انعقدت مراسم الافتتاح المشترك للحوار الاستراتيجي والاقتصادي الثامن بين الصين والولايات المتحدة والمشاورات السابعة رفيعة المستوى حول التبادلات الشعبية بين الصين والولايات المتحدة ببكين، 6 يونيو. (شينخوا/تشانغ دوه)
واشنطن 5 يونيو 2016 (شينخوا) من المقرر أن يلتقي مسؤولون كبار من الصين والولايات المتحدة اليوم (الاثنين) في بكين لإطلاق الجولة الثامنة من الحوار الاستراتيجي والاقتصادي، هي الأخيرة في عهد إدارة أوباما، لبحث مجموعة واسعة من القضايا الاقتصادية من سياسات الاقتصاد الكلي ومعاهدة الاستثمار إلى الطاقة الصناعية الفائضة والنزاعات التجارية.
وتتزامن هذه الجولة السنوية رفيعة المستوى من الحوار هذا العام مع استضافة الصين لقمة مجموعة العشرين وإجراء الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وبينما يبدو من المبكر التنبؤ بالنتائج التي قد يتوصل إليها الجانبان خلال يومي الحوار، إلا أن التجارب السابقة تقول إن الحفاظ على الحوارات المنتظمة والانخراط المتواصل بين أكبر اقتصادين في العالم أمر بالغ الأهمية على نحو متزايد للبلدين والاقتصاد العالمي.
--رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة ومعدل صرف اليوان
وقال روري ماك فاروقهار، الزميل الزائر بمعهد بيتروسون للاقتصادات الدولية والمساعد الخاص السابق للرئيس باراك اوباما للاقتصادات الدولية حول المسار الاقتصادي للحوار المرتقب، " أظن أن الأولوية العليا ستكون-- كما كان دائما-- الحديث عن التعاون حول الاقتصاد الكلي وكيفية إدارة البلدين للاقتصاد. فالولايات المتحدة ما زالت تشعر بالقلق إزاء سعر صرف الرنمينبي والنمو في الصين".
وأضاف فاروقهار لوكالة ((شينخوا)) " هذه آلية مهمة جدا" أن تجمع معا هذا العدد الكبير من المسؤولين رفيعي المستوى من الحكومة الأمريكية ومجلس الدولة الصيني للاستماع لوجهات نظر بعضهم البعض بشأن سلسلة واسعة من القضايا المحددة وتحقيق نتائج مفيدة.
ومن جانبه، قال ديفيد دولار، الزميل الرفيع بمؤسسة بروكينغز والمسؤول السابق بوزارة الخزانة الأمريكية، إنه من المهم جدا للجانبين أن يجريا " محادثات صريحة بشأن سياسات الاقتصاد الكلي والمالية"هذا العام وسط توقعات بأن يرفع الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة في الأشهر القادمة.
ومن المقرر أن يعقد الاحتياطي الفيدرالي اجتماعه المقبل بعد أسبوع تقريبا من الحوار الصيني-الأمريكي رفيع المستوى. وقد رفعت التوقعات بشأن رفع سعر الفائدة بحلول هذا الصيف قيمة الدولار الأمريكي وزادت الضغط الهبوطي على العملة الصينية الرنمينبي أو اليوان.
وكتب دولار في تدوينة يوم الأربعاء أن " الصين ستكون مهتمة جدا بالاستماع إلى ما يفكر فيه الاحتياطي الفيدرالي. وبغض النظر عن متي سيتحرك الاحتياطي الفيدرالي، فإنه لدى الصين والولايات المتحدة رغبة في رؤية سعر صرف مستقر نسبيا لليوان".
ولم تكن أبدا إجراءات السياسة للولايات المتحدة والصين مرتبطة بشكل وثيق. ومن شأن سعر صرف مستقر نسبيا لليوان أن يساعد الصين على هندسة انتقال اقتصادي سلس والحفاظ على سوق مالي مستقر، ما يمكن أن يمهد الطريق للاحتياطي الفيدرالي أن يزيد من رفع سعر الفائدة. كما سيساعد التواصل الشفاف من جانب صانعي قرار الاحتياطي الفيدرالي على تخفيف عوامل عدم اليقين في السوق العالمية وتدفقات رأس المال من الصين، وبالتالي تجنب انخفاضات كبيرة في قيمة الرنمينبي إلى حد ما.
وقال نائب وزير المالية الصيني تشو قوانغ ياو يوم الخميس إن الاحتياطي الفيدرالي يجب أن يتواصل بشكل أفضل مع الصين والأسواق المالية بشأن قراراته المتعلقة بأسعار الفائدة، مشيرا إلى أنه يتعين على أكبر اقتصادين في العالم أيضا تعزيز التنسيق والتعاون بشأن السياسات.
وقال دولار إن " النتيجة الأهم للحوار الاستراتيجي والاقتصادي قد تتمثل في تجنب أخطاء السياسات، وهي نتيجة بارعة لن تظهر في العناوين".
-- محادثات معاهدة الاستثمار
ومن الأكيد أن المحادثات بشأن معاهدة الاستثمار الثنائي سوف تتصدر أجندة الحوار المرتقب حيث تعتبر المفاوضات بشأن المعاهدة القضية الأهم في العلاقة الاقتصادية بين البلدين.
