(زيارة شي إلى بريطانيا) مقالة خاصة: التبادلات الثقافية بين موطني شكسبير وكونفوشيوس تتنامي بخطى لا يمكن إيقافها

16:42:38 17-10-2015 | Arabic. News. Cn

لندن 17 أكتوبر 2015 (شينخوا) لفت فيلم وثائقي من ثلاث حلقات بثته هيئة الإذاعة والتليفزيون البريطانية الـ((بي بي سي)) في صيف العام الحالي الانتباه على نطاق واسع إلى أوجه الاختلاف التعليمية بين الصين وبريطانيا فيما تظهر المناقشة المحتدمة التي أثارها الفيلم اختلافاتهما الثقافية المتأصلة.

إن الاختلافات الثقافية قائمة حيث تقع الدولتان في أجزاء مختلفة من العالم وتطوران مجتمعاتهما بطرق مختلفة.

ولكن الاختلافات أثبتت أنه لا عقبة تقف أمام التبادلات الثقافية بين الصين وبريطانيا. بل على العكس، أصبحت هذه التبادلات نقاطا بارزة تجذب الإفراد من البلدين لكي يتقابلوا ويتعلموا من بعضهم البعض.

-- التعليم: بريطانيا أمام الصين

رصدت الـ((بي بي سي)) تجربة تعليمية دامت شهرا جرت في مدرسة بوهنت في هامبشاير وذلك في فيلم وثائقي من ثلاث حلقات جاء بعنوان "هل أبنائكم أقوياء بما يكفي؟ المدرسة الصينية"، قام فيه فريق من المعلمين الصينيين بتعليم 50 طالبا مراهقا بريطانيا باستخدام طرق تعليمية شائعة في الصين، من أجل الوقوف على سلبيات وإيجابيات التعليم البريطاني والصيني.

وفي هذا الفيلم الوثائقي التليفزيوني، أبدى بعض الطلبة البريطانيين تمردا، على الأقل في البداية، في مواجهة النظام القاسي المتمثل في أيام طويلة وانضباط صارم، فيما كافح المعلمون الصينيون لإدارة الفصل وإلقاء المحاضرات. ولكن في نهاية المطاف، تمخضت طرق التعليم الصينية عن نتائج أكاديمية أفضل.

ولا ريب أن هذا المشروع كشف عن أوجه الاختلاف في الثقافة والقيم. ولكن ردود الفعل على هذا الفيلم الوثائقي كشفت أن الكثيرين لا تكبلهم هذه الاختلافات، بل إنهم يرون مزايا في بعضهم البعض وبدأوا في التفكير مليا في كيفية التعلم من الآخر.

وقال نيل ستروجر مدير مدرسة بوهنت "فور انتهاء عرض الحلقات، سننظر فيما يمكن أن نتعلمه منها وتحدوني الثقة بأن المعلمين الصينيين سيفعلون بالمثل".

وأضاف أن الطريقة التي يظهر بها الطلبة في الصين احترامهم لمعلميهم شيء "ينبغي أن يكون لدينا في بلادنا ".

وذكر متحدث باسم الـ((بي بي سي)) أن "هذا المشروع الجرئ يكشف أن أوجه الاختلاف ليست قائمة فقط في المناهج الدراسية وأسلوب التعليم، وإنما في الثقافة. فقد قدمت هذه الحلقات مضمونا يتطلب التفكير وبدأت نقاشا حول الممارسة التعليمية في بريطانيا".

وفي رد فعله على طرق التعليم الصينية، صرح تشو تشاو هوي الباحث بالمعهد الوطني للعلوم التعليمية لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأن عادة عدم الجدال والطاعة التي يطلب عادة من الطلبة في الفصول الدراسية الصينية إتباعها ليست بالضرورة إرثا جيدا في الوقت الحاضر لأن الشباب صاروا أكثر إدراكا للقيم الفردية وأكثر معرفة بها.

كما قال مستخدم لشبكة (ويبو) الصينية للمدونات الصغيرة ويحمل اسم "يونجوانيونشو" إنه نظرا لكون الصين وبريطانيا مختلفتين من حيث التقاليد والواقع، فثمة فرصة ضئيلة في أن وجود أوجه تشابه، ولكن يمكنهما التعلم من الآخر.

وفي الحقيقة، عندما كان المعلمون الصينيون يعربون عن رغبتهم في الانسحاب ، كان الكثير من طلابهم يرفضون ذلك حتى أن الطلبة المشاغبين كانوا يذرفون الدمع.

