بكين 17أكتوبر 2015 (شينخوا) لاقت مقترحات الرئيس الصيني شي جين بينغ حول القضاء على الفقر في العالم من خلال التنمية المستدامة إشادة عالمية من قبل قادة وخبراء على اعتبارها مدخل رئيسي وطريقة مجدية وفعالة للغاية للتغلب على المشكلة التي طال أمدها على كوكبنا.

وخلال الجلسة السنوية للجمعية العامة بالأمم المتحدة في نيويورك في أواخر شهر سبتمبر، دعا شي إلى إتباع نهج تنموي منصف ومنفتح وشامل ومدفوع بالابتكار للتخفيف من الفقر في العالم، مشددا على أنه لا ينبغي ترك أي بلد يعاني من الفقر.

ومن بين مساع أخرى، تعهد الرئيس الصيني بإنشاء صندوق مع مساهمة أولية من الصين بقيمة 2 مليار دولار أمريكي لدعم التعاون ما بين الجنوب-الجنوب ومساعدة الدول النامية على تنفيذ أجندة التنمية لما بعد عام 2015 التي تم تبنيها من قبل قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.

وخلال إلقائه الخطاب الرئيسي في المنتدى العالمي للتنمية والحد من الفقر في بكين يوم الجمعة، أعلن شي أن الحكومة الصينية سوف تسن المزيد من السياسات لانتشال 70 مليونا من الصينيين الفقراء من براثن الفقر بحلول عام 2020.

وضم المنتدى نحو 300 ممثل على مستوى العالم من أجل مشاركة تجاربهم في مكافحة الفقر، في حين يصادف اليوم (السبت) الذكرى الـ 23 لليوم العالمي للقضاء على الفقر، والذكرى الثانية لليوم الوطني الصيني للاغاثة من الفقر.

وقال شي خلال المنتدى إن الصين سوف تعطي أولوية لعملية تخفيف حدة الفقر وتجعلها جزء أساسيا من أجندة ما بعد عام 2015 الوطنية.

وتم الاعتراف بالصين من قبل العالم باعتبارها الدولة التي تمكنت من تحقيق أفضل إنجاز تجاه أهداف التنموية للألفية للأمم المتحدة، ومنذ عام 1987، عندما تم تبني سياسة الإصلاح والانفتاح لأول مرة في الصين، تمكن البلد من انتشال أكثر من 700 مليون من مواطنيه من براثن الفقر، ليصبح أول دولة نامية تتمكن من الوفاء بالأهداف التنموية للألفية التي تستهدف تخفيض عدد السكان الذين يعيشون في الفقر بمقدار النصف قبل العام 2015.

وبينما تستمر الصين في سعيها لتخفيف حدة الفقر فيها، فإنها أيضا تدعم بشكل نشط هذه القضية في دول نامية أخرى، فخلال السنوات الستين الماضية، قدمت الصين 166 دولة ومنظمة دولية بنحو 400 مليار يوان كمساعدات.

وفي رسالة فيديو وجهها للمنتدى الذي عقد يوم الجمعة، ثمّن الأمين الأمم للأمم المتحدة بان كي مون الإنجازات الرائعة التي حققتها الصين في التخفيف من حدة الفقر، قائلا إن الأمم المتحدة ترحب بتلك الاقتراحات الهامة والسخية التي قدمها الرئيس شي، وإنها تتطلع قدماً لمواصلة التقدم في الشراكة التي لا غنى عنها مع الصين.

وأفاد وو هونغ بو، وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاجتماعية والاقتصادية، لوكالة أنباء ((شينخوا)) أنه منذ تبني الأهداف التنموية للألفية، فإن الصين قد ساهمت بالمسعى العالمي للقضاء على الفقر، بتخفيض الفقر المدقع في العالم بنسبة الثلثين.

وقال وو "نستطيع أن نقول إنه لولا مساهمة الصين، فإن المجتمع الدولي بالكاد سيستطيع أن يحقق هدف خفض عدد السكان الذين يعيشون في حالة الفقر المدقع بمقدار النصف في عام 2015".

وأشار إلى أنه إضافة إلى ذلك، فإنه معروف على نطاق واسع أن الصين قد قدمت دعمها إلى بلدان محتاجة وذلك لتعزيز التنمية المستدامة العالمية، قائلا "وأعتقد أنه في المستقبل ستواصل الصين مساعدة الدول النامية ضمن قدرتها".

