تحقيق إخباري: الرسم يؤمن جزءا من متطلبات النازحين شرقي العراق

18:25:42 23-02-2016 | Arabic. News. Cn

بعقوبة، العراق 23 فبراير 2016 (شينخوا) يواصل النازحون العراقيون الذين أجبروا على ترك منازلهم وممتلكاتهم بسبب غزو تنظيم داعش الإرهابي لمناطقهم، جهودهم وتحديهم للظروف الصعبة واستثمار أي شيء حتى تواصل عجلة الحياة دورانها دون توقف.

فقد نجح نازحون شباب في محافظة ديالى شرقي العراق من استثمار مواهبهم في الرسم وتحويلها إلى مصدر عيش لتأمين جزء من قوت أسرهم التي تعاني من عوز مادي كبير نتيجة رحلة النزوح المستمرة منذ أشهر طويلة والتي تركوا كل ممتلكاتهم لينقذوا بأرواحهم.

فبعض الشباب لجأ إلى الأعمال الاعتيادية وانخرط فيها لتوفير لقمة العيش، لكن أصحاب المواهب وخاصة الفنية استثمروا مواهبهم بطريقة جعلتهم يواصلون تنمية مواهبهم ويوفرون جزءا من متطلبات الاحتياجات الأساسية لأسرهم لإدامة الحياة تطبيقا لمقولة الفن من أجل الحياة.

وقال قصي مهدي الكروي (19 عاما) لوكالة أنباء ((شينخوا)) وهو يجلس في غرفة صغيرة داخل منزل متواضع بحي شعبي بمنطقة جرف الملح (5 كم) شمال شرق بعقوبة مركز محافظة ديالى "أمتلك موهبة الرسم منذ الطفولة وشاركت بالعديد من المعارض وحصلت على جوائز، وبعد أن أصبحت نازحا في بلدي قررت أن أواصل مشروعي في الرسم وأبيع اللوحات لمساعدة أسرتي بمصروفاتها اليومية".

وأضاف الكروي الطالب الجامعي حاليا أثناء جلوسه في غرفته التي زينها بلوحات فنية عن جمال الطبيعة بمنطقته التي نزح منها، مع ابتسامة تخفي خلفها الكثير من الألم " لم أكن أفكر يوما بأن تصبح موهبة الرسم عاملا في تأمين جزء من دخل أسرتي التي نزحت من منزلها في ضواحي جلولاء (70 كم) شمال شرق بعقوبة عقب سيطرة تنظيم داعش عليها في يونيو 2014 لكن الحاجة ومتطلبات الحياة دفعتني إلى ذلك".

وتابع وفي صوته نبرة من التحدي للظروف الصعبة "بدأت برسم بعض أصدقائي في باديء الأمر مع إضافة بعض المناظر الطبيعية، وسرعان ما أخذت الطلبات تزداد لبراعتي ودقتي في الرسم الذي أحوله ليس لصورة بل إلى قصة مرسومة تعبر عن أحاسيس جميلة".

وأقر الكروي بأن ما يتقاضاه من مال عن الرسم ليس كبيرا لكنه يسد جزءا من احتياجات أسرته وتكاليف دراسته، لافتا إلى أن سعر اللوحة لايزيد عن 25 الف دينار (20 دولارا) في أغلب الأحيان.

من جهة أخرى، قالت لجين هادي (24 عاما) متخرجة من الجامعة " نزحت مع أسرتي من قرى شمال المقدادية (40 كم) شمال شرق بعقوبة بعد هجوم تنظيم داعش الإرهابي، تركنا كل شيء، وخسرنا كل مصادر العيش بعدما أحرق التطرف الأخضر واليابس".

ومضت هادي تقول والحسرة والألم والمعاناة واضحة على وجهها بعد أن تركت منزلها الواسع وهي تسكن حاليا منزلا صغيرا بمنطقة التحرير جنوبي بعقوبة "مرت أسرتي بظروف صعبة للغاية عقب النزوح القسري خاصة بعدما أصيب أبي بشلل أرقده الفراش منذ عدة أشهر، ففقدنا مصدر الرزق الأخير لنا، الأمر الذي دفعني إلى استثمار موهبتي في الرسم لتأمين جزء من متطلبات أسرتي اليومية".