وذكرت روزي، وهي من الطلبة الذين شاركوا في البرنامج، "كان هذا أحد أغرب ولكن أمتع التجارب التي خضناها. يمكننى التحدث نيابة عنا جميعا عندما أقول أننا لن ننسى ذلك".

انتهى عرض الحلقات التليفزيونية، ولكن التبادلات الثقافية الصينية - البريطانية جارية على قدم وساق.

-- التبادلات الثقافية متعددة الأطر

إن عملاق الأدب البريطاني وليام شكسبير ونجم كرة القدم البريطاني ديفيد بيكهام أسمان معروفان في الصين؛ والناس يسمعون الكثير عن التقليد الراقي للشاي الإنجليزي في فترة ما بعد الظهيرة، وكلمة "الجينتلمان الإنجليزي" صارت مصطلحا يصف من يتصرف بأدب وبطريقة حضارية. وفي الواقع، هناك عدد كبير من الصينيين مفتونون بسحر الثقافة البريطانية.

أما ج.ك. رولينج وسلسلة قصص هاري بوتر التي قامت بتأليفها فمعروفة للغاية في الصين. كما تحظى مسلسلات تليفزيونية مثل "داونتون آبي" و"شرلوك" بعدد كبير من المعجبين الصينيين.

ومن ناحية أخرى، يدرس حوالي 150 ألف طالب صيني في بريطانيا، وهي المجموعة الأكبر من حيث الجنسية. ويعترف على نطاق واسع في بريطانيا بأدائهم الجيد.

وقالا آليس جاست رئيسة كلية لندن الإمبراطورية إنه يدرس في الكلية أكثر من ألفي طالب صيني، يمثلون 14 في المائة من مجموعة طلاب الكلية.

وصرحت في مقابلة أجرتها معها وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا "إننى التقى بشكل يومي تقريبا مع طلبة صينيين رائعين في الكلية يرغبون في خوض المغامرة وتطبيق مهاراتهم الفكرية المميزة لمعالجة المشكلات المجتمعية. إنهم يساعدون في مكافحة تغير المناخ وعلاج الأمراض وخلق فرص جديدة للنمو الاقتصادي. واتطلع إلى تبادل الأفكار مع المزيد من العلماء الشباب في الصين".

كما ذكرت أن كلية لندن الإمبراطورية يربطها تعاون وثيق مع جامعات وشركات صينية من بينها شركة هواوي وشركة تشاينا ساوث للسكك الحديدية وجامعة تسينغهوا وجامعة تشجيانغ.

وقال وزير الخزانة جورج أوزبرون أيضا خلال زيارته للصين في سبتمبر الماضي "نود رؤية قدوم مزيد من الطلبة الصينيين إلى بريطانيا. فلا يوجد حد أقصى لعدد الطلبة الصينيين الذين يمكنهم المجئ إلى بريطانيا".

ومن ناحية أخرى، تلقى الثقافة الصينية ترحيبا حارا من الشعب البريطاني أيضا. فهناك قرابة 30 من معاهدة كونفوشيوس وأكثر من 110 من فصول كونفوشيوس في أنحاء البلاد.

وخلال السنوات القليلة الماضية، شارك المزيد والمزيد من الطلبة وأعضاء هيئة التدريس والسكان المحليون في برامج مختلفة استضافها معهد كونفوسيوش بلندن وكلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن.

وذكر لي إي المدير الصيني لمعهد كونفوشيوس بلندن، وهو أحد أوائل معاهدة كونفوشيوس في بريطانيا، أن عددا متزايدا من الطلبة والسكان التحقوا بدورات دراسية مثل فن الخط الصيني والرقص الصيني، مضيفا أن الأركان الصينية صارت شائعة جدا.

-- من العام الذهبي إلى العهد الذهبي

وقد عقد الاجتماع الثالث للآلية الصينية - البريطانية للتبادلات الثقافية رفيعة المستوى في بريطانيا الشهر الماضي.

وخلال اجتماعه مع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني ليو يان دونغ على هامش الحدث، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن هذا العام "عام ذهبي" لتنمية العلاقات الصينية-البريطانية وإن زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ المرتقبة ستبشر بدخول العلاقات الثنائية إلى "عهد ذهبي".

وستشهد العلاقات الثقافية الصينية-البريطانية، وهي جزء مهم من العلاقات الثنائية، ستحظى دون شك بفترتها الذهبية.

