الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يحضران حفل افتتاح العام الثقافي الصيني- المصري 2016.(شينخوا/تشانغ دوه)
القاهرة 22 يناير 2016 (شينخوا) اختتم الرئيس الصيني شي جين بينغ أول زيارة دولة له لمصر بعد ظهر اليوم (الجمعة)، حيث عملت هذه الزيارة على ضخ قوة دفع جديدة فى تنمية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين.
وخلال اقامته فى القاهرة، زار شي مقر جامعة الدول العربية امس الخميس، حيث قال ان تعزيز الحوار هو الاساس فى مواجهة الخلافات فى الشرق الاوسط، متعهدا بتعزيز المساعدات من اجل التنمية الاقليمية.
نقطة بداية جديدة فى الشراكة الصينية-المصرية
تعد زيارة شي لمصر الاولى من جانب رئيس دولة صيني منذ 12 عاما، حيث توافق احتفال الدولتين بالذكرى الـ60 لاقامة العلاقات الدبلوماسية.
وفى لمحة تدل على حسن الضيافة، ارسل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي 8 مقاتلات لمرافقة طائرة شي عندما دخلت المجال الجوي المصري. كما كان الرئيس نفسه فى المطار لاستقبال شي.
وتعد مصر ثاني محطة فى جولته التى شملت السعودية وسيزور خلالها ايضا ايران.
وقال شي خلال محادثاته مع السيسي يوم (الخميس) "تولي الصين اهمية كبيرة لتنمية العلاقات الثنائية مع مصر"، قائلا ان العلاقات الودية بين البلدين صمدت امام تغير الأوضاع الدولية والاقليمية خلال العقود الستة الماضية.
اقامت الصين ومصر العلاقات الدبلوماسية فى مايو 1956 وحدثتا العلاقات الى شراكة استراتيجية شاملة فى ديسمبر 2014.
وخلال زيارة شي، وقع الطرفان وثيقة تحدد خطة زيادة دفع العلاقات خلال السنوات الخمس القادمة.
ووفقا للوثيقة التى تضم 18 صفحة، ستعزز الدولتان التعاون فى السياسة والتجارة والاقتصاد والجيش والامن والعلوم والتكنولوجيا والثقافة والبيئة والزراعة والطاقة والطب وانفاذ القانون وكذا الشئون العالمية والاقليمية.
وقال شي فى مقال نشر فى صحيفة ((الاهرام)) المصرية قبل الزيارة "ستواصل الصين النظر الى العلاقات مع مصر من منظور استراتيجي وطويل الاجل."
وأوضح انه سيعمل مع نظيره المصري للتعميق الشامل للثقة السياسية والتعاون الاستراتيجي من اجل التنمية المشتركة والتقدم وتعزيز الدور النموذجي للعلاقات بين الصين ومصر فى التعاون الجنوبي-الجنوبي.
وقال ليو باو لاي، دبلوماسي صيني سابق، ان زيارة شي "حجر زاوية" فى العلاقات بين الصين ومصر.
وأوضح "ان مصر دولة هامة فى الشرق الاوسط وان الحكومة الجديدة بقيادة الرئيس السيسي اتخذت اجراءات لتحسين احوال المعيشة"، مضيفا ان زيارة شي ستعزز بقوة الشراكة والتعاون الودي بين البلدين.
مصر محور على طول طريقي الحرير
خلال المحادثات، توصل الطرفان الى توافقات هامة بشأن التنفيذ المشترك لمبادرة الحزام والطريق، وهي رؤية قدمها شي فى 2013 لزيادة تعزيز التنمية المشتركة على طول طريقي الحرير البري والبحري التاريخيين.
واقترح شي تعاون البلدين لجعل الدولة العربية محورا على طول الحزام والطريق.
ومن اجل تحقيق ذلك، قال شي انه يتعين على البلدين الربط بين خطط التنمية الخاصة بكل منهما والتركيز على التعاون فى البنية التحتية وقدرة الانتاج.
وقال السيسي ان مصر على استعداد لربط خطط التنمية الخاصة بها مع مبادرة الحزام والطريق وتوسيع التعاون فى البنية التحتية مع الصين فى اطار البنك الاسيوي للاستثمار في البنية التحتية، داعيا الى مزيد من الاستثمار الصيني فى بلاده.
وتعهد شي بأن الصين ستشارك فى مشروعات رئيسية مصرية منها تنمية محور قناة السويس وبناء عاصمة ادارية جديدة.
ووفقا للوثيقة، سيضاعف الطرفان الجهود لتنمية منطقة التعاون الاقتصادي والتجاري الصينية-المصرية فى السويس.
