الرباط 21 ديسمبر 2015 (شينخوا) واصل الاقتصاد المغربي تعافيه للسنة الثانية على التوالي محققا مع نهاية العام 2015 نسبة نمو قدرت ب 4.7 بالمائة، رغم عدد من التحديات والمخاطر، أبرزها انخفاض النمو في منطقة اليورو وعدم استقرار أسعار النفط في السوق العالمية، وهاجس التهديدات الإرهابية.
وساهم التدبير الماكرو اقتصادي الذي انتهجه الحكومة في تقليص نسبة عجز الموازنة من 5 بالمائة سنة 2014 إلى 4.3 العام الجاري، بفضل انخفاض الأجور والانفاق على الدعم.
كما استفاد اقتصاد المملكة من جودة الموسم الزراعي بفضل انتظام التساقطات وتحقيق محاصيل زراعية قياسية الموسم الماضي.
ومع استمرار تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل قوي، فإن الاحتياطيات الدولية تكفي فاتورة الواردات المغربية نحو 6.5 أشهر وفق تقديرات مكتب الصرف التابع لوزارة المالية.
غير أن نمو القطاع غير الزراعي بما في ذلك القطاعات ذات الصلة بالسياحة، التي تتأثر بالمخاطر الجيوسياسية، وبعض الصناعات التحويلية التقليدية مثل قطاع المنسوجات ظل بطيئا.
وتأثر القطاع السياحي، أحد أهم القطاعات التي تعتمد عليها المملكة في جلب العملة الصعبة، بخطر التهديدات الارهابية التي تخيم على المنطقة والعالم أجمع.
فمنذ مطلع العام الجاري، فككت المصالح الأمنية المغربية ما لا يقل عن 20 خلية ارهابية كانت بصدد تنفيذ اعتداءات معظمها كان يستهدف مصالح أجنبية، علما انه منذ العام 2002، أعلنت وزارة الداخلية عن تفكيك حوالي 140 خلية إرهابية.
وبحسب أرقام رسمية تجاوز عدد المغاربة الذين التحقوا بتنظيم داعش في كل من العراق وسوريا وليبيا 1300 شخص، عاد عدد منهم للممكلة بعد ان تلقوا تدريبات على استخدام الاسلحة وصناعة المتفجرات.
ووصف محمد بنحمو، رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، التهديدات الارهابية بالمملكة بأنها "جدية"، داعيا إلى مزيد من اليقظة والحذر لمواجهتها.
وقال بنحمو لوكالة أنباء (شينخوا) إن استهداف المغرب بالإرهاب تم الإعلان عنه من طرف بعض التنظيمات الإرهابية، في مرات عديدة وبشكل صريح، وبالتالي فمواجهة هذه التهديدات بالنسبة للسلطات الأمنية المغربية هو تحدي كبير.
وكان وزير السياحة لحسن حداد قد كشف من جهته ان التهديدات الأمنية التي تعاني منها المنطقة أثرت بشكل نسبي على تدفقات السياح إلى المغرب.
وأضاف حداد أن الإحصاءات الرسمية أظهرت توقفا نسبيا في عدد كبير من الحجوزات السياحية الخاصة بموسم الخريف، في بلد يراهن بشكل كبير على قطاع السياحة، من أجل ضمان تدفق منتظم للعملة الصعبة.
وتسعى الحكومة للترويج للوجهة المغربية واستقطاب مزيد من السياح الاجانب خصوصا من بلدان جنوب وشرق آسيا والانفتاح على الأسواق العالمية المصدرة للسياح، عوض الاكتفاء بالوجهات التقليدية ممثلة في فرنسا واسبانيا وبلدان اوروبية أخرى.
وانعشت الاستثمارات الخليجية القطاع السياحي بالمغرب والتي تجاوزت 1.5 مليار يورو ما بين 2011 و 2014، ما مكن من اطلاق مشاريع سياحية ضخمة.
ويساهم القطاع السياحي بحوالي 12 بالمائة في الناتج المحلي الإجمالي، وسجلت عائداته تراجعا ملحوظا في السنوات الأخيرة حيث بلغت إيراداته من العملة الصعبة في 2014 نحو 6.1 مليار دولار، مقابل 6.5 مليار دولار فى العام 2013 وما يناهز 6.3 مليار سنة 2012.
ورغم النتائج الجيدة التي حققها الاقتصاد المغربي من الناحية الماكرو اقتصادية، إلا أنها بالمقابل لم تحقق النتائج الاجتماعية المرجوة حيث ما يزال معدل البطالة مرتفعا نسبيا وبلغ 10.1 بالمائة في الربع الثالث 2015، ووصل إلى 21.4 بالمائة في صفوف الشباب.
ولم يفض التفاؤل الذي تعبر عنه الحكومة إلى القضاء على القلق الذي يعبر عنه كثير من المراقبين بشأن المستوى الذي بلغته الديون العامة، التي تضاعفت تقريبا في غضون سبع سنوات، حيث حذر الخبير بالمركز المغربي للظرفية محمد العبادي من أن الإفراط في المديونية يمكن أن يحول دون التحكم بها في المستقبل.
وقال العبادي، في تصريح ل(شينخوا)، إن تراكم المديونية قد تنجم عنه انفلاتات خطيرة ودعا لرصد النفقات العامة نحو تشجيع الأنشطة الإنتاجية وتعزيز الإيرادات.
وذكر أن معدل مديونية الخزينة العامة للدولة انتقل من 61.5 بالمائة إلى 63.4 بالمائة بين 2013 و 2014، بينما كان هذا المعدل لا يتعدى 45 بالمائة قبل ثمانية أعوام، وهو وضع يفرض برأيه على الحكومة أن تكون أكثر حرصا من أجل تجنب صعوبات يمكن أن تكلف البلد كثيرا.
وكان المجلس الأعلى للحسابات، وهو هيئة رقابية، قد حث الحكومة التي يترأسها عبد الإله بنكيران، على ضرورة الحذر من ارتفاع الدين العام.
وواصل الدين العمومي بشقيه الخارجي والداخلي الارتفاع في العقد الأخير، حيث انتقل من حوالي 39 مليار دولار في 2007 إلى أكثر من 72 مليار دولار في العام الماضي، حيث سجل زيادة سنوية تصل إلى 9.3 بالمائة.
وأوصى المجلس بالعمل على الحد من نفقات الأجور والإعانات، مع ضمان حماية الفئات الأكثر ضعفا في المجتمع، وتحسين النفقات العامة.
ودافع عبد الاله ابن كيران على تجربته الحكومية بالتأكيد على انه يسعى، تماشيا مع تحقيق التوازنات الاقتصادية الكبرى لتوفير الرعاية الصحية ومواصلة الحد من الفقر والتقليص من التفاوتات الإقليمية وتحقيق نمو مستدام وأكثر شمولا في المغرب.
وكشف في تقديمه لموازنة 2016 امام البرلمان أن توطيد أسس نمو اقتصادي مدمج يقلص الفوارق الاجتماعية والمجالية ويوفر فرص الشغل يجب أن يكون في صلب أولويات مشروع قانون المالية للسنة المقبلة.
ومن هذا المنطلق ستسعى الحكومة في عامها لتكثيف الجهود لمكافحة الفقر والهشاشة وسد الخصاص المسجل في المناطق البعيدة والمعزولة وخاصة بالجبال والمناطق الصحراوية والجافة والواحات، خصوصا في مجال البنيات التحتية والخدمات الاجتماعية الأساسية بالخصوص في مجال الصحة والتعليم والكهرباء والطرق.