((أهم الموضوعات الدولية)) تعليق: غارات الطائرات الأمريكية بدون طيار... تحمل بجعبتها كبرياء وتحاملا

13:40:01 22-07-2016 | Arabic. News. Cn

بكين 22 يوليو 2016 (شينخوا) بعد سنوات من شن غارات على ما يدعى بأنهم "إرهابيون" في أرجاء مختلفة من العالم، أصدرت الولايات المتحدة في يوليو الجاري أول تقرير يخص عدد ضحايا غارات الطائرات الأمريكية بدون طيار ويفيد بأن ما يتراوح بين 64 و116 مدنيا قتلوا في 473 غارة أمريكية شُنت خارج مناطق الحرب النشطة في الفترة ما بين عامي 2009 و 2015 في باكستان وليبيا واليمن والصومال، وسط شكوك وانتقادات واسعة من المجتمع الدولي لبرنامج الغارات الأمريكي هذا.

وعند استعراض تاريخ استخدام الطائرات بدون طيار في العمليات العسكرية، نجد أنه بدأ في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو. بوش، وأصبح أحد الأوراق الرابحة التي تلعب بها إدارة أوباما ابتداء من أول مايو عام 2011 مع انتشار نبأ مقتل أسامة بن لادن بفضل تتبع طائرة بدون طيار طراز "أر كيو-170" له على مدى أشهر.

ومع تكثيف هذه الغارات، لم يتوقف الجدل حول شرعيتها ودقتها وظروف تنفيذها والسيطرة على تأثيرها على المدنيين. ويشعر العالم بالأسف وهو يرى الولايات المتحدة لا تبدي أي نية لشرح وتبديد هذه الشكوك، بل تصر على سلوك الهيمنة والقسوة والنفاق النابع في الواقع من "كبرياء وتحامل".

وبالنظر إلى الحقائق والأرقام الغامضة التي وردت في التقرير، يتبين أن التقييم الصادر عن أكبر قوة عسكرية في العالم بعيد كل البعد عن أن يوصف بكلمة "دقيق".

أولا، لم يتناول التقرير الضحايا المدنيين في أفغانستان والعراق وسوريا، وهي البلدان الثلاثة المعرضة بكثرة لهذا النوع من الغارات.

وثانيا،تأتي الأرقام المعلنة أقل من التقييمات الصادرة عن جميع المؤسسات الدولية تقريبا، إذ أعرب مكتب الصحافة الاستقصائية، وهو مؤسسة بريطانية غير ربحية، عن تشككه في دقة التقرير قائلا "يقدر بأنه في عام 2011 وحده في باكستان فقط، زهقت حوالي 75 غارة بطائرات أمريكية بدون طيار أرواح ما يتراوح بين 25 و152 مدنيا.

ثالثا، لا يضم التقرير تفاصيلا مثل أسماء الضحايا أو متى وأين لقوا مصرعهم، الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان التحقق من صحة ودقة التقرير.

وعلى نحو خاص، يثير افتقار سياسة البيت الأبيض ومعاييره للشفافية نقاشا واسعا، إذ أن البيت الأبيض لم يعلن قط معيار تحديد هوية "العدو" وماهية إجراءات مراقبة هذه الغارات. ويصعب على المرء أن يتخيل أن الدولة التي تنادي بحقوق الإنسان والقانون الدولي في العالم تشن هجمات دون تحديد الشروط المسبقة حيث أصبح اللجوء إلى القانون الدولي من المصطلحات النادرة على لسان الولايات المتحدة في هذه القضية.

فحالة كبرياء الولايات المتحدة وعدم اكتراثها بالانتقادات في هذا الإطار متجسدة تماما. وإلى جانب هذا الكبرياء، يستخدم "العم السام" أسلوب التحيز عند معاملته للآخرين مقارنة بمعاملة لمواطنيه. فكيف يطبق "الرائد" في حماية العدالة الدولية معايير مزدوجة يضيق فيها الخسائر البشرية المحلية على حساب الخسائر البشرية في البلدان الأخرى؟ وعندما تقف الولايات المتحدة أمام ميزان يحمل في أحد كفتيه العدالة الدولية وفي الكفة الأخرى الضغوط والمخاوف المحلية الكبرى، تختار تهدئة الشكاوى والاتهامات المحلية المتصاعدة إزاء مقتل جنود أمريكيين في ساحات المعارك.

