أبوظبى 9 ديسمبر 2015 (شينخوا) قال سفير الصين لدى الإمارات العربية المتحدة تشانغ هوا إن الزيارة المرتقبة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية إلى الصين ستفتح صفحة جديدة في العلاقات الصينية ــ الإماراتية .
جاء ذلك في مقابلة خاصة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا)) قبل الزيارة التي ستجرى في الفترة من 13 إلى 16 ديسمبر الجاري تلبية لدعوة نائب الرئيس الصيني لي يوان تشاو حيث سيبحث ولي عهد أبو ظبي مع القيادة الصينية سبل تعزيز الصداقة والتعاون بين البلدين.
وقال تشانغ إن الصين ترحب بزيارة الشيخ محمد بن زايد وتحرص على أن تحقق الزيارة نتائج مثمرة للتعاون العملي بين البلدين في كافة المجالات.
وأكد السفير الصيني أن الشراكة الإستراتيجية بين الصين والإمارات شهدت تطورا مستمرا في كافة المجالات وبوتيرة سريعة منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قبل 30 عاما. وحقق التعاون الثنائي نتائج مشجعة، وله مستقبل واعد وفضاء واسع للنمو.
وأوضح أن حجم التبادل التجاري الصيني ــ الإماراتي قفز من أقل من 100 مليون دولار أمريكي في بداية إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين إلى نحو 54.8 مليار دولار في عام 2014، مما سجل رقما قياسيا جديدا. وظلت الإمارات على مدى سنوات متتالية ثاني أكبر شريك تجاري للصين وأكبر سوق للصادرات الصينية في غربي آسيا وشمالي أفريقيا. كما تخدم كمحطة هامة لإعادة تصدير وتوزيع المنتجات المصنوعة في الصين.
وحتى نهاية عام 2014، بلغ رصيد الاستثمارات الإماراتية المباشرة في الصين1.15 مليار دولار مع تسجيل زيادة عن هذا الرقم قدرها 6.19 مليون دولار في الأشهر الـ9 الأولى من العام الجاري، فيما بلغ رصيد الاستثمارات الصينية المباشرة في الإمارات 1.66 مليار دولار مع زيادة عن هذا الرقم قدرها قدرها 85.62 مليون دولار في الأشهر الـ9 الأولى من العام الجاري في مختلف المجالات. وهناك أكثر من 4000 شركة صينية من مختلف الأصناف تعمل في الإمارات.
وقال السفير إن التطور في العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين ينسحب أيضا على التبادل الثقافي والإنساني والسياحي الذي شهد أيضا تطورا سريعا.
وتعمل الصين والإمارات بجدية على تدعيم ازدهار الثقافة بين البلدين سواء من خلال توافد الفرق الفنية وفرق كونغ فو والألعاب البهلوانية والأوبرا الصينية إلى الإمارات، أو سفر الفنانين والرسامين الإماراتيين إلى الصين، أو من خلال أنشطة التبادل الطلابي في إطار برنامج "السفراء الشباب".
وبفضل التمويل الإماراتي، تم إنشاء "مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية" في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين. وأقامت الصين معهد كونفوشيوس في كل من جامعة زايد وجامعة دبي. كما تم فتح حصص للغة الصينية في مدرسة حمدان بن زايد بأبوظبي بالتعاون بين حكومتي البلدين، مما يوفر الفرص للمزيد من المواطنين الإماراتيين للتعرف على الثقافة الصينية وتعلم اللغة الصينية.
كما وقعت الصين والإمارات مذكرة تفاهم في مجال السياحة في عام 2007، وتم إدراج الإمارات في قائمة المقاصد السياحية للسياح الصينيين في عام 2009. وتوجد حاليا قرابة 150 رحلة جوية أسبوعيا بين الصين والإمارات، وتجاوز عدد السياح الصينيين 500 ألف زائر في عام 2014.
واشار السفير الصينى لدى الامارات إلى أن التعاون المالي الصيني-الإماراتي يشكل "نقطة ساطعة جديدة لتطور العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين".
وقد فتحت 4 من كبرى البنوك الوطنية الصينية مكاتب وفروعا لها في الإمارات لخدمة شركات البلدين. وفي المقابل، أطلق بنك أبوظبي الوطني وبنك الإمارات دبي الوطني فرعيهما بمدينة شانغهاي الصينية وخدمات التعامل بـ"اليوان" العملة الصينية.
وكان ولي عهد أبوظبي طرح مبادرة بشأن إنشاء صندوق الاستثمار المشترك الإماراتي -الصيني بقيمة 10 مليارات دولار أمريكي خلال زيارته للصين في عام 2012، وحظيت المبادرة باستجابة إيجابية من القيادة الصينية، ويتوقع تشانغ التوقيع على الاتفاقية بشأن هذا الصندوق قريبا.