وأكد قادة أعمال ومسؤولون سابقون كبار من الصين والولايات المتحدة في بيان مشترك بعد انتهاء حوار سنوي الشهر الماضي أن" إتمام معاهدة عالية الجودة للاستثمار الثنائي على المدى القريب يمثل أهم فرصة لتعزيز الاستثمار الثنائي"، قائلين " لا علاقة استثمارية في العالم تحمل إمكانيات أكبر من تلك بين الصين والولايات المتحدة".
وبينما اعترف المشاركون في الحوار بأنه قد تكون لديهم خلافات بشأن نطاق الاتفاقية، إلا أنهم اتفقوا على دعوة الحكومتين الصينية والأمريكية إلى " إتمام مثل هذه الاتفاقية بنهاية العام الجاري".
وأعرب إيرين اينيس، النائب الأول لرئيس مجلس الأعمال الأمريكي-الصيني، عن أمله في أن تتقدم الصين بعرض " قائمة سلبية" جديد، يلخص القطاعات المغلقة أمام الاستثمار الأجنبي خلال الجولة المرتقبة من الحوار الاستراتيجي والاقتصادي لدفع محادثات معاهدة الاستثمار قدما.
وقال اينيس لوكالة أنباء ((شينخوا))، " أعتقد أننا يجب أن نكون واقعيين. ويساورني القلق إزاء عدم وجود وقت كاف من الآن حتى نهاية ديسمبر لإكمال شئ، إذا لم يتم العمل على ذلك بسرعة".
وكانت آخر مرة تبادل الجانبين عروض القوائم السلبية في مطلع سبتمبر العام الماضي قبيل زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ الولايات المتحدة.
وأجرى الجانبان 24 جولة من المباحثات بشأن المعاهدة منذ انطلاق المفاوضات بشأنها في 2008 بهدف تعزيز الاستثمارات المتبادلة.
وقد أعرب مسؤولون في البلدين مرارا عن رغبتهم في إتمام الاتفاقية قبل أن يغادر أوباما البيت الأبيض في يناير العام المقبل.
-- فائض الطاقة الصناعية والنزاعات التجارية
كما يأتي الحوار رفيع المستوى في وقت لجأت فيه وزارة التجارة الأمريكية إلى فرض رسوم لمكافحة الإغراق والدعم على منتجات الفولاذ الصينية للتخلص من ركود سوق الفولاذ في وقت أصبحت مسألة الطاقة الفائضة في هذا المجال تمثل تحديا عالميا حادا.
وقال ناثان شيتس، مساعد وزير الخزانة الأمريكية للشؤون الدولية، في حدث نظمته مؤسسة بروكينغز لمراجعة الحوار الاستراتيجي والاقتصادي الصيني- الأمريكي، إن الولايات المتحدة تحث الصين على خفض الطاقة الصناعية الزائدة في القطاعات المعدنية الأساسية " وجعل العرض في هذه القطاعات أكثر حساسية لظروف الطلب المحلية والعالمية".
وترفض الصين إساءة استخدام التدابير العلاجية التجارية، وفقا لما ذكره تشو يوم الخميس، مضيفا أن الجانبين بحاجة الى الالتزام بقواعد منظمة التجارة العالمية وإجراء حوارات لحل النزاعات التجارية.
واستطرد تشو "يجب أن نعارض الحمائية التجارية في سياق قواعد التجارة الحرة التي تم الموافقة عليها وتخدم مصالح الطرفين."
كما حذر خبراء التجارة من الولايات المتحدة من اللجوء الى الحمائية لأنها لن تعالج الآلام الكبيرة التي تعاني منها صناعة الفولاذ الأمريكية كما أن القيود على الواردات ستضر بالاقتصاد الأمريكي الكلي ولن تخدمه.
وقال الخبراء أن ظهور المشكلات والتناقضات أمر لا مفر منه على خلفية التوسع السريع في التجارة والاستثمار بين البلدين في السنوات الأخيرة، إلا أن آلية الحوار الاستراتيجي والاقتصادي قد لعبت دورا مهما في تعزيز الثقة المتبادلة وإدارة الخلافات وتجنب سوء الأحكام في العلاقات الاقتصادية الثنائية.
وقال شيتس " نظرا لأن هذه الجولة من الحوار ستكون الأخيرة في عهد إدارة أوباما، لابد أن أؤكد أن التعاون المستمر مع الصين بشأن مختلف القضايا التي يغطيها الحوار أمر مهم جدا ليس للبلدين فقط وإنما العالم أيضا".
وقال فاروقهار إن " الأخيرة ستكون في غاية الأهمية للأبد، ربما أكثر من ذلك، بالنظر إلى موسم الانتخابات الحالي في الولايات المتحدة، لإظهار أن نهج العلاقات الثنائية القائم على الجلوس معا والتحاور بشأن المشكلات يقود إلى نتائج أفضل من النهج البديل الذي ينطوي على التهديدات وأشكال التفاعل القسري الأخرى".
وأضاف " سيكون من الضروري للجانبين إظهار أن التعاون يثمر عن نتائج ملموسة وحقيقية يمكن أن يشعر بها حقا الناس في البلدين، وتسهم في خلق فرص العمل لهم وتخدم رفاههم الاقتصادي".
كما اتفق دولار على أن هذه الجولة من الحوار الاستراتيجي والاقتصادي الصيني-الأمريكي تأتي " في الوقت المناسب بالنسبة للصين والولايات المتحدة لإظهار أن هذا التبادل المنتظم ورفيع المستوى يثمر عن نتائج، ما يشجع الإدارات التالية على تحقيق أفضل أو مشابهة لها على الأقل ".