غزة 24 ديسمبر 2015 (شينخوا) يتحسر المزارع إبراهيم صيام من قطاع غزة على اضطراره لاستبدال زراعة الزهور في أرضه وما يجنيه منها من أرباح عالية بأنواع الخضار زهيدة الثمن.
وتقلص ما كان يزرعه صيام من أنواع مختلفة من الزهور من 13 دونما على مدار عشرة أعوام إلى دونم واحد فقط للعام الثاني على التوالي بعد توقف تصدير الزهور كليا من قطاع غزة إلى أوروبا.
ويقول صيام ، وهو في الأربعينات من عمره ومن سكان أطراف خان يونس في جنوب قطاع غزة ، لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن هذا الوضع كبده خسائر مالية كبيرة.
وصيام هو واحد من عشرات المزارعين أجبروا على التقليص الشديد في زراعة الزهور التي كان قطاع غزة يشتهر بها على مدار سنوات مضت.
ويوضح صيام بنبرات يائسة، أنه كان يجني أرباحا تتراوح بين أربعة إلى خمسة آلاف دولار أمريكي عن كل دونم يزرعه بالزهور بينما لا يحصل إلا على أقل من 20 في المائة من هذه الأرباح حاليا من زراعة الخضار.
ويشير إلى أن ما وصل إليه حالهم سببه بالدرجة الأساسية ما تفرضه إسرائيل من قيود على تصدير البضائع من قطاع غزة للخارج ضمن الحصار المفروض عليه منذ منتصف عام 2007.
وما يزرعه صيام حاليا من كميات شحيحة من الزهور هي للاستهلاك المحلي فقط ولا تعود عليه بأرباح عالية كما كان يحصل سابقا ، بهدف الحفاظ على ارتباطه الجميل بهذا النوع من الزراعة كما يقول.
ويضيف أن ما تبقى له وأمثاله من المزارعين هو الحسرة على سنوات كانت زهورهم سفيرهم إلى دول أوروبا ومصدر أرباح عالية لا يمكن لهم تعويضها حاليا.
وحظيت الزهور منذ غرسها حتى تفوح بعطرها بعناية شديدة من مزارعي غزة ما جعلها تحتل في فترات زمنية سابقة المرتبة الخامسة عالميا في تصدير زهرتي القرنفل والجوري ذائعتي الصيت.
وكانت هولندا ترعى مشروعا داعما لزراعة الزهور في قطاع غزة مقابل احتكار تسويقها في دول أوروبا خلال الفترة من عام 2005 وحتى 2012 ما شكل سببا لانتعاشتها في القطاع الساحلي.
وبلغت قيمة الدعم الهولندي ثلاثة ملايين دولار سنويا بحسب المسؤول في جمعية زراعة الزهور والتوت الأرضي في قطاع غزة غسان قاسم.
ويقول قاسم لـ ((شينخوا))، إن توقف الدعم الهولندي وما تفرضه إسرائيل من قيود على التصدير من قطاع غزة للخارج شكلا ضربة قوية لزراعة الزهور في القطاع وتسببا في تقليصها بشكل حاد.
ويضيف قاسم سببا ثالثا لتقليص زراعة الزهور يتعلق بالزيادة القياسية للمياه المالحة في الخزان الجوفي في قطاع غزة وشبه انعدام المياه العذبة التي تحتاجها زراعة الزهور.
ويشير إلى أن الهجوم الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة صيف العام الماضي وما سببه من تخريب واسع للأراضي الزراعية ومنع دخول أشتال الزهور خلاله إلى القطاع شكل بداية انهيار زراعة الزهور لدى المزارعين.
وبلغت زراعة الزهور في قطاع غزة ذروتها خلال الفترة من عام 2003 إلى 2006 وكان في حينه يتم تصدير ما يزيد على 40 مليون زهرة إلى الدول الأوروبية خاصة (الجوري) و(الخرسيوت) و(لواندا).
وفرضت إسرائيل حصارا مشددا على قطاع غزة منتصف عام 2007 أثر سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على الأوضاع فيه بالقوة بعد جولات اقتتال مع القوات الموالية للسلطة الفلسطينية.
وأدت سنوات الحصار إلى ارتفاع قياسي في معدلات البطالة والفقر اللذين تقدر الأمم المتحدة معدلاتهما بنحو 40 و50 في المائة من السكان على التوالي بما فيه العاملون في المجال الزراعي.
وبموجب الحصار المشدد منعت إسرائيل تصدير أي بضائع من قطاع غزوة للخارج بما فيه المنتجات الزراعية قبل أن تسمح باستئناف تصدير الزهور بعد ذلك بعامين استجابة لضغوط أوروبية.
وسمح ذلك بتصدير 15 إلى 10 مليون زهرة سنويا حتى العام 2013 قبل أن يبدأ منحنى زراعة الزهور بالانحسار.
ويقدر مدير عام التسويق والمعابر في وزارة الزراعة في غزة تحسين السقا ل((شينخوا)) ، بأن 4 إلى 5 دونمات فقط يتم زراعتها بالزهور في القطاع حاليا وتخصص للاستهلاك المحلي.
ويشير السقا إلى أنه لا يمكن لمزارعي قطاع غزة زراعة الزهور من دون دعم خارجي لأن تكلفتها عالية جدا وتصل للدونم الواحد بنحو 10 آلاف دولار أمريكي إلى جانب تكلفة التصدير العالية.
وبحسب السقا ، فإن التكلفة العالية لزراعة الزهور يضاف إليها مصاعب ندرة المياه العذبة وقيود إسرائيل على التصدير للخارج وهو ما يهدد باختفاء كلي لهذا النوع من الزراعة خلال الأعوام القليلة القادمة.