بكين 10 سبتمبر 2015 (شينخوا) رغم عودة الحديث عن التشاؤم في واشنطن حول العلاقات الأمريكية-الصينية، إلا ان العديد من الخبراء الصينيين والأمريكيين اتفقوا على ان الزيارة المرتقبة للرئيس الصيني شي جين بينغ للولايات المتحدة يمكن ان تساعد في إعادة الثقة بين البلدين وان تعطي قوة دفع جديدة للعلاقات الثنائية.
وخلال اجتماع أخير مع مستشارة الأمن القومي الأمريكية سوزان رايس في بكين، أكد شي على التزام الصين القوي نحو بناء نمط جديد من العلاقات بين الدول الكبرى مع الولايات المتحدة يتسم بالبعد عن الصراع والمواجهة والاحترام المتبادل والتعاون المربح للطرفين.
وبما ان زيارة الدولة المرتقبة الاولى للرئيس الصيني شي جين بينغ للولايات المتحدة تجذب انظار العالم، فإن الصين تظهر مجددا للعالم انها تعمل جاهدة على تحقيق نمو مطرد ومستدام فى العلاقات الصينية-الأمريكية، والأكثر أهمية من ذلك هو تسريع بناء نمط جديد من العلاقات بين الدول الكبرى ليسهم فى تحقيق سلام دائم وتقدم للبشرية.
المواجهة ليست خيارا
قال وو شين بو، مدير مركز الدراسات الأمريكية في جامعة فودان الصينية في شانغهاي "ظهر نوع من القلق الاستراتيجي تجاه الصين ويشهد زيادة فى صفوف صناع السياسة والخبراء الأمريكيين."
فعلى سبيل المثال، قال ديفيد ام لامتون، وهو خبير امريكي كبير في الشؤون الصينية فى واشنطن، ان العلاقات الأمريكية-الصينية عند "نقطة خطيرة" وتقترب من منحدر.
وقال وو لوكالة انباء ((شينخوا)) خلال الحديث حول ما يسمي "عقدة القلق من الصين" في واشنطن، انها تستمد قوتها جزئيا من تغير نسبي فى القوى الوطنية للبلدين.
ففي عام 1979، حينما أسست الولايات المتحدة والصين علاقتهما الدبلوماسية، كانت الصين ضمن الدول الفقيرة. والآن فإن الصين نمت لتصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم، كما اطلقت العديد من المبادرات العالمية مثل البنك الاسيوي للاستثمار في البنية التحتية ومبادرة "حزام واحد وطريق واحد"، ما يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد العالمي.
وبالنسبة للعلاقات الصينية-الأمريكية، فإن تغير البيئة العالمية يقدم فرصا أعظم والمزيد من التحديات المعقدة.
وقال تشن جي مين، الباحث الشاب في العلاقات الدولية في مدرسة الحزب التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، إنه في الحقيقة، تتخوف الولايات المتحدة من ان تفكر الصين بعقلية الحرب الباردة، كما ان تتخوف من فقدان الثقة.
وأضاف "تحتاج الولايات المتحدة إلى تغيير موقفها والتكيف مع السمات الجديدة للعصر."
وأوضح "لا شيء غير طبيعي بشأن صين تزداد قوتها تطلب ان يكون لها قول أكبر وكذا تأثير أكبر في العلاقات."
ورغم القلق حيال العلاقات الصينية-الأمريكية وكل الاحاديث حول الصراع، فإن أغلب الخبراء ذكروا ان المواجهة ليست خيارا للطرفين.
وقال فيكرام نهرو، وهو زميل بارز في برنامج اسيا في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، "اعتقد ان مجالات المصالح المشتركة أكبر بكثير من نقاط الخلاف بين الطرفين"، مستشهدا بأمثلة مثل تعبير الحكومة الأمريكية عن إشادتها بمشاركة الصين في المحادثات النووية بين ايران والقوي الكبرى، والمحادثات بين الولايات المتحدة والصين حول مشكلة التغير المناخي.
وأوضح انه رغم عدم الاتفاق بين البلدين، من المهم التفريق بينهما، قائلا "هناك مسار إيجابي للغاية للتعاون بين البلدين."
واعتبر ناثاينال اهرينس، مدير الشؤون الصينية في جامعة ماريلاند، أن زيارة شي المقبلة للولايات المتحدة جاءت عند نقطة تحول تاريخية هامة وأنها ايجابية.
