عمان 14 سبتمبر2015 (شينخوا) بدأت معاناة اللاجئين السوريين, تطفو على السطح ,في المدن والقرى الاردنية بعد أن قام برنامج الغذاء العالمي بوقف المساعدات النقدية عن حوالي 229 الف لاجئ سوري نتيجة انخفاض المساعدات التي يتلقاها البرنامج .
وتعيش معظم العائلات السورية في أحياء شعبية للتكيف مع واقع الحال خاصة انهم فقدوا معظم أملاكهم في بلادهم واستنفذوا معظم مدخراتهم التي احضروها معهم إلا أن هناك عائلات ميسورة الاحوال تعيش في مناطق راقية من العاصمة عمان، إضافة إلى عائلات تعيش على حوالات خارجية بسبب وجود معيل لها في دول الخليج .
ويقول محمد ربيع 47 عاما من الصالحية/ دمشق إنه أضطر إلى النزول إلى الشارع لبيع المعجنات الشامية بعد أن توقفت المساعدات النقدية قبل شهر، حيث كان يتقاضى 24 دينارا من برنامج الغذاء العالمي ثم تم تخفيضها إلى النصف إلى أن أصبحت خمسة دنانير ثم أبلغنا المسؤولون في البرنامج عن توقف صرفها بسبب قلة الموارد .
ويضيف ربيع أنه لدية عائلة مكونة من ستة اشخاص والكبير يعمل في محل حلويات براتب ضئيل لا يتجاوز 400 دولار، حيث ندفع راتبه أجرة المنزل والمياه والكهرباء ونعيش مما يرزفنا الله من المعجنات التي نصنعها في البيت .
ويؤكد انه سيصبرعلى هذا الوضع المضني والذي يسد رمق العيش حتى يتغير الحال في سوريا ونعود إلى بلادنا .
وقال إن ابنه يسعى للحصول على تأشيرة من إحدى السفارات الاوروبية ولكنه ينتظر الموافقات ولا نعلم إذا كان الحظ سيبتسم له أو يتم رفضه .
أما أمل دباغ 25 عاما من منطقة القدم، قالت إنها فقدت زوجها في سوريا ولديها طفلين وهي تسكن مع أقاربها في بيت واحد وتدفع أجرة شقة صغيرة 150 دينارا في منطقة الزرقاء وتقول إن المساعدات النقدية قطعت عنها و بدأت تعاني من قلة المال لتأمين احتياجات أطفالها من حليب وغذاء .
وقالت أمل كيف تدبر نفسها ردت أنها تذهب إلى التجار وأحيانا تقف أمام المساجد تطلب العون مشيرة إلى أن فرق مكافحة التسول تلاحق كل من يقف أمام المساجد لذلك نطلب المساعدة من الجمعيات الخيرية التي تقدم مساعدات قليلة حسب توفرالمال لديها .
وأقسمت أمل أنها تأكل وجبة واحدة في اليوم بسبب قلة المال والغلاء الفاحش، مشيرة إلى أنها تتعرض بين الحين والاخر إلى التحرش من قبل الشباب الطائش وأحيانا يعرض أخرون المال مقابل الرذيلة .
وقالت إ؛نها لا تعرف أين ستصل بها الامور خاصة أنه لا يوجد من يحميها أو يرافقها إلى بلد أخر ولكنها ستنتظر في الاردن حتى تهدأ الاحوال في سورية وتبحث عن زوجها لعلها تجده .
أما محمد أبو النور 65 عاما من حمص، قال إن المساعدات توقفت منذ شهرين ونحن نواجه حياة صعبة واسعار مرتفعة جدا ، وتابع "اذهب يوميا عند الفجر كي أحصل على ربطة خبز مجانية اذ تقوم بعض المخابز بتوزيع الفائض غير المباع للمحتاجين " ونأكل مما تيسر من المحسنين .
ويضيف أنه في الأونة الاخيرة سمح له مالك إحدى البنايات بالقيام باعمال النظافة وتـأمين طلبات سكانها وغسيل عدد من السيارات وندبر امورنا يوما بيوم ولا نسأل عن الغد لاننا نعيش في المجهول ولا نعرف متى نصل إلى نهاية النفق المظلم .
ويضيف أبو النور أن الصبر في هذه المرحلة مطلوب حتى تنفرج الامور وتعود الاوضاع إلى ما كانت عليه في سورية.
ويخشى مسؤولون أردنيون وأمميون من انعكاس هذه المعاناة على الواقع الأردني وتاثرها السلبي إلى المجتمعات المضيفة لهم بسبب قلة المساعدات واللجوء إلى سوق العمل والذي يعاني الاردنيون من زيادة في نسبة البطالة أواللجوء إلى التسول أو الانحراف إلى اعمال مخلة بالاداب العامة وانعكاسها على قيم المجتمع الاردني المحافظ .
وتقوم الجمعيات الخيرية بتوزيع المساعدات العينية والنقدية على الاسر المحتاجة إلا أن هذه الجمعيات تعطي الاولوية لابناء البلد وأحيانا توزع على السوريين حسب طلب مقدم المساعدات .
و يبلغ عدد اللاجئين السوريين 1.4 مليون لاجئ حسب احصائيات الحكومة الاردنية. حيث يعيش حوالي 115 الف لاجئ في مخيمات الزعتري والرمثا والازرق ومريجب الفهود والاماراتي وتقوم منظمات عربية ودولية بتقديم المساعدات لسكان هذه المخيمات من مأكل ومشرب وتعليم ورعاية صحية .
وحسب دائرة شؤون المخيمات التابعة لوزارة الداخلية الاردنية فان اكثر من 85 بالمائة من سكان هذه المخيمات من النساء والاطفال وبحاجة ماسة إلى مساعدات لأنهم وصلوا إلى الأردن لايملكون إلا ملابسهم .
وتؤكد المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي شذى المغربي في عمان لوكالة (شينخوا) إن الاولوية لدى البرنامج حاليا في توزيع المساعدات هي لسكان المخيمات البالغ تعدادهم 115 الف لاجئ وهم بأمس الحاجة إلى هذه المساعدات خاصة أن معظمهم بدون معيل ولم يطرأ عليهم أي تغيير .
وتقول إن البرنامج أضطر إلى قطع المساعدات عن حوالي 229 الف لاجيء و توجيه المساعدات المتوفرة إلى 210 الاف لاجئ هم بأشد الحاجة إليها على الرغم من عدم كفايتها بعد تخفيضها الى 14 دولارا للشخص . .
وكشفت المغربي النقاب عن أن فئة 210 الاف لاجئ متوفر لها حاليا التمويل حتى نهاية نوفمبر المقبل وأن البرنامج يفكر بتقليص المساعدات المقدمة لهم في حال عدم توفر الاموال اللازمة .
وعبرت المغربي عن قلقها إزاء تأثير هذا التخفيض على اللاجئين ، قائلة "تتخذ الأسر إجراءات صعبة للتكيف مع الوضع، مثل سحب أطفالهم من المدارس، وتقليل عدد وجبات الطعام، والاستدانة للبقاء على قيد الحياة ، موضحة أنه يمكن للآثار الطويلة الأجل لهذا أن تكون مدمرة".
إلى ذلك قال وزير الدولة لشؤون الاعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة الاردنية محمد المومني إن تقليص المساعدات النقدية عن اللاجئين سيزيد من معاناتهم وأن هذه المعاناة سوف تهدد الأمن والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي .
وأضاف لوكالة (شينخوا) أننا نرى العالم يكابد في تعامله مع أزمة اللاجئين بأبعادها السياسية والأمنية والاقتصادية، مشددا على أن أزمة اللاجئين السوريين ومصيرهم المأساوي أمر يندى له جبين الإنسانية ويضع المبادئ الأممية على المحك.