كما انضمت الإمارات كعضو مؤسس إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية الذي تأسس بناء على مبادرة صينية.
وقال تشانغ إن الصين والإمارات نجحتا في الثلاثين سنة الأخيرة في إيجاد الطريق التنموي الذي يتناسب مع ظروفهما الوطنية. وتبادلتا الدعم والتأييد في الشؤون الدولية، إذ تدعم الصين جهود دولة الإمارات في الحفاظ على السيادة الوطنية وتعتبرها دائما شريكا إستراتيجيا في منطقة الشرق الأوسط والخليج، فيما تقف الإمارات بثبات إلى جانب الشعب الصيني في القضايا المتعلقة بالمصالح الكبرى والجوهرية للصين. ويعمل البلدان سويا من أجل مصالح الدول النامية والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.
وفي ظل تداعيات الأزمة المالية العالمية وتعثر انتعاش الاقتصاد العالمي، حققت الصين والإمارات نموا اقتصاديا بمعدل 7.4 بالمئة و4.6 بالمئة على الترتيب في عام 2014، في دليل على متانة الاقتصاد وحيويته في كلا البلدين، مما أضفى ديناميكية جديدة على الاقتصاد العالمي.
وأضاف تشانغ أنه يعتقد بوجود "تطابق بين حلم الشعب الإماراتي وحلم الشعب الصيني، إذ يطمح كلاهما للتعليم الأفضل جودة والوظائف الأكثر استقرارا والرواتب الأكثر جاذبية والضمان الاجتماعي الأكثر اطمئنانا وخدمات الرعاية الصحية الأرقى والسكن الأكثر راحة والبيئة الأجمل".
وحول مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، قال السفير تشانغ هوا إن الرئيس الصيني شي جين بينغ طرح في خريف 2013 خلال زيارته لقازاقستان وإندونيسيا مبادرة طموحة للتشارك في بناء "الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21"، وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولى عهد ابوظبى أيضا في فبراير الماضي أثناء زيارته لجمهورية كوريا إنه على الجيل الحالي والأجيال المقبلة إحياء طريق الحرير من جديد، ليكون فضاء رحبا لتواصل الثقافات وتلاقي الحضارات وجسرا للتقارب والتعارف والتبادل المعرفي والتجاري ورابطا قويا تتوحد فيه الإرادات لمواجهة التحديات والمخاطر في المنطقة العربية وشرق وجنوب آسيا والعالم.
وأكد السفير الصيني أن "هذا خير دليل على الرؤية الثاقبة المشتركة للقيادتين في الصين والإمارات والتطابق التام بين إستراتيجيات ومفاهيم التنمية للبلدين".
وتابع قائلا إن إحياء طريق الحرير البحري والحزام الاقتصادي لطريق الحرير بأفكار مبتكرة ودفع النمو الاقتصادي والتقدم الحضاري في المنطقة أمر يكتسب أهمية إستراتيجية خاصة بالنسبة للصين والإمارات اللتين تمران بمرحلة التنمية والصعود.
وأضاف أن "الأهداف الخمسة التي تحددها مبادرة التشارك في بناء "الحزام والطريق" والتي تشمل تناسق السياسات وتواصل الأعمال وترابط البنى التحتية وتداول الأموال وتفاهم الشعوب "تمثل أولوياتنا في الدفع بالتعاون بين الصين والإمارات في كافة المجالات، لذا فلها بالغ الأثر على عملية مواصلة تعميق علاقات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين".
وأوضح تشانغ هوا أن التشارك الصيني ــ الإماراتي في بناء "الحزام والطريق" يتطلب توحيد الحكمة والقوة لدى كلا الحكومتين وكافة الأوساط الاجتماعية في البلدين ويحتاج إلى المشاركة الفعالة والجهود المضنية من قبل أبناء الشعبين، الأمر الذي لا يخدم فقط مصالح الشعبين في البلدين، بل يساعد في تحقيق الازدهار المشترك في العالم.
وفي الختام، أعرب السفير الصيني لدى الإمارات تشانغ هوا عن "قناعته التامة بأنه تحت رعاية ودعم القيادتين للبلدين والجهود المشتركة من قبل الأوساط الاجتماعية في البلدين وفي إطار التعاون الإستراتيجي للتشارك في "بناء الحزام والطريق"، ستستشرف علاقات الشراكة الإستراتيجية بين الصين والإمارات مستقبلا أكثر إشراقا وسيحقق الشعب الصيني والشعب الإماراتي أحلامهما العظيمة في الازدهار والرخاء.