بقلم باي بينغ
بكين 21يناير 2015 (شينخوا) كما يعرف الجميع أن الحضارة المصرية من أقدم الحضارات على وجه الأرض. ويعتبر علم المصريات علما يختص بدراسة تاريخ مصر القديمة ولغتها وآدابها ودياناتها وفنونها. ويعد اكتشاف حجر رشيد وفك الرموز الهيروغليفية على يد جان فرانسوا شامبليون عام 1822م معلما لعلم المصريات.
ومنذ قرون عكف الغربيون الذين لديهم ولع تجاه علم المصريات على إجراء دراسات وبحوث للتعمق في هذا العلم وسبر أغواره. وفي الشرق الأقصى، توجد دولة ذات تاريخ عريق وحضارة باهية أيضا وهي الصين، يوجد الكثير من هواة علم المصريات والعلماء الصينيين المتبحرين في هذا العلم.
وقد تطورت دراسة هذا العلم في الصين بإيقاع جيد رغم أنها لم تبدأ إلا منذ فترة قصيرة جدا. وصارت هناك كوكبة من الأكفاء المتخصصين في دراسة علم المصريات في الجامعات ومعاهد الأبحاث الصينية.
ــ سيدة صينية تدرس علم المصريات
ومن بين العلماء الصينيين المتخصصين في علم المصريات، لفتت أنظارنا يان هاى يينغ أستاذة علم المصريات في قسم التاريخ بجامعة بكين حيث قالت "كانت لدي رغبة شديدة في معرفة اللغة الهيروغليفية المصرية القديمة، إنها جميلة وجذابة جدا وتعجبني إعجابا شديدا، لذا اتخذت ومن أعماق قلبي قرارا بأن أقوم على دراستها وإجراء البحوث حولها".
"ولا شك أنني واجهت خلال ذلك الكثير من الصعوبات والعقبات، ولكن وجدت أن تحليل وتفسير المعلومات التاريخية الغنية القابعة داخل النقوش القديمة هو أعظم متعة بالنسبة لي في حياتي الدراسية والتدريسية" على حد قول يان.
ويعد علم المصريات علما أنشأه باحثون غربيون، ومن ثم قام بناء نظامه ولغته العلمية على أيدي هؤلاء الباحثين. وفي المرحلة الحالية، ينقص علم المصريات وجهات نظر متعددة من جهات مختلفة، حيث أكدت يان أن مشاركة علماء من دول شرقية في دراسة علم المصريات أمر ضروري بالنسبة لمستقبل علم المصريات ومن المتوقع أن يقدم العلماء الصينيون في هذا الصدد إسهامات بارزة.
ــ التبادلات الثقافية المصرية- الصينية
ومن المعروف أن الصين ومصر كلاهما دولة ذات حضارة عريقة، وتربطهما الآن تبادلات ثقافية واسعة.
على هذه الخلفية وترى يان أنه في ضوء تاريخ مصر الذي يرجع إلى قديم الزمان وتراثها الثقافي الغني ومواردها الثقافية العديدة، لا بد للبلدين من تكثيف التعاون في هذا المجال بين الجهات الحكومية وغير الحكومية على حد سواء، علاوة على تكثيفه ليس من قبل معهد كونفوشيوس فحسب، وإنما أيضا من قبل آلية أو منصة للتبادلات الثنائية.
وأكدت يان ضرورة أن نولي اهتماما بالغا بالمستوى الروحي والثقافي لاستكشاف الإلهام الصالح الذي يمكن أن نستمده من التراث الثقافي للحضارات القديمة مثل قوة الإيمان والصبر والذكاء والحكمة والذي تجسد خلال بناء الأهرامات.
وبمناسبة زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ لمصر، قالت يان "لاحظت أنه من المعتاد أن يصاحب قادة الدولة أثناء الزيارات الخارجية رجال ومنظمي أعمال بهدف تطوير الاقتصاد، وهذا أمر جيد، ولكن ليس كافيا خاصة عند زيارة بعض الدول ذات التاريخ القديم والحضارة العريقة مثل مصر"، مقترحة أن "يصاحبهم أيضا علماء متخصصون في التاريخ والآثار والأنثروبولوجيا الثقافية وغيرها، ما يدفع التبادلات المصرية- الصينية في مجالات الثقافة والتعليم والعلوم والتبادلات التكنولوجية لتحقيق تطور أكبر."
ــ الحلم المصري
وقد سافرت يان هاى يينغ إلى مصر قبل أشهر، ورأت ضرورة تكثيف العمل لجذب المزيد من السائحين لزيارة مصر التي يمثل فيها قطاع السياحة ركيزة مهمة للاقتصاد القومي، معربا عن أملها باعتبارها صينية عاشقة لمصر في أن "تتخذ مصر حكومة وشعبا إستراتيجية جيدة للنهوض بالاقتصاد ودفع التطوير في مختلف القطاعات وفي مقدمتها قطاعي الثقافة والتعليم".
وعندما سُئلت عن الاختلاف بين الحضارة المصرية القديمة والحضارة المصرية الحديثة، شرحت يان قائلة "من المعروف أن الحضارة المصرية القديمة رائعة جدا وقطعت شوطا كبيرا. أما الحضارة المصرية الحديثة، فتمتلك جينا ثقافيا أصيلا. وفي الوقت ذاته، تعد الحضارة الإنسانية الحديثة والمعاصرة، مهما كان العرق أو البلد الذي نبعت منه، تعد منتجات العصر روحيا وماديا بالإضافة إلى أنها تظل جزءا من التراث الثقافي، ولهذا من المستحيل أن تعود أي حضارة إلى الماضي".
وأشارت إلى أنه الآن, يبذل الصينيون بدورهم جهودا من خلال ما يسمى بـ"الحلم الصيني" المتمثل في السياسات الوطنية التي تتخذ من معيشة الشعب أساسا لها وتهدف إلى تحقيق الثروات لأبناء الوطن وتقوية البلاد. وفي ضوء ذلك، فإنه إذا أراد الشعب المصري تحقيق تقدم الحضارة المصرية الحديثة وازدهارها، فلا بد له من تحقيق "الحلم المصري."