رام الله 24 يناير 2016 (شينخوا) أجمع مراقبون فلسطينيون على أهمية الزيارة التي قام بها الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى منطقة الشرق الأوسط، معتبرين أنها ستعزز العلاقات التاريخية بين الشعوب العربية والصين.
وذكروا أن حديث الرئيس الصيني حول القضية الفلسطينية التي تعتبر محور القضايا العربية في خطابه التاريخي في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة يؤكد موقف الصين الثابت تجاه حل عادل للقضية الفلسطينية، متوقعين أن يكون لها دور أساسي في ذلك.
وقال شي، في كلمة القاها بمقر جامعة الدول العربية يوم الخميس الماضي، إنه لا يجوز تهميش القضية الفلسطينية، ناهيك عن وضعها في الزاوية المنسية.
وأضاف إن القضية الفلسطينية قضية جذرية للسلام في الشرق الأوسط، وإذا أراد المجتمع الدولي تهدئة الوضع ووقف الصراع، فيجب عليه الدفع باستئناف مفاوضات السلام وتنفيذ اتفاقيات السلام من جهة، والالتزام بالعدل والعدالة وإحقاق الحق من جهة أخرى.
وأردف أنه لا يمكن الاستغناء عن أي من الاثنين، إذ بدون العدل والعدالة، لن تؤدي أي اتفاقية للسلام إلا إلى سلام بارد حتى ولو كانت قادرة على تحقيق ذلك، ويجب على المجتمع الدولي الوقوف إلى جانب الحق والعدالة وتعويض الظلم التاريخي بأسرع وقت ما يمكن.
ووجه شي نداءه إلى المجتمع الدولي، باتخاذ إجراءات أقوى لتفعيل عملية مفاوضات السلام سياسيا وتدعيم عملية إعادة الإعمار اقتصاديا، بما يمكن الشعب الفلسطيني من رؤية نور الأمل في يوم مبكر.
وأكد الرئيس الصيني على دعم بلاده بحزم عملية السلام في الشرق الأوسط، وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة كاملة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، مشيرا إلى تفهم الصين مطالب فلسطين المشروعة بالانضمام إلى المجتمع الدولي بصفة دولة.
وشدد على دعم إقامة آليات جديدة لإحلال السلام في الشرق الأوسط، وكذلك الجهود المبذولة من قبل الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في هذا الصدد.
وأعلن شي، في كلمته لأجل تحسين معيشة الشعب الفلسطيني، عن تقديم مساعدات نزيهة قيمتها 50 مليون يوان صيني إلى الجانب الفلسطيني، مع تقديم الدعم لمشروع المحطة الكهروشمسية في فلسطين.
ــ موقف تاريخي تجاه القضية الفلسطينية
وأثنى المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة على موقف الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي وصفه بالموقف التاريخي الدائم والداعم للقضية الفلسطينية من قبل الصين تجاه الفلسطينيين.
وقال أبو ردينة لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الصين تاريخيا تدعم حقوق الشعب الفلسطيني وتساند الحقوق الفلسطينية في كل المحافل الدولية، وعلاقاتنا كانت تقوم على أسس واضحة وقوية ثابتة، وهي تدعمنا ماليا وسياسيا وتقف إلى جانب الحقوق الفلسطينية في كل المحافل الدولية.
وشدد أبو ردينة على أن الصين "رقم عالمي"، مشيرا إلى أنها من الدول الأساسية التي يجب أن يكون لها دور في عملية السلام بالشرق الأوسط في الوقت المناسب.
ويقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة بيرزيت في رام الله بالضفة الغربية أحمد عوض إن للصين الكثير من المواقف التاريخية المشرفة بحق القضية الفلسطينية أهمها التأييد الكامل لنضال الشعب الفلسطيني، والدعم التام لحقوقه الوطنية، والاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي للشعب الفلسطيني، وفتح أول مكتب تمثيلي للمنظمة خارج البلدان العربية، وموقفها الدائم في تأييد حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية وتبني أهدافه السياسية.