ولا شك أن الطائرات بدون طيار يمكنها تقليل خسائر الأمريكيين ولكن السؤال يبقى، هل أرواح المدنيين المستهدفين مختلفة عن أرواح أبناء الشعب الأمريكي؟ ومع استمرار توجيه الولايات المتحدة انتقادات للدول الأخرى بذريعة ملفات حقوق إنسانها، ينبغي عليها أن تفكر بجدية في كم من الأبرياء ببلدان أخرى قتلوا جراء الغارات الأمريكية؟

وقد قال فرد من أهالي باكستان يدعى عبد الكريم خان لوكالة أنباء ((شينخوا))، كان أخوه وابنه قد قتلا خلال الغارات الأمريكية في ديسمبر عام 2009، إنه رفع دعوى ضد مسؤول وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لدى باكستان أمام محكمة إسلام آباد العليا ولكن السفارة الأمريكية لم تقدم ردا أو شرحا حتى الآن.

هذا، وتعاني العديد من أسر الضحايا مثل أسرة عبد الكريم في باكستان من صمت وتجاهل الطرف الأمريكي إزاء سقوط الأبرياء ولا أحد يتحمل المسؤولية عما يتكبدوه من خسائر. وبالنسبة للذين مازالوا على قيد الحياة، فلا أحد يفكر في تداعيات الغارات الأمريكية المكثفة على حياتهم وصحتهم وحالتهم النفسية.

ومن الواضح أن الولايات المتحدة تستخدم أسلوب التحيز في معاملتها للمدنيين خارج بلادها ، سواء كان ذلك قبل الغارات أو بعدها. لكن العدالة لا بد أن تنتصر على التمييز لأن حقوق الإنسان ليست حصرية للشعب الأمريكي بل إنها مكفولة لشعوب العالم أجمع.

ورغم أن البيت الأبيض وعد بالإعلان عن عدد الضحايا سنويا في المستقبل وتعهد باستكمال إجراءات منح تعويضات للضحايا الأبرياء، إلا أنه يصعب التزام التفاؤل مع اقتراب نهاية ولاية إدارة أوباما، والأمر الأكثر واقعية هو التطلع إلى أن ينبذ الرئيس المقبل للولايات المتحدة، وهو يصدر الأمر بإقلاع الطائرات بدون طيار في غارات، ينبذ الكبرياء والتحامل ويحترم ويقدر قيمة حياة شعوب البلدان الأخرى خلال سعيه إلى "سلام وأمن العالم".

ألصق عنوان البريد الإلكتروني لصديقك في الفراغ اليمين لإرساله هذه المقالة العودة الى الأعلى
arabic.news.cn

((أهم الموضوعات الدولية)) تعليق: غارات الطائرات الأمريكية بدون طيار... تحمل بجعبتها كبرياء وتحاملا

新华社 | 2016-07-22 13:40:01

بكين 22 يوليو 2016 (شينخوا) بعد سنوات من شن غارات على ما يدعى بأنهم "إرهابيون" في أرجاء مختلفة من العالم، أصدرت الولايات المتحدة في يوليو الجاري أول تقرير يخص عدد ضحايا غارات الطائرات الأمريكية بدون طيار ويفيد بأن ما يتراوح بين 64 و116 مدنيا قتلوا في 473 غارة أمريكية شُنت خارج مناطق الحرب النشطة في الفترة ما بين عامي 2009 و 2015 في باكستان وليبيا واليمن والصومال، وسط شكوك وانتقادات واسعة من المجتمع الدولي لبرنامج الغارات الأمريكي هذا.

وعند استعراض تاريخ استخدام الطائرات بدون طيار في العمليات العسكرية، نجد أنه بدأ في عهد الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو. بوش، وأصبح أحد الأوراق الرابحة التي تلعب بها إدارة أوباما ابتداء من أول مايو عام 2011 مع انتشار نبأ مقتل أسامة بن لادن بفضل تتبع طائرة بدون طيار طراز "أر كيو-170" له على مدى أشهر.

ومع تكثيف هذه الغارات، لم يتوقف الجدل حول شرعيتها ودقتها وظروف تنفيذها والسيطرة على تأثيرها على المدنيين. ويشعر العالم بالأسف وهو يرى الولايات المتحدة لا تبدي أي نية لشرح وتبديد هذه الشكوك، بل تصر على سلوك الهيمنة والقسوة والنفاق النابع في الواقع من "كبرياء وتحامل".

وبالنظر إلى الحقائق والأرقام الغامضة التي وردت في التقرير، يتبين أن التقييم الصادر عن أكبر قوة عسكرية في العالم بعيد كل البعد عن أن يوصف بكلمة "دقيق".

أولا، لم يتناول التقرير الضحايا المدنيين في أفغانستان والعراق وسوريا، وهي البلدان الثلاثة المعرضة بكثرة لهذا النوع من الغارات.

