بعقوبة ، العراق 13 يناير 2016 (شينخوا) خيم حزن عميق على قاعة مناسبات دينية وسط المقدادية بمحافظة ديالى شرقي العراق، أقيم بها مجلس عزاء سني شيعي موحد لاثنين من ضحايا التفجيرات الدامية التي ضربت مقهى شعبيا قبل يومين.
الخطوة اعتبرها أهالى المقدادية ومسؤولون دعوة لنبذ الطائفية بين مختلف مكونات البلد الواحد خاصة بعد حالة التوتر والانفلات الأمني الذي شهدته المدينة عقب التفجيرات والتي تطورت الى استهداف للمساجد.
واستهدف مقهى شعبي في الحي العصري وسط المقدادية مساء الاثنين بانفجارين متعاقبين الأول بعبوة ناسفة داخله والثاني بسيارة مفخخة أمامه، ما ادى الى مقتل 27 شخصا واصابة 55 آخرين بجروح.
وعقب الهجوم بساعات ، قام مسلحون مجهولون بتفجير وحرق عدة مساجد سنية ومحال تجارية وأبنية تعود للسنة ما أدى الى حصول توتر كبير في المدينة.
وتأكيدا على رفضهم للطائفية ، أقام أهالي المدينة الواقعة على مسافة مائة كم شرق العاصمة بغداد ، مجلس عزاء موحدا بقاعة المقدادية لشابين في العشرينات من عمرهما قتلا في الهجوم أحدهما من السنة والثاني من الشيعة.
وقال عبدالله صادق التميمي (شيعي) ، وهو أحد أقارب الضحايا ، "ابن عمي شاب يبلغ من العمر 21 عاما (شيعي) قتل بتفجير المقهى كما قتل ابن شقيقتي (23 عاما) وهو سني في التفجير نفسه".
وأضاف التميمي لوكالة أنباء ((شينخوا)) "أقمنا لهما مجلس عزاء موحدا مشتركا في قاعة المقدادية للمناسبات الدينية، وسط المدينة، لاننا ببساطة نكره الطائفية المقيتة، وهذا ردنا عليها باننا في حزن وألم واحد".
وتابع التميمي ان "المقدادية خلقت متنوعة باطيافها، وهذا سر جمالها منذ قرون طويلة" ، معربا عن ثقته في ان "دعاة الفتن لن ينجحوا في مآربهم مهما فعلوا لان صوت العقلاء موجود وسيبقى الاقوى".
الحزن والألم نفسه لف قاعة عباس البياتي للمناسبات الدينية التي ضمت هي الأخرى مجلس عزاء موحدا لأربعة من ضحايا تفجيرات المقهى، اثنان من الطائفة السنية، ومثلهما من الشيعة.
وقرب القاعة ، وقف احمد العزاوي (سني) يذرف الدموع على ضحايا وبينهم أحد أقاربه.
وقال العزاوي (سني) لـ ( شينخوا) " القاعة تضم مجلس عزاء موحدا لاربعة من ضحايا المقهى، اثنين من الطائفة السنية، واثنين من الطائفة الشيعية، جميعهم شباب لا تتجاوز اعمارهم الـ 25 عاما عاشوا اصدقاء وماتوا في لحظة واحدة بتفجير ارهابي لم يستثن طائفة دون غيرها".
واضاف العزاوي "ضحايا تفجير المقهى كانوا من السنة والشيعة مناصفة، وكأنها رسالة من السماء تدفعنا الى التفكير جديا بالعدو الذي يحاول اثارة الفتن فيما بيننا"، مؤكدا أن اغلب اصدقائه من الطائفة الشيعية.
وتعد المقدادية ثاني أكبر مدن محافظة ديالى وهي تضم خليطا من السنة والشيعة ويبلغ تعداد سكانها اكثر من 200 الف نسمة.
وسيطر تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) على مساحات واسعة من ديالى منتصف شهر يونيو من العام 2014 بعد سيطرته على الموصل ثاني أكبر مدن البلاد.