ويضيف عوض ل((شينخوا)) أنه إضافة إلى ذلك فإن مبادرة النقاط الخمسة التي أطلقتها الصين قبل ثلاث سنوات والتي أكد الرئيس الصيني في خطابه على أهم نقاطها وهي دعوة المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات أقوى لتفعيل عملية مفاوضات السلام سياسيا، قد تكون المبادرة الأكثر شمولية التي تعالج الصراع العربي ــ الإسرائيلي بشكل شامل.
ويتابع أن تلك المبادرة لم تقتصر على معالجة حدث أو ظاهرة عارضة، كما أنها لم تنطلق من دوافع ذاتية ومصالح ضيقة بمقدار ما تأخذ السلام والاستقرار والتنمية في منطقة الشرق الأوسط ككل بعين الاعتبار، ولم تكن منحازة إلى هذا الطرف أو ذاك، بل اتخذت من العدالة والموضوعية أساسا لها ومن مبادئ القانون الدولي مرجعية لها.
وكانت الصين عرضت مطلع مايو 2013 رؤيتها لتحقيق السلام وحل الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي على هامش استقبالها بشكل منفصل كلا من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وأكدت الرؤية الصينية لتحقيق السلام، على التمسك بالاتجاه الصحيح المتمثل في إقامة دولة فلسطين المستقلة والتعايش السلمي بين دولتي فلسطين وإسرائيل.
وشددت الرؤية الصينية على أن إقامة دولة مستقلة ذات السيادة الكاملة على أساس حدود العام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية تعتبر حقا غير قابل للتصرف للشعب الفلسطيني، ومفتاحا لتسوية القضية الفلسطينية.
وحثت على التمسك بالمفاوضات باعتبارها الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى السلام الفلسطيني ــ الإسرائيلي، والتمسك بثبات بمبدأ "الأرض مقابل السلام" وغيره من المبادئ.
كما دعت الرؤية الصينية المجتمع الدولي، إلى تقديم دعم قوي لدفع عملية السلام، وأن تشدد الأطراف المعنية فيه على الشعور بالمسئولية وإلحاح القضية، وتتخذ موقفا موضوعيا ومنصفا وتعمل بنشاط على النصح بالتصالح والحث على التفاوض كما تسعى إلى زيادة المساعدات إلى الجانب الفلسطيني.
ــ مؤتمر دولي للسلام بمشاركة صينية أساسية
يشارك مدير مركز ((بدائل)) للأبحاث والدراسات في رام الله هاني المصري عوض بالرأي حول أهمية المبادرة الصينية خاصة فيما يتعلق بدعوة الصين للمجتمع الدولي إلى تقديم دعم قوي لدفع عملية السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل والتي توقفت منذ النصف الأول من العام 2014 بعد فشل آخر جولاتها برعاية أمريكية.
ويقول المصري ل((شينخوا)) إن الجانب الفلسطيني والعربي يطالبون بمفاوضات في إطار مؤتمر دولي وليس مفاوضات ثنائية فلسطينية ــ إسرائيلية.
ويضيف المصري أنه "من البديهي أن نؤكد هنا أن السلام لن يتحقق من دون التزامات إسرائيلية قاطعة بإنهاء الاحتلال، وتقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية على حدود عام 1967".
ويرى المصري أن المجتمع الدولي إذا كان معني بالسلام فعليه أن يفرض على إسرائيل الالتزام به.
ويشدد المصري على أن المطلوب من الصين "العمل على إطلاق مفاوضات في إطار مؤتمر دولي وعلى أساس القانون الدولي، وتطبيق القرارات الدولية، وهنا تميز الصين دورها بأنها تبذل جهودا في هذا الاتجاه، ونأمل أن تكون نتائج زيارة الرئيس الصيني داعمة لهذا التوجه والمطلب في قادم الأيام".
ويطالب الفلسطينيون بعقد مؤتمر دولي للسلام "ينهي حالة الجمود الذي تعيشه العملية السياسية" بين الفلسطينيين وإسرائيل ولإنهاء الصراع الممتد بين الجانبين منذ عقود.
ويقول الرئيس عباس إنه يجب انبثاق آلية عمل دولية تختص بإنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي على غرار اللجان الدولية التي أنهت الأزمات الدولية سواء في المنطقة أو في العالم.