ويمثل العام الجاري العام الصيني-البريطاني للتبادلات الثقافية الذي أعلنته الحكومتان خلال زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني إلى بريطانيا في يونيو من العام الماضي.

وقد أطلق الموسم الثقافي البريطاني الأول في الصين، الذي كشف النقاب عن العام الثقافي، الأمير وليام خلال أول زيارة له على الإطلاق للصين في مارس من خلال تنقيط عيني تمثال منحوت لـ"شوان ذي شيب"، وهو شخصية كرتونية بريطانية معروفة للغاية بين الأطفال الصينيين.

وأقيم مهرجان إبداعي وابتكاري بريطاني في شانغهاي. وبعدها بشهور، انطلق الموسم الثقافي الصيني في بريطانيا بتقديم العرض الأول لنسخة صينية من "ريتشارد الثالث"، وهي مسرحية تاريخية كتبها شكسبير.

وذكر سفير الصين ليو شياو مينغ أن النسخة الصينية من مسرحية "ريتشارد الثالث" التي قدمها فنانون من المسرح الوطني الصيني تحتوى على عناصر ثقافية صينية تقليدية تهدف إلى نقل الفهم الصيني لشكسبير إلى الحضور البريطانيين.

وأضاف "هذا يكشف على نحو ممتاز كيف تعمل الثقافتان الصينية والبريطانية بسهولة تامة معا في مسرحية واحدة. وهي أفضل هدية من الفنانيين الصينيين للذكرى الرابعة بعد المائة (لوفاة) الكاتب المسرحي الشهير والتي تحل العام المقبل".

كما أشار إيد فايزي وزير الدولة للثقافة والاقتصاد الرقمي إلى أن مسرحية "ريتشارد الثالث" تعد نقطة بارزة في العام الصيني-البريطاني للتبادلات الثقافية وتتيح منصة للتعلم المتبادل والتعاون الثقافي الممتع بين الصين وبريطانيا.

وفي حقيقة الأمر، تجاوزت التبادلات الثقافية الصينية- البريطانية الأحداث الرسمية وصارت سائدة على مختلف المستويات.

فقد أقام وانغ يينغ القنصل التعليمي بالقنصلية العامة الصينية في مانشستر وقنسطنطين نوفوسيلوف الأستاذ في جامعة مانشستر معرضا مشتركا للوحات صينية بالألوان المائية في جامعة ليدز الشهر الماضي.

واتسمت اللوحات الصينية التقليدية بالألوان المائية التي رسمها وانغ بالمناظر الطبيعية الخلابة والمعمار البريطاني، فيما رسم نوفوسيلوف نبات البامبو وزهرة الأوركيد واللوتس.

لقد وقع نوفوسيولف في حب اللوحات الزيتية الصينية عندما كان يزور باحثا في مدينة شيامن الساحلية في جنوب شرق الصين قبل سنوات. وقال لـ((شينخوا)) "أظن أن هذا النوع من الأحداث مهم للغاية. فالثقافة الصينية ضخمة، ولكن الغرب لم يطلع سوى على القليل منها. وهناك عدد ضخم من الفنانيين الصينيين غير معروفين للغرب".

وفي جامعة كامبريدج، شهد مشروع كامبريدج ريفرز عددا من الأحداث الثقافية الصينية في هذه السنوات ومن بينها مهرجان لأشعار شيوي تشي مو (وهو شاعر صيني شهير يعرف أيضا باسم هسو تشيه - مو)، وإطلاق متحف رقمي ثنائي اللغة لأوبرا كونتشو الصينية.

وقد زار الأستاذ آلان ماكفرالاند، رئيس مشروع كامبريدج ريفزر، الصين سنويا منذ عام 2002.

وقال إنه رغم أن الصين غنية بالتاريخ وفن الكتابة ومتنوعة جدا في الاقتصاد والبيئة، إلا إنها متحدة تماما بفضل اللغة والتاريخ وقومية الهان التي تمثل الأغلبية فيها.

وذكر لـ((شينخوا)) أن "الصين هي ، بشكل ما، أسهل حضارة يمكن فهمها على الأرض عندما تكون حريصا على ذلك. وبالنسبة للكثيرين غير المطلعين، تعد حضارة غامضة، وتكمن مهمتى في محاولة توضيح الصين للغرب، والغرب للصين".

ويرى ماكفرالاند أن التبادلات الثقافية الصينية-البريطانية تذخر بإمكانات كبيرة. "ربما بدأت لتوها، ولكنها ستتحقق".

