بقلم ندى تشن
بكين 4 سبتمبر 2015 (شينخوا) أقيم في بكين يوم الخميس عرض عسكري بمناسبة الاحتفال بالذكرى الـ70 للانتصار في الحرب العالمية الثانية حيث أظهرت الصين من خلاله سعيها الدائم إلى التنمية السلمية بينما أتاحت أيضا منصة لدول العالم لتبرز عزيمتها في الدفاع عن ثمار النصر الذي تحقق في الحرب العالمية الثانية.
إن هذا العرض العسكري هو الأول من نوعه الذي تنظمه الصين بمناسبة ذكرى الانتصار في حرب المقاومة الشعبية الصينية ضد العدوان الياباني والحرب العالمية ضد الفاشية لإبراز الموقف الثابت للشعب الصيني وشعوب العالم تجاه الدفاع عن السلام ، كما أنه المرة الأولى التي تدعو فيها الصين دولا أجنبية للمشاركة في عروضها العسكرية، ما يعكس الصبغة العالمية للانتصار في الحرب ضد الفاشية.
فقد شارك حوالي ألف جندي من 17 دولة أجنبية من خمس قارات في العرض العسكري ليغطوا جميع ساحات القتال الرئيسية التي تكبدت خسائر فادحة خلال الحرب، ومن بينها مصر وروسيا ودول الاتحاد السوفيتي السابق التي خاضت كفاحا مريرا ضد قوات المحور.
ومن جانبها،أعربت وسائل الإعلام الصينية عن التقدير إزاء مشاركة المجتمع الدولي في العرض حيث نشرت صحيفة ((تشاينا ديلي)) صورا رائعة لجميع الفرق العسكرية الأجنبية المشاركة في العرض وأشادت بأدائها الرائع.
وأوردت صحيفة ((الشعب)) اليومية أن الجنود الأجانب كانوا يتأقلمون مع المناخ المختلف ويعززون تدريباتهم في الوقت ذاته، ويظهرون دائما روحا جيدة للغاية رغم مشقة التدريبات وقدموا عرضا رائعا يوم إحياء ذكرى النصر وهم يرتدون أزياء متنوعة ويسيرون في تشكيلات مختلفة.
وأشارت صحيفة ((الشعب)) إلى أن نصر الشعب الصيني في حرب المقاومة ضد العدوان الياباني يعد نصرا مشتركا لدول التحالف في مكافحة الفاشية العالمية، نصرا تحقق عبر القتال جنبا إلى جنب مع شعوب مختلف الدول. كما كشفت دعوة فرق عسكرية أجنبية للمشاركة في العرض عن وحدة الموقف العالمي تجاه النصر على الفاشية والسعي إلى سلام عالمي مستدام.
وذكرت الصحيفة نقلا عن أفراد من السرية المصرية التي شاركت في العرض العسكري قولهم "لقد قمنا باستعدادات كاملة وأجرينا تدريبات متواصلة ونحن نتطلع إلى إظهار صورة طيبة، فإن مصر والصين من البلدان التي تذخر بحضارة عريقة ويرتبط شعباهما بصداقة عميقة وراسخة، ونأمل في أن يواصل البلدان تضامنهما للعمل معا من أجل الحفاظ على السلام العالمي".
وأكدت صحيفة ((جلوبال تايمز)) أنه من الأهمية بمكان أن تظهر الصين للعالم أن لديها أصدقاء من أنحاء العالم وتبرز المناخ الودي الذي تسوده العلاقات بين دول العالم على الرغم من النزاعات الدائرة فى بحر الصين الجنوبي والسيادة على جزيرة دياويو والتهديدات من دولة ما بفرض عقوبات.
وعلى الصعيد الشعبي في أرجاء العالم، أثار العرض العسكري الصيني الذي تخللته مشاركة فرق عسكرية أجنبية نقاشا ساخنا أيضا. فقد قال أحد مشاهدي الحدث على الإنترنت من فيتنام إنه يحب الصين ويحب سلام العالم، وإن قيام دولة ما بتوجيه الدعوة إلى دول أجنبية للمشاركة في العرض دولة "ذات صدر رحب" قائلا "برافو للصين".
كما ذكر مواطن آخر من فرنسا على الصفحة الخاصة للبث المباشر للعرض على موقع ((يوتيوب)) "أتوجه بالتحية للصينيين! أهلا وسهلا يا رفاق!"
وبالتوازي مع الدعم الذي أبدته الدول والأصدقاء من العالم، تؤكد الصين مجددا على موقفها الثابت المتمثل في التنمية السلمية وتتخذ إجراءات حقيقية لضمان السلام العالمي وطمأنة العالم بعدم سعيها إلى الهيمنة.
وقبل أو بعيد انطلاق الاحتفالات بهذه الذكرى، عقدت اجتماعات رفيعة المستوى تم خلالها التوقيع على سلسلة من وثائق التعاون بين الصين والدول الصديقة ومن بينها روسيا ومصر والسودان، الأمر الذي أوضح أن التنمية السلمية طريق تتمسك به الصين دائما.
وفوجئ العالم في الخطاب الهام الذي ألقاه الرئيس الصيني شي جين بينغ قبل بدء العرض عندما أعلن أن الصين ستخفض عدد أفراد الجيش بواقع 300 ألف. وكشفت وزارة الدفاع الصينية في وقت متأخر من أمس التفاصيل الخاصة بهذه العملية، قائلة إن الخفض سيتم بحلول عام 2017 ويستهدف في الأساس القوات المجهزة بأسلحة عتيقة والإداريين والأفراد غير القتاليين لتحسين هيكل القوات الصينية. وسيتبع الإصلاح منهجا تدريجيا.
وتوافقا مع دعوة الرئيس الصيني في خطابه إلى ضرورة إقامة مجتمع ذي مصير مشترك للبشرية والتمسك بطريق التنمية السلمية من أجل تحقيق السلام ، يرى المحللون أن القرار يعد إستراتيجيا وجديا ويبدد الخوف من إندلاع سباق تسلح في العالم، وإن الصين بخطوتها هذه تطمئن العالم بعزمها إبقاء قدرتها العسكرية عند مستوى الدفاع وتعزز عزيمة العالم المشتركة في الدفاع عن ثمار الانتصار العظيم في الحرب العالمية الثانية.