بكين 17 مارس 2016 (شينخوا) سلطت الدورتان السنويتان (الدورة الرابعة للمجلس الوطني الـ12 للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني والدورة الرابعة للمجلس الوطني الـ12 لنواب الشعب الصيني) اللتان اختتمت أعمالهما أمس الأربعاء مزيدا من الضوء على الجهود التي تبذلها الصين لتهيئة مناخ موات وقابل للتنبؤ للاستثمار الأجنبي..
ومن المتوقع أن تصبح السوق الصينية أكثر انفتاحا أمام المستثمرين الأجانب بعد تحول التركيز إلى تسهيل الاستثمارات خلال السنوات القادمة، إذ أفاد تقرير عمل الحكومة الذي قدمه رئيس مجلس الدولة لي كه تشيانغ إلى أعلى هيئة تشريعية مؤخرا بأن الصين ستعمل على "الحفاظ على جاذبيتها القوية وعلى أن تصبح الوجهة المفضلة للاستثمارات الأجنبية".
كما صرح وزير التجارة الصيني قاو هو تشنغ مؤخرا على هامش الدورة بأن الصين تعكف الآن على تسريع إصلاح نظام الاستثمار الأجنبي لخلق بيئة قانونية مستقرة وشفافة وتخفيف القيود المفروضة على المستثمرين الأجانب ومنحهم وصولا أسهل للسوق الصينية، كما ستسهل دخولهم قطاعي الخدمات والصناعات التحويلية المتطورة.
ورغم ما يقال عن حدوث تدفق ضخم لرؤوس الأموال الأجنبية إلى خارج السوق الصينية في عام 2015، إلا أن حجم استخدام رؤوس الأموال الأجنبية سجل رقما قياسيا جديدا حيث بلغت قيمتها 126.3 مليار دولار أمريكي بزيادة 5.6% عن العام الماضي.
كما برهنت البيانات الصادرة عن وزارة التجارة الصينية على هذا الاتجاه المتنامي للاستثمارات الأجنبية. ووفقا لإحصاءات الوزارة، تم إنشاء أكثر من 26500 شركة أجنبية في عموم الصين، بزيادة 11.8% عن العام الماضي. كما تشهد الصين زيادة في الاستثمارات التي تضخها شركات تصنف ضمن أكبر 500 شركة في العالم، حيث تجاوزت الزيادة في استثمارات شركات مشهورة عالميا مثل أودي وفولكس فاجن ودايملر ولوفتهانزا وفيات وفولفو وهيونداي وكيا موتورز وسامسونج للإلكترونيات وبريدجستون وإيتوتشو وإنتل وكرايسلر في الصين 100 مليون دولار أمريكي.
ومن جانبه، ذكر لونغ قوه تشيانغ نائب مدير مركز بحوث التنمية التابع لمجلس الدولة أن السوق المحلية الضخمة للصين تتمتع بجاذبية قوية لدى المستثمرين الأجانب، حيث تمر الصين الآن بفترة حاسمة تتمثل في إحداث تحول في مسألة الميزة النسبية، إذ أن الميزة النسبية التقليدية المتعلقة بالعمالة منخفضة التكلفة بدأت تضعف وأخذت السوق المحلية تظهر مزايا نسبية جديدة.
ولفت هاري سياد رئيس غرفة التجارة الأمريكية في جنوب الصين إلى أنه ثمة اتجاه يبدو في غاية الوضوح الآن ويمثل في أن الشركات الأجنبية المتخصصة في تصنيع المعدات الأصلية داخل الصين تواجه فترة صعبة نتيجة التحول من الميزة النسبية التقليدية إلى تفعيل المزايا النسبية الجديدة، أما الشركات الأجنبية التي تتخذ من السوق الصينية هدفا لها فيتوسع نشاطها وتتزايد مبيعاتها في هذه السوق الشاسعة بشكل مطرد. فعلى سبيل المثال، ارتفعت نسبة الشركات الأعضاء بالغرفة التي توفر منتجات وتقدم خدمات للسوق الصينية بواقع 80 % مقارنة بـ 23% فقط في نهاية عام 2003.
وفي الواقع، تشجع الصين الاستثمار الأجنبي منذ بدء تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح قبل أكثر من ثلاثة عقود. وقد أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ مرارا أن الصين لن تغير سياساتها بشأن الشركات الأجنبية، متعهدا بمواصلة الجهود لتشجيع تواجدها في الصين وتقديم خدمات وتهيئة بيئة تجارية سليمة لها.
وخلال العام الماضي، تم إنشاء مناطق تجارة حرة تجريبية في مقاطعتي قوانغدونغ وفوجيان وبلدية تيانجين، في الوقت الذي تم فيه توسيع منطقة التجارة الحرة بشانغهاي. ومع مرور الأيام انكشفت بجلاء القوة الجاذبة لرأس المال الأجنبي في مناطق التجارة الحرة التجريبية الثلاث.
وتظهر إحصاءات وزارة التجارة الصينية أنه في الفترة من يناير إلى نوفمبر من العام الماضي، أقيمت 6040 شركة أجنبية في مناطق التجارة الحرة في قوانغدونغ وتيانجين وفوجيان، وبلغت قيمة رأس المال الأجنبي التعاقدي لها 68.6 مليار دولار أمريكي. وجذبت منطقة التجارة الحرة الموسعة في شانغهاي حوالي نصف إجمالي رأس المال الأجنبي للمدينة كلها.
أما تطبيق مبادرة "الحزام والطريق" فيتيح فرصة جديدة هائلة لرأس المال الأجنبي. ففي عام 2015، ازدادت الاستثمارات المتدفقة من الدول والمناطق الواقعة على طول "الحزام والطريق" بواقع 25.3% مقارنة بالعام السابق. وباعتبارها منطقة مهمة على طريق الحرير البحري، ازدادت الاستثمارات من دول الآسيان (رابطة دول جنوب شرق آسيا) بواقع 22.1%.
إن الانفتاح يجلب باستمرار مجالات جديدة للاستثمار، أما الإصلاح فيأتي بمزيد من التسهيلات للمستثمرين الأجانب. وفي هذا الصدد، أكد تشن تشي هوا نائب رئيس شركة (كاتربيلر) العالمية قائلا "إننا نجنى أرباح الإصلاح في السوق الصينية، وأظن أننا سوف ننعم بمزيد من الفرص نتيجة الانفتاح المستقبلي للسوق الصينية".