بكين 20 نوفمبر 2015 (شينخوا) من المقرر أن يحضر رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ بدءا من اليوم (الجمعة) الاجتماعات السنوية لقادة شرق آسيا في العاصمة الماليزية كوالالمبور، وتشمل اجتماع القادة الـ18بين الصين ورابطة دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) والاجتماع الـ18لقادة الآسيان والصين واليابان وجمهورية كوريا، وقمة شرق آسيا العاشرة، وذلك بهدف تعميق علاقات الصين مع الآسيان وتعزيز التعاون في شرق آسيا.
ويرى الخبراء الصينيون أن العلاقات بين الصين والآسيان تنتقل الآن من فترتها "الذهبية" إلى "الماسية"في أعقاب التطور الذي شهدته منذ إقامة علاقات الحوار بين الجانبين قبل 25 عاما، لافتين إلى أن مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21 المعروفة اختصارا بـ"الحزام والطريق" والتي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ ستفتح مدخلا جديدا للتنمية المستقبلية لهذه العلاقات الثنائية وتضخ زخما كبيرا فيها.
-- فتح مدخل جديد لتنمية العلاقات
يرى سونغ هونغ، الباحث بالأكاديمية الصينية للاقتصاد والسياسة العالميين، أن مبادرة "الحزام والطريق" ستخلق نمطا جديدا للتعاون بين الصين والآسيان وتتيح فرصة جديدة للتعاون، بما في ذلك تحسين بني تحتية مثل الموانئ والطرق والسكك الحديدية وتعزيز الترابط والتواصل في الإقليم، ما يسهم بدوره في تعميق التكامل الاقتصادي بين الصين والآسيان.
وفي مارس من العام الجاري، أصدرت الصين وثيقة "الرؤية والعمل لدفع بناء الحزام والطريق" التي تتمحور حول دفع بناء الترابط والتواصل في المناطق المشاركة في هذه المبادرة ورفع مستوى البني التحتية فيها. ويجرى حاليا العمل على إقامة شبكة السكك الحديدية العابرة لآسيا التي سترتقي مستقبلا بمستوى الترابط والتواصل بين الصين والآسيان ويأتي خطا السكك الحديدية الجاري إنشائهما حاليا بين الصين ولاوس وبين الصين وتايلاند كجزء مهم منها.
وأوضح هوه جيان قوه، الباحث بمعهد التجارة الدولية والتعاون الاقتصادي التابع لوزارة التجارة الصينية، أنه مع بناء مرافق النقل وتحسين مستوى الترابط والتواصل، ستسجل التكاليف اللوجستية لنقل البضائع انخفاضا كبيرا، الأمر الذي سيعود بالفائدة على التعاون الاقتصادي والتجاري بين الدول الواقعة على طول "الحزام والطريق" وسيخلق أيضا مزيدا من الفرص التجارية والاستثمارية الجديدة.
وأضاف الباحث هوه أن دفع التعاون تحت إطار المبادرة يصب في صالح تعزيز نتائج الاستثمار التجاري القائم حاليا وتوسيع نطاق التعاون التجاري الجديد عن طريق تشجيع الاستثمار، ليفسح ذلك المجال كاملا أمام الاستفادة مما تمتلكه الصين من مزايا في بناء البني التحتية وتصنيع المعدات.
-- دفع إنشاء مجموعة الآسيان
ومع توقع إعلان إنشاء مجموعة الآسيان في نهاية العام الجاري، يأتي تعزيز الترابط والتواصل داخل الإقليم ليشكل حلقة مفصلية مهمة من عملية إنشاء المجموعة. ومن أجل تحقيق هذه الغاية، أصدرت الرابطة "خطة عمل لتعزيز الترابط والتواصل"، غير أنها لا تزال تواجه بعض التحديات المتمثلة في التنمية غير المتوازنة والافتقار إلى رؤوس الأموال وضعف قوة التمويل في مختلف الدول الأعضاء .
وفي هذا الصدد، أشار المحللون الصينيون إلى أن مبادرة "الحزام والطريق" يمكنها الالتحام بصورة فعالة مع الإستراتيجيات التنموية للآسيان والارتقاء بمستوى الترابط والتواصل الإقليميين، ما يدفع باتجاه بناء مجموعة الآسيان.
