بقلم ثريا لوه
بكين 19 أكتوبر 2015 (شينخوا) من المقرر أن تعقد الجلسة الكاملة الخامسة للجنة المركزية الـ18للحزب الشيوعي الصيني في الفترة ما بين 26 و29 أكتوبر الجاري، لمراجعة مشروع الخطة الخمسية الـ13 وتحديد مسار التنمية الاقتصادية للصين في الأعوام الخمس القادمة. وتوقع خبراء صينيون أن تساعد الخطة بما تحمله من أهداف محلية، في دفع الاستقرار والتنمية في الدول العربية، التي ترتبط الصين معها بعلاقات وثيقة.
وأشار الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الأهداف العشرة المتعلقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في فترة الأعوام الخمسة وتتمثل في الحفاظ على النمو الاقتصادي وتحويل نمط النمو وتعديل وتحسين الهيكل الصناعي وتعزيز النمو المدفوع بالابتكار وتسريع خطى التحديث الزراعي والإصلاح في الآليات والنظم ودفع النمو التنسيقي وتعزيز بناء الحضارة الإيكولوجية وضمان وتحسين معيشة الشعب ودفع الاستكشاف من أجل الحد من الفقر.
ومن هنا نجد أن النمو مازال هدفا رئيسيا للصين في الفترة المقبلة. وتنبأ الخبراء الصينيون بأن يتراوح معدل النمو الاقتصادي المعقول للصين في الخطة "الخمسية الـ13" ما بين 6.5 و7.5 في المائة وتعد هذه الفترة مرحلة حاسمة لتحقيق الصين هدفها المتمثل في الانتهاء من بناء مجتمع مزدهر على نحو معتدل في جميع الجوانب بحلول عام 2020، ما يعنى مضاعفة مستوى دخل الفرد مقارنة بمستوى عام 2010.
وأشار با شو سونغ، نائب رئيس معهد المال لمركز الدراسات الإنمائية التابع لمجلس الدولة الصيني، إلى أن سرعة النمو هي مجرد مؤشر مرجعي، وفي المرحلة الراهنة، تعد نوعية النمو الاقتصادي أكثر أهمية من حجمه، وسيسهم النمو الاقتصادي الأجود بلا شك بشكل أكبر في الاقتصاد العالمي.
وقال ليو فنغ تشاو، الأستاذ بكلية الإدارة والاقتصاد بجامعة العلوم والتكنولوجيا في داليان، إن المساهمات الحقيقية لدولة في نمو الاقتصاد العالمي يتعين ألا تقتصر على إجمالي الناتج المحلي، ويرى أن مساهمات الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي تتمثل أساسا في التكنولوجيا، وستسلك الصين نفس الطريق في المستقبل حيث تعمل على تحويل نمط نموها الاقتصادي عبر تعزيز ودفع التكنولوجيا والنمو المدفوع بالابتكار.
وقال الخبراء إن دفع "الحزام والطريق" وتشجيع العامة على الابتكار وريادة الأعمال هما محركان قويان لا يمكن تجاهلهما لنمو الاقتصاد الصيني في مرحلة التحول الراهنة، ويعد التعاون الدولي في القدرة الإنتاجية اتجاه مهم لتحويل محركات النمو الاقتصادي في الصين. وفي الوقت نفسه، لم يطلق سراح دور الأعمال والابتكار بالكامل في المرحلة الراهنة، لذا تكمن إمكانيات هائلة للنمو.
وفي الوقت الذي صارت فيه كلمة "التحول" كلمة رئيسية في الفترة المقبلة للصين، تنمو الصين باستقرار على نحو عام. ولا شك أن صينا أقوى ستقدم للعالم مساهمات أكبر. وتوقعت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لدول أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي في تقرير صدر في وقت سابق بأن الصين إذا حققت نموا اقتصاديا بنسبة 7 في المائة في عام 2015، فستبلغ مساهماتها في الاقتصاد العالمي 700 مليار دولار أمريكي ما يتجاوز مستوى مساهماتها في عام 2007 الذي نمت فيه بنسبة 14.2 في المائة.
