-- حواجز أمام مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة
ومنذ إطلاقها في نوفمبر 2012، أجريت المفاوضات الثلاثية بشأن إتفاقية التجارة الحرة رغم وجود مناخ سياسي غير موات. وقد عقدت حتى الآن ثمان جولات من المحادثات في هذا الصدد، ومن المقرر عقد الجولة التاسعة في ديسمبر من العام الجاري.
بيد أن التقدم بطئ ولم تتحقق بعد نتائج ملموسة حيث لم تتطرق الدول الثلاث إلى مناقشة تعريفات جمركية محددة.
وقال يانغ إن لكل دولة نقاط محددة تحتاج فيها إلى ضمان حماية صارمة، وتريد توسيع حصة السوق من صناعاتها القوية في البلدين الأخريين."ولهذا، صارت المفاوضات معقدة".
وأضاف يانغ أن الزراعة في اليابان، على سبيل المثال، تعد قضية غير مدرجة فقط في مفاوضاتها الخاصة باتفاقية التجارة الحرة مع الصين وكوريا الجنوبية، وإنما مدرجة أيضا في المفاوضات الخاصة باتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ مع الولايات المتحدة.
ويقول خبراء إن قطاعات صناعة صينية مثل الحديد والصلب والهندسة البتروكيماوية وإنتاج السيارات قد تتأثر، فيما تعد الصناعة التحويلية في كوريا الجنوبية وخاصة في أوجه مثل الآلات الكبيرة والفلزات اللاحديدية أضعف مما هي عليه في اليابان وينظر لها على أنها مجال حساس.
ولكن العوامل السياسية تضع عراقيل أكثر من الحسابات الاقتصادية بالنسبة للمفاوضات الخاصة باتفاقية التجارة الحرة الثلاثية ، هكذا أشار الخبير الكوري الجنوبي.
وكانت آلية الاجتماع الثلاثي رفيع المستوى قد علقت في عام 2012 عندما تدهورت العلاقات بين الصين واليابان والعلاقات بين كوريا الجنوبية واليابان جراء نزاعات بشان قضايا تاريخية وإقليمية.
ومن بين أشياء أخرى، فإن الزيارات المستمرة التي يقوم بها وزراء ومشرعون يابانيون إلى ضريح ياسوكوني الذي يكرم 14 مجرم حرب مدان من الدرجة الأولى من فترة الحرب العالمية الثانية أصبحت عقبة كبرى أمام رأب اليابان لعلاقاتها مع أوثق جارتين لها ألا وهما الصين وكوريا الجنوبية باعتبارهما الأشد معاناة من الأعمال الوحشية التي ارتكبتها اليابان في زمن الحرب.
وذكر يانغ أن المناخ السياسي السيء يجعل من الصعوبة بمكان إحراز تقدم في المفاوضات الخاصة باتفاقية التجارة الحرة.
ولكن رغم الحواجز السياسية والاقتصادية، تتوق الدوائر الاقتصادية والتجارية في الدول الثلاث إلى إبرام اتفاقية تجارة حرة لتعزيز التكامل الاقتصادي فيما بينها.
وفي المعرض العاشر بين الصين وشمال شرق آسيا الذي عقد في مقاطعة جيلين الصينية في سبتمبر، ناقش التجار بحماسة مفاوضات التجارة الحرة بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية.
وشاركت شركات يابانية وكورية جنوبية بنشاط في المعرض الأول لصناعات الصين واليابان وكوريا الجنوبية الذي عقد أيضا في سبتمبر حيث ظهرت فيه 332 شركة لتمثل 57.3% في المائة من الإجمالي، حسبما أفادت صحيفة ((جونجانج)) الكورية الجنوبية في موقعها الإلكتروني باللغة الصينية.
ولفت السكرتير العام لأمانة التعاون الثلاثي بين الصين واليابان وكوريا الجنوبية يانغ هو لان إلى أنه بينما يتسع التعاون بين الدول الثلاث تدريجيا ليشمل مجالات أخرى، تتزايد مطالبة مجتمع الأعمال في كل دولة منها بإبرام اتفاقية تجارة حرة لتعظيم التسهيلات والمميزات.
-- اغتنام فرص لا تأتي بسهولة
أبدت العلاقات بين الصين واليابان قوة دفع من التحسن مع توقيع اتفاقية مبدئية من أربع نقاط في نوفمبر 2014 تشمل استئناف الحوارات السياسية والدبلوماسية والأمنية وفي الوقت نفسه الاعتراف بموقفهما المختلفين بشأن جزر دياويو.