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى
arabic.news.cn

(زيارة شي إلى بريطانيا) مقالة خاصة: التبادلات الثقافية بين موطني شكسبير وكونفوشيوس تتنامي بخطى لا يمكن إيقافها

新华社 | 2015-10-17 16:42:38

لندن 17 أكتوبر 2015 (شينخوا) لفت فيلم وثائقي من ثلاث حلقات بثته هيئة الإذاعة والتليفزيون البريطانية الـ((بي بي سي)) في صيف العام الحالي الانتباه على نطاق واسع إلى أوجه الاختلاف التعليمية بين الصين وبريطانيا فيما تظهر المناقشة المحتدمة التي أثارها الفيلم اختلافاتهما الثقافية المتأصلة.

إن الاختلافات الثقافية قائمة حيث تقع الدولتان في أجزاء مختلفة من العالم وتطوران مجتمعاتهما بطرق مختلفة.

ولكن الاختلافات أثبتت أنه لا عقبة تقف أمام التبادلات الثقافية بين الصين وبريطانيا. بل على العكس، أصبحت هذه التبادلات نقاطا بارزة تجذب الإفراد من البلدين لكي يتقابلوا ويتعلموا من بعضهم البعض.

-- التعليم: بريطانيا أمام الصين

رصدت الـ((بي بي سي)) تجربة تعليمية دامت شهرا جرت في مدرسة بوهنت في هامبشاير وذلك في فيلم وثائقي من ثلاث حلقات جاء بعنوان "هل أبنائكم أقوياء بما يكفي؟ المدرسة الصينية"، قام فيه فريق من المعلمين الصينيين بتعليم 50 طالبا مراهقا بريطانيا باستخدام طرق تعليمية شائعة في الصين، من أجل الوقوف على سلبيات وإيجابيات التعليم البريطاني والصيني.

وفي هذا الفيلم الوثائقي التليفزيوني، أبدى بعض الطلبة البريطانيين تمردا، على الأقل في البداية، في مواجهة النظام القاسي المتمثل في أيام طويلة وانضباط صارم، فيما كافح المعلمون الصينيون لإدارة الفصل وإلقاء المحاضرات. ولكن في نهاية المطاف، تمخضت طرق التعليم الصينية عن نتائج أكاديمية أفضل.

ولا ريب أن هذا المشروع كشف عن أوجه الاختلاف في الثقافة والقيم. ولكن ردود الفعل على هذا الفيلم الوثائقي كشفت أن الكثيرين لا تكبلهم هذه الاختلافات، بل إنهم يرون مزايا في بعضهم البعض وبدأوا في التفكير مليا في كيفية التعلم من الآخر.

وقال نيل ستروجر مدير مدرسة بوهنت "فور انتهاء عرض الحلقات، سننظر فيما يمكن أن نتعلمه منها وتحدوني الثقة بأن المعلمين الصينيين سيفعلون بالمثل".

وأضاف أن الطريقة التي يظهر بها الطلبة في الصين احترامهم لمعلميهم شيء "ينبغي أن يكون لدينا في بلادنا ".

وذكر متحدث باسم الـ((بي بي سي)) أن "هذا المشروع الجرئ يكشف أن أوجه الاختلاف ليست قائمة فقط في المناهج الدراسية وأسلوب التعليم، وإنما في الثقافة. فقد قدمت هذه الحلقات مضمونا يتطلب التفكير وبدأت نقاشا حول الممارسة التعليمية في بريطانيا".

وفي رد فعله على طرق التعليم الصينية، صرح تشو تشاو هوي الباحث بالمعهد الوطني للعلوم التعليمية لوكالة أنباء ((شينخوا)) بأن عادة عدم الجدال والطاعة التي يطلب عادة من الطلبة في الفصول الدراسية الصينية إتباعها ليست بالضرورة إرثا جيدا في الوقت الحاضر لأن الشباب صاروا أكثر إدراكا للقيم الفردية وأكثر معرفة بها.

كما قال مستخدم لشبكة (ويبو) الصينية للمدونات الصغيرة ويحمل اسم "يونجوانيونشو" إنه نظرا لكون الصين وبريطانيا مختلفتين من حيث التقاليد والواقع، فثمة فرصة ضئيلة في أن وجود أوجه تشابه، ولكن يمكنهما التعلم من الآخر.

وفي الحقيقة، عندما كان المعلمون الصينيون يعربون عن رغبتهم في الانسحاب ، كان الكثير من طلابهم يرفضون ذلك حتى أن الطلبة المشاغبين كانوا يذرفون الدمع.

