واشنطن 26 أغسطس 2015 (شينخوا) رغم القضايا الشائكة التي عادة ما تتصدر عناوين الصحف، تعمل الصين والولايات المتحدة عن كثب على جميع القضايا العالمية تقريبا، هكذا قال سفير الصين لدى الولايات المتحدة تسوي تيان كاي في مقالة نشرت في مجلة أمريكية يوم الأربعاء.
وذكر تسوي في المقالة، التي جاءت تحت عنوان "الصين وأمريكا: مواصلة التركيز على ما يهم حقا"، إن "هذا التعاون لا ينبع من نوايا حسنة فحسب، وإنما يقوم أيضا على المصالحة الجوهرية للبلدين ومسؤولياتهما المشتركة تجاه العالم".
وضرب تسوى مثالا على ذلك بالتوسيع الهام لاتفاق تكنولوجيا المعلومات الذي أبرم في يوليو من العام الجاري، وهو أول اتفاق رئيسي لإلغاء التعريفة الجمركية في إطار منظمة التجارة العالمية منذ عقدين تقريبا من الزمان. وبفضل هذا الاتفاق، ستبرم صفقات بقيمة حوالي 1.3 تريليون دولار أمريكي في مجال تكنولوجيا المعلومات تصل فيها التعريفة الجمركية إلى الصفر سنويا، ما يعود بالفائدة على عدد هائل من الشركات والعمال والمستهلكين في أنحاء العالم.
وما يهم حقا بالنسبة للصين والولايات المتحدة، وهما أهم دولتين تجاريتين في العالم وثاني أكبر شريك تجاري لبعضهما البعض، ليس من يملك امتياز وضع القواعد التجارية، ولكن كيفية صياغة القواعد معا بالتعاون مع الدول الأخرى سعيا للعمل معا على دفع تعاون اقتصادي مفتوح وشفاف وقائم على قواعد من شأنه أن يعود بالفائدة على الجميع. وقال السفير "بالطبع هناك الكثير من العمل الذي يمكن القيام به على هذا الطريق".
وذكر المبعوث الصيني أن معالجة تغير المناخ تعد أولوية لكل من الصين والولايات المتحدة. وقد قدمت الدولتان تعهدات جريئة بخفض انبعاثات الكربون وتعقدان العزم على دفع تحقيق نتائج شاملة ومتوازنة في مؤتمر تغير المناخ لعام 2015 الذي سيعقد في باريس. وتؤمن الدولتان بأن خفض انبعاثات الكربون لن يعيق النمو الاقتصادي، بل سيوفر مزيدا من فرص العمل ويخلق تعاونا أكثر عملية بينهما.
جدير بالذكر أن الطلب الأمريكي على ألواح الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح يتزايد بوتيرة سريعة، ويمكن للشركات الصينية تقدم منتجات عالية الجودة واقتصادية لتلبية هذا الطلب. كما تدرس الصين بناء المزيد من محطات الطاقة النووية وتطبيق تكنولوجيا الفحم النظيف على نطاق أوسع وزيادة استكشاف الغاز الطبيعي واستهلاكه . وستلقي المنتجات والخبرات الأمريكية بكل تأكيد ترحيبا حارا.
وقال تسوي إنه من أجل تجسيد ذلك على أرض الواقع، ينبغي على الولايات المتحدة رفع القيود القديمة المفروضة على تصدير منتجات الطاقة ذات التكنولوجيا الفائقة وتفادى تطبيق إجراءات معالجة تجارية غير متوازنة ضد المنتجات الصينية.
وبالنسبة للاختراقة التي شهدتها مؤخرا المفاوضات النووية الايرانية، قال المبعوث إنها ما كانت لتتحقق بدون تعاون صيني - أمريكي فعال والتزام الجانبين الثابت بحماية نظام عدم الانتشار النووي الدولي.
