|
|||||
21:00:00 21-01-2016 | Arabic. News. Cn |
|
الرئيس الصيني شي جين بينغ يلقي كلمة بمقر جامعة الدول العربية في القاهرة (شينخوا/ بانغ شينغ لي)
القاهرة 21 يناير 2016 (شينخوا) ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الخميس في مقر جامعة الدول العربية كلمة بعنوان "التشارك في خلق مستقبل أفضل للعلاقات الصينية العربية". وفيما يلي النص الكامل لكلمة الرئيس شي:
الأمين العام نبيل العربي المحترم،
رئيس الوزراء شريف إسماعيل المحترم،
أصحاب المعالي الوزراء المحترمين،
أصحاب السعادة سفراء الدول العربية،
السيدات والسادة والأصدقاء:
يسعدني كثيرا أن ألتقي مع الأصدقاء العرب. تعد هذه الزيارة الأولى من نوعها بعد توليت رئاسة جمهورية الصين الشعبية إلى العالم العربي. وفي البداية، يطيب لي باسم الصين حكومة وشعبا وبالأصالة عن نفسي أن أتقدم بفائق الاحترام وأطيب التمنيات إلى جميع البلدان العربية والشعوب العربية.
قول صيني مأثور: إن الصديق العزيز هو الذي يتطلع إليه قبل الزيارة، ويشتاق إليه بعد الزيارة. وعلى الأراضي العربية، أحس أنا وزملائي نوعا من التقارب والمحبة، وهو جاء متراكما بعد تبادلات تجاوزت حواجز المكان والزمان، بين الأمتين الصينية والعربية، خلال المعاملات الأمينة والمصاحبة المخلصة على طريق الحرير القديم، والمشاركة في السراء والضراء في النضال من أجل الاستقلال الوطني، والتضامن والتساند في مسيرة بناء الوطن، وهو ثقة ثابتة لا تنكسر ولا تُكسب بالمال.
السيدات والسادة والأصدقاء،
إن الشرق الأوسط أرض خصبة، لكنها لم تتخلص من ويلات الحرب والصراع حتى اليوم، هذا يؤلمنا بل ويجعلنا أن نتساءل: إلى أين تتجه هذه المنطقة؟ هذا هو "السؤال عن الشرق الأوسط" الذي يفرض نفسه أمام العالم بين الحين والآخر، وينتظر جوابه في ظل تطلعات شعوب المنطقة إلى تقليل الصراعات والمعاناة وتعزيز الأمان والكرامة.
قال شاعر عربي: "عندما تواجه الشمس، سترى الأمل بالتأكيد." فالأمل موجود في الشرق الأوسط، فقط يتطلب الجهود من مختلف الأطراف لبحثه وتجسيده في طريق الحوار والتنمية.
ــ المفتاح لتسوية الخلافات يكمن في تعزيز الحوار. لا تُحل المشاكل بلغة القوة، ولا يدوم الأمن بعقلية المحصلة الصفرية. رغم أن طريق الحوار قد يكون طويلا وحتى يشوبه التراجع، غير أن تداعياته أقل ونتيجته أكثر ديمومة. يجب على مختلف الأطراف المتنازعة إطلاق الحوار لإيجاد القاسم المشترك الأكبر وتركيز الجهود على دفع الحل السياسي. ويجب على المجتمع الدولي احترام الإرادة والدور لأصحاب الشأن والدول المجاورة والمنظمات الإقليمية، بدلا من فرض حلول من الخارج، بل ويتحلى بأكبر قدر من الصبر ويفسح أكبر قدر من المجال للحوار.
ــ المفتاح لفك المعضلة يكمن في تسريع عجلة التنمية. إن جميع الأسباب التي أدت إلى الاضطرابات والتوترات الحالية في الشرق الأوسط ترتبط في الأساس بالتنمية، فلا مفر من احتوائها إلا من باب التنمية في نهاية المطاف. إن التنمية قضية الحياة وكرامة الشعوب، وهي سباق مع الزمان وصراع بين الأمل واليأس. وإن تحقيق كرامة الحياة للشباب من خلال تطويرهم وتنميتهم هو الطريق الوحيد لأن ينتصر الأمل على اليأس في عقولهم، وأن يستبعدوا طوعا عن أعمال العنف وموجات التطرف والإرهاب في سلوكهم.
ــ مفتاح الخيار يكمن في تطابق الطريق مع الخصوصيات الوطنية. ليست عملية التحديث سؤالا بجواب واحد فقط. فإن الطابع التنوعي للتاريخ يحدد من الطابع التعددي للطرق التي تختارها مختلف البلدان لتحقيق التنمية. كما يقول المثل العربي:" ما حك جلدك مثل ظفرك." وإن الاستنساخ طريق مسدود والمحاكاة أسلوب مضلل، والخطوات على الأرض هي وحدها نبضة القلب في مسيرة تلمّس نمط التنمية. والطريق الذي تتبعه الدولة يتحدد فقط بوراثتها التاريخية وتقاليدها الثقافية ومستواها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
السيدات والسادة والأصدقاء،
تعد جامعة الدول العربية رمزا لوحدة الدول العربية وتضامنها، وإن الحفاظ على الحقوق والمصالح المشروعة للشعب الفلسطيني رسالة مشرفة تتحملها الجامعة العربية، كما هو مسؤولية مشتركة تفرض على عاتق المجتمع الدولي ككل. لا يجوز تهميش القضية الفلسطينية ناهيك عن وضعها في الزاوية المنسية. فإن القضية الفلسطينية قضية جذرية للسلام في الشرق الأوسط. وإذا أراد المجتمع الدولي تهدئة الوضع ووقف الصراع، فيجب عليه الدفع باستئناف مفاوضات السلام وتنفيذ اتفاقيات السلام من جهة، والالتزام بالعدل والعدالة وإحقاق الحق من جهة أخرى، ولا يمكن الاستغناء عن أي من الاثنين، إذ بدون العدل والعدالة، لن تؤدي أي اتفاقية للسلام إلا إلى سلام بارد حتى ولو كانت قادرة على تحقيق ذلك. ويجب على المجتمع الدولي الوقوف إلى جانب الحق والعدالة وتعويض الظلم التاريخي بأسرع وقت ما يمكن.