وذكرت روزي، وهي من الطلبة الذين شاركوا في البرنامج، "كان هذا أحد أغرب ولكن أمتع التجارب التي خضناها. يمكننى التحدث نيابة عنا جميعا عندما أقول أننا لن ننسى ذلك".

انتهى عرض الحلقات التليفزيونية، ولكن التبادلات الثقافية الصينية - البريطانية جارية على قدم وساق.

-- التبادلات الثقافية متعددة الأطر

إن عملاق الأدب البريطاني وليام شكسبير ونجم كرة القدم البريطاني ديفيد بيكهام أسمان معروفان في الصين؛ والناس يسمعون الكثير عن التقليد الراقي للشاي الإنجليزي في فترة ما بعد الظهيرة، وكلمة "الجينتلمان الإنجليزي" صارت مصطلحا يصف من يتصرف بأدب وبطريقة حضارية. وفي الواقع، هناك عدد كبير من الصينيين مفتونون بسحر الثقافة البريطانية.

أما ج.ك. رولينج وسلسلة قصص هاري بوتر التي قامت بتأليفها فمعروفة للغاية في الصين. كما تحظى مسلسلات تليفزيونية مثل "داونتون آبي" و"شرلوك" بعدد كبير من المعجبين الصينيين.

ومن ناحية أخرى، يدرس حوالي 150 ألف طالب صيني في بريطانيا، وهي المجموعة الأكبر من حيث الجنسية. ويعترف على نطاق واسع في بريطانيا بأدائهم الجيد.

وقالا آليس جاست رئيسة كلية لندن الإمبراطورية إنه يدرس في الكلية أكثر من ألفي طالب صيني، يمثلون 14 في المائة من مجموعة طلاب الكلية.

وصرحت في مقابلة أجرتها معها وكالة أنباء ((شينخوا)) مؤخرا "إننى التقى بشكل يومي تقريبا مع طلبة صينيين رائعين في الكلية يرغبون في خوض المغامرة وتطبيق مهاراتهم الفكرية المميزة لمعالجة المشكلات المجتمعية. إنهم يساعدون في مكافحة تغير المناخ وعلاج الأمراض وخلق فرص جديدة للنمو الاقتصادي. واتطلع إلى تبادل الأفكار مع المزيد من العلماء الشباب في الصين".

كما ذكرت أن كلية لندن الإمبراطورية يربطها تعاون وثيق مع جامعات وشركات صينية من بينها شركة هواوي وشركة تشاينا ساوث للسكك الحديدية وجامعة تسينغهوا وجامعة تشجيانغ.

وقال وزير الخزانة جورج أوزبرون أيضا خلال زيارته للصين في سبتمبر الماضي "نود رؤية قدوم مزيد من الطلبة الصينيين إلى بريطانيا. فلا يوجد حد أقصى لعدد الطلبة الصينيين الذين يمكنهم المجئ إلى بريطانيا".

ومن ناحية أخرى، تلقى الثقافة الصينية ترحيبا حارا من الشعب البريطاني أيضا. فهناك قرابة 30 من معاهدة كونفوشيوس وأكثر من 110 من فصول كونفوشيوس في أنحاء البلاد.

وخلال السنوات القليلة الماضية، شارك المزيد والمزيد من الطلبة وأعضاء هيئة التدريس والسكان المحليون في برامج مختلفة استضافها معهد كونفوسيوش بلندن وكلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن.

وذكر لي إي المدير الصيني لمعهد كونفوشيوس بلندن، وهو أحد أوائل معاهدة كونفوشيوس في بريطانيا، أن عددا متزايدا من الطلبة والسكان التحقوا بدورات دراسية مثل فن الخط الصيني والرقص الصيني، مضيفا أن الأركان الصينية صارت شائعة جدا.

-- من العام الذهبي إلى العهد الذهبي

وقد عقد الاجتماع الثالث للآلية الصينية - البريطانية للتبادلات الثقافية رفيعة المستوى في بريطانيا الشهر الماضي.

وخلال اجتماعه مع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني ليو يان دونغ على هامش الحدث، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن هذا العام "عام ذهبي" لتنمية العلاقات الصينية-البريطانية وإن زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ المرتقبة ستبشر بدخول العلاقات الثنائية إلى "عهد ذهبي".

وستشهد العلاقات الثقافية الصينية-البريطانية، وهي جزء مهم من العلاقات الثنائية، ستحظى دون شك بفترتها الذهبية.