وقال "هناك مزيد من التعاون بين البلدين حول قضايا المناخ، وهذا يشكل عاملا ايجابيا آخر."
في الحقيقة، ان تجنب المواجهة والصراع ضرورة لبناء نمط جديد من العلاقات بين الدول الكبرى بين البلدين، الأمر الذى يمثل أهمية ليس فقط للبلدين ولكن العالم بأسره.
التعاون المربح للطرفين بدلا من اللعبة الصفرية
وقال اهرينز "اذا كان النمط الجديد للعلاقات بين الدول الكبرى إطارا، فإن الأفعال ستقرر ما هي الصورة التي ستظهر في ذلك الإطار. فالإطار يساعد فى الاشارة إلى النوايا، ولكن المشاركين في حاجة أيضا إلى اظهار الافعال."
وذكر دوجلاس بال، نائب رئيس قسم الدراسات بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، لوكالة انباء ((شينخوا))، ان وانشطن تقر بالمفهوم الصيني بشأن النمط الجديد للعلاقات بين الدول الكبرى لأسباب واضحة ومعقولة.
وقال تشيان ون رونغ، الخبير في العلاقات الصينية-الأمريكية لدى وكالة شينخوا فى مقالة أخيرة ان التحدي الأكبر لبناء النمط الجديد للعلاقات بين البلدين يتمثل في شك واشنطن المستمر تجاه نوايا الصين الاستراتيجية وعدم رغبتها فى معاملة الصين على قدم المساواة.
وأضاف "ان الثقة المتبادلة تشكل العنصر الاساسي لبناء نمط جديد للعلاقات بين البلدين."
ومع ذلك، رغم كل هذه التحديات، فإن الصورة العامة للعلاقات الصينية-الأمريكية لا تزال دون تغيير بشكل كبير، ولا تزال المصالح المشتركة أكبر من الخلافات، كما ان مواقف التعاون أكبر بكثير من الخلافات.
ووصلت قيمة التجارة الثنائية السنوية حاليا إلى 550 مليار دولار امريكي بين الصين والولايات المتحدة. كما شهدت التبادلات بين الشعبين اكثر من 10 آلاف صيني وامريكي يسافرون عبر الباسيفيك كل يوم.
وببساطة، لا يستطيع البلدان تحمل المعادلة الصفرية بسبب المصالح المتزايدة بينهما.
وكان المستثمر الأسطوري الأمريكي جورج سوروس حذر واشنطن في مقالة له "ان الولايات المتحدة ستكسب قليلا وتخسر كثيرا اذا تعاملت مع علاقتها بالصين كمعادلة صفرية"، فيما دعا واشنطن إلى بناء شراكة استراتيجية ومتبادلة النفع مع الصين.
ويرى اكاديميون من البلدين انه رغم الاختلافات الأيديولوجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية بين الولايات المتحدة والصين، يمكن ان ينظر الجانبان إلى ما وراء النزاعات الحالية وإدارتها على نحو بناء، بالاضافة إلى الاستمرار فى إجراء حوارات والتعاون فى القضايا الرئيسية محل الاهتمام المشترك.
التعاون المربح للطرفين بدلا من اللعبة الصفرية
وقال اهرينز "اذا كان النمط الجديد للعلاقات بين الدول الكبرى إطارا، فإن الأفعال ستقرر ما هي الصورة التي ستظهر في ذلك الإطار. فالإطار يساعد فى الاشارة إلى النوايا، ولكن المشاركين في حاجة أيضا إلى اظهار الافعال."
وذكر دوجلاس بال، نائب رئيس قسم الدراسات بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، لوكالة انباء ((شينخوا))، ان وانشطن تقر بالمفهوم الصيني بشأن النمط الجديد للعلاقات بين الدول الكبرى لأسباب واضحة ومعقولة.
وقال تشيان ون رونغ، الخبير في العلاقات الصينية-الأمريكية لدى وكالة شينخوا فى مقالة أخيرة ان التحدي الأكبر لبناء النمط الجديد للعلاقات بين البلدين يتمثل في شك واشنطن المستمر تجاه نوايا الصين الاستراتيجية وعدم رغبتها فى معاملة الصين على قدم المساواة.
وأضاف "ان الثقة المتبادلة تشكل العنصر الاساسي لبناء نمط جديد للعلاقات بين البلدين."