أوجه ندائي في هذا المقام إلى المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات أقوى لتفعيل عملية مفاوضات السلام سياسيا وتدعيم عملية إعادة الإعمار اقتصاديا، بما يمكن الشعب الفلسطيني من رؤية نور الأمل في يوم مبكر. تدعم الصين بحزم عملية السلام في الشرق الأوسط، وتدعم إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. كما نتفهم مطالب فلسطين المشروعة بالانضمام إلى المجتمع الدولي بصفة دولة، وندعم إقامة آليات جديدة لإحلال السلام في الشرق الأوسط، كما ندعم الجهود المبذولة من قبل الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في هذا الصدد. ولأجل تحسين معيشة الشعب الفلسطيني، فقد قررت الصين تقديم مساعدات نزيهة قيمتها 50 مليون يوان صيني إلى الجانب الفلسطيني، مع تقديم الدعم لمشروع المحطة الكهروشمسية في فلسطين.
إن الوضع في سورية غير قابل للاستمرار. فلا رابح في الصراع، والشعب هو المتضرر الأول والأخير. وإن الأولوية الملحة لتسوية القضية الساخنة هي وقف إطلاق النار، والطريق الأساسي لها هو الحوار السياسي، وذلك تزامنا مع سرعة إطلاق أعمال الإغاثة الإنسانية التي لا تحتمل أي تأجيل أو تأخير. وفي هذا الإطار، سيقدم الجانب الصيني هذا العام مساعدات إنسانية جديدة إلى الشعوب السورية والأردنية واللبنانية والليبية واليمنية بقيمة 230 مليون يوان صيني.
السيدات والسادة والأصدقاء،
في يونيو عام 2014، طرحت في الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي المنعقد في بجين فكرة التشارك الصيني العربي في بناء الحزام والطريق، بحيث يتم تشكيل معادلة تعاون "1+2+3" المتمثلة في اتخاذ مجال الطاقة كالمحور الرئيسي ومجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمارات كجناحين و3 مجالات ذات تكنولوجيا متقدمة تشمل الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقة الجديدة كنقاط اختراق، وجد هذا الطرح صدى كبيرا من الأصدقاء العرب. وحققنا لغاية الآن حصادا مبكرا في المجالات التالية:
ــ التخطيط الأعلى المتزايد نضجا. تم إنشاء آلية الحوار السياسي الاستراتيجي بين الصين والدول العربية، وإقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الصين و8 دول عربية، وتم التوصل إلى اتفاقية التشارك في بناء "الحزام والطريق" بين الصين و6 دول عربية، كما انضمت 7 دول عربية إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية كدول أعضاء مؤسسة.
ــ التعاون العملي المفعم بالحيوية. أصبحت الصين ثاني أكبر شريك تجاري للعالم العربي، وتم إبرام عقود مقاولات جديدة بين الصين والدول العربية بقيمة 46.4 مليار دولار؛ واستؤنفت المفاوضات الخاصة بإنشاء منطقة التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية وحققت تقدما ملموسا. وأقيم مركزان لمقاصة العملة الصينية في الدول العربية، وتم تشكيل صندوقين للاستثمار المشترك بين الجانبين الصيني والعربي، وذلك بالإضافة إلى الافتتاح الرسمي للمركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا واتفاق الجانبين على إنشاء مركز التأهيل للاستخدام السلمي للطاقة النووية ومركز التدريب للطاقة النظيفة وتشغيل منظومة "بيدو" للملاحة عبر الأقمار الاصطناعية في الدول العربية. وخلال الدورة الثانية لمعرض إكسبو الصيني العربي، تم التوقيع على مشروعات بقيمة 183 مليار يوان صيني، بحيث أصبح المعرض إطارا مهما للتشارك الصيني العربي في بناء "الحزام والطريق".
ــ التبادل الإنساني والثقافي الثري والمتنوع. قمنا بإقامة الفعاليات في إطار سنة الصداقة الصينية العربية، والتوقيع على أول اتفاقية بشأن بناء جامعة مشتركة، وأطلقنا التعاون بين مائة مؤسسة ثقافية صينية ونظيراتها العربية. هذا وقد تجاوز عدد الطلاب العرب الوافدين في الصين 14 ألف شخص، وازداد عدد معاهد كونفوشيوس في الدول العربية إلى 11 معهدا، وتكثفت الرحلات الجوية بين الجانبين ليبلغ عددها 183 رحلة كل الأسبوع.
السيدات والسادة والأصدقاء،
تلتزم الصين بطريق التنمية السلمية والسياسة الخارجية السلمية المستقلة واستراتيجية الانفتاح القائمة على التنافع والترابح، وتتمثل ركيزة من أهم ركائز ذلك في المشاركة الحثيثة في الحوكمة العالمية وصياغة معادلة التعاون المتبادلة المنفعة، والاضطلاع بالالتزامات والمسؤوليات الدولية، وتوسيع دائرة المصالح المشتركة مع دول العالم، وتشكيل مجتمع موحد ذي مصير موحد للبشرية جمعاء.
يتعين علينا أن نتمسك بالمرحلة الحاسمة في السنوات الخمس القادمة للتشارك في بناء "الحزام والطريق"، وتحديد مفهوم عمل يتسم بأهمية السلام والإبداع والريادة والحوكمة والتمازج، بحيث نكون بانين للسلام في الشرق الأوسط، ودافعين لتنميتها، ومساهمين في تطوير صناعتها، وداعمين لتثبيت استقرارها، وشركاء في تعزيز تفاهم شعوبها.
يحرص الجانب الصيني على المشاركة في الدول العربية لمباشرة التحركات لبناء الحزام والطريق وإيجاد تقاطعات ومشتركات أكثر للأمتين الصينية والعربية في مسيرتهما لتحقيق النهضة.
أولا، إعلاء راية السلام والحوار ومباشرة أعمال تعزز الاستقرار. إن هدفا من أهداف الحزام والطريق هو "التواصل من أجل التقارب ولا التباعد" بين مختلف الأعراق والحضارات، ويجب تفكيك الحواجز بدلا من تشييدها، وتفضيل الحوار كالقاعدة الذهبية حتى يكون الجميع جيرانا يتبادلون ويتواصلون.
قال الفيلسوف الصيني القديم الكبير منسيوس إن الحكيم موطئه صحيح وطريقه مستقيم. فتلتزم الصين بتحديد سياستها واتخاذ إجراءاتها تجاه الشرق الأوسط بناء على الحقائق عن القضايا ذاتها، وانطلاقا من المصلحة الأساسية لشعوب المنطقة. نعمل على النصح بالتصالح والحث على التفاوض ولا نقوم بتنصيب الوكلاء؛ نبذل الجهود لتكوين دائرة الأصدقاء للحزام والطريق التي تغطي الجميع ولا ننتزع ما يسمى بـ"مجال النفوذ" من أي واحد؛ نسعى إلى حياكة شبكة شركاء تحقق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك ولا ننوي "ملء الفراغ".
