بكين 25 سبتمبر 2015 (شينخوا) إذا كان يمكن القول إن العلاقات التجارية السليمة بين الصين والولايات المتحدة هي حجز الزاوية للعلاقات الصينية -الأمريكية، فيمكن القول أيضا إن التعاون السليم بين الدولتين يحمل نفس الأهمية للاقتصاد العالمي.
وبالتالي فإن تعميق التعاون التجاري بين البلدين لا يحمل أهمية كبيرة للتنمية في الصين والولايات المتحدة فحسب، وإنما يسهم أيضا في إزدهار العالم، كما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ لكبار رواد الأعمال الصينيين والأمريكيين في سياتل بولاية واشنطن الأمريكية يوم الأربعاء.
--التعاون الصيني -الأمريكي يفتح آفاقا جديدة
في عام 1993، كان حجم اقتصاد ولاية كاليفورنيا يزيد مرتين تقريبا عن حجم الاقتصاد الصيني، ووفقا للبنك العالمي، كان إجمالي الناتج المحلي للصين في هذه السنة يشكل 6.4 في المئة فقط من إجمالي الناتج المحلي للولايات المتحدة.
وفي عام 2015، عندما وصل الرئيس شي إلى سياتل، أصبحت الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بحجم اقتصاد يبلغ 60 في المئة من اقتصاد الولايات المتحدة.
والصين والولايات المتحدة، أكبر اقتصاد نام وأكبر اقتصاد متقدم، هما قاطرتا نمو الاقتصاد العالمي. إذ أسهمت الصين في عام 2014 بـ27.8 في المئة في تنمية الاقتصاد العالمي، في مقابل 15.3 في المئة فقط للولايات المتحدة، وفقا لما ذكره صندوق النقد الدولي.
ويثبت هذا السيناريو الاقتصادي الجديد أن العلاقات بين الصين والولايات المتحدة تتحرك باتجاه مرحلة جديدة تماما.
ووصل الرئيس شي ونظيره الأمريكي باراك أوباما إلى اتفاق هام لبناء نمط جديد بشكل مشترك للعلاقات بين الدول الكبرى بين الدولتين عندما اجتمعا في منتجع صني لاندز بكاليفورنيا عام 2013.
وفي كلمة ألقاها بمأدبة في سياتل يوم الثلاثاء، دعا الرئيس شي لدفع النمط الجديد للعلاقات بين الدول الكبرى بين الصين والولايات المتحدة إلى الأمام والعمل سويا لتعزيز السلام العالمي والتنمية.
وقال محللون إن الأساس لبناء النمط الجديد للعلاقات بين الدول الكبرى يجري تدعيمه بشكل متزايد حيث تتسع وتتعمق العلاقات التجارية بين البلدين.
وحاليا، هناك أكثر من 90 آلية حوار ثنائية بين الصين والولايات المتحدة، تغطي تقريبا كل جوانب التجارة الصينية- الأمريكية.
ويثبت عدد متزايد من الإنجازات الناتجة عن التعاون البراغماتي بين الدولتين أن البناء المشترك للنمط الجديد للعلاقات بين الدول الكبرى بين الصين والولايات المتحدة يفيد الدولتين والعالم بأسره.
--مساعي لتعزيز التجارة الصينية -الأمريكية وسط التغيرات
وصل الرئيس شي مدينة سياتل يوم الثلاثاء مستهلا أول زيارة دولة له إلى الولايات المتحدة وضم برنامج زيارته المدن الأمريكية الرئيسية الواقعة على الساحل الغربي الأمريكي من سياتل الى لوس أنجلوس، حيث تقطع نصف سفن الشحن ذهابا وإيابا بين البلدين.
وشهد ميناء تاكوما قرب سياتل وميناء سان بيدرو قرب لوس أنجلوس ازدهارا في التجارة الأمريكية -الصينية على مدار أكثر من الـ30 عاما الماضية.
ففي عام 1979، كانت قيمة التجارة بين الصين والولايات المتحدة تبلغ ملياري دولار أمريكي فقط ولكنها تجاوزت حاجز الـ 550 مليار دولار في عام 2014. وتعد الصين حاليا ثاني أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة وثالث أكبر سوق لصادراتها وأكبر مقصد لوارداتها.
وأكد الرئيس شي خلال لقائه مع رواد الأعمال الصينيين والأمريكيين في سياتل يوم الأربعاء أن هناك إمكانيات كبيرة في التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والولايات المتحدة.
