((أهم الموضوعات الدولية)) تعليق: أيادي "السياسة التدخلية الأمريكية" تقف وراء الاضطرابات المزمنة في الشرق الأوسط

16:33:30 23-04-2016 | Arabic. News. Cn

بقلم هاشم وانغ

بكين 23 أبريل 2016 (شينخوا) "حرب العراق هي أكبر أسف سياسي"، هكذا أجابت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة والمرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة عندما سئلت مؤخرا عن أعظم أسف سياسي لها، معترفة بأنها ارتكبت خطأ عندما صوتت لصالح هذه الحرب خلال عضويتها بمجلس الشيوخ الأمريكي عام 2002.

وفي الحقيقة، تعد السياسة التدخلية الأمريكية السبب الرئيسي وراء مستنقع الاضطرابات الذي تنغمس فيه حاليا منطقة الشرق الأوسط . فبذور السياسة التدخلية التي بذرت في أرض العراق قبل 13 عاما لم تدمر فقط التوازن الداخلي القائم في هيئات السلطة والتشكيل الاجتماعي بالعراق، بل أحدثت أيضا تغييرا تاما في التوازن داخل هذا الإقليم المأزوم على نحو أثار صراعات طائفية وزاد من حدة التناقضات بين أطراف مختلفة في الشرق الأوسط الذي صار الآن يجلس على "برميل بارود".

وازدادت حالة الاحتقان هذه عقب حدوث ما يسمى بـ"الربيع العربي". وحتى يومنا هذا، لا تزال دول منطقة الشرق الأوسط تشهد توترات شديدة وصارت "الأزمة" كلمة شائعة في تلك الدول بعد حرب العراق، ولم تعد المعاناة قائمة فقط في بلاد الرافدين، فليبيا تشهد احتقانا اجتماعيا وسوريا تعاني من حرب داخلية طال أمدها واليمن يعيش اشتباكات محتدمة.

وفي العراق، استغلت الجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) غياب الأمن العراقي الناجم عن الحرب التي شنتها الولايات المتحدة، وأخذت تسيطر على الأراضي العراقية حتى بلغ الحد أنها صارت تهدد العاصمة بغداد. فالأوضاع الأمنية في العراق متدهورة منذ زمن بعيد حيث تقع الأعمال الإرهابية فيها بصورة يومية تقريبا ويعيش الشعب العراقي حالة خوف وقلق. وقد أشار تقرير صدر عن الأمم المتحدة في يناير 2016 إلى مقتل 18 ألف مدني على الأقل خلال العامين المنصرمين.

والحال نفسه قائم في سوريا، فعند اندلاع الأزمة هناك في مارس عام 2011، طالبت الولايات المتحدة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة، فيما قدمت مساعدات كبيرة للمعارضة، وأخذت شيئا فشيئا تذكى نيران الحرب الأهلية داخل سوريا التي أسفرت، حسب التقارير، عن مقتل ما يصل إلى 470 ألف شخص على مدار السنوات الخمس الماضية وألحقت دمارا شديدا بالثروة الوطنية والبني التحتية والمؤسسات داخل سوريا حيث من المتوقع أن تبلغ قيمة الخسائر الاقتصادية المتمخضة عن الحرب السورية 255 مليار دولار أمريكي. وفي عام 2015، وصلت نسبة الفقر في سوريا إلى 85.2%، حيث يعيش الآن 69.3% من أبناء الشعب السوري في فقر مدقع.

أما في ليبيا، فبعد إسقاط نظام القذافي، لم تتأسس حكومة مركزية فعالة قادرة على السيطرة على الأوضاع العامة وانتشرت الجماعات والفصائل المسلحة في كل ربوعها وأخذت الدولة تأن من حالة التقسيم وسط تصاعد الصراعات السياسية بين الفرقاء الليبيين. وأصبح أمام ليبيا طريق طويل عليها أن تقطعه لتحقيق السلام والاستقرار.

وخلال الحرب اليمنية، اشتد الخلاف بين السعودية وإيران، وهو خلاف برز بوضوح مع نشوب الحرب العراقية 2003 التي قلبت الموازين وغيرت الحسابات في المنطقة. ورغم انطلاق مباحثات السلام اليمنية بين وفدي الحكومة والمعارضة مؤخرا في الكويت تحت إشراف الأمم المتحدة لإنهاء النزاع المحتدم في اليمن، إلا أن هذه الحرب تمخضت عن دمار طال أنحاء كثيرة من هذا البلد الذي يعد الأشد فقرا في الشرق الأوسط وتسببت في نزوح 2.5 مليون شخص عن ديارهم.