يؤمن الصينيون بفلسفة "الطريق المسدود يستلزم التغيير، وبه يتم إيجاد طريق مفتوح"، كما يقول العرب "دوام الحال من المحال". نحترم مطالب الدول العربية بالتغيير والإصلاح ، وندعم جهود الدول العربية المستقلة لاستكشاف الطرق التنموية، وفي هذا السياق، إنه من الأهمية بمكان أن يتم تطوير علاقة ملائمة فيما بين الإصلاح والتنمية والاستقرار. شأن ذلك شأن سباق الهجن الذي يحظى بإقبال واسع في الدول العربية، إذا جرى الإبل بأقصى سرعة في النصف الأول من السباق، فقد تستنزف قوته في النصف الثاني، ولكن إذا ما جرى ببطء في النصف الأول، فقد يعجز عن المسايرة في النصف الثاني. فلا بد للفارس أن يتحكم السرعة والصبر بشكل متوازن حتى يستطيع التمسك بالزمام من البداية إلى النهاية.
إن تفشي الأفكار الإرهابية والمتطرفة اختبار خطير للسلام والتنمية، وإن الرؤية الموحدة أمر مطلوب لمكافحة القوة الإرهابية والمتطرفة. الإرهاب لا يعرف الحدود ولا يوصف بجيد أو سيء، فلا يجوز اتباع معايير مزدوجة لمكافحته، أو ربطه بعرق أو دين بعينه الذي لا يؤدي إلا إلى اختلافات عرقية ودينية. كما أنه من الضرورة بمكان اتخاذ الإجراءات الشاملة لمكافحة الإرهاب من ظواهره وبواطنه في آن واحد نظرا لعدم قدرة أي سياسة بمفردها على حل جميع المشاكل.
عليه، فسيقيم الجانب الصيني مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية؛ ويقوم بعقد اجتماع المائدة المستديرة للحوار بين الحضارتين واقتلاع التطرف في إطار منتدى التعاون الصيني العربي، وتنظيم الزيارات المتبادلة بين 100 شخصية بارزة في الأوساط الدينية؛ وتعزيز التعاون الصيني العربي في مجال أمن الإنترنت لقطع قنوات النشر للتسجيلات الصوتية والمرئية لأعمال العنف الإرهابية على شبكة الإنترنت، والمشاركة في وضع معاهدة دولية لمكافحة الإرهاب في الفضاء الإلكتروني؛ بالإضافة إلى توفير مبلغ300 مليون دولار لتخصيصه في مشاريع التعاون لإنفاذ القانون وتدريب رجال الشرطة وغير ذلك، بما يساعد دول المنطقة في تعزيز قدرتها على حفظ الاستقرار.
ثانيا، تدعيم التعديلات الهيكلية ومباشرة الأعمال للتعاون المبدع. يزداد ويتشدد التنافس الدولي على التنمية، وهو ما يتطلب الارتقاء بمستوى تعاوننا، واستخراج إمكانيات جديدة للتعاون من خلال تعزيز نمط جديد للتعاون "النفط والغاز بلاز". ويحرص الجانب الصيني على تعزيز التعاون مع الجانب العربي في كافة الحلقات الإنتاجية وفي جميع المجريات العليا والوسطى والسفلى، وتجديد اتفاقيات شراء النفظ الطويلة الأمد، بما يشكل علاقات التعاون الاستراتيجي الصينية العربية في مجال الطاقة التي تتسم بالمنفعة المتبادلة والأمانة والاعتمادية والصداقة الدائمة. كما يجب تجديد آليات تجارية واستثمارية لإيجاد مجالات جديدة للتعاون.
هذا وقد دخلت الصين إلى "المسار السريع" للاستثمار في الخارج، وتمتلك الدول العربية صناديق سيادية قوية، الأمر الذي يتيح لنا أن نبرم مزيدا من الاتفاقات بشأن تبادل العملات والاستثمارات ونوسع حجم التسويات التجارية بالعملة الصينية ونسرع عملية تسهيل الاستثمار، بالإضافة إلى دفع الصناديق الاستثمارية والأموال الاجتماعية لدى الجانبين للمشاركة في المشروعات ذات الأولوية في إطار "الحزام والطريق". كما يجب على الجانبين تعزيز التعاون في مجال التكنولوجيا الجديدة والمتقدمة وإضفاء قوة جديدة للتعاون ورفع قيمة التعاون العملي بين الصين والدول العربية من خلال الاستفادة من المراكز القائمة لنقل التكنولوجيا والتدريب لتسريع عملية نفاذ التكنولوجيا المتقدمة التي تشمل القطار الفائق السرعة والطاقة النووية والفضاء والطاقة الجديدة والهندسة الوراثية وغيرها.
وعلى هذا الأساس، سيباشر الجانب الصيني الأعمال للتعاون المبدع، حرصا منه على بذل جهود مشتركة مع الجانب العربي لبحث مختلف الأنماط لتعاون حزمة يشمل النفط والقروض والمشروعات، وتمديد سلسلات التعاون التقليدي في مجال النفط والغاز من خلال التعاون في تطوير الطاقات الجديدة والمتجددة. وسيشارك الجانب الصيني في بناء الحدائق الصناعية في منطقة الشرق الأوسط مع التركيز على الدفع ببناء منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري، وتحقيق الحلقة الإنتاجية المتكاملة والموحدة من التصنيع والعلاج إلى النقل والتصدير، وذلك من خلال أساليب متنوعة مثل تأهيل الموظفين والتخطيط المشترك والتعاون في بناء المصانع. كما سيطلق الجانب الصيني خطة الشراكة التكنولوجية والعلمية الصينية العربية التي سيتم إنشاء في إطارها 10 مختبرات مشتركة في مجالات الزراعة الحديثة والمعلومات والاتصالات والصحة الديموغرافية وغيرها. كما سيُعقد الملتقى الصيني العربي للتعاون في منظومة بيدو.
ثالثا، اتخاذ إجراءات لتحقيق الالتحاق في مجال الطاقة الإنتاجية من أجل الإسراع بوتيرة العملية الصناعية في الشرق الأوسط. إن التعاون في الطاقة الإنتاجية يتماشى مع التيار السائد في دول الشرق الأوسط التي تسعى إلى تنويع الاقتصاد، فيتيح لها إيجاد طريق جديد واقتصادي وأخضر يراعي اهتمامات الشعب للعملية الصناعية.
