غزة 20 مايو 2016 (شينخوا) قال مسؤول في الأمم المتحدة اليوم (الجمعة)، إن مؤتمر القمة العالمي للعمل الإنساني المزمع عقده 23 و24 من الشهر الجاري في مدينة اسطنبول التركية سيسلط الضوء على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين.
وأوضح مفوض عام وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بيير كرينبول في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء ((شينخوا)) ، أن أونروا ستسلط الضوء خلال المؤتمر على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، وكيف يمكن أن يفيد تحسين النظام الإنساني العالمي في خدمتهم على نحو أفضل.
وأردف كرينبول، أن الأونروا "مؤيدة تماما لأهداف القمة العالمية التي دعا إليها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون للمضي قدما في تعزيز برنامج الأعمال من أجل الإنسانية كإطار عملي للتحرك الفعلي والتغيير والمساءلة المتبادلة".
ويعتبر مؤتمر القمة العالمي للعمل الإنساني هو الأول من نوعه ونقطة تحول كبرى في طريقة عمل المجتمع الدولي من أجل منع المعاناة الإنسانية، بالإعداد للأزمات والاستجابة لها.
ويدعو مؤتمر القمة قادة العالم، إلى النهوض بمسؤولياتهم تجاه شعوب العالم، بالالتزام بالمضي قدما بخطة عمل الأمين العام للأمم المتحدة من أجل الإنسانية التي ترسم مسارا للتغيير.
ويهدف المؤتمر، إلى إعادة تأكيد الالتزام بالإنسانية، والمبادرة باتخاذ إجراءات، وتقديم التزامات تمكن البلدان والمجتمعات من الاستعداد للأزمات والتصدي لها، والتمتع بقدرة أكبر على امتصاص الصدمات.
كما يهدف إلى تقاسم الابتكارات وأفضل الممارسات التي يمكن أن تساعد بإنقاذ الأنفس في جميع أنحاء العالم، ووضع السكان المتضررين في مركز القلب من العمل الإنساني والتخفيف من معاناتهم.
وأشار كرينبول، إلى أن الاحتياجات الإنسانية في العالم في ازدياد مستمر، مضيفا أن هناك ما يقارب 125 مليون شخص في حاجة إلى مساعدات إنسانية، إضافة إلى 60 مليون نازح، و 20 مليون لاجئ.
وقال "إن العالم بحاجة للتكاتف والعمل معا لتلبية هذه الاحتياجات الماسة"، مشيرا إلى أنه "يتوجب علينا بذل المزيد من الجهد لإنهاء الصراعات، والتخفيف من المعاناة وتقليل المخاطر والضعف القائم".
وأكد كرينبول، أن واحدة من أهم النتائج الرئيسية لمؤتمر القمة العالمي للعمل الإنساني ستكون "صفقة كبرى" بين الجهات المانحة والوكالات الإنسانية، بما في ذلك الأونروا، والمنظمات غير الحكومية والتي تهدف إلى تحديد خطوات متبادلة لتحسين فعالية وكفاءة التمويل الإنساني لصالح أولئك الذين بحاجة إلى المساعدة.
ولفت إلى أن الأونروا شرعت في تنفيذ سلسلة من الإصلاحات الكبرى منذ العام الماضي، والتي تهدف إلى ضمان تقديم الوكالة الدولية خدمات ذات جودة أفضل وأكثر فعالية للاجئين الفلسطينيين.
وقال كرينبول، إن "هذه الخطوات تتماشى تماما مع أهداف الصفقة الكبرى".
وعن أبرز المسؤوليات الرئيسية التي سيتم تسليط الضوء عليها في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة خلال مؤتمر القمة العالمي للعمل الإنساني قال كرينبول، "الحاجة إلى القيادة السياسية لمنع ووضع حد للنزاعات، والحاجة إلى تجنب التشريد القسري الذي يخلق المزيد من الضيق والمعاناة"، مشددا على أن "هذه الجوانب ذات أهمية كبيرة بالنسبة للاجئين الفلسطينيين."