ولاشك في أن التوترات وضعف قدرة بعض الحكومات في المنطقة على تحقيق استتباب الأمن الداخلي أتاحت فرصا لنمو جماعات إرهابية مثل تنظيم داعش. فخلال فترة زمنية قصيرة، استطاع داعش السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي العراقية والسورية, وامتد نفوذه بل وتعاظم حاليا في المناطق الساحلية لليبيا. وصارت هذه الجماعات الإرهابية تشكل تهديدا ضخما على أمن وحياة المدنيين في المنطقة وكذا أوروبا بأكملها نظرا لقربها جغرافيا من ليبيا، والمثال على ذلك الاعتداءات التي هزت عاصمة الأنوار باريس في أواخر العام الماضي والهجمات التي وقعت في العاصمة البلجيكية بروكسل في مارس الماضي.

فالتاريخ الحديث يسجل قائمة من الحكومات التي أطاحت بها السياسة التدخلية الأمريكية إما من خلال عمليات تخريب مستترة أو تدخلات عسكرية مباشرة. وإن السياسة التدخلية الأمريكية هذه فتحت حقا "صندوق باندورا" لتجتاح منه شرور الاضطرابات الشرق الأوسط وتعمل على تقويض نظامه وتوازنه. كما تمثل هذه السياسة انتهاكا خطيرا لبنود ميثاق الأمم المتحدة ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتلحق أضرارا جسيمة بالنظام العالمي.

وإذا نظرنا إلى حرب العراق، سندرك حتما أن عقلية "شرطي العالم" لدى الأمريكان هى العنصر النفسي الذي أفضى إلى حرب فيتنام وحرب العراق وحرب أفغانستان، فمفهوم هذه العقلية يدل في باطنه على أن الولايات المتحدة تريد استمرارية الهيمنة الأمريكية على الشؤون العالمية وترسيخ نمط تكون هي قائدته. ولهذا، حان الوقت لكى يقول المجتمع الدولي بصوت واضح "كفي" للنزعة التدخلية الأمريكية. ولابد للولايات المتحدة من التفكير في تغيير هذه السياسة والمساهمة بصورة إيجابية في دفع الحل السياسي لقضايا الشرق الأوسط من خلال المفاوضات وإحلال السلام الحقيقي في هذه المنطقة.

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى
arabic.news.cn

((أهم الموضوعات الدولية)) تعليق: أيادي "السياسة التدخلية الأمريكية" تقف وراء الاضطرابات المزمنة في الشرق الأوسط

新华社 | 2016-04-23 16:33:30

بقلم هاشم وانغ

بكين 23 أبريل 2016 (شينخوا) "حرب العراق هي أكبر أسف سياسي"، هكذا أجابت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة والمرشحة الديمقراطية لانتخابات الرئاسة عندما سئلت مؤخرا عن أعظم أسف سياسي لها، معترفة بأنها ارتكبت خطأ عندما صوتت لصالح هذه الحرب خلال عضويتها بمجلس الشيوخ الأمريكي عام 2002.

وفي الحقيقة، تعد السياسة التدخلية الأمريكية السبب الرئيسي وراء مستنقع الاضطرابات الذي تنغمس فيه حاليا منطقة الشرق الأوسط . فبذور السياسة التدخلية التي بذرت في أرض العراق قبل 13 عاما لم تدمر فقط التوازن الداخلي القائم في هيئات السلطة والتشكيل الاجتماعي بالعراق، بل أحدثت أيضا تغييرا تاما في التوازن داخل هذا الإقليم المأزوم على نحو أثار صراعات طائفية وزاد من حدة التناقضات بين أطراف مختلفة في الشرق الأوسط الذي صار الآن يجلس على "برميل بارود".

وازدادت حالة الاحتقان هذه عقب حدوث ما يسمى بـ"الربيع العربي". وحتى يومنا هذا، لا تزال دول منطقة الشرق الأوسط تشهد توترات شديدة وصارت "الأزمة" كلمة شائعة في تلك الدول بعد حرب العراق، ولم تعد المعاناة قائمة فقط في بلاد الرافدين، فليبيا تشهد احتقانا اجتماعيا وسوريا تعاني من حرب داخلية طال أمدها واليمن يعيش اشتباكات محتدمة.

وفي العراق، استغلت الجماعات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) غياب الأمن العراقي الناجم عن الحرب التي شنتها الولايات المتحدة، وأخذت تسيطر على الأراضي العراقية حتى بلغ الحد أنها صارت تهدد العاصمة بغداد. فالأوضاع الأمنية في العراق متدهورة منذ زمن بعيد حيث تقع الأعمال الإرهابية فيها بصورة يومية تقريبا ويعيش الشعب العراقي حالة خوف وقلق. وقد أشار تقرير صدر عن الأمم المتحدة في يناير 2016 إلى مقتل 18 ألف مدني على الأقل خلال العامين المنصرمين.