تتميز الصين بمعداتها ذات الجودة العالية والأسعار المنخفضة وحرصها على نقل التكنولوجيا وتدريب الأكفاء وتقديم الدعم القوي للتمويل، وذلك يساعد على إنشاء قطاعات الصلب والحديد والمعادن غير الحديدية ومواد البناء والزجاج وصناعة السيارات ومحطات توليد الكهرباء وغيرها من القطاعات المطلوبة عاجلا في دول الشرق الأوسط بتكلفة أقل، بما يسد النقص القطاعي ويخلق مزايا نسبية جديدة. ومن خلال ارتباط الطاقة الإنتاجية الصينية المتفوقة بالموارد البشرية في الشرق الأوسط ستتوفر فرص عمل أكثر وأفضل.
صباح اليوم، شاركت في مراسم رفع الستار للمرحلة الثانية لمنطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر، التي ستستقطب أكثر من 100 شركة عاملة في مجالات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والمعدات النفطية والدراجات النارية والطاقة الشمسية وغيرها، وبالتالي توفر أكثر من 10 آلاف فرصة عمل لمصر.
من أجل تعزيز العملية الصناعية في الشرق الأوسط، ستتخذ الصين بالتعاون مع الدول العربية إجراءات لتحقيق الالتحاق في مجال الطاقة الإنتاجية، بما في هذه الإجراءات تخصيص قروض خاصة بدفع العملية الصناعية في الشرق الأوسط بقيمة 15 مليار دولار تستخدم في مشاريع تعاونية مع دول المنطقة في مجالات الطاقة الإنتاجية والبنية التحتية، مع تقديم قروض تجارية قيمتها 10 مليارات دولار لدول الشرق الأوسط بغية دعم التعاون في الطاقة الإنتاجية؛ وتقديم قروض ذات طابع تيسيري بقيمة 10 مليارات دولار مع زيادة أفضليتها؛ وإنشاء صندوقين مع كل من الإمارات وقطر للاستثمار المشترك تبلغ قيمتهما الإجمالية 20 مليار دولار وذلك بهدف الاستثمار بشكل رئيسي في قطاعات الطاقة التقليدية والبنية التحتية والتصنيع المتقدم في الشرق الأوسط.
رابعا، الحث على التواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات واتخاذ إجراءات لتعزيز الصداقة. تتميز الحضارات بالطابع التنوعي، شأن ذلك شأن الأحياء في الطبيعة التي تتمتع بالطابع التعددي، وكان هذا الطابع التعددي جنبا إلى جنب مع أصحابه، قد شكل الحياة الأصيلة في كوكبنا هذا. وإن الشرق الأوسط - باعتبارها منطقة التلاقي للحضارات العريقة للإنسان - تحتضن حضارات وثقافات باهرة ومتنوعة. ستواصل الصين دعمها الثابت بدون تزعزع لجهود دول الشرق الأوسط والدول العربية في الحفاظ على ثقافتها وتقاليدها الأصيلة، وترفض التمييز والتحيز بأي شكل من الأشكال بحق عرق أو دين بعينه.
لكل من الحضارة الصينية والحضارة العربية خصوصياتها ونظامها، غير أن اثنتين كلتاهما تحتوي على مفاهيم ومساعي مشتركة جاءت متراكمة في مسيرة التقدم والتطور للبشرية، وكلتاهما تؤمن بقيم الوسطية والوئام والسلام والوفاء والتسامح والانضباط الذاتي. فيجب علينا إجراء الحوار بين الحضارتين والحث على قبول الغير والاستفادة المتبادلة، والعمل سويا على إحياء مزيد من القيم الإيجابية الواردة في ثقافتنا وتقاليدنا القومية الأصيلة التي تتماشى مع عصرنا اليوم.
إن المنطقة على امتداد "الحزام والطريق" هي مناطق يزدهر وينشط فيها التواصل الإنساني والثقافي، الذي يُعرف بقوته الناعمة ودوره الدؤوب في تعزيز التفاهم بين الشعوب. وكان في يوم الأمس التقيتُ مع 10 أصدقاء عرب قدامى فازوا بـ"جائزة المساهمات البارزة للصداقة الصينية العربية". ولسبب وجودهم ومن يمثلونهم من الأصدقاء بأجيال متتالية، ولسبب أعمالهم الدؤوبة والمستمرة، تنامت شجرة الصداقة الصينية العربية وتزدهر وتظل دائمة الخضرة.
ومن أجل تحفيز تداول الأكفاء وتدفق الأفكار في طول "الحزام والطريق"، سننفذ مشروع "المائة والألف والعشرة آلاف" لتعزيز الصداقة، الذي يشمل: تبادل ترجمة 100 كتاب وعمل أدبي صيني وعربي، لتطبيق فكرة "رائحة الكتب في طريق الحرير"؛ وتوجيه الدعوة لتبادل الزيارات بين 100 خبير وباحث، لتعزيز الالتقاء بين المؤسسات الفكرية؛ وتقديم ألف فرصة تدريب للقادة الشباب العرب، وتوجيه الدعوة لـ1500 قيادة حزبية عربية لزيارة الصين، لإعداد سفراء شباب ورواد سياسيين للصداقة الصينية العربية؛ بالإضافة إلى تقديم 10 آلاف منحة دراسية و10 آلاف منحة تدريبية، وتنفيذ الزيارات المتبادلة بين 10 آلاف فنان صيني وعربي.
السيدات والسادة والأصدقاء،
يقول المثل المصري: "الإنسان يخاف الزمن، والزمن يخاف الهرم". وفي رأيي، إن الذي يخافه الهرم، هو الروح العظيمة للشعب المصري الذي يؤمن بقيم الإصلاح والتغيير ويسعى للحرية. إن مصر اليوم تلقى على عاتقها آمال لتوارث الحضارة ومهام لاستكشاف طريق النهضة. وإن الصين إذ تدعم بكل حزم جهود مصر حكومة وشعبا لتتطلع إلى أن تكون مصر ركيزة للاستقرار ونموذجا للتنمية في المنطقة.
قد تكون التعرجات والآلام شيئا أكيدا في الطريق المؤدي إلى تحقيق حلم نهضة الأمة، غير أن بُعد المسافة لا يعد مشكلة طالما يصحّ الطريق. فلنبذل جهودا، نحن، من الصين والدول العربية، يدا بيد وكفا بكف وقلبا إلى قلب، في سبيل تعزيز الصداقة والتعاون بين الصين والدول العربية، ولنجتهد جنبا إلى جنب من أجل قضية السلام والتنمية السامية للبشرية جمعاء!
وشكرا!
