الخرطوم 5 أكتوبر 2015 (شينخوا) يواجه أحدث اتفاق للسلام فى جنوب السودان تحديا جديدا يهدد بانهياره بعدما أعلن رئيس الدولة الوليدة إعادة تقسيم البلاد ، وهو ما اعتبرته المعارضة المسلحة خرقا لاتفاق سلام جرى توقيعه فى أغسطس الماضى.
وفى خطوة مفاجئة، أصدر رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت السبت الماضى مرسوما جمهوريا يقضي بتقسيم جنوب السودان إلى 28 ولاية بدلا من عشر ولايات.
وبحسب المرسوم، فقد أصبحت المناطق الغنية بالنفط تتبع لولايات سكانها من قبيلة الدينكا (وهى القبيلة التي ينتمي لها الرئيس ميارديت) مثل ولايتي شمال أعالي النيل (فلوج)، وروينق (الوحدة)، بعد أن كانت معظم الولايات النفطية مناطق نفوذ للمعارضة المسلحة.
وشددت حكومة جوبا على أن القرار يستهدف تطبيق نظام فيدرالى لإدارة البلاد ، ويحقق مطالب شعبية.
وقال وزير الإعلام والناطق باسم حكومة جنوب السودان مايكل مكواى فى تصريحات للصحفيين بمدينة جوبا نقلتها وسائل إعلام جنوبية اليوم (الاثنين) "لقد جاء قرار الرئيس تلبية لمطالب شعبية نادت منذ زمن بتقسيم البلاد".
وأضاف "هناك مجموعات سكانية تشهر بالتهميش من قبل بعض المجتمعات، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالسلطة وتقاسم الثروة، هذا القرار يحقق العدالة الاجتماعية ويستجيب لتلك المطالب الشعبية".
وأوضح مكواى أن القرار الرئاسي سيدخل حيز التنفيذ خلال شهر من تاريخه، وقال "يتيح هذا القرار إيجاد نظام إدارى قادر على إيصال الخدمات وتحقيق التنمية المستدامة وتقصير الظل الإداري (سيطرة الحكومة المركزية على شؤون الولايات) وتحقيق العدالة الاجتماعية".
ولكن هذه المبررات لا تقنع المعارضة المسلحة التى يقودها رياك مشار النائب السابق لرئيس جنوب السودان، واتهم مشار خصمه سلفاكير بانتهاك اتفاق السلام الموقع بينهما فى أغسطس الماضى.
وقال مشار فى بيان أصدره فى وقت متأخر من مساء الأحد إن "المرسوم الرئاسي الذي أصدره كير يمثل انتهاكا لاتفاق السلام ويعد رسالة واضحة للعالم بأن الرئيس سلفاكير ميارديت ليس متلزما بالسلام".
وأضاف مشار " لقد وقعنا اتفاقا للسلام يتضمن تقاسما للسلطة والثروة وفقا لما هو قائم فى البلاد التى تضم 10 ولايات، وليس أمرا قانونيا أن يعمد الرئيس دون مشاورة أى طرف إلى إعادة تقسيم البلاد الى 28 ولاية".
وقبل توقيع الاتفاق، كانت إعادة تقسيم دولة جنوب السودان إلى ولايات أحد المطالب الرئيسية لجماعة المعارضة المسلحة بقيادة رياك مشار التى تقود حربا منذ منتصف ديسمبر من العام 2013 ضد القوات الحكومية الموالية للرئيس سلفاكير ميارديت.
ويخشى مراقبون جنوبيون من أن يعمق التقسيم الإداري الجديد النزاعات القبلية المستشرية فى جنوب السودان وأن يؤدى الى نزاعات حدودية بين المجموعات العرقية، لاسيما وأن قرار التقسيم ارتكز على الجانب العرقى.
وقال المحلل السياسى الجنوبى وليم دينق أن "هناك مشكلات عرقية مزمنة فى جنوب السودان ونخشى أن يؤدي القرار الى تفاقمها".
وأضاف دينق لوكالة أنباء ((شينخوا)) " ستواجه السلطة فى جنوب السودان صعوبات عملية فيما يتصل بعملية ترسيم الحدود بين الولايات، وهو أمر من شأنه إثارة صراعات بين مجموعات عرقية لن تتوافق مطلقا حول عملية ترسيم الحدود".
وتنص اتفاقية السلام الموقعة بين الطرفين فى أغسطس الماضى على صيغة لاقتسام السلطة على مستوى الحكومة المركزية بأن تؤول نسبة 53 % من مقاليد السلطة إلى الحكومة الحالية برئاسة سلفاكير، و33 % إلى المعارضة بقيادة رياك مشار، و14 % إلى الأحزاب السياسية ومجموعة المعتقلين السابقين في جنوب السودان.
وخصصت الاتفاقية نسبة مختلفة للمناطق التي تأثرت بالحرب الأخيرة في جنوب السودان، وهى ولايات أعالي النيل والوحدة وجونقلى، وذلك بأن منحت المعارضة المسلحة بقيادة مشار 53 % من نسبة التمثيل في السلطة فى المناطق الثلاث ، و33 % من التمثيل للحكومة ، و14 % للأحزاب والمعتقلين السياسيين السابقين.
ويواجه جنوب السودان حربا أهلية منذ منتصف ديسمبر الماضى بعد وقوع مواجهات بين جيش جنوب السودان ومنشقين عنه يدينون بالولاء لرياك مشار النائب السابق لرئيس جنوب السودان.