بيروت 24 سبتمبر 2015 (شينخوا) يقضى نازحون سوريون فى لبنان عيد الأضحى الذى يصادف اليوم (الخميس) ووجوههم حائرة تبحث عن خلاص من المعاناة التى يعيشون فيها.
وتوجهت النازحة سلمى الحميداني من ادلب واطفالها الخمسة إلى ساحة العيد في بلدة حاصبيا القطاع الشرقي من جنوب لبنان، والتي تستقبل مع صبيحة الأضحى مئات العائلات والذين يحملون اطفالهم لقضاء ساعات من الفرح والبهجة، وسط عشرات بسطات الباعة، والتي تتوزع بين العاب وملابس وحلويات وهدايا متعددة ومتنوعة.
لقد حجزت الحميداني مبلغا متواضعا من المال، لشراء العاب رخيصة الثمن، فقالت لوكالة أنباء (شينخوا) " انها مناسبة عزيزة ، علها تنسينا ولو لفترة قصيرة، ما يعبق في قلبنا من حزن وآسى وحزن على أحباء فارقناهم أو قضوا في الحرب، وآسى على حال الحزن والفقر التي نعيشها في غربتنا، العيد اليوم بارقة امل صغيرة، نأمل فى ان تكون مدخلا لانهاء الحرب على بلدنا الجريح ".
اراد النازح السوري عبد الغفار ابو سلمى من ريف دمشق، ان يحتفل بالعيد في بلدته السورية والتي حررها الجيش النظامي منذ عدة اشهر، حمل ما خف من امتعة وملابس وبعض الحلوى، قاصدا بوابة المصنع الفاصلة بين لبنان وسوريا، وقال " باتت بلدتنا آمنة ويجب تفقد منزلنا وما تبقى منها، اننا بشوق لتقبيل ترابها، الفرحة ستكون مزدوجة، فرحة العيد وفرحة قضاء ولو ساعات بين انقاض منزلنا ،على امل ان نتمكن من العودة الميمونة والتخلي عن هذا النزوح الظالم".
لقد تفاجأ عبد الغفار، بوجود العشرات من النازحين السوريين الراغبين بالعودة الى سوريا، علامات الفرح بادية على وجوههم ، لكن الازدحام عند بوابة العبور والإجراءات الأمنية المتخذة اضافة الى معايير الدخول والخروج القاسية، حدت وبنسبة كبيرة من اجتياز الحدود ناحية سوريا.
في حين اشارت مصادر الأمن العام اللبناني، إلى أن بوابة المصنع عند الحدود بين البلدين ومعظم نقاط العبور، غصت خلال الساعات ال 48 الماضية، بآلاف النازحين الذين قرروا العودة لقضاء العيد في بلدهم الأم، دافعهم إلى ذلك.
وذكر ضابط لبناني يعمل عند نقطة المصنع رفض ذكر اسمه ،انها المرة الأولى منذ اشهر عدة، يسجل فيها فائض في حركة المغادرة الى سوريا عن حركة العبور من سوريا الى لبنان.
يردد النازح الستيني كمال فاعوري وبكل الم وحسرة، عبارة لأحد شعراء العرب والتي جاء فيها عيد بأي حال عدت يا عيد"، فقال "هذا لسان حال النازحين السوريين الذين باتوا لا يعرفون للعيد نكهة، أي عيد نحتفل، في وقت تشتت فيه أحلام أطفالنا، وهام فيه شبابنا قاصدين اوروبا، طلبا للسلام والطعام، فقدنا بهجة العاب وهدايا العيد، و لم يعد للباس الجديد ولموائد الأعياد نكهة، عيدنا الأكبر ايجاد مكان آمن يمحي مشاهد القتل وروائح الدم ومآسي الحرب التي خدشت أحلامنا وبراءة أطفالنا".
وفي مخيم "مرج الخوخ للنازحين" المحاذي لمدينة مرجعيون، تخلى اكثرية قاطنيه عن تقاليد العيد المعروفة، اشترى النازح حسين السويداني خاروفا من سوق الخان الشعبي القريب من مخيمه، على ان يذبحه اول ايام العيد، ويقيم وليمة لعائلته واقاربه، مع صبيحة العيد، غير السويداني رأيه، وفضل بيع خاروفه، على ان يشتري بثمنه مادة المازوت للتدفئة، وقال " اننا نحتاجها اكثر من وليمة لحم، الأوضاع المعيشية تتراجع يوما بعد يوم، ومع اقتراب الشتاء مما يزيد الهموم والمصاريف وتراجع الأشغال، ما من عيد ووطني مجروح وأطفالي جياع، ما من عيد والذل يلاحقنا".
وترفع النازحة حميدة ابو العيون من حلب، قسيمة الأمم المتحدة، وقالت " لم تعد تكفينا ثمن الخبز ليوم واحد، فكيف سنتمكن من تحضير الحلوى، اننا نشعل موقد الحطب لتحضير ما تيسر لإطعام اطفال حفاة، كانوا قد وُلدوا في ظل حرب قاسية ،اطفال ابصروا النور، في ظل الفقر والعوز".
ويقيم الطفل السورى محمد مع عائلته في احدى المخيمات العشوائية تعيش فيها نحو سبعين عائلة سورية على اطراف طرابلس، شمال لبنان وهو لا يعرف العيد منذ عامين، حيث لا قدرة لوالده على شراء الالبسة الجديدة له ولاشقائه الثلاثة، ولا يملك المال ايضا لاصطحابهم إلى مدينة الملاهي للعب.
وقال محمد إنه يأمل ان يعود إلى منزله في مدينة حمص السورية لتمضية العيد مع اقاربه واصدقائه الذين هجرهم إلى طرابلس منذ ما يقارب الاربع سنوات.
اما والد محمد، خالد الشيخ فقال " نحن نعيش اصعب الظروف منذ نحو عامين، فكل شيء تغير علينا، سابقا كنا نحصل على بعض المساعدات في الاعياد، حيث كانت جمعيات اسلامية تؤمن لنا الالبسة لاولادنا قبل العيد، وكان بعض المحسنين يقدمون لنا الاطعمة، وكنا نفرح اولادنا، اما اليوم فلا نملك المال لكي نشتري الطعام، فكيف لنا ان نشتري لاولادنا البسة".
وتابع "الكل تخلى عنا، وبتنا نواجه قدرنا لوحدنا، فدول العالم التي كانت تدعي حرصها علينا تبين لنا انها كانت تبحث عن مصالحها، انظروا الى الدول الغربية كيف تشاهد النازحين السوريين يموتون وهم يهربون في البحر، وهي لا تقدم سوى القليل وفي بعض الاحيان سوى العواطف من خلال البيانات والتصاريح".
وأوضح النازح السورى علي الذي رفض اعطاء كامل اسمه "انا هنا مع اولادي الاربعة منذ اربع سنوات، وكنت في سوريا موظفا في احدى الدوائر الحكومية، واضطررت لترك حمص بعد احتدام المواجهات العسكرية فيها وبعد ان دمر منزلي، واليوم انا شخص عاطل عن العمل واعيش انتظر من يقدم لي المساعدات لكي اعيل عائلتي، وكل ما اريده ان يأتي العيد المقبل واعود إلى سوريا، لان هناك كل شيء مختلف، وكل شيء أجمل، فاولادي في كل عيد يبكون لانهم بعيدين عن وطنهم".
يذكر أن أكثر من مليون نازح سوري يقيمون في لبنان وسط ظروف وأوضاع حياتية ومعيشية صعبة في وقت ينعكس وجود هؤلاء ضغوطا خدماتية واقتصادية وأمنية على البلاد.