بكين 28 أبريل 2016 (شينخوا) عاد الإعلام الغربي مرة أخرى ليثير الشكوك في قدرة الصين على تحويل اقتصادها وتحقيق النمو المستدام. لكن إذا ما أمعنا النظر في الأرقام ، فإنها ترسم صورة مختلفة تماما.
وتشير البيانات الأخيرة الى تغيرات إيجابية في الاقتصاد الصيني، بما في ذلك تحول في محركات النمو والتطوير الصناعي الجاري. وبينما توجد بالفعل تحديات ومخاطر، إلا أنه لا يوجد أي أساس للافراط في التشاؤم حيال الآفاق المستقبلية للبلاد.
أولا، ارتفع إجمالي الناتج المحلي للصين إلى 6.7 بالمئة في الربع الأول من هذا العام، متفقا مع الهدف السنوي الذي حددته الحكومة ما بين 6.5 إلى 7 بالمئة.
وبنظرة فاحصة على البيانات نجد نموا أسرع في قطاعات اقتصادية جديدة، ما يكفي لتخفيف أي تباطؤ محتمل في الصناعات التقليدية غير الفعالة. بالإضافة إلى ذلك، استمر خلق الوظائف على قوته.
ثانيا، تسارع نمو القروض في الصين في الربع الأول لا ينبغي أن يكون مقلقا جدا كما تصورت بعض وسائل الإعلام الغربية.
وقالت صحيفة ((وول ستريت جورنال)) مؤخرا إنه في الوقت الذي ساعد فيه زيادة القروض والإنفاق المدفوع بالدين الصين على تخفيف التراجع في نموها، فإن مستويات الدين المرتفعة تفاقم الأمراض التي جرت الاقتصاد لسنوات.
والحقيقة أن تسارع نمو القروض في بداية هذا العام هو مؤقت ويعود لعوامل موسمية. والبنوك لديها ميل للأفراج عن كميات هائلة من الائتمان في بداية هذا العام.
وبلغ الإقراض المصرفي المتميز 98.56 تريليون يوان (15.18 تريليون دولار أمريكي) في نهاية مارس بزيادة 14.7 بالمئة على أساس سنوي.
بيد أن هذا النمو يدخل ضمن النطاق المعقول في ضوء حقيقة خلق الطلب على القروض بفضل الإجراءات الداعمة للنمو وانتعاش سوق العقارات وإرتفاع أسعار السلع، وفقا لما ذكره ما جيون كبير الاقتصاديين ببنك الشعب الصيني، البنك المركزي.
وفشلت صحيفة ((وول ستريت جورنال)) أيضا في الانتباه لحقيقة واحدة بسيطة هي أن الزيادة في كمية القروض تتحرك من قطاعات تدر عائدات أقل إلى قطاعات أكثر فعالية وكفاءة.
وتظهر إحصاءات البنك المركزي أن الائتمان الصادر على المدين المتوسط والطويل إلى قطاعات زائدة إنخفض بنسبة 0.2 بالمئة على أساس سنوي، مع تراجع قطاعي مواد البناء والصلب بنسبة 10.3 و7.5 بالمئة على الترتيب. فيما ارتفعت القروض إلى شركات تصنيع المعدات والتكنولوجيا الفائقة بنسبة 8.9 بالمئة.
وبإلقاء نظرة جغرافيا، يتضح أن نمو القروض للمقاطعات الوسطي والغربية الأقل نموا فاق نظيره في المقاطعات الأكثر تطورا في الجانب الشرقي. وتجاوزت قروض الائتمان للشركات الصغيرة ومتناهية الصغر تلك الخاصة بالشركات الكبيرة والمتوسطة.
ثالثا، حقق قطاع الخدمات نموا بنسبة 7.6 بالمئة في الربع الأول، بزيادة 1.8 نقطة مئوية عن النمو في قطاع الصناعة التقليدية. ويحول الأخير حاليا الانتاج ليشمل المزيد من الصناعات الناشئة والتكنولوجيا الفائقة وكذا تصنيع المعدات، لتسجل نموا بنسبة 10 بالمئة و9.2 بالمئة و7.5 بالمئة على التريبت. وتعد هذه المعدلات أعلى بكثير من اقتصاد التصنيع التقليدي القديم.
رابعا، الاستهلاك المحلي كان المحرك وراء أكثر من 60 بالمئة من النمو الاقتصادي في الربع الأول، ما يعني أن الصين أصبحت أقل اعتمادا على الاستثمار والصادرات في النمو.
وإذا كان العالم يشعر بالقلق حيال مستقبل الصين، فعليه أن يتخلص من هذا الشعور. فالصين لديها سياسة واضحة على المدى الطويل، ومجال واسعا لهذه السياسة ، وإرادة قوية لضمان النمو الاقتصادي المستدام للسنوات المقبلة. وقد حررت معدلات الفائدة العام الماضي وتدفع من أجل تعزيز الحوكمة واصلاحات السوق المالية. ومن المقرر أن تحل ضريبة قيمة مضافة أكثر فعالية محل ضريبة الأعمال إبتداء من أول مايو.
وإذا كان من الطبيعي القلق على التحول الاقتصادي الحالي للصين، فإنه يتعين على المراقبين عدم تجاهل الايجابيات التي ظهرت حتى الآن. ولا ينبغي لأحد أن يشكك في عزم بكين على ترجمة التغيير المطلوب الى واقع.