عمان 20 مايو 2016(شينخوا) أجمع مسؤولون وخبراء أردنيون على أن مبادرة "الحزام والطريق" الصينية ستنعش العلاقات الثقافية بين الأردن والصين، والتي ستنعكس على تعزيز العلاقات الاقتصادية وتقوية الروابط في شتى المجالات وخاصة الإنسانية والحضارية والسياحية.
وأكد هؤلاء الخبراء لوكالة أنباء الصين ((شينخوا)) مؤخرا أن العلاقات المبنية على الاحترام المتبادل وقبول الآخر وتشجيع المؤسسات الأكاديمية، على أخذ دور في بناء جيل جديد يرنو لمعرفة الآخر، تأتي في إطار العمل من أجل إحداث نقلة نوعية في تعزيز العلاقات الثنائية.
وذكرت وزيرة الثقافة الأردنية لانا مامكغ أن العلاقات بين الأردن والصين قائمة على الودّ والانفتاح والاعتراف بما يملكه كلّ طرف للإسهام في التبادل الثقافي، مشيرة إلى أن هذه العلاقات ارتقت في الفترة الأخيرة بفعل اهتمام القيادة السياسيّة بتطوير التبادل بين البلدين في كلّ المجالات، ومن بينها المجال الثقافي.
وقالت إن "مشاركة الأردن في مهرجان الفنون العربيّة في الصين، الذي جرى مؤخرا، كانت فرصة حقيقية لنا لنتعرف على أوجه الإبداع الصيني في الفن والمسرح والسياحة الثقافية والسينما والخط الصيني والعربي والغناء الصيني والشعر والمجالات الإبداعية كافّة", مضيفة "نتأثر بهذه الطاقة الاحترافية للفرق الصينية المشاركة في المهرجان لنطور على شاكلتها فرقنا الأردنية".
وأكدت أن "العلاقة الثقافية علاقة دائمة من خلال الفرق الفنية التي تؤدي وصلات احترافية إبداعية في مهرجان جرش كل سنة، مثلما تقوم الاتحادات والروابط والهيئات الثقافية الأردنية بدور فاعل في التواصل مع الفعاليات الصينية في الأردن من خلال السفارة ومن خلال الزيارات التبادلية وتوقيع الاتفاقات المشتركة".
وقالت إن لدى الجانبين معالم حضارية وسياحية مثل سور الصين العظيم ومدينة البتراء الأردنية، وأن الجانبين لديهما الرغبة بزيارة هذه المعالم والاحتفاء بجمالها فهما من عجائب الدنيا السبع، مشيرة إلى أن هناك اهتمام بالترجمة من الصينية إلى العربية ولدينا آفاق ثقافية للتعاون في كثير من المجالات، وخاصة التراث.
وأكدت أن هناك توافق بين وزراء الثقافة العرب على أن يكون مشروع طريق الحرير سبيلاً للحوار بين الحضارتين العربية والصينية، وأن يكون سبباً في التقارب الحضاري والاستناد إلى الصداقة بين الصين والعرب، مضيفة "نكافح عن طريقه كلّ أوجه الإرهاب والتطرف نحو التكامل الاقتصادي والثقافي".
وأشارت إلى أن من يتتبعون طريق الحرير في رحلات ميدانية يتعرفون خلالها على هذه المحطات المهمة التي دخل من خلالها الدين الإسلامي إلى الصين دون إراقة نقطة دم واحدة، ولا تزال الصين تحترم هذا الدين من خلال احترامها لقومية الهوية المسلمة ضمن الهوية الأم، لافتة إلى أن طريق الحرير يمكن خدمته بالترويج الإعلامي والدرامي، وإلقاء المحاضرات والزيارات التبادلية لاستلهام روح هذا الطريق.
