بكين 8 ديسمبر 2015 (شينخوا) لقد أصبح منتدى التعاون الصيني -الإفريقي (فوكاك) الذي عقد في جنوب إفريقيا مؤخرا تحت عنوان "إفريقيا والصين تتقدمان معا: تعاون يقوم على الكسب المتكافئ من أجل التنمية المشتركة", أصبح رمزا لدخول التعاون الثنائي بين الصين وإفريقيا حقبة جديدة تتحول فيها بوصلة التعاون الاقتصادي والتجاري بين الجانبين باتجاه الاستثمار.
يأتي هذا التحول في ضوء حاجة البلدان الإفريقية إلى رؤوس الأموال والمعدات والتكنولوجيا والخبرات المتعلقة بالإدارة وكذا في سياق احتياج الصين إلى إجراء تحديث صناعي وتعديل للهيكل الاقتصادي مع وجود طاقة إنتاجية فائضة لديها, ما يتيح فرصا جديدة لتوسيع نطاق التعاون الصيني - الإفريقي حيث من المتوقع أن يتسع حجم التعاون الاقتصادي - التجاري بين الجانبين ليشمل مجالات التجارة والتصنيع والتعاون المالي وغيرها.
-- معلم في العلاقات الثنائية بين الطرفين
فقد ذكر الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال زيارته إلى جنوب إفريقيا أن بلاده وإفريقيا ارتقتا بالعلاقات الثنائية إلى شراكة تعاونية إستراتيجية شاملة وتتعاونان لولوج مرحلة جديدة من التعاون المربح للطرفين والتنمية المشتركة. ومن أجل تشكيل علاقات جديدة، حث شي، فى خطاب مهم ألقاه خلال مراسم افتتاح القمة الثانية لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي، حث على بذل جهود موحدة لتعزيز "خمس دعائم رئيسية" وأعلن عن عشر خطط كبرى لتعزيز التعاون المربح للطرفين.
وعلى الجانب الآخر، أعرب رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما لوكالة أنباء ((شينخوا)) عن امتنان الشعوب الإفريقية لتفهم الصين للصعوبات والتحديات التي تواجهها إفريقيا، قائلا إن الإجراءات الجديدة التي تصب في إطار التعاون الصيني- الإفريقي وأعلن عنها خلال القمة تعد أكبر الثمار التي نتجت عن هذه القمة التاريخية, مضيفا أن الخطط العشر الكبري التي طرحها الرئيس شي تبرهن مرة أخرى على أن الصين تفهم وتدرك الصعوبات التي تواجهها إفريقيا، إذ أن الصين لم تضع ملامح هذه الخطط إلا بعد إجراء محادثات ومناقشات جدية مع إفريقيا لتتلائم بشكل واقعي مع الأوضاع في القارة.
ويرى لي آن شان مدير مركز بحوث الشؤون الإفريقية بجامعة بكين أن قمة الصين- إفريقيا التي عقدت بمدينة جوهانسبرغ مؤخرا ترمز إلى وجود عزم وتصميم على دفع التعاون الصيني- الإفريقي إلى مرحلة جديدة, قائلا إن الاقتصاد الإفريقي شهد تنمية مستقرة على مدى قرابة 20 عاما فيما سجل معدل نمو نسبته 5% سنويا، أما الصين فتدرك أن التنمية الاقتصادية لن تصبح مستمرة ومستدامة إلا بتغيير نمطها، لذا طرحت "الوضع الطبيعي الجديد" المتمثل في تطوير اقتصاد أخضر منخفض الكربون. ومن هنا بدأت تتضح خارطة جديدة للتعاون الصيني- الإفريقي تماشيا مع دخول اقتصاد الصين لحالة "الوضع الطبيعي الجديد".
وعلى الصعيد السياسي، أوضح شي أنه لابد للجانبين من أن يظلا ملتزمين بالمساواة السياسية والثقة المتبادلة، مؤكدا أن الصين تؤمن بشدة بأن إفريقيا تخص الشعوب الإفريقية وإن الشؤون الإفريقية ينبغي أن تتعامل معها الشعوب الإفريقية بنفسها.