وعلى الرغم من أن الصين مازالت في مرحلتها "الأولى" من النهضة، إلا أنها تسعى إلى مساعدة الآخرين بكل ما في وسعها، خاصة الدول النامية، ومن بينها الدول العربية.
وتولى الصين دائما اهتماما خاصا بالعالم العربي، وتبذل جهودا كبيرة في مساعدة الدول العربية على تحقيق استقرارها وتنميتها عبر المسارين السياسي والاقتصادي.
فعلى الساحة الدولية، تزداد الرغبة في الاستماع إلى آراء الصين مع زيادة قوتها الوطنية، كما يرى الخبراء، إذ تلعب الصين دورا نشطا في قضايا الشرق الأوسط للمساعدة في إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، بالإضافة إلى إرسال قوات لحفظ السلام وطرح مقترحات لحل الأزمات والقيام بدور الوساطة في القضايا الساخنة.
وفضلا عن دورها السياسي، تثق الصين بأن تحسين مستوى معيشة الشعب يساعد في تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلدان العربية. وانطلاقا من هذه الثقة، تقدم الصين مساعدات من ناحيتين: مساعدات عاجلة، أي إعانات مباشرة لتخفيف الأزمات، ومنافع طويلة الأمد تتمثل في التعاون الصيني -العربي.
وأعلنت الصين يوم الجمعة الماضي عن تقديم إعانة جديدة بمبلغ 100 مليون يوان ( 15.8 مليون دولار أمريكي) للمساعدة في تخفيف حدة مشكلة اللاجئين السوريين في الدول المجاورة لسوريا مثل لبنان والأردن. وقد قدمت الصين مساعدات إنسانية بإجمالي 375 مليون يوان منذ اندلاع الاضطرابات في المنطقة.
وتتعاون الصين مع الدول العربية بشكل وثيق في مختلف المجالات منذ وقت طويل. وبالإضافة إلى تنفيذ مشروعات تنموية في البلدان العربية لمساعدتها في دعم التوظيف، على خلفية التنفيذ المشترك لمبادرة "الحزام والطريق"، تعزز الصين في الوقت الراهن تعاونها مع الدول العربية في القدرة الإنتاجية المتميزة.
وقال وزير التكنولوجيا الصيني وانغ قانغ إن الصين أقامت علاقات وثيقة مع عدد من الدول العربية في مجال التعاون التكنولوجي. وقد أجرت معها التعاون التكنولوجي الثنائي أو نقل التكنولوجيا في مجالات مثل طاقة الرياح واستخدام الطاقة الشمسية والطاقة النووية والاستكشاف والتنقيب عن النفط والزراعة الموفرة للمياه والتقنيات البيئية وغيرها ، وأقامت مختبرات مشتركة لدفع إقامة علاقات تعاونية مستقرة وطويلة الأمد بين مؤسسات الجانبين.
وعلى سبيل المثال، تم إنشاء المركز الصيني- العربي لنقل التكنولوجيا في منطقة نينغشيا ذاتية الحكم لقومية هوى في سبتمبر الماضي بهدف دفع نقل الأجهزة والتكنولوجيا الصينية المتقدمة إلى البلدان العربية في مجالات القطارات فائقة السرعة والاتصالات الفضائية والطاقة النووية والطاقة الجديدة والزراعة الحديثة وغيرها.
ويثق الخبراء الصينيون بأنه مع زيادة تعميق تطبيق الإصلاحات في الصين، و"تحول" اقتصادها، ستجد الدول العربية أن صينا أقوى، رغم التحديات والمخاطر التي تواجهها، ستقدم مساهمات أكبر في توطيد الصداقة والثقة المتبادلة والتعاون بين الجانبين، فضلا عن المساعدة في تحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة العربية.