وعلى الرغم من ذلك أكد كرينبول، أن مؤتمر القمة "لن يتناول مسألة الصراع بين إسرائيل وفلسطين نفسه والذي يعتبر في جوهره صراعا سياسيا"، مضيفا أنه "سيتم تسليط الضوء على العواقب الإنسانية المترتبة على النزاعات في جميع أنحاء العالم، وكذلك على الحاجة الملحة لإيجاد حلول من أجل تجنب العواقب الإنسانية الوخيمة في كثير من الأحيان".
وقال كرينبول، إن الأونروا "ستشارك في العديد من القضايا التي ستبحث في القمة العالمية الإنسانية لأنها في صميم عمل الوكالة مع اللاجئين الفلسطينيين".
وكشف قائلا "سأتحدث خلال المؤتمر عن جملة من الأمور ضمنها المبادئ الإنسانية، والإعاقات، والتعليم في حالات الطوارئ، وعلى أثر الأسلحة المتفجرة على البيئات المدنية، وضرورة توفير حماية للناس بشكل أفضل".
وعبر التركيز على خمس مسائل في المؤتمر وهي القيادة السياسية لمنع نشوب النزاعات وإنهائها، والتمسك بالقواعد التي تصون الإنسانية ، وعدم إغفال أحد ، وتغيير حياة الناس من تقديم المعونة إلى إنهاء العوز، والاستثمار في الإنسانية قال كرينبول، إن أونروا "ستلفت الانتباه إلى مخاوف معينة للاجئين الفلسطينيين في سياق جدول أعمال الأمين العام للأمم المتحدة من أجل الإنسانية والمسؤوليات الأساسية التي لابد من العمل عليها".
وتأسست أونروا بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، لتقدم خدماتها للاجئين الفلسطينيين المسجلين لديها في كل من الضفة الغربية، وقطاع غزة، والأردن، وسوريا، ولبنان.
وتشتمل خدمات أونروا على التعليم والرعاية الصحية والإغاثة والخدمات الاجتماعية والبنية التحتية وتحسين المخيمات والإقراض الصغير للاجئين الفلسطينيين ليتمكنوا من تحقيق كامل إمكاناتهم في مجال التنمية البشرية وذلك إلى أن يتم التوصل لحل عادل لقضيتهم.
ولفت كرينبول، إلى أن أونروا توفر حاليا وأكثر من أي وقت مضى "شريان حياة" للاجئين الفلسطينيين في سوريا ومن نزحوا منهم إلى لبنان".
وأضاف أنه منذ بدء الأزمة في سوريا عام 2011 "قمنا بإعداد برامج إنسانية جديدة ومبتكرة لإنقاذ أرواح اللاجئين من خلال تقديم الغذاء والخدمات الصحية والتعليم للحفاظ على حياة وكرامة اللاجئين الفلسطينيين".
وأشار كرينبول، إلى أن برنامج المساعدات الإنسانية لأونروا في سوريا هو الآن واحد من أكبر البرامج في أي مكان في العالم.
ولفت إلى انه "قبل اندلاع الأزمة السورية كان عدد اللاجئين الفلسطينيين فيها 560 ألف لاجئ، ونحن نقدر أن حوالي 110 آلاف منهم غادروها".
وأضاف كرينبول، أن هناك حوالى 45 ألف لاجئ فلسطيني غادروا سوريا إلى لبنان، وحوالى 15 ألفا غادروا إلى الأردن، بينما الآخرون وهم حوالى نصف الذين غادروا ذهبوا إلى العديد من البلدان، بعضهم إلى أوروبا، وآخرون إلى أجزاء من آسيا، والبعض وصلوا أمريكا اللاتينية".
ودعا المسؤول الاممي، إلى "إيجاد حل سياسي للصراع في سوريا الذي تضرر منه الفلسطينيون والسوريون، وتسبب بالمعاناة لهم (...) علينا أن نتذكر بأننا نتعامل مع جيل آخر من اللاجئين الفلسطينيين اللذين تواجهون صدمة السلب والنزوح".
وتزامنا مع الذكرى 68 لما يسميه الفلسطينيون (النكبة) التي صادفت 15 مايو الجاري قال كرينبول، إن اللاجئين الفلسطينيين الذين نزحوا من الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1948 "يمثلون اليوم أكثر من 40 في المائة من العدد الإجمالي للاجئين في العالم"، مشيرا إلى أنهم "من أكثر الحالات التي طال أمدها".