وقالت إن "لدينا رؤية من شأنها رفع مستوى العلاقات من خلال تبادل الوفود وإجراء المهرجانات والمعارض بالتناوب بين الأردن والصين. وفي الحقيقة فإنّ مهرجان جرش واستضافة الفرق الاحترافية في مشروع المدن الثقافية كلّ عام يؤدي الغرض من التعرف على الفلكلور الصيني والاستفادة من الإدارة الثقافية للفن الصيني، ونحن نشارك كوزارة ثقافة في ابتعاث موظفينا أيضاً للاطلاع على أحدث دورات الصين هناك، مثلما أقيم لدينا في عمان أسبوع الفيلم الصيني الأول وتعرف من خلاله الجمهور الأردني على الصين بين الأصالة والمعاصرة من خلال أقوى المخرجين الصينيين الذين عرَّفوا ببلادهم عن طريق هذه الأفلام.
وقالت إن هناك إقبال على تعلّم اللغة الصينية في الأردن ، إما بقصد التجارة أو كجزء من منهاج دراسي في الجامعات الأردنيّة والمعاهد.
وقالت إن الاهتمام باللغة وتعلّمها يجعل الشعوب أكثر تقارباً وتواصلاً في العديد من المجالات، حيث قام الكثير من المؤلفين الصينيين والأردنيين بالكتابة من واقع زياراتهم، فأغنوا المكتبتين الصينية والأردنية بهذه المؤلفات التي تحمل، بلا شك، التطور والتصميم على النجاح، وثقافة الإتقان، والسعي النبيل الذي تنتهجه الصين لمصافحة العالم بأسلوب حضاري وإنساني يُعيد للعالم بعضاً من سلامه المنشود.
من جانبه، قال رئيس لجنة التعاون الثقافي غير الحكومي بين الأردن والصين سمير الحباشنة "إننا في اللجنة نهدف إلى بلورة خطاب ثقافي عربي ــ صيني من شأنه أن يخدم العلاقات العربية ــ الصينية بشكل عام، والعلاقات الأردنية ــ الصينية بشكل خاص، وذلك ضمن نهجين، الأول إحياء القضايا والتراث الطويل الذي يربط الصين بالعرب سواء ببعده الثقافي أو الاقتصادي، ومن ضمن ذلك موضوع طريق الحرير حيث كان العرب على صلة وثيقة بالصين ثقافيا واقتصاديا بل وكانوا نقطة الوصل بين الصين والعالم الغربي".
وأضاف أن "النهج الثاني السعي إلى تعميق الصلات الثقافية بين العرب والصين، وبين الأردن والصين، على قاعدة أن الثقافة أساس متين لبناء علاقات اقتصادية ومادية قوية بين الجانبين، خصوصا أن هناك تشابها كبيرا بين الحضارتين العربية والصينية"، مشيرا الى أن "هناك مساع واحدة يسعى لها الجانبان من أجل تعزيز السلم الدولي وتدعيمه، وبنفس الوقت المواقف العديدة التي يتشارك فيها الأردن والصين من رؤيته للقضايا الإقليمية وقضية الشرق الأوسط وعلى رأسها القضية الفلسطينية أو رؤيتنا المشتركة إزاء قضايا السلم الدولي والنموذج الذي يجب أن تكون عليه العلاقات الدولية بشكل عام".
وقال "إننا ننظر إلى الصين كصديق كبير للأردن والعرب بشكل عام، ونراهن على أن المساعدة النزيهة التي تقوم الصين بتقديمها تعد ركنا أساسيا لإحداث التقدم في القطاعات المختلفة بالأردن، وعلى رأسها الصناعة والتعليم".
وأشار إلى أن تعليم اللغة العربية واللغة الصينية هي مسألة ملحة وفي غاية الأهمية ، وقال إنه لا يجوز أن يبقى التعامل بين العرب والصين بواسطة لغات وسيطة مثل اللغة الانجليزية وغيرها .
وأوضح "لقد سعت اللجنة، وبالتعاون مع السفارة الصينية في عمان، لإقامة الجامعة الأردنية الصينية في الأردن".
وتابع "إننا نسعى مع الأشقاء في الصين إلى إحداث نقلة نوعية في العلاقات بين البلدين، وذلك من خلال إقامة مركز ثقافي صيني لتدريس اللغة الصينية في الأردن وآخر لتدريس اللغة العربية في الصين"، مؤكدا أنه لا بد من التوقف عن استعمال لغات وسيطة كوسيلة للتفاهم بين الصين والأردن.