وذكرت هادي أن أكثر زبائنها من الفتيات اللواتي أعجبن بموهبتها ورسوماتها، مبينة أن أغلب لوحاتها تعتمد إظهار الجوانب الشخصية للإنسان، مشيرة إلى أن أغلى لوحة باعتها بلغ سعرها 50 الف دينار عراقي (40 دولارا)، مشيرة إلى أنها تشعر بالفرح عندما تبيع بعض اللوحات حتى توفر احتياجات أسرتها وتدفع أجرة المنزل الذي تسكن فيه الأسرة.

وأعربت هادي وهي تداعب شقيقتها الصغرى نوال (5 سنوات) عن أمنيتها بتوفير معارض فنية متخصصة، وجهات داعمة للفنانين الشباب لتطوير مواهبهم وتوفير احتياجاتهم، لافتة إلى أن التكنولوجيا الحديثة أثرت بشكل سلبي على فن الرسم لكن تبقى للانامل سحر مميز على حد وصفها.

بدوره، أفاد عمر زكي (25 عاما) بأن الحاجة للمال وسط محدودية الفرص المتوفرة للعمل هي من قادته لاستثمار موهبته في الرسم لتصبح مصدر رزق له ولأسرته بعدما كانت لسنين طويلة مجرد هواية يقضي فيها أوقات فراغه.

وقال زكي الذي نزح من إحدى قرى جلولاء وعاش في ظروف قاسية وصعبة جدا "استثمرت موهبتي بعدما نشر احد أصدقائي مجموعة من رسوماتي على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي لاقت قبولا حسنا وبدأت العروض تقدم الي بعض رياض الأطفال لرسم لوحات على الجدران الداخلية".

ولفت زكي، الذي يسكن بمنزل بسيط جدا أجره في قرية زراعية تبعد نحو (6 كم) جنوب غرب بعقوبة إلى أنه تردد في البداية لكن الحاجة دفعته للقبول، موضحا أن موهبته فتحت له مصادر عمل أخرى وتحولت موهبته في الرسم إلى مصدر رزق رئيسي له ولعائلته وتحسنت بسببها حالته المالية على نحو جيد بالأشهر الأخيرة، مشيرا إلى أن بعض الناس أطلقوا عليه لقب عمر الرسام.

إلى ذلك، قال علوان سعيد المجمعي (متقاعد) وهو يحمل صورة له رسمها أحد الفنانين الشباب إن " الرسم التقليدي فيه لمحة جمال لاتجدها في صور الكاميرات الرقمية الحديثة، لأن الصورة التي ترسم باليد تشعر بأنها أكثر تعبيرا عن موهبة الرسام.

وأوضح المجمعي أنه يعشق فن الرسم التقليدي ولديه الكثير من الصور التي يحتفظ بها منذ سنوات طويلة، لافتا إلى أنه دفع 35 الف دينار عراقي (حوالي 28 دولارا) في آخر لوحة اشتراها.

من جهته، دعا عضو مجلس محافظة ديالى كريم الجبوري إلى ضرورة دعم المواهب الفنية في المحافظة ومنها الرسم من خلال إقامة المعارض الموسعة لتعريف الرأي العام بمواهب الشباب ومساعدتهم في تنميتها لخدمة المجتمع.

وأضاف الجبوري أن " الأوضاع الأمنية في ديالى أثرت على ملف الفنون بشكل كبير لكن البعض بالفعل امتلك إرادة ونجح في استثمار موهبته في إطار تأمين مصدر رزقه، ونسعى إلى استثمار تلك المواهب وتشجيعها ومساعدتها في المرحلة المقبلة".

يذكر أن أحداث يونيو 2014 التي أسفرت عن سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مناطق واسعة من محافظة ديالى أدت إلى نزوح آلاف الأسر من منازلها خوفا من بطش هذا التنظيم الإرهابي، الأمر الذي خلق مشاكل كبيرة في توفير مساكن لهذه الأسر فضلا عن الحاجة إلى الطعام والشراب ومتطلبات الحياة الأخرى.

وما تزال هناك العديد من الأسر التي نزحت من مناطقها في محافظة ديالى خارج منازلها رغم تحرير مناطقهم من سيطرة التنظيم الإرهابي منذ أكثر من سنة، الأمر الذي دفع هذه الأسر إلى العمل بأي شيء لتوفير قوتهم اليومي.

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى
arabic.news.cn

تحقيق إخباري: الرسم يؤمن جزءا من متطلبات النازحين شرقي العراق

新华社 | 2016-02-23 18:25:42

بعقوبة، العراق 23 فبراير 2016 (شينخوا) يواصل النازحون العراقيون الذين أجبروا على ترك منازلهم وممتلكاتهم بسبب غزو تنظيم داعش الإرهابي لمناطقهم، جهودهم وتحديهم للظروف الصعبة واستثمار أي شيء حتى تواصل عجلة الحياة دورانها دون توقف.

فقد نجح نازحون شباب في محافظة ديالى شرقي العراق من استثمار مواهبهم في الرسم وتحويلها إلى مصدر عيش لتأمين جزء من قوت أسرهم التي تعاني من عوز مادي كبير نتيجة رحلة النزوح المستمرة منذ أشهر طويلة والتي تركوا كل ممتلكاتهم لينقذوا بأرواحهم.

فبعض الشباب لجأ إلى الأعمال الاعتيادية وانخرط فيها لتوفير لقمة العيش، لكن أصحاب المواهب وخاصة الفنية استثمروا مواهبهم بطريقة جعلتهم يواصلون تنمية مواهبهم ويوفرون جزءا من متطلبات الاحتياجات الأساسية لأسرهم لإدامة الحياة تطبيقا لمقولة الفن من أجل الحياة.

وقال قصي مهدي الكروي (19 عاما) لوكالة أنباء ((شينخوا)) وهو يجلس في غرفة صغيرة داخل منزل متواضع بحي شعبي بمنطقة جرف الملح (5 كم) شمال شرق بعقوبة مركز محافظة ديالى "أمتلك موهبة الرسم منذ الطفولة وشاركت بالعديد من المعارض وحصلت على جوائز، وبعد أن أصبحت نازحا في بلدي قررت أن أواصل مشروعي في الرسم وأبيع اللوحات لمساعدة أسرتي بمصروفاتها اليومية".

وأضاف الكروي الطالب الجامعي حاليا أثناء جلوسه في غرفته التي زينها بلوحات فنية عن جمال الطبيعة بمنطقته التي نزح منها، مع ابتسامة تخفي خلفها الكثير من الألم " لم أكن أفكر يوما بأن تصبح موهبة الرسم عاملا في تأمين جزء من دخل أسرتي التي نزحت من منزلها في ضواحي جلولاء (70 كم) شمال شرق بعقوبة عقب سيطرة تنظيم داعش عليها في يونيو 2014 لكن الحاجة ومتطلبات الحياة دفعتني إلى ذلك".

وتابع وفي صوته نبرة من التحدي للظروف الصعبة "بدأت برسم بعض أصدقائي في باديء الأمر مع إضافة بعض المناظر الطبيعية، وسرعان ما أخذت الطلبات تزداد لبراعتي ودقتي في الرسم الذي أحوله ليس لصورة بل إلى قصة مرسومة تعبر عن أحاسيس جميلة".

وأقر الكروي بأن ما يتقاضاه من مال عن الرسم ليس كبيرا لكنه يسد جزءا من احتياجات أسرته وتكاليف دراسته، لافتا إلى أن سعر اللوحة لايزيد عن 25 الف دينار (20 دولارا) في أغلب الأحيان.

من جهة أخرى، قالت لجين هادي (24 عاما) متخرجة من الجامعة " نزحت مع أسرتي من قرى شمال المقدادية (40 كم) شمال شرق بعقوبة بعد هجوم تنظيم داعش الإرهابي، تركنا كل شيء، وخسرنا كل مصادر العيش بعدما أحرق التطرف الأخضر واليابس".

ومضت هادي تقول والحسرة والألم والمعاناة واضحة على وجهها بعد أن تركت منزلها الواسع وهي تسكن حاليا منزلا صغيرا بمنطقة التحرير جنوبي بعقوبة "مرت أسرتي بظروف صعبة للغاية عقب النزوح القسري خاصة بعدما أصيب أبي بشلل أرقده الفراش منذ عدة أشهر، ففقدنا مصدر الرزق الأخير لنا، الأمر الذي دفعني إلى استثمار موهبتي في الرسم لتأمين جزء من متطلبات أسرتي اليومية".