وأوضح أن الصين التزمت على مدار السنين بجميع قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بإيران واضطلعت بدور فريد وبناء في إيجاد حلول دبلوماسية. وهذا يبرهن على أنه طالما هناك هدف مشترك، يستطيع النهج المختلف الذي تسلكه كل من الصين والولايات المتحدة في أن يكمل كل منه الآخر ويؤتي نتائج متكافئة الكسب.
وقال تسوي "وفي إفريقيا، ليست هناك منافسة لتحديد من هو أفضل شريك للدول الأفريقية. فإذا ما استطاعت الصين والولايات المتحدة العمل معا بصورة فعالة وأسهمتا في سلام ورخاء هذه القارة، فسوف تكونان أفضل شريكتين للبلدان الأفريقية".
وخلال عملية مكافحة الإيبولا التي جرت في العام الماضي، أطلقت الصين أكبر عملية مساعدة إنسانية طارئة في تاريخها وعملت عن كثب مع الولايات المتحدة وغيرها من الشركاء الدوليين. وكتب في مقالته يقول "لقد ضرب هذا مثالا عظيما للتعاون بين البلدين، ويمكن تطبيقه في العديد من المجالات الهامة الأخرى".
وأشار تسوي إلى أنه حتى في القضايا المثيرة للجدل، فالتعاون وليس المواجهة هو السبيل لإيجاد حلول. وتقر الولايات المتحدة بأنه ليس لها الحق في أي مطالبة إقليمية في بحر الصين الجنوبي وتشارك بشكل أساسي الصين نفس الهدف المتمثل في الحفاظ على سلامة الحارات البحرية والإبقاء عليها مفتوحة أمام التجارة.
وقال "نأمل في أن تلعب الولايات المتحدة دورا بناءا في تهيئة مناخ داعم للتسوية السلمية للنزاعات عبر المفاوضات بأيدي الدول المعنية بشكل مباشر بتلك النزاعات".
وحول الأمن الإلكتروني، ذكر أن "الصين ضحية كبيرة للهجمات الإلكترونية". فإن نسبة كبيرة من هذه الأنشطة تنبع من دول أجنبية. وعادة ما تتم الهجمات الإلكترونية على أيدي مجهولين وعبر الحدود، ما يجعل من الصعوبة بمكان تعقب مصدرها.
وكتب السفير يقول إن "الاتهامات التي لا أساس لها أو دبلوماسية الصوت العالي لن تأتي سوى بنتائج عكسية. وإذا ما عملنا معا وليس بشكل منفصل على هذه القضايا، فهناك بالتأكيد الكثير الذي يمكن تحقيقه".
وتقيم السفارة الصينية معرض صور للتعاون الصيني - الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية، يستعرض الصداقة العميقة التي نشأت بين الصين والولايات المتحدة خلال فترة مكافحة الفاشيين جنبا إلى جنب قبل أكثر من 70 عاما. وإن سبعة عقود هي مجرد فترة قصيرة في تاريخ البشرية.
وأكد أن "التقلبات الحادثة في التاريخ لا تقف في طريق تحقيق تعاون أوثق بين بلدينا في القضايا الرئيسية المتعلقة بالمستقبل ومصير البشرية. وقد صار مثل هذا التعاون أكثر ضرورية في القرن الـ21".
ودعا السفير، وهو يتطلع إلى المستقبل، إلى تنشئة عادات طيبة من التعاون بين الجانبين -- وعدم فقدان التركيز أبدا والتمسك بالأهداف والمصالح المشتركة وتفهم المخاوف المشروعة للآخر والاستفادة من حكمة الآخر والتغلب على العقبات التي تدفعنا للوراء، والأهم من ذلك الحيلولة دون أن تسيطر خلافاتنا على أجندة العلاقات الثنائية.
وفي الوقت الذي سيقوم فيه الرئيس الصيني شي جين بينغ بأول زيارة دولة له إلى الولايات المتحدة في سبتمبر المقبل، أعرب تسوي عن أمله في أن "تعطي لقاءاته مع الرئيس أوباما المزيد من الإرشادات لبناء نمط جديد من العلاقات بين البلدان الكبرى بين دولتينا العظيمتين وتجلب منافع أكبر لشعبينا".