وقال شي إن "الصين وإفريقيا كانتا دائما مجتمعا ذي مصير مشترك لديه نفس التجارب التاريخية ونفس مسار النضال اللذين جعلا الشعب الصيني والشعوب الإفريقية يرسخان صداقة عميقة فيما بينهما".
وفي ظل الظروف الحالية، لفت شي إلى أنه لابد للجانبين من ترجمة نقاط قوة الصداقة التقليدية إلى قوة دفع لتعزيز التضامن والتعاون والتنمية من أجل تحقيق نتائج تعود بالفائدة على الشعوب.
--العمل يدا بيد لإنجاز البناء
وخلال زيارة الرئيس شي إلى جوهانسبرغ ومن أجل ضمان التنفيذ السلس للمبادرات، أعلن شي أن الصين ستقدم دعما تمويليا قدره 60 مليار دولار أمريكي، موضحا أن هذا المبلغ يشمل 5 مليارات دولار في صورة منح وقروض بدون فوائد، و35 مليار دولار من القروض التفضيلية واعتمادات التصدير، و5 مليارات دولار فى صورة رأس مال إضافي مقدم لصندوق التنمية الصيني- الإفريقي، و5 مليارات دولار فى صورة قرض خاص لتنمية الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، وتمويل تعاوني في مجال القدرة الإنتاجية للصين وإفريقيا برأسمال أولى تبلغ قيمته 10 مليارات دولار.
وأكد الرئيس أن البرامج ستركز على مساعدة الدول الإفريقية على إزالة ثلاثة عوائق تنموية ألا وهي تخلف البنية التحتية والافتقار إلى المواهب ونقص التمويل، مع تسريع عملية التصنيع والتحديث الزراعي وتحقيق تنمية مستقلة ومستدامة.
وفيما يتعلق بنقص العمالة الماهرة، قال شي إن الصين ستقيم عددا من مراكز التعليم المهني الإقليمية وعدة كليات في مجال بناء القدرات في إفريقيا وستدرب 200 ألف تقني للدول الإفريقية وستقدم للقارة 40 ألف فرصة تدريب في الصين.
وفي الوقت ذاته، قال إن الصين ستقدم للطلاب الأفارقة ألفي فرصة تعليم على مستوى الدرجات التعليمية أو الدبلومات و30 ألف منحة حكومية، مضيفا أن بلاده ستدعو كل عام 200 باحث إفريقي لزيارة الصين و500 شاب إفريقي للدراسة في الصين وستدرب ألف محترف إعلامي من القارة.
وحول الحد من الفقر، ذكر شي أن الصين ستطلق 200 من المشروعات والبرامج الخاصة التي تركز على المرأة والطفل، وستقوم بإلغاء ديون مستحقة في صورة قروض حكومية ثنائية بدون فوائد اقترضتها الدول الإفريقية المعنية الأقل تقدما ويستحق سدادها في نهاية عام 2015.
ومن أجل مساعدة إفريقيا على تسريع وتيرة التحديث الزراعي، ستنفذ الصين مشروعات تنموية زراعية في 100 قرية إفريقية لرفع مستويات المعيشة بالريف، وسترسل 30 فريقا من الخبراء الزراعيين إلى إفريقيا وستنشئ آلية تعاون "10+10" بين معاهد البحوث الزراعية الصينية والإفريقية ، هكذا قال شي.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تقدم فيها الصين مساعدات إلى القارة الإفريقية لتعزيز البناء والتعاون. وما يدل على ذلك أن بناء السكك الحديدية صار نموذجا للتعاون الصيني -الإفريقي، إذ إنه حتى سبتمبر 2015, تم بناء أو الشروع في بناء سكك حديدية بطول 5675 كلم وطرق سريعة بطول 4507 كلم في إفريقيا بفضل الدعم المالي الصيني.
ويؤكد رئيس جنوب إفريقيا أن القمة تحدد اتجاه تنمية إفريقيا في المستقبل, إذ أن الخطط العشر الكبري تتطرق لجميع الموضوعات الرئيسية المتعلقة بتطوير البر الإفريقي بما في ذلك تشييد البني التحتية والتصنيع والتحديث الزراعي والصحة العامة والأمن والسلام ...إلخ, مضيفا أن إفريقيا ستشهد تنمية كبيرة في المستقبل القريب في ظل العون الضخم المقدم من الصين.