بكين 4 ديسمبر 2015 (شينخوا) سوف تشهد العلاقات بين الصين وأفريقيا، اللتين لديهما الكثير من القواسم المشتركة وتبديان الدعم المتبادل لبعضهما البعض في العديد من القضايا الدولية والإقليمية، سوف تشهد قريبا مرحلة جديدة من التعاون بينهما.
وتهدف قمة منتدى التعاون الصيني -الأفريقي (فوكاك)، التي تستمر ليومين في جوهانسبرغ ابتداء من اليوم (الجمعة)، إلى الدخول في عهد جديد من التعاون بين القارة الأفريقية الشاسعة والتواقة للتنمية، وصديقها البعيد في شرق آسيا.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ، خلال محادثات مع نظيره الجنوب أفريقي جاكوب زوما يوم الأربعاء الماضي إن الجانبين سيحددان معا مسار التعاون بينهما خلال السنوات الثلاث المقبلة، وذلك بهدف تسريع عملية التصنيع الإفريقية، ومساعدة أفريقيا في تحقيق التنمية المستدامة.
وعلى عكس هيكل الاستثمار الغربي، والذي قد حرم أفريقيا لعقود من الاستقلال الاقتصادي الحقيقي، فإن الصين أحضرت إلى المنتدى خططا لمساعدة القارة في مجال التصنيع والأمن الغذائي والصحة العامة والوقاية من الأمراض.
وقال شي، خلال مأدبة جرت يوم الخميس، للترحيب بعشرات القادة الذين يشاركون في قمة منتدى التعاون الصيني -الأفريقي (فوكاك)، إن أفريقيا تعتبر قارة مألوفة بالنسبة للشعب الصيني، وهو مولع بها على حد سواء.
وشرح الرئيس الصيني مفهوم "الصدق، والنتائج الحقيقية، والتقارب، وحسن النوايا" الذي ورد في كلمة ألقاها في تنزانيا خلال رحلته الأولى إلى أفريقيا في مارس عام 2013 بعد توليه مهام منصبه.
وقد كان هذا المفهوم بمثابة العمود الفقري للمساعدة التي تقدمها الصين للقارة الأفريقية خلال عقود سابقة قبل أن يتم تعريفه بشكل واضح من قبل الرئيس الصيني.
وقد قدمت الصين للدول الأفريقية قروضا بقيمة تبلغ أكثر من 20 مليار دولار منذ عام 2012 لدعم البنية التحتية، والاستثمار، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم، والزراعة، والصناعة.
ولم يتم ربط المساعدة أبدا بأية ظروف سياسية، كما أنها لم تفرض قيودا أو تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأفريقية.
وتم تجاهل المسار الضار للقوى الرئيسية السابقة، وأصبح بإمكان رؤية التغييرات التي تحققت من خلال المساعدة الصينية في جميع أنحاء القارة.
ولا تمتلك نيجيريا، أكبر دولة منتجة للنفط في أفريقيا، والتي قامت شركات غربية مثل (رويال داتش شيل) بالتنقيب فيها لعقود، لا تمتلك نظام إنتاج وتكرير للنفط خاص بها. ويواجه النيجيريون وضعا غريبا يفرض عليهم تصدير النفط الخام واستيراد مشتقاته.
في المقابل، يفتخر السودان، حيث قامت الصين بالمساعدة في بناء أنابيب النفط والمصافي، بامتلاكها نظام صناعي نفطي كامل خاص بها.
وقال لي تشي بياو، أحد كبار الباحثين في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، إن "مساعدات الصين لأفريقيا هي جزء من الدعم المتبادل بين الدول النامية، أو ما أسميناه المساعدة المتبادلة بين بلدان الجنوب، والتي تختلف بشكل جذري عن المساعدات الغربية".
وقال رالف ماثيكغا، رئيس قسم الاقتصاد السياسي في معهد مابونغوبوي للأبحاث الإستراتيجية، وهو مؤسسة بحثية في جنوب أفريقيا، إن "أفريقيا شهدت لفترة طويلة من الزمن شروطا غير مواتية من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتتضمن هذه الشروط رسوما، تم تمريرها من خلال مساعدات غربية، لا تصب في مصلحة أفريقيا".
وأضاف ماثيكغا أن "الصين لديها فائض برأس المال والسيولة، ولديها خبرة في البنية التحتية والتمويل، لتحرير أفريقيا من المؤسسات المالية الغربية".
ومن المتوقع أن تكشف الصين عن "حزمة من مقترحات التعاون" في اجتماع جوهانسبرغ، والتي سوف تساعد الدول الأفريقية على ترقية الهيكل الصناعي وضمان الأمن الغذائي، وبناء البنى التحتية.
وقال شي يوم الخميس، إن كل من الصينيين والشعوب الأفريقية يسعون جاهدين لتحقيق أحلامهم الخاصة بهم، وإن كل من الجانبين، مع إستراتيجياتهم الإنمائية المتوافقة بدرجة عالية، لديهم الحاجة والموارد على حد سواء لتوسيع التعاون من أجل التنمية المشتركة.
وستكون قمة جوهانسبرغ "معلما بارزا" في العلاقات والتعاون التجاري بين الصين وأفريقيا، كما وصفها نائب وزير التجارة الصيني تشيان كه مينغ قبيل انعقاد المنتدى.
وقال تشيان إن الصين سوف تؤسس صناديق تمويل وتمنح دول أفريقية المزيد من القروض المصرفية ذات الفائدة المنخفضة.
ولطالما كانت أفريقيا تحظى بمكانة مميزة في الدبلوماسية الصينية بوصفها "أساس الأساس"، وسوف تظهر القمة قوة التعاون بين الدول النامية.
ولن يعود التعاون المربح للجانبين والمدفوع بشكل جدي من قبل الطرفين بالفائدة على سكانهم البالغ عددهم بشكل مجتمع أكثر من 2.4 مليار فحسب، بل أيضا سيكون بمثابة مثال للتبادلات بين دول الجنوب- الجنوب والعلاقات بين الدول والمناطق المختلفة.