المصدر: شينخوا
الرئيس الصيني شي جين بينغ يلقي كلمة بمقر جامعة الدول العربية في القاهرة (شينخوا/ بانغ شينغ لي)
القاهرة 21 يناير 2016 (شينخوا) ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الخميس في مقر جامعة الدول العربية كلمة بعنوان "التشارك في خلق مستقبل أفضل للعلاقات الصينية العربية". وفيما يلي النص الكامل لكلمة الرئيس شي:
الأمين العام نبيل العربي المحترم،
رئيس الوزراء شريف إسماعيل المحترم،
أصحاب المعالي الوزراء المحترمين،
أصحاب السعادة سفراء الدول العربية،
السيدات والسادة والأصدقاء:
يسعدني كثيرا أن ألتقي مع الأصدقاء العرب. تعد هذه الزيارة الأولى من نوعها بعد توليت رئاسة جمهورية الصين الشعبية إلى العالم العربي. وفي البداية، يطيب لي باسم الصين حكومة وشعبا وبالأصالة عن نفسي أن أتقدم بفائق الاحترام وأطيب التمنيات إلى جميع البلدان العربية والشعوب العربية.
قول صيني مأثور: إن الصديق العزيز هو الذي يتطلع إليه قبل الزيارة، ويشتاق إليه بعد الزيارة. وعلى الأراضي العربية، أحس أنا وزملائي نوعا من التقارب والمحبة، وهو جاء متراكما بعد تبادلات تجاوزت حواجز المكان والزمان، بين الأمتين الصينية والعربية، خلال المعاملات الأمينة والمصاحبة المخلصة على طريق الحرير القديم، والمشاركة في السراء والضراء في النضال من أجل الاستقلال الوطني، والتضامن والتساند في مسيرة بناء الوطن، وهو ثقة ثابتة لا تنكسر ولا تُكسب بالمال.
السيدات والسادة والأصدقاء،
إن الشرق الأوسط أرض خصبة، لكنها لم تتخلص من ويلات الحرب والصراع حتى اليوم، هذا يؤلمنا بل ويجعلنا أن نتساءل: إلى أين تتجه هذه المنطقة؟ هذا هو "السؤال عن الشرق الأوسط" الذي يفرض نفسه أمام العالم بين الحين والآخر، وينتظر جوابه في ظل تطلعات شعوب المنطقة إلى تقليل الصراعات والمعاناة وتعزيز الأمان والكرامة.
قال شاعر عربي: "عندما تواجه الشمس، سترى الأمل بالتأكيد." فالأمل موجود في الشرق الأوسط، فقط يتطلب الجهود من مختلف الأطراف لبحثه وتجسيده في طريق الحوار والتنمية.
ــ المفتاح لتسوية الخلافات يكمن في تعزيز الحوار. لا تُحل المشاكل بلغة القوة، ولا يدوم الأمن بعقلية المحصلة الصفرية. رغم أن طريق الحوار قد يكون طويلا وحتى يشوبه التراجع، غير أن تداعياته أقل ونتيجته أكثر ديمومة. يجب على مختلف الأطراف المتنازعة إطلاق الحوار لإيجاد القاسم المشترك الأكبر وتركيز الجهود على دفع الحل السياسي. ويجب على المجتمع الدولي احترام الإرادة والدور لأصحاب الشأن والدول المجاورة والمنظمات الإقليمية، بدلا من فرض حلول من الخارج، بل ويتحلى بأكبر قدر من الصبر ويفسح أكبر قدر من المجال للحوار.
ــ المفتاح لفك المعضلة يكمن في تسريع عجلة التنمية. إن جميع الأسباب التي أدت إلى الاضطرابات والتوترات الحالية في الشرق الأوسط ترتبط في الأساس بالتنمية، فلا مفر من احتوائها إلا من باب التنمية في نهاية المطاف. إن التنمية قضية الحياة وكرامة الشعوب، وهي سباق مع الزمان وصراع بين الأمل واليأس. وإن تحقيق كرامة الحياة للشباب من خلال تطويرهم وتنميتهم هو الطريق الوحيد لأن ينتصر الأمل على اليأس في عقولهم، وأن يستبعدوا طوعا عن أعمال العنف وموجات التطرف والإرهاب في سلوكهم.
ــ مفتاح الخيار يكمن في تطابق الطريق مع الخصوصيات الوطنية. ليست عملية التحديث سؤالا بجواب واحد فقط. فإن الطابع التنوعي للتاريخ يحدد من الطابع التعددي للطرق التي تختارها مختلف البلدان لتحقيق التنمية. كما يقول المثل العربي:" ما حك جلدك مثل ظفرك." وإن الاستنساخ طريق مسدود والمحاكاة أسلوب مضلل، والخطوات على الأرض هي وحدها نبضة القلب في مسيرة تلمّس نمط التنمية. والطريق الذي تتبعه الدولة يتحدد فقط بوراثتها التاريخية وتقاليدها الثقافية ومستواها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
السيدات والسادة والأصدقاء،
تعد جامعة الدول العربية رمزا لوحدة الدول العربية وتضامنها، وإن الحفاظ على الحقوق والمصالح المشروعة للشعب الفلسطيني رسالة مشرفة تتحملها الجامعة العربية، كما هو مسؤولية مشتركة تفرض على عاتق المجتمع الدولي ككل. لا يجوز تهميش القضية الفلسطينية ناهيك عن وضعها في الزاوية المنسية. فإن القضية الفلسطينية قضية جذرية للسلام في الشرق الأوسط. وإذا أراد المجتمع الدولي تهدئة الوضع ووقف الصراع، فيجب عليه الدفع باستئناف مفاوضات السلام وتنفيذ اتفاقيات السلام من جهة، والالتزام بالعدل والعدالة وإحقاق الحق من جهة أخرى، ولا يمكن الاستغناء عن أي من الاثنين، إذ بدون العدل والعدالة، لن تؤدي أي اتفاقية للسلام إلا إلى سلام بارد حتى ولو كانت قادرة على تحقيق ذلك. ويجب على المجتمع الدولي الوقوف إلى جانب الحق والعدالة وتعويض الظلم التاريخي بأسرع وقت ما يمكن.
أوجه ندائي في هذا المقام إلى المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات أقوى لتفعيل عملية مفاوضات السلام سياسيا وتدعيم عملية إعادة الإعمار اقتصاديا، بما يمكن الشعب الفلسطيني من رؤية نور الأمل في يوم مبكر. تدعم الصين بحزم عملية السلام في الشرق الأوسط، وتدعم إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. كما نتفهم مطالب فلسطين المشروعة بالانضمام إلى المجتمع الدولي بصفة دولة، وندعم إقامة آليات جديدة لإحلال السلام في الشرق الأوسط، كما ندعم الجهود المبذولة من قبل الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في هذا الصدد. ولأجل تحسين معيشة الشعب الفلسطيني، فقد قررت الصين تقديم مساعدات نزيهة قيمتها 50 مليون يوان صيني إلى الجانب الفلسطيني، مع تقديم الدعم لمشروع المحطة الكهروشمسية في فلسطين.