وأضاف أن أونروا "ستواصل تقديم الخدمات الصحية والتعليمية والإغاثة والخدمات الإنسانية لهم ريثما يتم التوصل إلى حل دائم لمحنتهم وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة".
ويعد ملف اللاجئين الفلسطينيين من أبرز قضايا الصراع التاريخي مع إسرائيل الممتد منذ أكثر من ستة عقود، ومع مرور كل هذه السنوات دون إيجاد حل للملف فإن تكاثر اللاجئين الفلسطينيين زاد قضيتهم تعقيدا.
وحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في سجلات أونروا حتى منتصف العام 2015، قدر بخمسة ملايين و572 ألفا و350 لاجئا أي بنسبة 45.1 في المائة من إجمالي عدد الفلسطينين.
ويعيش زهاء 24 في المائة من اللاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة، فيما يعيش 17.2 منهم في الضفة الغربية، و39.2 في المائة في الأردن، و9.1 في لبنان، و10.1 في سوريا.
أما الفلسطينيين غير المسجلين في سجلات اللاجئين لدى أونروا من فلسطيني الشتات فبلغ تعدادهم، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، 2 مليون و787 ألفا و700 نسمة أي بنسبة 22.3 في المائة من مجمل عدد الفلسطينيين.
وحول الأزمة المالية التي تعاني منها أونروا أشار كرينيبول، إلى أن العجز المالي للوكالة للعام الحالي بلغ 81 مليون دولار أمريكي وهو ما يجب تغطيته بشكل عاجل.
ووصف كرينبول الجهات المانحة لأونروا بأنها "سخية للغاية"، لكنه قال إن "المشكلة تكمن في أن أعداد اللاجئين الذين نلبي احتياجاتهم في ازدياد، والخدمات والاحتياجات ومواطن الضعف فيها ترتفع".
وقدم كرينيبول قطاع غزة كمثال على ذلك، مشيرا إلى أنه "في عام 2000 كان لدينا ما يقارب 80 ألف لاجئ في القطاع يستفيدون من خدماتنا المقدمة كالأغذية، أما اليوم فلدينا ما يقرب من مليون شخص".
ووجه المسؤول الأممي رسالة إلى الدول المانحة قائلا "نحن بالفعل بحاجة للتغلب على العجز المالي لدينا، من خلال الجمع بين التدابير التي ستتخذها الأونروا ورفع مستويات التمويل الشاملة وتنويع مصادر التمويل."
ونفى المفوض العام للأونروا، أن تكون الوكالة الدولية قد قلصت من خدماتها المقدمة للاجئين الفلسطينيين، مشيرا إلى أنها تقوم بتصميم أساليب جديدة مع استمرار نمو الاحتياجات بمعدل ينذر بالخطر.
وقال "إذا نظرنا الى الصورة العامة في عام 2015، فقد قمنا بتنفيذ العديد من الأنشطة وحشد المزيد من الأموال أكثر من أي وقت مضى".
وأضاف كرينبول "في الضفة الغربية على سبيل المثال نحن ننتقل من توزيع المواد الغذائية في مقار أونروا، إلى تسليم القسائم عبر الوسائل التكنولوجية التي تسمح للمستفيدين باستبدالها بمواد غذائية بمحال تجارية قريبة من أماكن سكناهم".
وأردف "أن الأشخاص الأكثر حاجة يحصلون على قسيمة بقيمة 20 دولارا أمريكيا للشخص الواحد، الأمر الذي يعطي الناس المزيد من الخيارات وقدر أكبر من المرونة، إضافة إلى أن ذلك يحفظ كرامتهم".
بينما في قطاع غزة قال كرينيبول "نحن نبذل قصارى جهدنا لأن تكون سلة الغذاء المقدمة صحية أكثر، تماشيا مع خطوات أوسع لتقديم أنماط الحياة الصحية للاجئين".
بعيدا عن الجانب المالي والمساعدات قال كرينيبول، إن "الأهم من ذلك هو الحاجة إلى التحرك السياسي للتعامل مع الأسباب الكامنة وراء عدم استقرار الفلسطينيين"، مضيفا "نحن بحاجة إلى إنهاء الاحتلال والحصار المفروض على قطاع غزة بحيث تقل الحاجة إلى خدمات الأونروا وربما تختفي أيضا".