وفي عام 2012، أدى تحرك أحادي الجانب من قبل طوكيو لـ "شراء" و"تأميم" جزء من جزر دياويو، وهي جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية مثبت بالوثائق والأدلة في التاريخ، أدى على نحو خطير إلى تدهور العلاقات الصينية - اليابانية.
وباعتباره حدثا هاما على الصعيد الدبلوماسي، عقد في مارس اجتماع ثلاثي لوزراء الخارجية وذلك للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات، أعرب خلاله الدبلوماسيون الكبار الثلاثة عن أملهم في أن يشهد الاجتماع بداية عملية استئناف آلية التعاون الثلاثية .
وذكر وزير الخارجية الصيني وانغ يي "آمل في أن تغتنم اليابان الفرصة وتواجه التاريخ للتخلص من العبء التاريخي والمضى نحو المستقبل مع جيرانها".
كما وعد الوزراء بتسريع محادثاتهما الثلاثية بشأن اتفاقية التجارة الحرة التي ستكتسب دون شك قوة دفع من خلال القمة القادمة المقرر عقدها في سول.
وسيضخ هذا الاجتماع قوة دفع سياسية للجهود النشطة التي تبذل لإقامة منطقة التجارة الحرة، هكذا ذكر الباحث يانغ شي يوي.
وبالإضافة إلى ذلك، ينظر أيضا إلى اتفاقية التجارة الحرة الهامة بين الصين وكوريا الجنوبية التي تم التوصل إليها في يونيو باعتبارها قوة دفع لإتفاقية تجارة حرة ثلاثية .
وبموجب هذه الاتفاقية، ستقوم كوريا الجنوبية بإلغاء التعريفات الجمركية على 92% من جميع الواردات القادمة من الصين في غضون 20 عاما بعد دخولها حيز التنفيذ، فيما تقوم الصين بإلغاء التعريفات الجمركية على 91% من جميع المنتجات الكورية الجنوبية المستوردة.
وتتوقع كوريا الجنوبية أن ترفع اتفاقية التجارة الحرة الثنائية من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لها بواقع 0.95 نقطة مئوية وتخلق 53800 فرصة عمل جديدة في السنوات العشر المقبلة.
وقال جونيتشي سوجاوارا بمعهد ميزوهو البحثي إنه يتعين على اليابان التوصل على وجه السرعة إلى اتفاق تجارة حرة مع الصين وكوريا الجنوبية حيث تضع اتفاقية التجارة الحرة بين الصين وكوريا الجنوبية الشركات اليابانية في مواقف ضعيفة عند تنافسها مع شركات من البلدين.
كما ذكر الخبراء أن اتفاقية التجارة الحرة الثلاثية ينبغي أن تسير بالتوازى مع اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ التي تم التوصل إليها مؤخرا والشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية التي مازال يجرى التفاوض بشأنها، ويتعين على اليابان إيلاء أهمية لكل منها.
وقال جونيتشي أراي بالمركز الياباني للبحوث الاقتصادية إنه "إذا ما فوتت اليابان فرصة إبرام اتفاقية التجارة الحرة اليابانية- الصينية- الكورية الجنوبية والشراكة الاقتصادية الشاملة الإقليمية لأنها تختار اتفاقية التجارة الحرة عبر المحيط الهادئ، فإن الاتفاقية الأخيرة ستصبح بلا معنى".
ويعد تكثيف التعاون الاقتصادي مع الصين أفضل سبيل لكي تنعش اليابان اقتصادها الراكد لأن بعض العوامل الإيجابية التي جلبتها خطة "أبينومكس" استنفدت على ما يبدو، حسبما صرح كيويوكي سيجوتش مدير الأبحاث في معهد كانون البحثي الياباني للدراسات العالمية لوكالة أنباء ((شينخوا)) في أبريل.
وذكرت صحيفة ((الفينانشيال تايمز)) أنه بمجرد البدء في تنفيذها، ستشكل اتفاقية تجارة حرة ثلاثية سوقا يضم أكثر من 1.5 مليار نسمة، الأمر الذي سيرفع إجمالي الناتج المحلي للصين بواقع 2.9% ولليابان بواقع 0.5% ولكوريا الجنوبية بواقع 3.1%.
إن الفرص بين البلدان الثلاثة لا تأتي بسهولة. وعليها التعامل على نحو ملائم مع خلافاتها عبر المفاوضات والعمل من أجل اختتام مبكر لمحادثات اتفاقية التجارة الحرة.