بقلم نجوى كان
بكين 15 يناير 2016(شينخوا) أصدرت الحكومة الصينية يوم الأربعاء وثيقة رسمية، هي الأولى من نوعها التي تصدر حول سياسة الصين تجاه الدول العربية، استعرضت خلالها الروابط التاريخية التي تجمع الصين بالدول العربية وآفاق التعاون المشترك بينهما.
ويصادف عام 2016 الذكرى الـ60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين وبعض الدول العربية وسيقوم الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال الشهر الجاري بأول زيارة له إلى مصر منذ توليه منصبه. وفي هذا الصدد، يشير الخبراء الصينيون إلى أن اختيار الصين هذا الوقت بالتحديد لإصدار الوثيقة يحمل معنى عميقا.
وبدوره، قال وو سي كه المبعوث الخاص الصيني السابق إلى الشرق الأوسط إن العلاقات بين الصين والدول العربية تتطور بسلاسة وسط التغيرات الإقليمية والعالمية، ويحافظ الجانبان على دعم وتنسيق وثيقين في الشؤون الدولية. ورغم وجود أساس مطرد للتعاون الثنائي، إلا أن الجانبين ينقصهما منذ فترة طويلة وثيقة توجيهية مكتوبة تحدد تفاصيل هذا التعاون. ويأتي إصدار وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية تلبية لحاجات الجانبين ويوضح اتجاه التنمية والتعاون بينهما.
وشاطره الرأى وو بينغ بينغ، رئيس مؤسسة بحوث الحضارة الإسلامية بجامعة بكين، مضيفا أن الصين بإصدارها الوثيقة الآن تهدف إلى تلخيص تجربة التعاون الناجحة بينها وبين الدول العربية في الماضي واستشراف آفاق التعاون الثنائي المستقبلية. كما تتفق الوثيقة مع سياسات الصين الخارجية وإستراتيجياتها الحالية ومن بينها مبادرة"الحزام والطريق".
وأشار وو بينغ بينغ إلى أنه بعد مرور الدول العربية ببضع سنوات من الاضطرابات، صارت الأوضاع الإقليمية معقدة ومازالت بعض الدول العربية تمر بمرحلة الانتقال السياسي، فيما لا يزال البعض الآخر يواجه تقلبات ويسعى إلى التغير. ورغم ذلك، تولى الدول العربية دوما اهتماما كبيرا بصداقتها مع الصين، وفي الواقع يعد إصدار الصين للوثيقة بمثابة خطوة دبلوماسية هامة ويأتي استجابة لتغيرات الأوضاع في الدول العربية واهتمامها بالعلاقات مع الصين.
وقال وو بينغ بينغ إنه قبل إصدار الوثيقة، كانت الصين تتبع "المبادئ العامة للتعامل مع قضايا خاصة" لمعالجة العلاقات بينها وبين الدول العربية. والآن في إطار وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية، تمتلك الصين خطة شاملة للتعامل مع الدول العربية، الأمر الذي يبدد أي غموض في سياسات الصين الماضية تجاه الدول العربية ويجعل سياسات الصين هذه الآن واضحة بكل جلاء.
وتناولت وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية أوجه التعاون بين الجانبين والتي تغطي المجالات الاقتصادية والتجارية والسياسية والاجتماعية والثقافية والأمنية.
ولفت وو سي كه إلى أن التعاون البراغماتي بين الصين والدول العربية في الوقت الراهن يغطي شتي المجالات ويصعد إلى مستوى أعلى ويزداد عمقا واتساعا ولاسيما تعاونهما في المجالين التقليديين ألا وهما الاقتصاد والتجارة. كما لاقت مبادرة "الحزام والطريق" أصداء إيجابية من الدول العربية بعدما اقترحها الرئيس شي جين بينغ في عام 2013.
وأضاف وو سي كه أن الوثيقة تلقي الضوء على التعاون الأمني المتمثل في الأمن الإقليمي والتعاون العسكري والتعاون في مكافحة الإرهاب والتعاون في مجالات الشؤون القنصلية والهجرة والقضاء والشرطة والأمن غير التقليدي، مؤكدا أن التعاون في مجال الأمن يعد قوة دفع مهمة لمعالجة الشؤون الإقليمية الساخنة، حيث سيعمل على تهيئة مناخ إقليمي جيد لإجتثاث الإرهاب من جذوره.
وأوضح وو سي كه أنه في ظل الظروف الدولية الحالية، تنال مبادرات الصين ثقة الدول العربية، الأمر الذي سيساعد الصين على لعب دور فريد في معالجة شؤون الدول العربية. وعلى الصين أن تعمل انطلاقا من رؤية إستراتيجية على تطوير علاقاتها مع الدول العربية ودفع تعاونها معها في مختلف المجالات وعلى جميع المستويات، لافتا إلى أن الوثيقة تعكس مدى قدرة الجانبين وعزمهما المشترك على تعزيز التعاون المربح لهما.
كما قال وو بينغ بينغ إن التعاون الثنائي بين الصين والدول العربية يدخل مرحلة التعاون الشامل. فالتنمية الاقتصادية تشكل الأساس الذي تقوم عليه جميع أوجه التعاون الثنائي، كما إنها من المهام الأشد مشقة وباتت الحاجة إليها أكثر إلحاحا بالنسبة للدول العربية. وإن تحقيق تعاون اقتصادي وتجاري جيد من شأنه أن يضخ حيوية لتطوير وتعميق التعاون الثنائي في مجالي السياسة والثقافة وغيرهما.
وفي هذا الصدد، أشار وو بينغ بينغ إلى أن الوثيقة تؤكد مجددا أهمية معادلة تعاون "1+2+3 التي تم اقتراحها في الدورة السادسة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في عام 2014، والتي تتخذ من مجال الطاقة محورا رئيسيا، ومن مجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمار جناحين، ومن المجالات الثلاثة ذات التقنية المتقدمة والحديثة وهي الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقات الجديدة نقاط اختراق. وتبرز الوثيقة تفاصيل التعاون تحت إطار معادلة "1+2+3"، الأمر الذي يوضح الإمكانات الرحبة للتعاون الثنائي على المدى القصير ويرسم أيضا ملامح وآفاق التعاون المستقبلي على المدى الطويل.
واختتم وو بينغ بينغ حديثه قائلا إن وثيقة سياسة الصين تجاه الدول العربية تظهر مسؤولية الصين وعزمها على مساعدة الدول العربية في معالجة مشكلاتها عن طريق دفع التنمية حتى يتحقق الاستقرار والازدهار، كما تعرض "خطة الصين" وتبرز "صوت الصين" أمام الدول العربية والعالم أجمع.