إن الوضع في سورية غير قابل للاستمرار. فلا رابح في الصراع، والشعب هو المتضرر الأول والأخير. وإن الأولوية الملحة لتسوية القضية الساخنة هي وقف إطلاق النار، والطريق الأساسي لها هو الحوار السياسي، وذلك تزامنا مع سرعة إطلاق أعمال الإغاثة الإنسانية التي لا تحتمل أي تأجيل أو تأخير. وفي هذا الإطار، سيقدم الجانب الصيني هذا العام مساعدات إنسانية جديدة إلى الشعوب السورية والأردنية واللبنانية والليبية واليمنية بقيمة 230 مليون يوان صيني.
السيدات والسادة والأصدقاء،
في يونيو عام 2014، طرحت في الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي المنعقد في بجين فكرة التشارك الصيني العربي في بناء الحزام والطريق، بحيث يتم تشكيل معادلة تعاون "1+2+3" المتمثلة في اتخاذ مجال الطاقة كالمحور الرئيسي ومجالي البنية التحتية وتسهيل التجارة والاستثمارات كجناحين و3 مجالات ذات تكنولوجيا متقدمة تشمل الطاقة النووية والفضاء والأقمار الاصطناعية والطاقة الجديدة كنقاط اختراق، وجد هذا الطرح صدى كبيرا من الأصدقاء العرب. وحققنا لغاية الآن حصادا مبكرا في المجالات التالية:
ــ التخطيط الأعلى المتزايد نضجا. تم إنشاء آلية الحوار السياسي الاستراتيجي بين الصين والدول العربية، وإقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الصين و8 دول عربية، وتم التوصل إلى اتفاقية التشارك في بناء "الحزام والطريق" بين الصين و6 دول عربية، كما انضمت 7 دول عربية إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية كدول أعضاء مؤسسة.
ــ التعاون العملي المفعم بالحيوية. أصبحت الصين ثاني أكبر شريك تجاري للعالم العربي، وتم إبرام عقود مقاولات جديدة بين الصين والدول العربية بقيمة 46.4 مليار دولار؛ واستؤنفت المفاوضات الخاصة بإنشاء منطقة التجارة الحرة بين الصين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية وحققت تقدما ملموسا. وأقيم مركزان لمقاصة العملة الصينية في الدول العربية، وتم تشكيل صندوقين للاستثمار المشترك بين الجانبين الصيني والعربي، وذلك بالإضافة إلى الافتتاح الرسمي للمركز الصيني العربي لنقل التكنولوجيا واتفاق الجانبين على إنشاء مركز التأهيل للاستخدام السلمي للطاقة النووية ومركز التدريب للطاقة النظيفة وتشغيل منظومة "بيدو" للملاحة عبر الأقمار الاصطناعية في الدول العربية. وخلال الدورة الثانية لمعرض إكسبو الصيني العربي، تم التوقيع على مشروعات بقيمة 183 مليار يوان صيني، بحيث أصبح المعرض إطارا مهما للتشارك الصيني العربي في بناء "الحزام والطريق".
ــ التبادل الإنساني والثقافي الثري والمتنوع. قمنا بإقامة الفعاليات في إطار سنة الصداقة الصينية العربية، والتوقيع على أول اتفاقية بشأن بناء جامعة مشتركة، وأطلقنا التعاون بين مائة مؤسسة ثقافية صينية ونظيراتها العربية. هذا وقد تجاوز عدد الطلاب العرب الوافدين في الصين 14 ألف شخص، وازداد عدد معاهد كونفوشيوس في الدول العربية إلى 11 معهدا، وتكثفت الرحلات الجوية بين الجانبين ليبلغ عددها 183 رحلة كل الأسبوع.
السيدات والسادة والأصدقاء،
تلتزم الصين بطريق التنمية السلمية والسياسة الخارجية السلمية المستقلة واستراتيجية الانفتاح القائمة على التنافع والترابح، وتتمثل ركيزة من أهم ركائز ذلك في المشاركة الحثيثة في الحوكمة العالمية وصياغة معادلة التعاون المتبادلة المنفعة، والاضطلاع بالالتزامات والمسؤوليات الدولية، وتوسيع دائرة المصالح المشتركة مع دول العالم، وتشكيل مجتمع موحد ذي مصير موحد للبشرية جمعاء.
يتعين علينا أن نتمسك بالمرحلة الحاسمة في السنوات الخمس القادمة للتشارك في بناء "الحزام والطريق"، وتحديد مفهوم عمل يتسم بأهمية السلام والإبداع والريادة والحوكمة والتمازج، بحيث نكون بانين للسلام في الشرق الأوسط، ودافعين لتنميتها، ومساهمين في تطوير صناعتها، وداعمين لتثبيت استقرارها، وشركاء في تعزيز تفاهم شعوبها.
يحرص الجانب الصيني على المشاركة في الدول العربية لمباشرة التحركات لبناء الحزام والطريق وإيجاد تقاطعات ومشتركات أكثر للأمتين الصينية والعربية في مسيرتهما لتحقيق النهضة.
أولا، إعلاء راية السلام والحوار ومباشرة أعمال تعزز الاستقرار. إن هدفا من أهداف الحزام والطريق هو "التواصل من أجل التقارب ولا التباعد" بين مختلف الأعراق والحضارات، ويجب تفكيك الحواجز بدلا من تشييدها، وتفضيل الحوار كالقاعدة الذهبية حتى يكون الجميع جيرانا يتبادلون ويتواصلون.
قال الفيلسوف الصيني القديم الكبير منسيوس إن الحكيم موطئه صحيح وطريقه مستقيم. فتلتزم الصين بتحديد سياستها واتخاذ إجراءاتها تجاه الشرق الأوسط بناء على الحقائق عن القضايا ذاتها، وانطلاقا من المصلحة الأساسية لشعوب المنطقة. نعمل على النصح بالتصالح والحث على التفاوض ولا نقوم بتنصيب الوكلاء؛ نبذل الجهود لتكوين دائرة الأصدقاء للحزام والطريق التي تغطي الجميع ولا ننتزع ما يسمى بـ"مجال النفوذ" من أي واحد؛ نسعى إلى حياكة شبكة شركاء تحقق المنفعة المتبادلة والكسب المشترك ولا ننوي "ملء الفراغ".