والحال نفسه قائم في سوريا، فعند اندلاع الأزمة هناك في مارس عام 2011، طالبت الولايات المتحدة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة، فيما قدمت مساعدات كبيرة للمعارضة، وأخذت شيئا فشيئا تذكى نيران الحرب الأهلية داخل سوريا التي أسفرت، حسب التقارير، عن مقتل ما يصل إلى 470 ألف شخص على مدار السنوات الخمس الماضية وألحقت دمارا شديدا بالثروة الوطنية والبني التحتية والمؤسسات داخل سوريا حيث من المتوقع أن تبلغ قيمة الخسائر الاقتصادية المتمخضة عن الحرب السورية 255 مليار دولار أمريكي. وفي عام 2015، وصلت نسبة الفقر في سوريا إلى 85.2%، حيث يعيش الآن 69.3% من أبناء الشعب السوري في فقر مدقع.

أما في ليبيا، فبعد إسقاط نظام القذافي، لم تتأسس حكومة مركزية فعالة قادرة على السيطرة على الأوضاع العامة وانتشرت الجماعات والفصائل المسلحة في كل ربوعها وأخذت الدولة تأن من حالة التقسيم وسط تصاعد الصراعات السياسية بين الفرقاء الليبيين. وأصبح أمام ليبيا طريق طويل عليها أن تقطعه لتحقيق السلام والاستقرار.

وخلال الحرب اليمنية، اشتد الخلاف بين السعودية وإيران، وهو خلاف برز بوضوح مع نشوب الحرب العراقية 2003 التي قلبت الموازين وغيرت الحسابات في المنطقة. ورغم انطلاق مباحثات السلام اليمنية بين وفدي الحكومة والمعارضة مؤخرا في الكويت تحت إشراف الأمم المتحدة لإنهاء النزاع المحتدم في اليمن، إلا أن هذه الحرب تمخضت عن دمار طال أنحاء كثيرة من هذا البلد الذي يعد الأشد فقرا في الشرق الأوسط وتسببت في نزوح 2.5 مليون شخص عن ديارهم.

ولاشك في أن التوترات وضعف قدرة بعض الحكومات في المنطقة على تحقيق استتباب الأمن الداخلي أتاحت فرصا لنمو جماعات إرهابية مثل تنظيم داعش. فخلال فترة زمنية قصيرة، استطاع داعش السيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي العراقية والسورية, وامتد نفوذه بل وتعاظم حاليا في المناطق الساحلية لليبيا. وصارت هذه الجماعات الإرهابية تشكل تهديدا ضخما على أمن وحياة المدنيين في المنطقة وكذا أوروبا بأكملها نظرا لقربها جغرافيا من ليبيا، والمثال على ذلك الاعتداءات التي هزت عاصمة الأنوار باريس في أواخر العام الماضي والهجمات التي وقعت في العاصمة البلجيكية بروكسل في مارس الماضي.

فالتاريخ الحديث يسجل قائمة من الحكومات التي أطاحت بها السياسة التدخلية الأمريكية إما من خلال عمليات تخريب مستترة أو تدخلات عسكرية مباشرة. وإن السياسة التدخلية الأمريكية هذه فتحت حقا "صندوق باندورا" لتجتاح منه شرور الاضطرابات الشرق الأوسط وتعمل على تقويض نظامه وتوازنه. كما تمثل هذه السياسة انتهاكا خطيرا لبنود ميثاق الأمم المتحدة ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتلحق أضرارا جسيمة بالنظام العالمي.

وإذا نظرنا إلى حرب العراق، سندرك حتما أن عقلية "شرطي العالم" لدى الأمريكان هى العنصر النفسي الذي أفضى إلى حرب فيتنام وحرب العراق وحرب أفغانستان، فمفهوم هذه العقلية يدل في باطنه على أن الولايات المتحدة تريد استمرارية الهيمنة الأمريكية على الشؤون العالمية وترسيخ نمط تكون هي قائدته. ولهذا، حان الوقت لكى يقول المجتمع الدولي بصوت واضح "كفي" للنزعة التدخلية الأمريكية. ولابد للولايات المتحدة من التفكير في تغيير هذه السياسة والمساهمة بصورة إيجابية في دفع الحل السياسي لقضايا الشرق الأوسط من خلال المفاوضات وإحلال السلام الحقيقي في هذه المنطقة.

الصور

010020070790000000000000011101441353058101