وقال الخبير هوه جيان قوه إن الآسيان بحاجة إلى مساعدات خارجية نظرا لكون العديد من أعضاء الآسيان من الدول النامية بل ومن الدول النامية الفقيرة ومواجهتها لثغرات ضخمة في البنية التحتية وافتقارها لتنمية اقتصادية متوازنة، وهنا تأتي مبادرة "الحزام والطريق" لتلبي هذا الاحتياج.
وفي عام 2010، اعتمدت الدول الأعضاء بالآسيان "خطة عامة لترابط وتواصل الآسيان"، تهدف إلى دفع هذا الترابط والتواصل على جميع المستويات داخل الإقليم عبر رفع مستوى البنية التحتية ودفع التبادلات الشعبية على نحو يرتقي بمستوى التعاون والتكامل الإقليميين ويعزز القدرة التنافسية للآسيان ويعمل على تجسير فجوة التنمية وتحسين الأحوال المعيشية للشعوب ومجابهة تحديات تغير المناخ وتحقيق التنمية المستدامة.
وعلى مستوى تنفيذ هذه الخطة، تركز الآسيان على تطوير البني التحتية مثل المواصلات والطاقة والاتصالات، والحد من الحواجز السياسية والمؤسسية، وتنسيق اللوائح والمعايير، ورفع مستوى التعليم، وتنمية الموارد البشرية، وحفز الابتكار والتبادل الثقافي، ما يشجع على التدفق الحر للسلع والخدمات والاستثمار والأيدي العاملة.
وبشكل متواز، تركز مبادرة "الحزام والطريق" على نفس المجالات المتمثلة في تحسين البنية التحتية، وتعزيز مستوى تسهيل الاستثمار والتجارة، وتوطيد العلاقات الاقتصادية، وتعزيز الترابط والتواصل. علاوة على ذلك، أنشأت الصين صندوق طريق الحرير وطرحت مبادرة لتأسيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية لتقدم دعم مالي يسهم في تحقيق هذا الترابط والتواصل.
ومن هنا يتضح جليا للآسيان وجود نقاط تماثل عديدة بين خطتها والمبادرة الصينية، وكيف تستطيع المبادرة الاضطلاع بدور بناء في إنشاء مجموعة الآسيان.
-- دفع نسخة مطورة لمنطقة التجارة الحرة
وقد أشار الخبراء إلى أن مبادرة "الحزام والطريق" ستدفع تحقيق نسخة مطورة لمنطقة التجارة الحرة بين الصين والآسيان وتعزيز عمليات التكامل الإقليمي في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
ورغم تصاعد الضغوط وسط تراجع الاقتصاد العالمي، إلا أن التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والآسيان يحافظ على نمو مستقر حيث تشير البيانات إلى أنه في عام 2014، وصل حجم التبادل التجاري بين الجانبين إلى 480.1 مليار دولار أمريكي بزيادة قدرها 8.23% عن العام السابق. ومنذ دخول منطقة التجارة الحرة بينهما حيز التنفيذ رسميا في عام 2010، صارت الصين أكبر شريك تجاري للآسيان فيما أصبحت الآسيان ثالث أكبر شريك تجاري ورابع أكبر سوق تصدير وثاني أكبر مصدر للواردات بالنسبة للصين.
ومع تزايد وتيرة التعاون التجاري والتبادلات الشعبية، يسعى الجانبان إلى بناء منطقة التجارة الحرة المطورة بين الصين والآسيان. وعقدت الصين والآسيان، منذ تدشين المفاوضات في أغسطس 2014، ثلاث جولات من المحادثات بشأن هذا التحديث وأحرزتا تقدما إيجابيا في مجال تجارة السلع وتجارة الخدمات والاستثمار والتعاون الاقتصادي والتقني.
وأشار الباحث سونغ هونغ إلى أن الخروج بنسخة مطورة لمنطقة التجارة الحرة بين الصين والآسيان يعد في الواقع جزءا من تنفيذ مبادرة "الحزام والطريق" في القطاع الجنوبي منها، وسيدفع بعد ذلك عملية التكامل الإقليمي في آسيا والمحيط الهادئ ويسهم في تحقيق تقدم كبير في المفاوضات بشأن الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة.