بكين 19 سبتمبر 2015 (شينخوا) وسط الاهتمام البالغ بزيارة الدولة المقرر أن يقوم بها الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الولايات المتحدة في الفترة ما بين 22 و25 سبتمبر الجاري، أعرب خبراء صينيون عن اعتقادهم بأن هذه الزيارة باعتبارها الأولى من نوعها منذ تولي شي منصب الرئاسة في مارس عام 2013، تضاهي في أهميتها وتوقيتها زيارة إلى الولايات المتحدة قام بها الزعيم الصيني الراحل دنغ شياو بينغ عام 1979عندما كان يتقلد منصب نائب رئيس مجلس الدولة آنذاك.
وفي قراءته لهذه الزيارة، يرى سو قه، رئيس معهد الصين للدراسات الدولية، ثمة أوجه تماثل واضحة في اللحظة الحرجة التي تأتي فيها زيارة شي المرتقبة للولايات المتحدة والتي جاءت فيها زيارة الزعيم دنغ شياو بينغ في عام 1979.
وشرح قائلا إنه وسط الأوضاع الدولية التي تشهد في الوقت الراهن تغييرات غاية في العمق والتعقيد، تتجه الصين والولايات المتحدة إلى إقامة نمط جديد من العلاقات بين البلدان الكبرى كان الرئيسان شي ونظيره الأمريكي باراك أوباما قد اتفقا على بنائه خلال القمة التي عقدت بينهما "دون ربطة عنق" في منتجع صني لاندز بولاية كاليفورنيا الأمريكية عام 2013، ومن ثم، تحمل زيارة الرئيس شي المرتقبة إلى الولايات المتحدة أهمية كبيرة في ضوء كونها تمثل حلقة وصل تربط الماضي بالمستقبل.
وأضاف سو قه قائلا إنه "نتيجة لذلك يمكن وصف هذه الزيارة بأنها البوصلة التي ستحدد اتجاه تنمية العلاقات بين أكبر دولتين نامية ومتقدمة في العالم في القرن الـ21، والخطوة التي سترسم أجندة العمل المستقبلية للبلدين".
وعلى صعيد زيارة دنغ شياو بينغ للولايات المتحدة، يرى سو أنها ساهمت في تلك الحقبة التاريخية في تطبيع العلاقات الثنائية وتحسينها، وذكر الإعلام الأمريكي آنذاك أن زيارته تلك كان لها تأثير إيجابي كبير وظلت صورته الكلاسيكية التي ظهر فيها وهو يرتدي قبعة رعاة البقر (الكاوبوي) قابعة في أذهان الأمريكيين.
وشاطره يوان بنغ نائب رئيس معهد الصين للعلاقات الدولية المعاصرة الرأى في أهمية مرحلة الزيارتين، مشيرا إلى أن زيارة دنغ شياو بينغ أتت في إطار اختتام الدورة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الـ11 للحزب الشيوعي الصيني وإطلاق مسيرة الإصلاح والانفتاح، حيث لعبت دورا هاما في عرض الصورة الجديدة للصين والمتمثلة في الإصلاح والانفتاح أمام أمريكا، وتوجيه العلاقات الصينية - الأمريكية صوب المسار الصحيح.
أما زيارة الرئيس شي المرتقبة فتأتي بعد اختتام الدورة الكاملة الرابعة للجنة المركزية الـ18 للحزب الشيوعي الصيني وعلى خلفية إطلاق أجندة الصين الإستراتيجية الشاملة ذات الأربعة محاور، وتحمل على عاتقها مسؤولية رئيسية تتمثل في تعزيز الثقة وتبديد حالة الريبة، على حد قوله الخبير يوان.
وأضاف يوان بنغ أنه مقارنة بما كان عليه الحال في عام 1979، تشهد الصين تنمية أكثر توازنا في جميع النواحى وصارت دبلوماسيتها أكثر نشاطا، ولكن العلاقات الصينية - الأمريكية الحالية باتت من جهة أكثر تعقيدا وثمة تباري جاري بين البلدين على المستوى الإستراتيجي في حلبة آسيا-الباسيفيك، ومن جهة أخرى لا تزال القضية النووية في شبه الجزيرة الكورية، وقضية بحر الصين الجنوبي، وتغير المناخ، ومكافحة الإرهاب وغيرها من القضايا العالمية محل نقاش.
ولفت يوان إلى ضرورة الالتفات إلى الأوضاع الداخلية للبلدين عند النظر إلى هذه الزيارة، إذ تمر الصين بلحظة حرجة في مسيرة الإصلاح والانفتاح تتطلب منها التغلب على الصعوبات، فيما تشهد الولايات المتحدة موسم الانتخابات الرئاسية الذي عادة ما يجعل العلاقات الصينية-الأمريكية محط جدل داخل الرأي العام الأمريكي .
وتابع قائلا "وفي هذا الصدد، فإن زيارة الرئيس شي تحمل أهمية خاصة، ولكنها لن تكون سهلة في ضوء الأوضاع السالف ذكرها".
ومن جانبه، أشار روان تسونغ تسه، نائب رئيس معهد الصين للدراسات الدولية، إلى أن هناك بعض المخاوف بالفعل بشأن العلاقات الصينية - الأمريكية داخل الولايات المتحدة، لذا قد تواجه زيارة شي جين بينغ المرتقبة مناخا إعلاميا معقدا، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه في تاريخ الزيارات المتبادلة بين قادة الدولتين، واجه عدد منها مناخا إعلاميا أقل تفاؤلا، مثل زيارة الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون للصين في عام 1972. ومع ذلك، فإن الصعوبات لا تعرقل الدور الذي تضطلع به الزيارات في تعزيز العلاقات الصينية - الأمريكية.