ومع ذلك، رغم كل هذه التحديات، فإن الصورة العامة للعلاقات الصينية-الأمريكية لا تزال دون تغيير بشكل كبير، ولا تزال المصالح المشتركة أكبر من الخلافات، كما ان مواقف التعاون أكبر بكثير من الخلافات.
ووصلت قيمة التجارة الثنائية السنوية حاليا إلى 550 مليار دولار امريكي بين الصين والولايات المتحدة. كما شهدت التبادلات بين الشعبين اكثر من 10 آلاف صيني وامريكي يسافرون عبر الباسيفيك كل يوم.
وببساطة، لا يستطيع البلدان تحمل المعادلة الصفرية بسبب المصالح المتزايدة بينهما.
وكان المستثمر الأسطوري الأمريكي جورج سوروس حذر واشنطن في مقالة له "ان الولايات المتحدة ستكسب قليلا وتخسر كثيرا اذا تعاملت مع علاقتها بالصين كمعادلة صفرية"، فيما دعا واشنطن إلى بناء شراكة استراتيجية ومتبادلة النفع مع الصين.
ويرى اكاديميون من البلدين انه رغم الاختلافات الأيديولوجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية بين الولايات المتحدة والصين، يمكن ان ينظر الجانبان إلى ما وراء النزاعات الحالية وإدارتها على نحو بناء، بالاضافة إلى الاستمرار فى إجراء حوارات والتعاون فى القضايا الرئيسية محل الاهتمام المشترك.
زيارة لتعزيز ثقة العالم
خلال العامين الماضيين، وبتوجيه من الزعيمين شي وباراك أوباما، اتخذ أكبر اقتصادين فى العالم خطوات ملموسة نحو بناء نمط جديد للعلاقات بين الدول الكبرى بين البلدين وحافظا على زخم جيد في العلاقات الثنائية رغم النزاعات والاحتكاكات.
ويعتقد الخبراء ان زيارة شي المقبلة للولايات المتحدة ستعزز بشدة العلاقات وستجلب المزيد من الثقة لمستقبل البلدين وللعالم بأسره.
وقال روبرت دالي، مدير معهد كيسينجر لشؤون الصين والولايات المتحدة بمركز ويلسون "اعتقد ان الجانبين سيستغلان الزيارة لتحسين روح التعاون التى ظهرت في الاجتماعات بين أوباما وشي في نوفمبر الماضي."
وقال تشن، الباحث بمدرسة الحزب التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني "ان زيارة شي للولايات المتحدة ستكون حجر زاوية في العلاقات بينهما"، مضيفا انها ستبرهن للعالم ان العلاقات بين الصين والولايات المتحدة لا تزال على مسارها الصحيح في التنمية، وستستمر في مسارها نحو بناء نمط جديد من العلاقات بين الدول الكبرى.
بينما ذكر آلان رومبرج، مدير برنامج شرق اسيا فى مركز ستيمسون "اعتقد ان زيارة شي للولايات المتحدة المقبلة سيكون لها أهمية كبيرة اذا استخدمت ليس فقط كرمز لأهمية العلاقات بين الولايات المتحدة والصين ولكن أيضا كمناسبة لزعيمي البلدين للانخراط في تبادل حقيقي لوجهات النظر فيما وراء نقاط الحديث فى الاجندة."
وأعرب عن أمله أيضا فى ان يعمل زعيما البلدين على دفع العلاقات بين البلدين نحو المزيد من الثقة والانتاجية.
وقبل سنوات من تطبيع العلاقات بين الصين والولايات المتحدة، سأل بعض الدبلوماسيين الأمريكيين بنبرة شك: ما الذى نستطيع ان نشتريه من الصين؟
بعد اربعة عقود، ادرجت شركة على بابا الصينية العملاقة في بورصة نيويورك التجارية، وصاغت الولايات المتحدة والصين شبكة كبيرة من المصالح المشتركة بينهما.
وقال بال من مركز كارنيجي للسلام الدولي "ان زيارة الدولة من شأنها ان تضع نمطا للعلاقات لفترة عام ونصف العام المقبلة حتى تدخل إدارة جديدة البيت الأبيض."
وبحسب ما ذكره وو من جامعة فودان، فإنه منذ ان اكتسبت العلاقات الصينية-الأمريكية أهمية كبرى فاقت معها حدود المنفعة الثنائية إلى التأثير الاقليمي والدولي بشكل عميق، فإن زيارة شي لواشنطن ستبعث رسالة ثقة ايجابية للعالم.