار من خالص قلبي".
كما ألقى رئيس الوزراء السابق جونيشيرو كويزومي بيانا مماثلا بعد ذلك بعشر سنوات، أكد فيه مجددا على كلمات رئيسية مثل "الحكم الاستعماري"، و"العدوان" و"الاعتذار".
وفي الواقع، أرست مثل هذه البيانات الأساس لعلاقات اليابان مع الدول المجاورة لها.
بيد أن رئيس الوزراء الحالي يبدو مراوغا تماما بشأن ما إذا كان عليه أن يحذو حذو أسلافه في بيانه المقرر أن يلقيه يوم الجمعة.
وتفوح رائحة أنباء متضاربة عن مخطط وضعته حكومة آبي لاختبار ردود الفعل داخل البلاد وخارجها، ما يبين رفضها لمواجهة ماضي اليابان في زمن الحرب.
ونقلت وكالة أنباء ((رويترز)) عن أندرو هورفات البرفيسور الزائر بجامعة جوساي الدولية في طوكيو قوله إن "بيان موراياما يعد (معيارا ذهبيا) ولكننا نعلم أن آبي لا يريد من أعماق قلبه قول ما ورد في بيان موراياما".
وإذا ما قرر آبي ألا يحذو حذو البيانات السابقة وتجنب استخدام كلمة "إعتذار" في البيان، فسيعد ذلك حينئذ نكوصا إلى الماضي العسكري للبلاد.
وينظر مؤيدو آبي المحافظون للإعتذارات بأنها إذلال لليابان وشكوا بأنهم يعانون "إرهاقا من الإعتذار".
ويعنى تجنب تقديم إعتذارات إنكار "الحقائق التاريخية الدامغة" وعدم احترام أرواح الأبرياء التي زهقت أو أسيء إليها خلال العدوان الياباني قبل الحرب العالمية الثانية وخلالها.
وإن صدور بيان كهذا عن آبي لن يضعف فقط الأسس الأخلاقية للحكومة اليابانية، وإنما سيلحق أيضا الضرر بمصداقية الحكومة بسبب مواقفها المتقلبة تجاه تاريخ البلاد.
وقد ألمح آبي إلى أن بيانه المرتقب سيكون موجها للمستقبل وحاول الإشارة إلى أن اليابان أصبحت دولة مختلفة تماما عما كانت عليه في النصف الأول من القرن العشرين.
وبدون مواجهة التاريخ بصراحة، فإن نوع المستقبل الذي سوف "يجدده" آبي يبعث حقا على القلق.
ومنذ توليه مهام منصبه لفترة ولاية ثانية في عام 2012، يدفع آبي من أجل تمرير مشروعات قوانين أمنية مثيرة للجدل في البرلمان رغم تزايد المعارضة الجماهيرية.
وقد تزايد بالفعل قلق الدول المجاورة إزاء التحركات الأخيرة للحكومة اليابانية وظهور المتطرفين اليمينيين في البلاد مجددا.
وسوف يتفاقم هذا القلق حتما إذا ما رفض آبي الإعتذار عن الجرائم التي ارتكبتها اليابان في زمن الحرب في البيان الذي سيلقيه يوم الجمعة.
ومن أجل العمل حقا على تسهيل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة والحيلولة دون تكرار مآسٍ على غرار الحرب العالمية الثانية، لابد لآبي من أن يحذو حذو أسلافه ويبعث برسالة واضحة وصحيحة عن ماضي اليابان.