يؤمن الصينيون بفلسفة "الطريق المسدود يستلزم التغيير، وبه يتم إيجاد طريق مفتوح"، كما يقول العرب "دوام الحال من المحال". نحترم مطالب الدول العربية بالتغيير والإصلاح ، وندعم جهود الدول العربية المستقلة لاستكشاف الطرق التنموية، وفي هذا السياق، إنه من الأهمية بمكان أن يتم تطوير علاقة ملائمة فيما بين الإصلاح والتنمية والاستقرار. شأن ذلك شأن سباق الهجن الذي يحظى بإقبال واسع في الدول العربية، إذا جرى الإبل بأقصى سرعة في النصف الأول من السباق، فقد تستنزف قوته في النصف الثاني، ولكن إذا ما جرى ببطء في النصف الأول، فقد يعجز عن المسايرة في النصف الثاني. فلا بد للفارس أن يتحكم السرعة والصبر بشكل متوازن حتى يستطيع التمسك بالزمام من البداية إلى النهاية.
إن تفشي الأفكار الإرهابية والمتطرفة اختبار خطير للسلام والتنمية، وإن الرؤية الموحدة أمر مطلوب لمكافحة القوة الإرهابية والمتطرفة. الإرهاب لا يعرف الحدود ولا يوصف بجيد أو سيء، فلا يجوز اتباع معايير مزدوجة لمكافحته، أو ربطه بعرق أو دين بعينه الذي لا يؤدي إلا إلى اختلافات عرقية ودينية. كما أنه من الضرورة بمكان اتخاذ الإجراءات الشاملة لمكافحة الإرهاب من ظواهره وبواطنه في آن واحد نظرا لعدم قدرة أي سياسة بمفردها على حل جميع المشاكل.
عليه، فسيقيم الجانب الصيني مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية؛ ويقوم بعقد اجتماع المائدة المستديرة للحوار بين الحضارتين واقتلاع التطرف في إطار منتدى التعاون الصيني العربي، وتنظيم الزيارات المتبادلة بين 100 شخصية بارزة في الأوساط الدينية؛ وتعزيز التعاون الصيني العربي في مجال أمن الإنترنت لقطع قنوات النشر للتسجيلات الصوتية والمرئية لأعمال العنف الإرهابية على شبكة الإنترنت، والمشاركة في وضع معاهدة دولية لمكافحة الإرهاب في الفضاء الإلكتروني؛ بالإضافة إلى توفير مبلغ300 مليون دولار لتخصيصه في مشاريع التعاون لإنفاذ القانون وتدريب رجال الشرطة وغير ذلك، بما يساعد دول المنطقة في تعزيز قدرتها على حفظ الاستقرار.
ثانيا، تدعيم التعديلات الهيكلية ومباشرة الأعمال للتعاون المبدع. يزداد ويتشدد التنافس الدولي على التنمية، وهو ما يتطلب الارتقاء بمستوى تعاوننا، واستخراج إمكانيات جديدة للتعاون من خلال تعزيز نمط جديد للتعاون "النفط والغاز بلاز". ويحرص الجانب الصيني على تعزيز التعاون مع الجانب العربي في كافة الحلقات الإنتاجية وفي جميع المجريات العليا والوسطى والسفلى، وتجديد اتفاقيات شراء النفظ الطويلة الأمد، بما يشكل علاقات التعاون الاستراتيجي الصينية العربية في مجال الطاقة التي تتسم بالمنفعة المتبادلة والأمانة والاعتمادية والصداقة الدائمة. كما يجب تجديد آليات تجارية واستثمارية لإيجاد مجالات جديدة للتعاون.
هذا وقد دخلت الصين إلى "المسار السريع" للاستثمار في الخارج، وتمتلك الدول العربية صناديق سيادية قوية، الأمر الذي يتيح لنا أن نبرم مزيدا من الاتفاقات بشأن تبادل العملات والاستثمارات ونوسع حجم التسويات التجارية بالعملة الصينية ونسرع عملية تسهيل الاستثمار، بالإضافة إلى دفع الصناديق الاستثمارية والأموال الاجتماعية لدى الجانبين للمشاركة في المشروعات ذات الأولوية في إطار "الحزام والطريق". كما يجب على الجانبين تعزيز التعاون في مجال التكنولوجيا الجديدة والمتقدمة وإضفاء قوة جديدة للتعاون ورفع قيمة التعاون العملي بين الصين والدول العربية من خلال الاستفادة من المراكز القائمة لنقل التكنولوجيا والتدريب لتسريع عملية نفاذ التكنولوجيا المتقدمة التي تشمل القطار الفائق السرعة والطاقة النووية والفضاء والطاقة الجديدة والهندسة الوراثية وغيرها.
وعلى هذا الأساس، سيباشر الجانب الصيني الأعمال للتعاون المبدع، حرصا منه على بذل جهود مشتركة مع الجانب العربي لبحث مختلف الأنماط لتعاون حزمة يشمل النفط والقروض والمشروعات، وتمديد سلسلات التعاون التقليدي في مجال النفط والغاز من خلال التعاون في تطوير الطاقات الجديدة والمتجددة. وسيشارك الجانب الصيني في بناء الحدائق الصناعية في منطقة الشرق الأوسط مع التركيز على الدفع ببناء منطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري، وتحقيق الحلقة الإنتاجية المتكاملة والموحدة من التصنيع والعلاج إلى النقل والتصدير، وذلك من خلال أساليب متنوعة مثل تأهيل الموظفين والتخطيط المشترك والتعاون في بناء المصانع. كما سيطلق الجانب الصيني خطة الشراكة التكنولوجية والعلمية الصينية العربية التي سيتم إنشاء في إطارها 10 مختبرات مشتركة في مجالات الزراعة الحديثة والمعلومات والاتصالات والصحة الديموغرافية وغيرها. كما سيُعقد الملتقى الصيني العربي للتعاون في منظومة بيدو.
ثالثا، اتخاذ إجراءات لتحقيق الالتحاق في مجال الطاقة الإنتاجية من أجل الإسراع بوتيرة العملية الصناعية في الشرق الأوسط. إن التعاون في الطاقة الإنتاجية يتماشى مع التيار السائد في دول الشرق الأوسط التي تسعى إلى تنويع الاقتصاد، فيتيح لها إيجاد طريق جديد واقتصادي وأخضر يراعي اهتمامات الشعب للعملية الصناعية.
