دمشق 2 فبراير 2016 (شينخوا) يسود شعور واحد بالتشاؤم بين السوريين في مناطق يسيطر عليها النظام واخرى تحت قبضة المعارضة المسلحة ازاء محادثات سلام تجري "تحت ضغوط خارجية" في جنيف، حسب ما يروا، معتبرين انها ستفشل كسابقاتها في وضع حل للازمة المستمرة في البلاد منذ قرابة خمس سنوات.
وبدأت المحادثات السورية الرامية إلى إنهاء النزاع في البلاد "رسميا" الإثنين، حسب ما أعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان ديميستورا بعد اجتماع رسمي مع المعارضة السورية في جنيف.
كما التقى ديميستورا وفد النظام في جنيف.
وانطلقت المحادثات رسميا بشكل غير مباشر الاثنين رغم وصول وفد النظام الجمعة الى جنيف قبل يوم من وصول وفد الهيئة العليا للمفاوضات السورية في وقت متاخر من بعد ظهر السبت.
وبعد وقت ليس بالكثير من وصول الوفدين ساد توتر في جنيف، حيث تبادل الوفدان الاتهامات، مازاد من الهوة بينهما.
واتهم رئيس الوفد السوري إلى جنيف سفير سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري المعارضة السورية بأنها غير جدية وتفتقر الى المصداقية، فيما هددت الهيئة العليا للمفاوضات بأنها ستنسحب منها في حال واصل النظام "ارتكاب الجرائم".
وكانت الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر الرياض قد وضعت بالاساس عدة شروط مسبقة, منها وقف القصف وانهاء الحصار للمشاركة في المفاوضات.
ورغم التوتر الذي ساد في جنيف تبذل الأمم المتحدة التي تتوسط في محادثات السلام جهودا لاستمرار تلك المحادثات لليوم الثاني على التوالي، حيث عقد ديميستورا لقاء ثانيا مع وفد النظام الثلاثاء.
وتثير هذه الاجواء في جنيف، بجانب استمرار المعارك على الارض والضغوط الخارجية، لدى السوريين داخل البلاد تشاؤما ازاء نجاح هذه المفاوضات.
وقال محمد المصري، وهو موظف حكومي في دمشق لوكالة انباء ((شينخوا)) إن "محادثات جنيف الحالية فاشلة من بدايتها (..) لأن الدول التي تدعم أطراف المعارضة لاتزال تضع عراقيل أمام نجاحها".
وتابع "أن كل قوة تدعم مجموعة مسلحة معينة على الارض بهدف تحقيق مكاسب سياسية"، في إشارة إلى التدخلات الاقليمية والدولية.
وأضاف المصري "أعتقد أنه يجب أن يكون الحل بين السوريين وحدهم دون تدخل أجنبي".
ويرى صالح عبد الله، وهو طبيب اسنان سوري يعمل في دمشق في مفاوضات جنيف "مضيعة للوقت، لأن كلا الطرفين المتفاوضين غير متساويين، ولا يوجد تطابق في وجهات النظر بينهما".
وأوضح عبدالله أن "الحكومة في سوريا (..) لاتزال متماسكة وقادرة على احترام أي اتفاق مبرم (..) فيما لدى المعارضة عشرات الفصائل المسلحة، وليس لديها قيادة مركزية، خاصة مع تزايد نشاط وقوة تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة النصرة واستبعادهما من المحادثات الجارية، وهما لديهما سيطرة واضحة على الارض، هذا يعطي انطباع بأن المؤتمر لن يخرج بنتائج ايجابية".
ويشارك بجانب الهيئة العليا للمفاوضات ممثل المعارضة المنبثقة عن مؤتمر الرياض الذي عقد في ديسمبر الماضي، معارضون اخرون.
وكان انقسام المعارضة السورية فيما بينها واحد من عوامل فشل جولتين سابقتين من محادثات السلام في عامي 2012 و2014 في ايجاد حل للأزمة السورية المستمرة لقرابة خمس سنوات.
كما يعد مصير الرئيس السوري بشار الاسد، من القضايا الشائكة التي لا تزال تهدد المفاوضات الجارية.
وتهدف المحادثات المقرر إجراؤها على مدار 6 اشهر الى ايجاد تسوية نهائية للسلام في سوريا، وهى البلد التي تعاني من الحرب منذ قرابة 5 سنوات.
ولاتهدف الجولة الحالية من المحادثات الى بحث امور الحكم والتغيير الدستوري واجراء الإنتخابات فقط ولكن الى معالجة تنفيذ وقف إطلاق نار دائم لتيسير ايصال المعونات الإنسانية ووقف تهديد تنظيم الدولة الإسلامية ايضا.
وعلى الرغم من عدم وجود آمال لدى أحمد سامر، الموظف الحكومي بدمشق ازاء محادثات جنيف، لكنه "يصلي من أجل وضع حد للصراع الطاحن في البلاد".
وأضاف "كنت أتمنى لو أن الأطراف المتحاربة قد اجتمعت في سوريا، أعتقد أن النية ستكون أكثر صدقا بعيدا عن الضغوط الخارجية".
وفي محافظة السويداء جنوب سوريا، قال المدرس عماد النداف (47 عاما) ل(شينخوا) إن "تأخر انعقاد جلسات الحوار يوحي بأن المحادثات لن تفضي إلى نتائج إيجابية على صعيد حل الازمة السورية".
وتابع أن إطالة أمد المحادثات بين الطرفين يعني المزيد من العنف والدمار، معتبرا "أن السوريين يريدون حل الازمة بالطرق السياسية، لكن بعض الدول الاقليمية لا تريد حلا للازمة، وهذا ينعكس في المفاوضات الجارية في جنيف".
وفي حي بمحافظة حلب يسيطر عليه الجيش السوري، يقول قصي رزوق (46 عاما) وهو صحفي سوري ل(شينخوا) إن هذه المحادثات "محكوم عليها بالفشل ولن تخرج بنتائج إيجابية على صعيد الازمة".
وأوضح أن "مشاركة الوفد السوري في مؤتمر جنيف الحالي هي (..) محاولة اعطاء انطباع للمجتمع الدولي بأنها جادة في حل الازمة، فيما لا يملك وفد المعارضة بدوره اوراقا يفاوض عليها ولا يملك قرارا مستقلا، مؤكدا أن غالبية المعارضات تتبع لدول إقليمية، وهذا يعقد المشهد السياسي أكثر".
وفي المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة لم تختلف مشاعر السوريين تجاه محادثات جنيف.
وقال زياد الذي يسكن في مدينة ادلب التي تسيطر عليها جبهة النصرة فرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام ل(شينخوا) بدمشق عبر موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) إن "مؤتمر جنيف لن يقدم شيئا للسوريين، فالقصف لا يزال مستمرا والمحادثات جارية".
وتابع "أن الوضع الإنساني والصحي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة سيء للغاية، كما ان الحصار الذي تفرضه القوات الحكومية يساهم ايضا في تدهور الاوضاع هناك".
وقالت غادة (34 عاما) من محافظة درعا (جنوبا) عبر (فيسبوك) أيضا إن "جرعة خيبة الأمل شعرنا بها بعد تأخر تشكيل وفد المعارضة وانقسامها إلى عدة وفود".
ودعت غادة الكل إلى حقن الدم ووقف القتل والقصف المستمر لكافة المناطق السورية.
وقتل قرابة 250 الف سوري ونزح 4 ملايين لاجىء من البلاد، بجانب 6.5 مليون شخص نزحوا داخل البلاد بسبب النزاع الدائر على مدى السنوات الخمس المنقضية.