بكين 13 يونيو 2016 (شينخوا) يشكل التغيير السياسي في البرازيل المتمثل في تعديل حكومة الرئيس المؤقت ميشال تامر والتحول الكبير في السياسة اختبارا لكتلة بريكس على تعزيز التنمية الاقتصادية من خلال التعاون متعدد الأطراف.
وأجرى تامر تعديلا جذريا في مجلس وزراء البرازيل وعدل سياسات البلاد الخارجية يوم الأحد بعد شهر واحد من تعليق عمل الرئيسة ديلما روسيف التي تواجه المحاكمة تمهيدا لعزلها.
وقال محللون إن الحكومة الانتقالية في البرازيل من المحتمل أن تضع تعاونها مع دول بريكس الأخرى -- روسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا-- في مرتبة ثانوية. وسيتوقف تطور الكتلة على مدى بقاء دول بريكس الخمس في حالة موحدة ومدى استمرار عمل آلية لتعاون بسلاسة.
-- تحول رئيسي في السياسة الخارجية
أولت البرازيل دوما قيمة كبيرة لعلاقاتها التعاونية مع دول بريكس منذ نشأتها في عام 2009. غير أن التطورات السياسية التي تلت تعليق مهام روسيف أفضت إلى تعديل في السياسة الخارجية للبرازيل.
ولخص وزير الخارجية في الحكومة الانتقالية جوزيه سيرا الأولويات الجديدة للسياسة الخارجية في أول ظهور علني له يوم 18 مايو.
وقال إن البرازيل ستركز بدلا من ذلك على العلاقات الثنائية مع الأرجنتين والمكسيك وفي الوقت نفسه ستضع أولوية لاستعادة "الشراكات التقليدية" مع الولايات المتحدة وأوروبا واليابان.
وبخصوص التعاون مع دول بريكس، قال سيرا إن البرازيل ستغتنم الفرص التي تجلبها تلك الآلية تركيزا على تعزيز التعاون في التجارة والاستثمار بين الدول الأعضاء، ما يختلف بشكل ملحوظ عن المصطلحات التي دأبت روسيف على استخدامها مرارا مثل "التعاون الاستراتيجي" و"الأولويات الدبلوماسية".
ويبقى مصير روسيف مبهما وسط وضع سياسي متقلب في البرازيل بدأ مع إحالة ما وصف بتلاعبها في الحسابات العامة أثناء حملة إعادة انتخابها إلى مجلس النواب والشيوخ لتبدأ إجراءات عزلها.
وفي تعليقه، قال تشو تشي وي، المدير التنفيذي لمركز أبحاث البرازيل التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، إنه بغض النظر عن النتيجة النهائية، فإن الأزمة السياسية المختمرة قد تقود إلى "تراجع" في السياسة الخارجية للبرازيل وتؤثر على إخلاصها تجاه آلية بريكس على المدى القصير.
--تحول بريكس
ويشير مصطلح بريك الذي صاغه كبير الاقتصاديين ببنك غولدمان ساكس جيم أونيل عام 2001 إلى مجموعة الدول الناشئة الأربع الأسرع نموا وهي البرازيل وروسيا والهند والصين.
وفي عام 2006، أقام غولدمان صندوق بريك، الذي ولد إيرادات جيدة للمستثمرين فيه في سنواته الأولى القليلة. لكن مع التراجع الكبير في أسعار السلع منذ عام 2013، شهدت بريكس تراجعا في النمو الاقتصادي حتى أن البرازيل وروسيا سجلتا نمو اقتصاديا سلبيا. وفي نوفمبر عام 2015 تم إغلاق صندوق بريك.
ورأى الإعلام الغربي إغلاقه كعلامة على انحدار بريكس حتى أن البعض بدأ في التحدث حول " وفاة بريكس" والانهيار المحتمل للآلية التعاونية بين الدول الأعضاء .
غير أن تشو له وجهة نظر أخرى. وقال إن البيئة الخارجية غير المواتية قد تكون حافزا للدول أعضاء الكتلة لتعزيز تعاونها.
وأضاف أن "نقاط القوة الرئيسية لبريكس، مثل السوق وعدد السكان الضخمين، لن تخفت مع الركود الدوري لبعض أعضاء بريكس. وإنما ستلمع مع التنمية الاقتصادية المستقبلية".
وقال شن يي، مدير مركز دراسات بريكس بجامعة فودان، إنه "منذ إقامة قمة بريكس، أصبحت الكتلة أكثر من مجرد مفهوم اقتصادي. إنها منصة للاقتصادات الناشئة لممارسة تأثيرها على الساحة الاقتصادية العالمية".
-- التعاون المعمق مفتاح تنمية بريكس
وفي يوليو عام 2014، أزاح قادة بريكس الستار عن خطط لإقامة بنك التنمية الجديد وترتيب احتياطي الطوارئ. وفي العام التالي، تم تأسيس البنك رسميا متخذا من شانغهاي مقرا له.
ونُظر إلى الخطوة، التي تهدف إلى تعزيز استقلالية الاقتصادات النامية، من جانب الإعلام الغربي كمحاولة لتحدي الإطار المالي الدولي القائم الذي تهيمن عليه الاقتصادات المتقدمة.
وفي مؤشر على كفاءته، أعلن بنك التنمية الجديد في أبريل هذا العام أنه سيوفر 811 مليون دولار أمريكي لتمويل 4 مشاريع للطاقة المجددة في البرازيل والهند والصين وجنوب إفريقيا.
وقال تشو إنه في ضوء تعليق روسيف عن ممارسة مهام منصبها يوجد احتمال بأن تتراجع البرازيل في سياستها الخارجية. واقترح أن تعزز دول الكتلة علاقاتها الاقتصادية وتحسن آليتي بنك التنمية الجديد وترتيب احتياطي الطوارئ حتى لا يتأثر التعاون بين الأعضاء بالآثار غير المباشرة المحتملة للتغيرات السياسية الداخلية.
وأضاف تشو أنه من المهم لدول بريكس أن تلتقي على هامش المؤتمرات متعددة الأطراف لتنسيق سياساتها.
وقال شن إن إنه بإمكان دول بريكس أن تعزز تعاونها في الوصول إلى الأسواق والاحتياطات الأجنبية والقروض طويلة الأجل لمواجهة التقلبات الدورية.
وأشار إلى أن الصين يمكنها أن تلعب دورا قياديا في حث دول بريكس على تقوية آلية تعاونها في مواجهة الأزمات.
وأتم قائلا " بهذه الطريقة، يمكن لبريكس أن تتطور إلى مجتمع أكثر ترابطا يرتكز على المصالح المشتركة ويكون لها صوتا أعلى في إدارة الاقتصاد العالمي".