تتميز الصين بمعداتها ذات الجودة العالية والأسعار المنخفضة وحرصها على نقل التكنولوجيا وتدريب الأكفاء وتقديم الدعم القوي للتمويل، وذلك يساعد على إنشاء قطاعات الصلب والحديد والمعادن غير الحديدية ومواد البناء والزجاج وصناعة السيارات ومحطات توليد الكهرباء وغيرها من القطاعات المطلوبة عاجلا في دول الشرق الأوسط بتكلفة أقل، بما يسد النقص القطاعي ويخلق مزايا نسبية جديدة. ومن خلال ارتباط الطاقة الإنتاجية الصينية المتفوقة بالموارد البشرية في الشرق الأوسط ستتوفر فرص عمل أكثر وأفضل.
صباح اليوم، شاركت في مراسم رفع الستار للمرحلة الثانية لمنطقة السويس للتعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين ومصر، التي ستستقطب أكثر من 100 شركة عاملة في مجالات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والمعدات النفطية والدراجات النارية والطاقة الشمسية وغيرها، وبالتالي توفر أكثر من 10 آلاف فرصة عمل لمصر.
من أجل تعزيز العملية الصناعية في الشرق الأوسط، ستتخذ الصين بالتعاون مع الدول العربية إجراءات لتحقيق الالتحاق في مجال الطاقة الإنتاجية، بما في هذه الإجراءات تخصيص قروض خاصة بدفع العملية الصناعية في الشرق الأوسط بقيمة 15 مليار دولار تستخدم في مشاريع تعاونية مع دول المنطقة في مجالات الطاقة الإنتاجية والبنية التحتية، مع تقديم قروض تجارية قيمتها 10 مليارات دولار لدول الشرق الأوسط بغية دعم التعاون في الطاقة الإنتاجية؛ وتقديم قروض ذات طابع تيسيري بقيمة 10 مليارات دولار مع زيادة أفضليتها؛ وإنشاء صندوقين مع كل من الإمارات وقطر للاستثمار المشترك تبلغ قيمتهما الإجمالية 20 مليار دولار وذلك بهدف الاستثمار بشكل رئيسي في قطاعات الطاقة التقليدية والبنية التحتية والتصنيع المتقدم في الشرق الأوسط.
رابعا، الحث على التواصل والاستفادة المتبادلة بين الحضارات واتخاذ إجراءات لتعزيز الصداقة. تتميز الحضارات بالطابع التنوعي، شأن ذلك شأن الأحياء في الطبيعة التي تتمتع بالطابع التعددي، وكان هذا الطابع التعددي جنبا إلى جنب مع أصحابه، قد شكل الحياة الأصيلة في كوكبنا هذا. وإن الشرق الأوسط - باعتبارها منطقة التلاقي للحضارات العريقة للإنسان - تحتضن حضارات وثقافات باهرة ومتنوعة. ستواصل الصين دعمها الثابت بدون تزعزع لجهود دول الشرق الأوسط والدول العربية في الحفاظ على ثقافتها وتقاليدها الأصيلة، وترفض التمييز والتحيز بأي شكل من الأشكال بحق عرق أو دين بعينه.
لكل من الحضارة الصينية والحضارة العربية خصوصياتها ونظامها، غير أن اثنتين كلتاهما تحتوي على مفاهيم ومساعي مشتركة جاءت متراكمة في مسيرة التقدم والتطور للبشرية، وكلتاهما تؤمن بقيم الوسطية والوئام والسلام والوفاء والتسامح والانضباط الذاتي. فيجب علينا إجراء الحوار بين الحضارتين والحث على قبول الغير والاستفادة المتبادلة، والعمل سويا على إحياء مزيد من القيم الإيجابية الواردة في ثقافتنا وتقاليدنا القومية الأصيلة التي تتماشى مع عصرنا اليوم.
إن المنطقة على امتداد "الحزام والطريق" هي مناطق يزدهر وينشط فيها التواصل الإنساني والثقافي، الذي يُعرف بقوته الناعمة ودوره الدؤوب في تعزيز التفاهم بين الشعوب. وكان في يوم الأمس التقيتُ مع 10 أصدقاء عرب قدامى فازوا بـ"جائزة المساهمات البارزة للصداقة الصينية العربية". ولسبب وجودهم ومن يمثلونهم من الأصدقاء بأجيال متتالية، ولسبب أعمالهم الدؤوبة والمستمرة، تنامت شجرة الصداقة الصينية العربية وتزدهر وتظل دائمة الخضرة.
ومن أجل تحفيز تداول الأكفاء وتدفق الأفكار في طول "الحزام والطريق"، سننفذ مشروع "المائة والألف والعشرة آلاف" لتعزيز الصداقة، الذي يشمل: تبادل ترجمة 100 كتاب وعمل أدبي صيني وعربي، لتطبيق فكرة "رائحة الكتب في طريق الحرير"؛ وتوجيه الدعوة لتبادل الزيارات بين 100 خبير وباحث، لتعزيز الالتقاء بين المؤسسات الفكرية؛ وتقديم ألف فرصة تدريب للقادة الشباب العرب، وتوجيه الدعوة لـ1500 قيادة حزبية عربية لزيارة الصين، لإعداد سفراء شباب ورواد سياسيين للصداقة الصينية العربية؛ بالإضافة إلى تقديم 10 آلاف منحة دراسية و10 آلاف منحة تدريبية، وتنفيذ الزيارات المتبادلة بين 10 آلاف فنان صيني وعربي.
السيدات والسادة والأصدقاء،
يقول المثل المصري: "الإنسان يخاف الزمن، والزمن يخاف الهرم". وفي رأيي، إن الذي يخافه الهرم، هو الروح العظيمة للشعب المصري الذي يؤمن بقيم الإصلاح والتغيير ويسعى للحرية. إن مصر اليوم تلقى على عاتقها آمال لتوارث الحضارة ومهام لاستكشاف طريق النهضة. وإن الصين إذ تدعم بكل حزم جهود مصر حكومة وشعبا لتتطلع إلى أن تكون مصر ركيزة للاستقرار ونموذجا للتنمية في المنطقة.
قد تكون التعرجات والآلام شيئا أكيدا في الطريق المؤدي إلى تحقيق حلم نهضة الأمة، غير أن بُعد المسافة لا يعد مشكلة طالما يصحّ الطريق. فلنبذل جهودا، نحن، من الصين والدول العربية، يدا بيد وكفا بكف وقلبا إلى قلب، في سبيل تعزيز الصداقة والتعاون بين الصين والدول العربية، ولنجتهد جنبا إلى جنب من أجل قضية السلام والتنمية السامية للبشرية جمعاء!
وشكرا!
المصدر: شينخوا
ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة |