بكين 10 مارس 2016 (شينخوا) من المقرر أن يعقد مجلس الدول العربية دورة غير عادية على مستوى وزراء الخارجية العرب اليوم (الخميس) لاختيار الأمين العام الجديد للجامعة خلفا للدكتور نبيل العربي الذي تنتهي ولايته في 30 يونيو المقبل. وقد تلقت الأمانة العامة للجامعة يوم 7 مارس مذكرة رسمية من مصر بترشيح أحمد أبو الغيط وزير الخارجية الأسبق لهذا المنصب.
وفي هذا الصدد أعرب دبلوماسيون وخبراء صينيون عن دعمهم لقرار مصر, قائلين إنه "مرشح مناسب ونموذجي" للمنصب في ضوء ما يتمتع به من خبرات وفيرة اكتسبها طوال عمله الدبلوماسي الحافل, متوقعين أن يمضي بالجامعة العربية قدما في تسوية قضايا إقليمية معقدة مثل قضايا سوريا واللاجئين والتنمية الاقتصادية ... الخ.
وذكر وو سي كه المبعوث الخاص الصيني السابق إلى الشرق الأوسط ، وهو يسترجع تعاملاته المتكررة مع أبو الغيط في الفترة التي تولى فيها منصبي سفير الصين لدى مصر خلال 2003-2007, والمبعوث الخاص الصيني خلال 2008-2014, أن أبو الغيط الذي تولى منصب وزير الخارجية في مصر خلال 2004-2011, هو "المرشح المناسب" لمنصب الأمين العام للجامعة العربية، مشيرا إلى أن ما ترك في نفسه انطباعا عميقا إزاء وزير الخارجية المصري الأسبق هو ما يتمتع به من كفاءة كبيرة وعقلية منظمة وقدرة على العمل السريع والسلس بالإضافة إلى روح فكاهة طيبة.
و"لهذا ليس من المستغرب أن ترشح مصر أبو الغيط لهذا المنصب الرفيع" هكذا قال وو سي كه، مضيفا أن أبو الغيط لعب دورا قديرا أثناء توليه منصب وزير الخارجية في دفع التعاون بين الصين ومصر فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية وإصلاح مجلس الأمن الدولي نظرا لوجود أهداف متماثلة بين البلدين.
ولفت السفير وو إلى أنه بعد خمس سنوات شهدت فيها المنطقة العربية اضطرابات وتغيرات صعب خلالها على جامعة الدول العربية إحراز إنجازات كبيرة, باتت الآن مسألة إيجاد حلول لقضايا المنطقة وتخطيط مستقبلها أكثر وضوحا, معربا عن ثقته بأن جامعة الدول العربية ستؤدى أدوارا أكبر في المنطقة حال تولى أبو الغيط منصب أمينها العام.
وشاطره الرأي السيد وو يي هونغ الذي سبق أن تولى منصب رئيس المكتب الإقليمي لوكالة أنباء ((شينخوا)) في منطقة الشرق الأوسط خلال الفترة ما بين عامي 2001 و2009 وأجرى مقابلات عدة مع أبو الغيط عندما كان يتقلد آنذاك منصب وزير الخارجية، قائلا إن أبو الغيط دبلوماسي مخضرم و"مرشح مناسب ونموذجي" لمنصب أمين عام الجامعة العربية.
وأشار السيد وو إلى أن المصريين يتولون منصب الأمين العام للجامعة منذ سنوات عديدة لأن مصر دولة كبيرة في الوطن العربي. فقد جاء 6 من أصل 7 دبلوماسيين، تناوبوا على أمانة الجامعة العربية منذ تأسيسها عام 1954، من مصر وهم عبد الرحمن عزام ومحمد عبد الخالق حسونة ومحمود رياض وأحمد عصمت عبد المجيد وعمر موسى ونبيل العربي، فيما كان التونسي الشاذلي القليبي هو الوحيد من خارج مصر الذي شغل هذا المنصب.
ويرى وو يي هونغ، وهو الآن باحث مخضرم بمركز الدراسات الدولية التابع لـ)(شينخوا()، أن العلاقات بين جامعة الدول العربية والصين ستدخل مرحلة جديدة مستقبلا ، ولاسيما بعدما ألقى الرئيس الصيني شي جين بينغ في يناير الماضي خلال زيارته لمصر خطابا بمقر الجامعة في القاهرة، قام خلاله بطرح نهج بديل لحل المعضلات الإقليمية ورسم مسار للتنمية المستقبلية للتعاون الودي بين الصين والدول العربية.
وأوضح الباحث وو أن أبو الغيط أولى أثناء تقلده منصب وزير الخارجية اهتماما بتعزيز التنسيق والتعاون المصري-الصيني وتدعيم الصداقة بين البلدين، لافتا إلى أنه إذا ما تولي الوزير المصري الأسبق منصب الأمين العام للجامعة, فإنه سيقود جامعة الدول العربية في دفع تسوية القضايا الإقليمية بما فيها قضايا سوريا وليبيا واللاجئين والتنمية الاقتصادية، كما إنه سيكون ممثلا لرؤية الدول العربية التي صارت تدرك أن الصين، مقارنة بالغرب, تفضل إجراء تعاون براغماتي مع الدول العربية من أجل دفع النمو الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة.
ومن ناحية أخرى, قال وو بينغ بينغ رئيس مؤسسة بحوث الحضارة الإسلامية بجامعة بكين إن أبو الغيط, بما لديه من خبرات كثيرة تراكمت على مدى عشرات السنين من عمله في السلك الدبلوماسي ومن صلاته الوثيقة والعميقة مع كبار المسؤولين من مختلف البلدان, يعد المرشح الذي يمتلك المؤهلات التي يلزم توافرها فيمن يتولى منصب أمين عام الجامعة العربية من أجل التعامل مع الوضع شديد التعقيد الذي تشهده المنطقة وتتأثر فيه قضايا إقليمية مختلفة ببعضها البعض.
واستطرد وو بينغ بينغ قائلا إن تزايد الاضطرابات التي تشهدها دول عربية مثل سوريا والعراق وليبيا وتفاقم وضع مكافحة الإرهاب في المنطقة وخروج القضية الفلسطينية من بؤرة الاهتمام العالمي وانقطاع العلاقات الدبلوماسية بين إيران وبعض الدول العربية قد تكون لها تداعيات على مصر والمنطقة بأسرها لهذا جاء ترشيح مصر للدبلوماسي المخضرم أبو الغيط رغبة منها في التعامل مع هذه القضايا بشكل متوازن ومنسق.
وأعرب الأستاذ وو بينغ بينغ عن تفاؤله إزاء مستقبل العلاقات بين الجامعة العربية والصين وخاصة بعد الخطاب الذي ألقاه الرئيس الصيني في مقر الجامعة وحدد فيه الاتجاه الرئيسي لتنمية هذه العلاقات, قائلا إن دول المنطقة العربية وشعوبها صارت بعد سنوات من الاضطرابات تتطلع إلى تحقيق الاستقرار والتنمية وعلى استعداد للتعاون مع الخارج من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية , الأمر الذي يتيح فرصا هائلة لدفع العلاقات الصينية-العربية في مجالات مثل تبادل الأفراد، والقوانين واللوائح, ومشروعات البنى التحتية، ومبادرة "الحزام والطريق", وعملية التحديث, والقدرة الإنتاجية والخ.