بعقوبة، العراق 27 فبراير 2016 (شينخوا) لجأ السكان من الطبقات الفقيرة والمحتاجة في محافظة ديالى شرقي العراق إلى أسلوب أسموه "القروض الشعبية" لتمويل مشاريعهم خاصة وتوفير متطلبات الحياة اليومية.
وقال عبدالله سليم صاحب مكتب صيرفة (بيع وشراء العملة الأجنبية) في المقدادية (40 كلم) شمال شرق بعقوبة مركز محافظة ديالى لوكالة أنباء (شينخوا) إن "مصطلح القروض الشعبية برز قبل نهاية 2015 ويعتمد على مفهوم بسيط هو منح قروض مالية بالدولار الأمريكي تتراوح من 100 إلى 4000 دولار كحدى أعلى للمواطنين بضمان هوية الدفع المسبق (كي كارد) لموظف أو متقاعد تبقى بحوزة المكتب الذي يقدم القرض".
ويعتمد بعض الموظفين الحكوميين وجميع المتقاعدين على بطاقة الدفع المسبق (كي كارد) في استلام رواتبهم من خلال المصارف أو مكاتب الصيرفة الأهلية المنتشرة في كل المدن والبلدات وبعض القرى، وأصبحت بالوقت الحالي كبطاقة ضامنة لأصحاب القروض المالية.
وأضاف سليم أن " كل 100 دولار تفرض عليها فوائد مالية تتراوح من ما بين 5 إلى 10 آلاف دينار عراقي (من 3 - 8 دولارات) شهريا دون النظر إلى بورصة ارتفاع أو هبوط الدولار قياسا بالعملة العراقية الدينار".
واعتبر سليم أن القروض الشعبية أسلوب اقتصادي جديد خلقته الأزمة المالية الراهنة في البلاد، ورغبة الناس في الحصول على بعض المال لتمويل بعض المشاريع الصغيرة أو تأمين مستحقات الزواج أو العلاج.
بدوره، قال صلاح التميمي صاحب مكتب صيرفة أهلي في بعقوبة " نعطي المال لمن يحتاجه بشكل بسيط لأننا نعتمد أسلوب يحفظ حقوقنا من خلال وجود بطاقة الدفع المسبق (كي كارد) لدينا وهي الضمان الوحيد".
وتابع التميمي "رغم أن القروض التي نعطيها للمواطنين متواضعة إلا أنها أسهمت في حل مشاكل الكثير منهم خاصة محدودي الدخل والفقراء"، لافتا إلى أن عملهم يعتمد الثقة بالأساس لأنهم لايعطون إلا لشخص يعرفونه إضافة إلى الاحتفاظ ببطاقة الدفع المسبق.
إلى ذلك، أفاد سجاد عبيد التميمي (متقاعد) بأنه احتاج إلى 3 آلاف دولار أمريكي لتأمين سداد مبلغ شراء سيارة جديدة له ولجأ إلى مكاتب الصيرفة الأهلية لأخذ قرض منها عبر ما يعرف بالقروض الشعبية.
وأضاف التميمي "حصلت على القرض خلال دقائق معدودة بعد إعطاء بطاقة الدفع المسبق وتدوين بعض المعلومات"، مبينا لو انه قدم على قرض من مصرف حكومي فان الأمر ربما يحتاج إلى أسابيع أو أشهر والى مراجعات طويلة.
من جانبه، قال عبد القادر الدليمي (مزارع) "زوجتي بحاجة ماسة لإجراء عملية جراحية في الهند وتتطلب مني تأمين مبلغ وقدره 2300 دولار أمريكي ولا يوجد لدي لان مزرعتي دمرت من قبل الإرهابيين لذا لجأت إلى القروض الشعبية للاستدانة".
وتابع الدليمي أن "حجم الفائدة كبير لكن ما باليد حيلة هذا ما متوفر حاليا أمامي وعلي القبول به لأجل إجراء العملية الجراحية لزوجتي بالسرعة الممكنة"، موضحا أن احد أقاربه موظف حكومي ساعده من خلال إعطائه بطاقة الدفع المسبق، بعد تعهده بدفع كل المستحقات المالية بالتوقيتات الزمنية المثبتة دون تأخير.
على صعيد متصل، ذكر صفاء خميس العتبي، خبير مالي، بان القروض الشعبية برزت بشكل لافت في مناطق الأرياف والبلدات الزراعية في الأشهر القليلة الماضية وبدأت تتسع نتيجة الإقبال عليها بعدما عمدت بعض مكاتب الصيرفة الأهلية إلى إعطاء قروض مالية حتى لبناء المنازل مقابل فائدة شهرية.
وقال العتبي إن "سر نجاح القروض الشعبية يتمثل في تجاوزها لتعقيدات منح القرض إلى المواطن مقابل وجود بطاقة للدفع المسبق صالحة إضافة إلى أن يكون طالب القرض شخص معروف لدى الصيرفة وليس غريب مجهول الهوية والمسكن".
وأشار العتبي إلى أن المصارف الحكومية أو الأهلية لو استثمرت وجود شريحة واسعة من محدودي الدخل في منحهم قروض مالية بفوائد متواضعة مقابل بطاقة الدفع المسبق أو رهن عقاري ولكن بأسلوب غير معقد فستساعد على تنشيط عملها وتعطي زخما عاليا للأنشطة الاقتصادية وتؤمن سيولة دائمة.
يذكر أجزاء كبيرة من محافظة ديالى وخاصة المناطق الزراعية منها احتلت من قبل تنظيم داعش الإرهابي في يونيو 2014، وقد استعادتها القوات العراقية بعد عدة أشهر ما أدى وقوع خسائر مالية كبيرة في المزارع، فضلا عن قيام الإرهابيين بتخريب المشاريع الزراعية، الامر الذي ادى إلى انخفاض دخل الفلاحين والمزارعين لن اغلبهم خسر كل ما يملك.
ويرى المراقبون ان الحكومة العراقية عليها تعويض المتضررين من جراء الارهاب، الذي غير حياة الكثير من العراقيين من الغنى إلى الفقر بعد ان اضطروا إلى ترك منازلهم وممتلكاتهم واصبحوا نازحين في بلدهم لكنهم لا يملكون اي شيء حتى الطعام اليومي.