الا ان القوات العراقية مدعومة بالحشد الشعبي (متطوعين شيعة) تمكنت من استعادة جميع الأراضي التي سيطر عليها داعش مطلع العام الماضي بعد معارك عنيفة.
وفي منطقة السوق وسط المقدادية ، اقيم مجلس عزاء مماثل.
وقال زيد العزاوي قائمقام المقدادية (اعلى مسؤول اداري) ان" ابن شقيقه (سني) قتل بتفجير المقهى مثلما قتل العشرات من اقارنه، واليوم نقيم مجلس عزاء موحدا مع ابن عم مدير البلدية (شيعي) في منطقة السوق وسط المقدادية، دون النظر الى هوية الضحايا المذهبية لاننا ببساطة ابناء مدينة واحدة".
وروى العزاوي كيف سارع السنة والشيعة الى نقل الضحايا والتبرع بالدماء.
وأكد العزاوي أن "النسيج المجتمعي في المقدادية قوي جدا بسبب حلقات التصاهر التي تزيد من تماسك البنية المجتمعية وتسهم في احباط محاولات اثارة الفتن الطائفية".
فيما اعتبر عدنان التميمي رئيس مجلس المقدادية ان مجالس العزاء الموحدة لضحايا التفجيرات من السنة والشيعة هي "رد ورسالة مهمة تؤكد موقف النخب المجتمعية في رفض الطائفية والفتن والنعرات والدعوة لحماية اللحمة بين ابناء المدينة ضد عدوهم".
واضاف التميمي ان" ضحايا تفجير المقهى كانوا من الشيعة والسنة لذا فان هذا دليل لا يقبل الشك بأن عدونا واحد، وهذا ما يجب الانتباه اليه والحذر منه".
بدورها أشارت غيداء كمبش عضو مجلس النواب العراقي عن محافظة ديالى الى ان سبعة من دور العبادة دمرت او احرقت عقب تفجير المقهى الشعبي الذي خلف قتلى وجرحى من السنة والشيعة "ما يعطي دليلا قويا على أن المستهدف هم العراقيين بالاساس".
واضافت كمبش ان "هناك اطرافا حاولت اثارة الفتنة الطائفية من خلال استهداف دور العبادة وممتلكات الاهالي ، وممارسات عدوانية لكن وعي الاهالي والعقلاء احبطها".
ودعت كمبش الى اتخاذ المزيد من الحزم لتحصين المنظومة المجتمعية وعدم السماح بتكرار ما حصل.
وحذرت من ان "الفتنة الطائفية اذا اندلعت ستحرق كل شيء، وهذا ما يدفعنا الى المزيد من الاجراءات لمواجهة من يحاولون العبث بالامن والاستقرار الداخلي ومواجهة خطر العسكرة في المدن والحد من انتشار السلاح وتعزيز الانتشار الامني في مناطق التوتر لسد الطريق على من يحاول خلق الفتن والنعرات الطائفية".
بدوره ، قال صادق الحسيني رئيس اللجنة الامنية في مجلس محافظة ديالى ان امين عام منظمة بدر (احدى فصائل الحشد الشعبي) النائب هادي العامري تبنى ملف اعمار جميع مساجد المقدادية التي دمرت في الاحداث الاخيرة.
واوضح الحسيني ان مجلس ديالى عقد اجتماعا طارئا مع القيادات الامنية ووضع "الحلول المناسبة" للازمة الامنية في المقدادية متوقعا أن تكون لهذه الحلول فعالية على الارض في الساعات المقبلة ، دون ان يذكر المزيد من التفاصيل.
ووصل رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري، الذي ينتمي الى المقدادية ، اليوم برفقة وزير الدفاع خالد العبدي واعضاء من لجنة الامن والدفاع النيابية الى بعقوبة، مركز محافظة ديالى.
وعقد الجبوري اجتماعا مغلقا مع القيادات الامنية والحكومية لبحث تطورات المشهد الامني في المقدادية وسبل منع تفاقم الاوضاع والحفاظ على الاستقرار الداخلي، وفقا لفقا لما ذكره خضر العبيدي امين مجلس محافظة ديالى.





