بقلم : اسامة راضي وحمادة الحطاب
بيت لحم/غزة 21 مارس 2016 (شينخوا) لم تتمكن الطفلة إيمان من إهداء والدتها باقة ورد كما اعتادت سنويا في "عيد الأم" لهذا العام بسبب اعتقال والدتها منذ ثلاثة أشهر في السجون الإسرائيلية.
واستقبلت إيمان (14 عاما) مع أشقائها الثمانية صباح هذا اليوم بحزن مضاعف مع احتفال أقرانها بعيد الأم وتقديم الهدايا لهن، فيما هم محرمون من تواجد والدتهم معهم قسرا.
وتقول إيمان لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن شعور الحرمان والافتقاد سيطر عليها وأشقائها منذ اللحظة الأولى لاعتقال والدتهم لكن هذا اليوم أشد عليهم مع عدم تمكنهم من تقبيلها في عيدها وتقديم الورود والهدايا لها.
وتضيف بنبرات متقطعة حزينة "نشتاق كثيرا لأمي ونشعر بقلق بالغ على وضعها وتقريبا لا يتوقف أشقائي خصوصا أصغرهم حسن (3 أعوام) عن البكاء وهم يطلبون رؤيتها ".
واعتقل الجيش الإسرائيلي عبلة العدم (45 عاما) والدة إيمان وهي من سكان بيت لحم في الضفة الغربية في 20 ديسمبر الماضي أثناء مواجهات بين قواته وشبان فلسطينيين في المدينة.
ويقول أحمد العدم زوج عبلة ل((شينخوا))، إنها اعتقلت بعد تعرضها لإصابة بقنبلة غاز أطلقها جنود إسرائيليون على الشبان المتظاهرين.
ويضيف العدم، ان زوجته كانت تسير بالقرب من موقع المظاهرة وهي عائدة إلى منزلها بعد إجراء فحوصات طبية في أحد مشافي المدينة.
ويردف أنهم أبلغوا بأن حالة زوجته حرجة للغاية بسبب إصابتها في الرأس بقنبلة الغاز وأن الجيش الإسرائيلي نقلها إلى مستشفى (هداسا) الإسرائيلي حيث رقدت للعلاج لمدة عشرة أيام.
لكن الصدمة الأكبر من خبر إصابتها تمثل بإبلاغ الزوج بتحويل زوجته إلى الاعتقال لاحقا بتهمة محاولة طعن جندي إسرائيلي، وهو أمر ينفيه تماما ويقول إنها "تهمة باطلة لا أساس لها من الصحة".
ومنذ تحويلها للاعتقال خضعت الأسيرة عبلة إلى ثلاث جلسات لمحكمة عسكرية إسرائيلية وتم في كل مرة تأجيل النطق بالحكم ضدها لعدم كفاية الأدلة بحسب ما يقول زوجها الذي يشدد على براءتها.
ويقول العدم بهذا الصدد "لا يصدق عقل أن أما مريضة ولديها تسعة أبناء تحاول طعن جندي مدجج بالأسلحة، هذا افتراء هدفه فقط إبقائها قيد الاعتقال أطول فترة ممكنة من دون أي مبرر قانوني".
ولم يتمكن العدم من زيارة زوجته باستثناء مرة وحيدة سمحت فيه السلطات الإسرائيلية لثلاثة من أبنائه بزيارتها في سجن (هشارون) الذي يتم احتجازها فيه.
وحسب ما وجد الأبناء الثلاثة فإن والدتهم "فقدت عينها اليمنى كما أن محاميها أبلغ العائلة أنها تعاني من كسر في الجمجمة وكدمة في المخ وقطع شريان في الرأس ويتوجب خضوعها لعملية جراحية عاجلة".
وتقول إيمان التي بكت ونحبت كثيرا عندما زارتها "صدمت عندما وجدت أمي شبه منهارة تعاني من آلام شديدة في رأسها لكنها تحاول التماسك أمامنا حتى لا نحزن أكثر على حالها ".
وتضيف وهي تمسك بيديها صورة والدتها الأسيرة "لم نعش مأساة أكبر من اعتقال والدتنا مع علمنا أنها بحالة صحية متدهورة (...) نحلم كل يوم أن نراها بيننا مجددا ونقبلها كل يوم وليس في عيد الأم فقط ".
ويحتفل العالم بعيد الأم في 21 من مارس من كل عام.
وتظهر إحصائيات نادي الأسير الفلسطيني، أن 13 أسيرة أم معتقلات حاليا في السجون الإسرائيلية من أصل نحو 60 أسيرة.
ويقول رئيس نادي الأسير قدورة فارس ل((شينخوا))، إن السلطات الإسرائيلية تحرم الأمهات الأسيرات من العيش مع أبنائهن ورعايتهم في إجراء تعسفي وانتهاك لأبسط مبادئ القانون الدولي.
ويشير فارس، إلى أن السلطات الإسرائيلية تحرم الأسيرات الأمهات من الزيارات المفتوحة ومن تمكينهن من احتضان أبنائهن ، إضافة إلى منع التواصل الهاتفي وإرسال وتلقي الرسائل المكتوبة.
ويغمر الحزن الشديد الطفلة أميرة أبو كميل (12 عاما) ومشاعر الحرمان والافتقاد تسيطر عليها مع استمرار اعتقال والدتها نسرين منذ منتصف أكتوبر الماضي.
وتعرضت نسرين والدة الطفلة أميرة للاعتقال من قبل السلطات الإسرائيلية أثناء سفرها على معبر (بيت حانون/إيرز) مع قطاع غزة رغم حصولها على تصريح دخول لإسرائيل لزيارة أقاربها في مدينة حيفا.
ومنذ ذلك الوقت والطفلة أميرة تعاني الأمرين في غياب والدتها في ظل معاناتها مع أشقائها الخمسة وأصغرهم طفل رضيع لم يتجاوز عاما وشهرين.
وتقول الطفلة أميرة، إن غياب والدتها هو غياب للحياة عنها وعن أشقائها خاصة أنهم لم يتمكنوا من زيارتها حتى الآن.
وبينما يمر عيد الأم حزينا على أميرة وأشقائها فإنهم يحلمون بإطلاق سراح والدتهم ومعانقتها.
لكن الأسوأ يبقى بالنسبة لأميرة وأشقائها صدور قرار تمديد اعتقال بحق والدتهم أو الحكم عليها بالسجن في جلسة المحاكمة الإسرائيلية المقررة لها في 27 من الشهر الجاري ما يعني بقاءهم فترة أكبر من دون رعاية والدتهم.