وثانيا،تأتي الأرقام المعلنة أقل من التقييمات الصادرة عن جميع المؤسسات الدولية تقريبا، إذ أعرب مكتب الصحافة الاستقصائية، وهو مؤسسة بريطانية غير ربحية، عن تشككه في دقة التقرير قائلا "يقدر بأنه في عام 2011 وحده في باكستان فقط، زهقت حوالي 75 غارة بطائرات أمريكية بدون طيار أرواح ما يتراوح بين 25 و152 مدنيا.

ثالثا، لا يضم التقرير تفاصيلا مثل أسماء الضحايا أو متى وأين لقوا مصرعهم، الأمر الذي يجعل من الصعوبة بمكان التحقق من صحة ودقة التقرير.

وعلى نحو خاص، يثير افتقار سياسة البيت الأبيض ومعاييره للشفافية نقاشا واسعا، إذ أن البيت الأبيض لم يعلن قط معيار تحديد هوية "العدو" وماهية إجراءات مراقبة هذه الغارات. ويصعب على المرء أن يتخيل أن الدولة التي تنادي بحقوق الإنسان والقانون الدولي في العالم تشن هجمات دون تحديد الشروط المسبقة حيث أصبح اللجوء إلى القانون الدولي من المصطلحات النادرة على لسان الولايات المتحدة في هذه القضية.

فحالة كبرياء الولايات المتحدة وعدم اكتراثها بالانتقادات في هذا الإطار متجسدة تماما. وإلى جانب هذا الكبرياء، يستخدم "العم السام" أسلوب التحيز عند معاملته للآخرين مقارنة بمعاملة لمواطنيه. فكيف يطبق "الرائد" في حماية العدالة الدولية معايير مزدوجة يضيق فيها الخسائر البشرية المحلية على حساب الخسائر البشرية في البلدان الأخرى؟ وعندما تقف الولايات المتحدة أمام ميزان يحمل في أحد كفتيه العدالة الدولية وفي الكفة الأخرى الضغوط والمخاوف المحلية الكبرى، تختار تهدئة الشكاوى والاتهامات المحلية المتصاعدة إزاء مقتل جنود أمريكيين في ساحات المعارك.

ولا شك أن الطائرات بدون طيار يمكنها تقليل خسائر الأمريكيين ولكن السؤال يبقى، هل أرواح المدنيين المستهدفين مختلفة عن أرواح أبناء الشعب الأمريكي؟ ومع استمرار توجيه الولايات المتحدة انتقادات للدول الأخرى بذريعة ملفات حقوق إنسانها، ينبغي عليها أن تفكر بجدية في كم من الأبرياء ببلدان أخرى قتلوا جراء الغارات الأمريكية؟

وقد قال فرد من أهالي باكستان يدعى عبد الكريم خان لوكالة أنباء ((شينخوا))، كان أخوه وابنه قد قتلا خلال الغارات الأمريكية في ديسمبر عام 2009، إنه رفع دعوى ضد مسؤول وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية لدى باكستان أمام محكمة إسلام آباد العليا ولكن السفارة الأمريكية لم تقدم ردا أو شرحا حتى الآن.

هذا، وتعاني العديد من أسر الضحايا مثل أسرة عبد الكريم في باكستان من صمت وتجاهل الطرف الأمريكي إزاء سقوط الأبرياء ولا أحد يتحمل المسؤولية عما يتكبدوه من خسائر. وبالنسبة للذين مازالوا على قيد الحياة، فلا أحد يفكر في تداعيات الغارات الأمريكية المكثفة على حياتهم وصحتهم وحالتهم النفسية.

ومن الواضح أن الولايات المتحدة تستخدم أسلوب التحيز في معاملتها للمدنيين خارج بلادها ، سواء كان ذلك قبل الغارات أو بعدها. لكن العدالة لا بد أن تنتصر على التمييز لأن حقوق الإنسان ليست حصرية للشعب الأمريكي بل إنها مكفولة لشعوب العالم أجمع.

ورغم أن البيت الأبيض وعد بالإعلان عن عدد الضحايا سنويا في المستقبل وتعهد باستكمال إجراءات منح تعويضات للضحايا الأبرياء، إلا أنه يصعب التزام التفاؤل مع اقتراب نهاية ولاية إدارة أوباما، والأمر الأكثر واقعية هو التطلع إلى أن ينبذ الرئيس المقبل للولايات المتحدة، وهو يصدر الأمر بإقلاع الطائرات بدون طيار في غارات، ينبذ الكبرياء والتحامل ويحترم ويقدر قيمة حياة شعوب البلدان الأخرى خلال سعيه إلى "سلام وأمن العالم".

الصور

010020070790000000000000011100001355326751