ويمثل العام الجاري العام الصيني-البريطاني للتبادلات الثقافية الذي أعلنته الحكومتان خلال زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني إلى بريطانيا في يونيو من العام الماضي.

وقد أطلق الموسم الثقافي البريطاني الأول في الصين، الذي كشف النقاب عن العام الثقافي، الأمير وليام خلال أول زيارة له على الإطلاق للصين في مارس من خلال تنقيط عيني تمثال منحوت لـ"شوان ذي شيب"، وهو شخصية كرتونية بريطانية معروفة للغاية بين الأطفال الصينيين.

وأقيم مهرجان إبداعي وابتكاري بريطاني في شانغهاي. وبعدها بشهور، انطلق الموسم الثقافي الصيني في بريطانيا بتقديم العرض الأول لنسخة صينية من "ريتشارد الثالث"، وهي مسرحية تاريخية كتبها شكسبير.

وذكر سفير الصين ليو شياو مينغ أن النسخة الصينية من مسرحية "ريتشارد الثالث" التي قدمها فنانون من المسرح الوطني الصيني تحتوى على عناصر ثقافية صينية تقليدية تهدف إلى نقل الفهم الصيني لشكسبير إلى الحضور البريطانيين.

وأضاف "هذا يكشف على نحو ممتاز كيف تعمل الثقافتان الصينية والبريطانية بسهولة تامة معا في مسرحية واحدة. وهي أفضل هدية من الفنانيين الصينيين للذكرى الرابعة بعد المائة (لوفاة) الكاتب المسرحي الشهير والتي تحل العام المقبل".

كما أشار إيد فايزي وزير الدولة للثقافة والاقتصاد الرقمي إلى أن مسرحية "ريتشارد الثالث" تعد نقطة بارزة في العام الصيني-البريطاني للتبادلات الثقافية وتتيح منصة للتعلم المتبادل والتعاون الثقافي الممتع بين الصين وبريطانيا.

وفي حقيقة الأمر، تجاوزت التبادلات الثقافية الصينية- البريطانية الأحداث الرسمية وصارت سائدة على مختلف المستويات.

فقد أقام وانغ يينغ القنصل التعليمي بالقنصلية العامة الصينية في مانشستر وقنسطنطين نوفوسيلوف الأستاذ في جامعة مانشستر معرضا مشتركا للوحات صينية بالألوان المائية في جامعة ليدز الشهر الماضي.

واتسمت اللوحات الصينية التقليدية بالألوان المائية التي رسمها وانغ بالمناظر الطبيعية الخلابة والمعمار البريطاني، فيما رسم نوفوسيلوف نبات البامبو وزهرة الأوركيد واللوتس.

لقد وقع نوفوسيولف في حب اللوحات الزيتية الصينية عندما كان يزور باحثا في مدينة شيامن الساحلية في جنوب شرق الصين قبل سنوات. وقال لـ((شينخوا)) "أظن أن هذا النوع من الأحداث مهم للغاية. فالثقافة الصينية ضخمة، ولكن الغرب لم يطلع سوى على القليل منها. وهناك عدد ضخم من الفنانيين الصينيين غير معروفين للغرب".

وفي جامعة كامبريدج، شهد مشروع كامبريدج ريفرز عددا من الأحداث الثقافية الصينية في هذه السنوات ومن بينها مهرجان لأشعار شيوي تشي مو (وهو شاعر صيني شهير يعرف أيضا باسم هسو تشيه - مو)، وإطلاق متحف رقمي ثنائي اللغة لأوبرا كونتشو الصينية.

وقد زار الأستاذ آلان ماكفرالاند، رئيس مشروع كامبريدج ريفزر، الصين سنويا منذ عام 2002.

وقال إنه رغم أن الصين غنية بالتاريخ وفن الكتابة ومتنوعة جدا في الاقتصاد والبيئة، إلا إنها متحدة تماما بفضل اللغة والتاريخ وقومية الهان التي تمثل الأغلبية فيها.

وذكر لـ((شينخوا)) أن "الصين هي ، بشكل ما، أسهل حضارة يمكن فهمها على الأرض عندما تكون حريصا على ذلك. وبالنسبة للكثيرين غير المطلعين، تعد حضارة غامضة، وتكمن مهمتى في محاولة توضيح الصين للغرب، والغرب للصين".

ويرى ماكفرالاند أن التبادلات الثقافية الصينية-البريطانية تذخر بإمكانات كبيرة. "ربما بدأت لتوها، ولكنها ستتحقق".

الصور

010020070790000000000000011101441347231121