من جانبها، لفتت رئيسة البرنامج الإنمائي بالأمم المتحدة هيلين كلارك إلى أنه يمكن مشاركة أفكار الصين وتجربتها الناجحة مع بلدان أخرى تواجه تحديات مماثلة.

وقال لوكالة أنباء ((شينخوا)) عقب الجمعية العامة للأمم المتحدة إن "الصين قد غدت دولة تنموية نشطة للغاية، إذ أن سياسة الدولة هي التنمية، لانتشال الناس من الفقر، وللانتقال إلى مجتمع عصري، وقد أصبحت هذه هي القضية النشيطة للقيادة الصينية، وإن هذا التصميم وهذه القيادة قد أديا إلى نتائج مذهلة".

بدوره، قال موغينز ليكيتوفت، رئيس الجلسة الـ 70 للجمعية العامة للأمم المتحدة، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن "الصين قامت بأداء مذهل من خلال خفض الفقر المدقع بمقدار النصف خلال الـ 15 عاما الأخيرة، لكن يتعين علينا أن ندرك أنه بحال أردنا القضاء بشكل عالمي وإجمالي على الفقر، ينبغي أن نسير في طريق مختلف ... إني أشيد بشكل كبير بالمبادرات الصينية التي أعلنها الرئيس شي جين بينغ خلال الجمعية العامة".

وأضاف إنه "أقوى أداء للنمو الاقتصادي قد نشهده لبلد كبير في أي وقت خلال التاريخ البشري، وقد حقق أكبر مساهمة في خفض نسبة الفقر المدقع في هذا العالم".

كما رأى رئيس البنك الدولي جيم يونغ كيم أن هناك صلة بين التنمية والحد من الفقر، وذلك في إظهار لدعمه لتأسيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية.

وقال إن "أي شخص يبدي اهتماما بشأن الفقر وعدم المساواة سيرحب بإنشاء بنك يقول إنه سيساعد الدول النامية على تنمية اقتصادها وزيادة فرص العمل من أجل سكانها".

فيما أفاد رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق جان بيير رافارين أن تأسيس صناديق تمويل من أجل التعاون ما بين دول الجنوب-الجنوب كشف تصميم الصين على محاربة الفقر بشكل مباشر، والذي يعتبر مرحبا به من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة.

وخلال فعاليات قمة عقدت حول التعاون ما بين دول الجنوب-الجنوب خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة، طرح الرئيس شي مبادرة "6 مئات"، والتي بمقتضاها ستتيح الصين لدول نامية أخرى خلال الخمسة أعوام المقبلة مئات من البرامج حول الحد من الفقر، والزراعة، والتجارة، والبيئة والمناخ، والرعاية الصحية والتعليم.

من جهته، اعتبر ضياء الفقي أمين عام مجلس إدارة غرفة التجارة المصرية - الصينية، أن المساعدات التي أعلن عنها الرئيس الصيني "رائعة وسخي وفي غاية الأهمية " للدول النامية.

وكونها مساهم كبير في القضية العالمية للاغاثة من الفقر، فإن إنجازات الصين للإغاثة من الفقر تتزامن مع التنمية الاقتصادية السريعة خلال العقود الماضية، وتظهر تجربتها أن التخفيف من الفقر يعد مهمة ممكنة في ظل نمو اقتصادي وتنمية اجتماعية ثابتين.

وخلال العقود الماضية، قدمت الصين المساعدة إلى أكثر من 120 دولة نامية من خلال دعم جهودهم في تحقيق الأهداف، وباعتبارها بلد لا يزال يواجه تحديات لتحقيق هدفها بانتشال جميع مواطنيها من براثن الفقر بحلول عام 2020، فإنها ستواصل دعم بلدان نامية أخرى في الحد من الفقر والتنمية المستقبلية.

وقال الرئيس الصيني "إننا على استعداد لتقاسم خبراتنا التنموية والفرص مع الدول الأخرى ونرحب بها على متن قطار التنمية الصيني السريع، وذلك كي نتمكن جميعا من تحقيق تنمية مشتركة".