وأشار إلى أنه تم تنظيم ندوة في مركز الرأي للأبحاث والدراسات تناولت العلاقات بين الأردن والصين, قائلا "نسعى إلى ترجمة هذه الندوة إلى اللغة الصينية لتعم الفائدة على الأشقاء الصينيين".
وقال إن "هناك نشاطات ثقافية ومسرحية وغنائية من التراث الصيني، ونسعى بالتعاون مع السفارة الصينية لوضع خطتنا للعام المقبل".
من جانبه، قال عميد كلية اللغات في الجامعة الأردنية عدنان الصمادي إن هناك إقبالا على تعلم اللغة الصينية في الأردن، إضافة إلى أن هناك عددا كبيرا من الطلبة يدرسون الطب في الصين، كما أن هناك عددا كبيرا من الطلبة الصينيين الذي يأتون لدراسة اللغة العربية لغير الناطقين بها في مركز اللغات في الجامعة الأردنية.
وأشار إلى أن الدعم المتواصل من طرف الحكومة الصينية للأردن في المجالات الثقافية من شأنه أن يعزز العلاقات ، فكما هو الحال في مجال التجارة التي ازدهرت بين البلدين وساهمت في إعادة طريق الحرير فإن للدعم الثقافي دور فعال في ذلك أيضا، من خلال تقديم منح للطلبة في الجامعة الأردنية المتخصصين باللغة والأدب الصيني وتقديم الدعم للجامعة الأردنية من خلال إنشاء قاعات صفية ومختبرات تساهم في نشر الثقافة واللغة الصينيتين في البلاد، وإمكانية تطوير التعاون الثقافي من خلال إنشاء كرسي علمي للغة والثقافة والدراسات الصينية في الجامعة الأردنية.
وقال إن تبادل وفود تضم أساتذة جامعيين وطلبة يعتبر من أفضل الطرق لرفع مستوى العلاقات بين البلدين وذلك من أجل اكتساب الخبرات وإطلاع كل بلد على المستوى الثقافي لدى الآخر.
وأشار إلى أن عدد دارسي اللغة الصينية في ازدياد مستمر، حيث أن الجامعة الأردنية ممثلة بكلية اللغات الأجنبية وقسم اللغات الآسيوية ستقوم في العام الجامعي القادم بطرح اللغة الصينية كمساق اختياري لجميع طلبة الجامعة الأردنية، والتي يبلغ عدد طلبتها قرابة الـ 45 ألف طالب وطالبة، مما يعزز بدوره عدد الطلبة المتحدثين بالصينية ويساهم بدور فعال في نشر الثقافة الصينية بشكل أكبر، أما الطلبة الصينيين في الأردن والذين يدرسون اللغة العربية فإن عددهم في ازدياد أيضاً بسبب فتح قنوات ثقافية وتجارية كبيرة بين البلدين.
وقال إن لتعليم اللغة الصينية في الأردن وتعليم العربية في الصين دور فعال في تعزيز العلاقات بين الشعبين، حيث أن تعليم ثقافة الآخر تعتبر من أفضل الطرق للتواصل بين الشعبين بحيث يطلع كل شعب على عادات وتقاليد الشعب الآخر.
وأكد أن قرار تأسيس الجامعة الصينية الأردنية في الأردن لهو خير دليل على المستوى الرفيع والمميز في العلاقات بين الأردن والصين، فإنشاء الجامعة سيترتب عليه تعاون أكاديمي كبير من عقد دورات على مستوى متقدم، مما يحفز المجتمع المحلي على الإطلاع على ثقافة الصين وزيارتها بشكل أكثر مما هو عليه الآن.
وأشار إلى أنه في غضون ثلاث سنوات سيبلغ عدد الخريجين الدارسين للغة الصينية في الجامعة الأردنية حوالي 300 طالب، إضافة إلى عدد لا بأس به من الطلبة الذين يدرسون اللغة الصينية في معاهد خاصة وجامعات أخرى.