وسيواصل الطرفان تشجيع الشركات الصينية، خاصة فى القطاعات التنافسية الصينية مثل المنسوجات والصلب، للاستثمار فى المنطقة واماكن اخرى، وفقا للوثيقة.
وتقع منطقة التعاون بالقرب من قناة السويس. وتغطي المرحلة الاولى من المنطقة مساحة 1.34 كم مربع وتم الانتهاء منها بشكل رئيسي، بينما من المتوقع ان تجذب المرحلة الثانية استثمارات قدرها 500 مليون دولار تقريبا للتنمية والبناء، وفقا لشركة مشتركة لتشغيل المنطقة.
وحضر شي مراسم تدشين المرحلة الثانية من المنطقة يوم (الخميس)، قائلا ان المشروع سيجلب الى مصر اكثر من 100 شركة فى قطاعات مثل المنسوجات والملابس ومعدات النفط والدرجات النارية والطاقة الشمسية وسيخلق اكثر من 10 آلاف فرصة عمل لمصر.
وأوضحت الوثيقة ان الصين ستتعاون فى المجال المالي، فى اطار قدرتها، مع مصر دعما لمشروعات الحزام والطريق.
وخلال زيارة شي، وقعت الصين ومصر مذكرة تفاهم بشأن التطبيق المشترك لمبادرة الحزام والطريق وكذا مجموعة من اتفاقيات التعاون الاخرى التى تغطي مجالات مثل الكهرباء والفضاء والبنية التحتية والتجارة والطاقة والمالية والثقافة والطب والتكنولوجيا والتغير المناخي.
وقالت بوابة الاهرام نقلا عن وزيرة التعاون الدولي سحر نصر ان الاتفاقية بقيمة 15 مليار دولار.
وقال علاء حيدر، رئيس وكالة انباء الشرق الاوسط (مينا)، "تعد زيارة الرئيس شي تاريخية لاسباب عديدة، خاصة فى الجانب الاقتصادي."
وأوضح "يتعين ان يكون هناك تكامل بين قناة السويس وطريقي الحرير."
وقال لي قو فو، مدير دراسات الشرق الاوسط فى معهد الدراسات الدولية، "ان مشاركة الصين فى بناء محور قناة السويس والعاصمة الادارية الجديدة ستساعد فى تعزيز الاقتصاد المصري والثقة الدولية فى مصر."
السلام عبر الحوار، والمساعدة للتنمية العربية
أكد شي خلال خطابه فى مقر جامعة الدول العربية على اهمية تعزيز الحوار لاستعادة السلام فى الشرق الاوسط، بينما اعلن عن مساعدات اضافية للعالم العربي.
وقال شي "ان الاساس فى معالجة الخلافات هو تعزيز الحوار"، مضيفا ان استخدام القوة لا يقدم حلولا للمشكلات، كما ان العقلية الصفرية لن تحقق السلام الدائم.
وأوضح "يتعين على المجتمع الدولي احترام ارادة ودور الاطراف المباشرة والدول المجاورة والمنظمات الاقليمية بدلا من فرض حلول من الخارج"، مشيرا الى الحاجة الى اقصى درجات الصبر والمرونة من اجل نجاح الحوار.
واعلن الرئيس الصيني مساعدات اضافية للعالم العربي، قائلا ان تعزيز التنمية الاساس للتغلب على الصعوبات.
ومن اجل تعزيز التصنيع فى الشرق الاوسط، أعلن شي قرضا حصريا بقيمة 15 مليار دولار لدعم التصنيع في الشرق الاوسط عبر التعاون فى قدرة الانتاج والبنية التحتية و10 مليارات دولار فى شكل قرض تجاري لدعم للتعاون فى قدرة الانتاج و10 مليارات دولار فى شكل قروض تفضيلية.
كما ستطلق الصين صندوق استثمار مشترك بقيمة 20 مليار دولار مع الامارات وقطر للاستثمار فى الطاقة التقليدية وتنمية البنية التحتية وصناعات تصنيع المنتجات المتقدمة فى الشرق الاوسط.
وقال محمود علام، السفير المصري السابق لدى الصين، "الصين شريكة اقتصادية هامة للدول العربية، وخطاب شي يظهر حرص الصين على تحقيق الامن والاستقرار فى العالم العربي."
وأوضح احمد عليبه، باحث فى المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية، "ان خطابه (شي) مختلف تماما عما اعتدنا سماعه من الغرب."
وأضاف "تعرض الصين الان طريقا ثالثا يسعى للسلام والامن من خلال التنمية والعلاقات السياسية المتوازنة التى تعتمد على المصالح المشتركة."