وردا على سؤال حول الدور الذي يمكن ان تلعبه الأونروا في احتواء الوضع المحتقن بين إسرائيل والجماعات الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة قال المفوض العام للوكالة، إنها "ليست منظمة سياسية، لكن هناك حاجة إلى مزيد من العمل الإنساني في حال تجدد العنف الذي ينبغي تجنبه من الأساس".
وأضاف كرينبول "يجب معالجة الأمور الكامنة وراء الصراع، ويجب رفع الحصار، ومن دون ذلك أخشى العودة إلى العنف".
وشهدت المناطق الشرقية لقطاع غزة أوائل الشهر الجاري تصعيدا بين فصائل فلسطينية مسلحة وإسرائيل حيث شن الطيران الإسرائيلي عدة غارات على قطاع غزة أسفرت عن مقتل سيدة فلسطينية، وإصابة مسن فلسطيني وثلاثة أطفال بجروح وصفت بالطفيفة.
في المقابل ذكرت مصادر في الجيش الإسرائيلي، أن مسلحين فلسطينيين أطلقوا نحو 16 قذيفة هاون تجاه قوات من الجيش الإسرائيلي تعمل قرب السياج الفاصل مع قطاع غزة إثر اكتشاف نفقين يمتدا من الأراضي الفلسطينية إلى إسرائيل.
وجاءت هذه التطورات بعد أن كانت مصر توسطت في إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين وفد من منظمة التحرير الفلسطينية يضم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة منذ نحو تسع سنوات في 26 أغسطس عام 2014 لإنهاء هجوم شنته إسرائيل على غزة استمر 50 يوما وأسفر عن مقتل أكثر من 2140 فلسطينيا وجرح ما يزيد عن 10 آلاف آخرين.
وفي سياق متصل أعرب كرينبول، عن قلقه إزاء تأثير تغير المناخ في قطاع غزة وفي جميع الأماكن التي تعمل فيها الوكالة الدولية.
وقال "على الرغم من أن السبب الرئيسي للاحتياجات الإنسانية التي تتعامل معها الأونروا هو نتيجة للصراع الذي من صنع الإنسان، وبالطبع الكوارث الطبيعية وتغير المناخ هي أيضا محفزات هامة جدا للمراقبة والتصرف على أساسها".
وردا على سؤال حول أوضاع حقوق الإنسان في قطاع غزة والضفة الغربية قال كرينيبول، إن "غالبية اللاجئين محرومون من حقوقهم الأساسية، وهذا يشمل الحق في الحياة في كثير من الحالات"، مجددا تأكيده على أن الأونروا "موجودة لتقديم خدمات الحماية التي تساهم في حماية الحقوق".
وأضاف: "توفير التعليم المدرسي يحمي الحق في التعليم، والأمر نفسه ينطبق على الخدمات الصحية المقدمة وغيرها".
وشدد كرينيبول، على أنه "يجب أن يسترد الفلسطينيون حقوقهم السياسية والاقتصادية، وأن يتم احترامها بما فيها حق تقرير المصير، وصولا إلى دولة قائمة تعمل بشكل كامل".
وبالحديث عن خطط الأونروا للمرحلة القادمة للاجئين الفلسطينيين أوضح كرينيبول، أن الوكالة الدولية "ستواصل تقديم الخدمات في فلسطين وسوريا حسب التكليف الصادر لها عن الجمعية العامة للأمم المتحدة".
وأضاف "في سوريا على سبيل المثال سنقوم بتنفيذ التعليم في حالات الطوارئ المبتكر جنبا إلى جنب مع برامج التعليم المعتادة لدينا، كما قمنا بإنشاء نقاط صحية لحالات الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لاستكمال برامج التنمية الانسانية لدينا على المدى الطويل".
وأشار المفوض العام لأونروا، إلى أن الأمر نفسه ينطبق على الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تقوم الأونروا بالجمع بين أعمال الطوارئ والعمل التنموي.
وتابع كرينبول "هذه واحدة من نقاط الجوهرية للقوة لدى الأونروا ومجتمع المانحين نتطلع بشكل متزايد عبر دمج برامج الطوارئ والتنمية كبناء واحد متداخل".