بكين 15 اغسطس 2015 (شينخوا) جاء بيان رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي بمناسبة الذكرى الـ70 لانتهاء الحرب العالمية الثانية مخيبة للآمال، إذ لم يقدم فيه اعتذاره الخاص عن الجرائم البشعة التي ارتكبتها بلاده إبان الحرب ضد الصين وبلدان آسيوية، هكذا شجبته وسائل الإعلام الصينية.
وقال آبي في بيان أمس (الجمعة) إن اليابان اعتذرت مرارا وأعربت عن عميق ندمها عن الحرب الماضية، كما عبر عن أسفه لمعاناة تكبدها وتضحيات قدمها الكثيرون خلال الحرب العالمية الثانية، بيد أنه لم يشر إلى اعتذار اليابان الخاص وحكمها الاستعماري في زمن الحرب.
ورغم تأكيده على أن اليابان ستبقى على موافق الحكومات السابقة إزاء هذه القضية، لكنه أضاف أنه ليس من الضروري أن تواصل الأجيال المستقبلية تقديم الاعتذار عن ماضي بلاده أثناء الحرب.
وفي معرض تعليقها على بيان آبي، ذكرت وكالة أنباء ((شينخوا)) الرسمية أن مفردي "الاعتذار " و"الندم" جاءا في البيان كفعلين ماضيين، كما تم إدراجهما ضمن "مواقف الحكومات السابقة"، في إشارة إلى أن الحكومات اليابانية السابقة "كانت قد قدمت اعتذارا كافيا".
وأضافت ((شينخوا)) إن مقولة إن المواطنين اليابانيين الذين ولدوا بعد الحرب والذين تتجاوز نسبتهم 80 في المائة من سكان اليابان وكذا أجيالهم المستقبلية لا علاقة لهم بحرب الغزو التي شنها الجيش الامبريالي الياباني ضد بلدان آسوية تعني أن اليابان لن تحتاج إلى مواصلة الاعتذار عن غزوها وحكمها الاستعماري السابقين.
ووصفت ((شينخوا)) بيان آبي أنه "بيان ملتبس الألفاظ وعديم الثقة"، منوهة إلى أنه يعد بمثابة "خيانة لأجداد اليابانيين الذين جعلموا من بناء دولة سلمية شاغلهم الأكبر"، وكذا "لن يجعل اليابان تنال ثقة جيرانها الآسويين والمجتمع الدولي".
كما ذكر تعليق آخر صدر عن ((شينخوا)) أنه بهذا البيان المليئ بالتحريف في التاريخ في الذكرى الـ70 لانتهاء الحرب العالمية الثانية، وجه آبي "ضربة مدمرة للمجتمع الدولي" الذي أعاد السلام والاستقرار منذ سبعة عقود على حساب ملايين الأرواح البريئة.
وتابع التعليق قائلا إنه بذلك لن تصبح اليابان تلك الدولة التي وضفها رئيس الوزراء الياباني في بيانه بأنها ستسهم في السلام العالمي، "بل ستعمل فقط كمثيرة للمشكلات لزيادة زعزعة الاستقرار في منطقة شمال شرق آسيا"، مضيفا أن الخيار غير الحكيم وقصير النظر من جانب آبي نفسه دفعه بعيدا عن حمله الخاص في أن يقود اليابان لتصبح "دولة طبيعية".
وفي هذا الصدد عندما تحدثت صحيفة ((الشبع)) لسان الحزب الشيوعي الصيني الحاكم عن نفي آبي لعلاقة الأجيال اليابانية المستقبلية بالحرب، قالت إن ذلك يشير إلى أن آبي يجعل الدولة والأجيال المستقبلية تنأى بنفسها عن المسئولية.
واستطردت قائلة إنه بالنسبة لأي دولة، لاينبغي أن ترث الأجيال المستقبلية منجزات أجيالها السابقة فحسب، بل عليها أيضا أن تتحمل المسئولية التاريخية الناجمة عن جرائم أجيالها السابقة، ذلك "لأن التاريخ يمكن نسيانه وفصل أوصاله عن بعضها البعض".
وأكدت أنه إذا لم تبد اليابان مصداقية إزاء تاريخها المتعلق بالغزو والاستعمار ولم تعرب عن ندم واعتذار مخلصين، فلن تستشرف مستقبلا مشرقا.
وحول سبب شن اليابان للحرب في الماضي، أرجع رئيس الوزراء السبب إلى التكتلات الاقتصادية الاستعمارية للدول الغربية التي وجهت ضربة للاقتصادي الياباني، ومن ثم استخدمت اليابان القوة "للتغلب على أزماتها الدبلوماسية والاقتصادية".
وعلقت على ذلك صحيفة ((غلوبال تايمز)) واسعة الانتشار في الصين في تقرير لها قالة إن "آبي لعب ألعوبة لفظية لإفساح المجال واسعا أمام تفسير بيانه"، مشيرة إلى أن اليابان لن يعطي قوة دفع لتحسين العلاقات الصينية ــ اليابانية بشكل ملحوظ، على الرغم من أنه ربما لن يصير فتيلا جديدا يشعل العلاقات الثنائية الفاترة.
وفي الوقت نسفه، قلل التقرير من شأن البيان، قائلا أن بعض الزعماء اليابانيين متقلبون سياسيا دائما، أي يمكنهم أن ينكروا بسهولة الوعود الجادة التي قطعها الزعماء السابقون وقد ينفون غدا ما يقولونه اليوم، و"من أبرزهم آبي".
وفي الختام، ذكر التقرير "نؤكد مرارا ضرورة رصد أقول آبي ومراقبة أفعاله، إذ أنه رجل دائما ما تتناقض أقواله مع أفعاله".