وذكرت هادي أن أكثر زبائنها من الفتيات اللواتي أعجبن بموهبتها ورسوماتها، مبينة أن أغلب لوحاتها تعتمد إظهار الجوانب الشخصية للإنسان، مشيرة إلى أن أغلى لوحة باعتها بلغ سعرها 50 الف دينار عراقي (40 دولارا)، مشيرة إلى أنها تشعر بالفرح عندما تبيع بعض اللوحات حتى توفر احتياجات أسرتها وتدفع أجرة المنزل الذي تسكن فيه الأسرة.

وأعربت هادي وهي تداعب شقيقتها الصغرى نوال (5 سنوات) عن أمنيتها بتوفير معارض فنية متخصصة، وجهات داعمة للفنانين الشباب لتطوير مواهبهم وتوفير احتياجاتهم، لافتة إلى أن التكنولوجيا الحديثة أثرت بشكل سلبي على فن الرسم لكن تبقى للانامل سحر مميز على حد وصفها.

بدوره، أفاد عمر زكي (25 عاما) بأن الحاجة للمال وسط محدودية الفرص المتوفرة للعمل هي من قادته لاستثمار موهبته في الرسم لتصبح مصدر رزق له ولأسرته بعدما كانت لسنين طويلة مجرد هواية يقضي فيها أوقات فراغه.

وقال زكي الذي نزح من إحدى قرى جلولاء وعاش في ظروف قاسية وصعبة جدا "استثمرت موهبتي بعدما نشر احد أصدقائي مجموعة من رسوماتي على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي لاقت قبولا حسنا وبدأت العروض تقدم الي بعض رياض الأطفال لرسم لوحات على الجدران الداخلية".

ولفت زكي، الذي يسكن بمنزل بسيط جدا أجره في قرية زراعية تبعد نحو (6 كم) جنوب غرب بعقوبة إلى أنه تردد في البداية لكن الحاجة دفعته للقبول، موضحا أن موهبته فتحت له مصادر عمل أخرى وتحولت موهبته في الرسم إلى مصدر رزق رئيسي له ولعائلته وتحسنت بسببها حالته المالية على نحو جيد بالأشهر الأخيرة، مشيرا إلى أن بعض الناس أطلقوا عليه لقب عمر الرسام.

إلى ذلك، قال علوان سعيد المجمعي (متقاعد) وهو يحمل صورة له رسمها أحد الفنانين الشباب إن " الرسم التقليدي فيه لمحة جمال لاتجدها في صور الكاميرات الرقمية الحديثة، لأن الصورة التي ترسم باليد تشعر بأنها أكثر تعبيرا عن موهبة الرسام.

وأوضح المجمعي أنه يعشق فن الرسم التقليدي ولديه الكثير من الصور التي يحتفظ بها منذ سنوات طويلة، لافتا إلى أنه دفع 35 الف دينار عراقي (حوالي 28 دولارا) في آخر لوحة اشتراها.

من جهته، دعا عضو مجلس محافظة ديالى كريم الجبوري إلى ضرورة دعم المواهب الفنية في المحافظة ومنها الرسم من خلال إقامة المعارض الموسعة لتعريف الرأي العام بمواهب الشباب ومساعدتهم في تنميتها لخدمة المجتمع.

وأضاف الجبوري أن " الأوضاع الأمنية في ديالى أثرت على ملف الفنون بشكل كبير لكن البعض بالفعل امتلك إرادة ونجح في استثمار موهبته في إطار تأمين مصدر رزقه، ونسعى إلى استثمار تلك المواهب وتشجيعها ومساعدتها في المرحلة المقبلة".

يذكر أن أحداث يونيو 2014 التي أسفرت عن سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على مناطق واسعة من محافظة ديالى أدت إلى نزوح آلاف الأسر من منازلها خوفا من بطش هذا التنظيم الإرهابي، الأمر الذي خلق مشاكل كبيرة في توفير مساكن لهذه الأسر فضلا عن الحاجة إلى الطعام والشراب ومتطلبات الحياة الأخرى.

وما تزال هناك العديد من الأسر التي نزحت من مناطقها في محافظة ديالى خارج منازلها رغم تحرير مناطقهم من سيطرة التنظيم الإرهابي منذ أكثر من سنة، الأمر الذي دفع هذه الأسر إلى العمل بأي شيء لتوفير قوتهم اليومي.

الصور

010020070790000000000000011101441351239131