ودعا المومني إلى وضع خطة عمل لدفع الدول المانحة من أجل توفير دعم وتمويل البرنامج والذي هو استثمار في أمن واستقرار منطقة الشرق الاوسط، إضافة إلى أنه يزود الحاجات الأساسية للاجئين الهاربين من مناطق النزاع.
وكان الاردن قلل من ادخال اللاجئين عبر الحدود اذ يسمح للحالات الانسانية وبمعدل 70 لاجئا يوميا وذلك حسب الاحصائيات التي تصدرها قيادة الجيش الاردني الذي يتولى القيام بعملية استقبال اللاجئين على الحدود وتامينهم إلى المخيمات بمساعدة المفوضية السامية للاجئين ومنظمات دولية اخرى .
من جانبه اعتبر ممثل مفوضية الأمم المتحدة للاجئين في عمان اندرو هاربر أن جزءا من اللاجئين السوريين الذين يعودون من الأردن إلى سورية "هم ممن يتطلعون للذهاب إلى أوروبا"، في حين أن أغلبية الراغبين بالرجوع لبلادهم، يقولون إن السبب الرئيسي لعودتهم هو "أنهم لا يستطيعون العيش في الأردن، لأنهم لا يتمكنون من العمل، وبسبب قطع المساعدات الغذائية عنهم مؤخرا".
وحسب هاربر، وبناء على ما يسمعه من اللاجئين أنفسهم، فإنهم يرغبون بالعودة بسبب الظروف الصعبة التي يعيشونها في الاردن "حيث لا يوجد لديهم رعاية صحية ولا طعام، بعد قطع المساعدات، ولا يستطيعون العمل لتوفير هذه المتطلبات".
لكن الحكومة الاردنية اوضحت سياستها في موضوع العمالة السورية، وذلك على لسان الناطق باسمها محمد المومني، الذي قال إن " تنظيم العمالة الأجنبية بالاردن يخضع حسب الاحتياجات الاقتصادية خاصة أن الاردن يعاني من معدلات بطالة عالية بين الاردنيين".
بدوره، أشار هاربر إلى وجود مباحثات مستمرة بين المفوضية والحكومة، لتمكين اللاجئين السوريين من العمل.
واضاف "الأردن يريد تحسين اقتصاده والأفضل أن يستغل العمالة السورية، بدلا من إحضار العمالة من شرق آسيا"، واعتبر انه في حال تم السماح لهم بالعمل، فان المساعدات التي تتلقاها المنظمات الانسانية ستتحول إلى الأردن والأردنيين، لأن الحاجات ستقل لدى اللاجئين السوريين.
وفيما تساءل هاربر، عن الكيفية التي يمكن أن يعيش فيها هؤلاء اللاجئون "ما داموا لا يتلقون مساعدات ولا غذاء ولا أموالا"، مشيرا إلى أن الأغلبية من اللاجئين هم من الأشد فقرا وتقريبا 90 % منهم تحت خط الفقر، فقد فقدوا كل شيء لهم في الحرب هناك".
وبالنسبة إلى اللجوء الهائل الذي تواجهه اوروبا هذه الأيام، قال هاربر إن الوصول إلى أوروبا "خطير وكذلك يكلف الكثير من الأموال"، واعتبر أن تدفق هذه الأعداد الهائلة من اللاجئين السوريين إلى اوروبا يعني "اننا فاشلون في عملنا هنا"، لأن الطبيعي أن يفضل السوريون البقاء قرب وطنهم.
وعزا أيضا اسباب التدفق الهائل إلى أوروبا بأن هؤلاء "لا يرون مستقبلا أو أملا لهم في الأماكن التي يتواجدون بها، لذا يريدون العمل، ويحاولون تأسيس مستقبل لأولادهم".