وتحرك التجارة بين البلدين تدريجيا الاستثمار الثنائي.
ووفقا لدراسة مشتركة أجرتها اللجنة الوطنية للعلاقات بين الولايات المتحدة والصين وشركة ((روديوم غروب))، فإن قيمة استثمار الشركات الصينية في الولايات المتحدة بين عامي 2000 و2014 قاربت على 50 مليار دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تصل القيمة إلى مستوى يتراوح ما بين 100 و200 مليار دولار أمريكي قبل نهاية عام 2020 ، ما يخلق ما بين200 ألف و400 ألف وظيفة في الولايات المتحدة.
وبالنظر لحجم الاقتصادين الأمريكي والصيني، لا تزال هناك إمكانيات كبيرة للاستثمار الثنائي بين البلدين.
وقال سين مينر، الباحث في معهد بيترسون للاقتصادات الدولية، إن الولايات المتحدة قد استثمرت تريليوني دولار أمريكي في أنحاء العالم لكن حصة استثمارها في الصين تبلغ 2 بالمائة فقط، وفي نفس الوقت، هناك استثمارات ضعيفة للصين، المستثمر العالمي الكبير، في الولايات المتحدة.
ولكن الوضع الآن يتغير. فقد حققت الصين والولايات المتحدة تقدما في المفاوضات بشأن معاهدة الاستثمار الثنائي خلال الجولة السابعة للحوار الاستراتيجي والاقتصادي بين الصين والولايات المتحدة في يونيو الماضي. وأكد شي في خطابه في سياتل أيضا أنه يجب على الصين والولايات المتحدة إنهاء المفاوضات وصولا الى معاهدة استثمار متوازنة ورفيعة المستوى في أسرع وقت ممكن.
وحاليا، انطلقت دورة جيدة من التجارة والاستثمار تركيزا على التعاون الصناعي والابتكار التكنولوجي. وعلى هذه الخلفية، سيتمتع التعاون الصيني-الأمريكي بآفاق جديدة وأوسع في المستقبل.
--التعاون الصيني الأمريكي يفيد العالم برمته
وقال ستيفن جويلفويل، الوسيط الكبير في بورصة نيويورك، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن التعاون بين الصين والولايات المتحدة مهم جدا ليس للبلدين فحسب بل للعالم برمته أيضا.
وفي تايلاند ، ذكر تانغ تشي مين، مدير مكتب دراسات الصين والأسيان التابع لمعهد بانيابيوات للإدارة في بانكوك، لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن الصين والولايات المتحدة هما أكبر سوقين للصادرات التايلاندية وستستفيد الشركات التايلاندية بشكل كبير لو عززت الصين والولايات المتحدة التعاون بينهما.
وفي البرازيل والدول الأخرى، يتوقع الخبراء أن تترك العلاقات الصينية- الأمريكية تأثيرا مباشرا على العالم بأسره لكونهما أكبر اقتصادين.
وفي عصر العولمة، لو تعاونت الصين والولايات المتحدة سيستفيد العالم. ولو تنازع البلدان سيعاني العالم.
وخلال مقابلة مكتوبة مع صحيفة ((وول ستريت جورنال))، قال الرئيس شي إن الصين والولايات المتحدة تحتلان ثلث اقتصاد العالم وربع سكانه وخمس تجارته.
وقال " إذا لم يتعاون بلدان كبيران مثلنا مع بعضهما البعض، تصوروا ماذا سيحدث للعالم"، مشيرا إلى أن التاريخ والحقائق أظهرا أن الصين والولايات المتحدة تربحان من التعاون وتخسران من المواجهة.
ولا يؤثر التعاون الصيني-الأمريكي على السلاسل الصناعية والقطاع التجاري فحسب، وإنما يؤثر أيضا على استقرار الأسواق المالية والثقة العالمية.
ومن آليات الحوار المتعددة الأطراف والحوارات الاستراتيجية والاقتصادية، إلى تبادل الزيارات بين الزعماء ، وجدت الصين والولايات المتحدة إيقاعا لتعزيز العلاقات الثنائية التجارية والاقتصادية.
وتعد زيارة شي الحالية إلى الولايات المتحدة جزء من هذا الإيقاع وستساعد على رسم مسار للعلاقات الصينية- الأمريكية.