واشنطن 6 أغسطس 2016 (شينخوا) باعتبارها البلد الذي سيستضيف قمة مجموعة العشرين، وذلك في مدينة هانغتشو الواقعة بشرقي البلاد الشهر القادم، فإن الصين لديها فرصة لإظهار قيادتها في مقاومة الإجراءات الحمائية وتحفيز النمو وتعزيز ثقة الناس في الاقتصاد العالمي، حسبما قال خبير أمريكي.
وقال روبرت كاهن، وهو زميل بارز مختص بالاقتصاد الدولي في مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن، "أعتقد أننا في فترة مهمة للغاية بشأن التجارة لأنني أعتقد أن هناك ضغوط حمائية قوية مفروضة في العالم".
وأضاف كاهن، لوكالة أنباء ((شينخوا)) في مقابلة أجريت معه مؤخرا، "وهنا يمكن للصين أن تلعب دورا هاما جدا في إظهار القيادة، من خلال القول (:) نحن بحاجة لمقاومة هذه الضغوط، ونحن بحاجة إلى فعل ذلك بطريقة تكون واقعية وذكية".
ولدى إشارته إلى الآفاق المبهمة حول تمرير اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ في مجلس الشيوخ الأمريكي، قال كاهن إنه "قلق للغاية" من أنه بحال تم رفض اتفاق التجارة، الذي يضم 12 بلدا، من قبل الكونغرس الأمريكي، فإن ذلك سيعطي حجة وذريعة لزيادة الإجراءات الحمائية على الصعيد العالمي.
وتابع أن "ذلك سيكون سيئا لمجموعة العشرين بأكملها"، مضيفا "أعتقد أن ما يتعين علينا فعله الآن هو التحدث بشكل صريح للغاية حول كيف يمكننا إظهار القيادة في هذه البيئة الصعبة جدا، والتي يشعر الناس فيها بأن التجارة لا تساعدهم، كيف يمكننا إقناع الناس مرة أخرى بأن الاتفاق العادل هو من أجل الجميع".
وأعرب كاهن عن اعتقاده بأن الصين يمكن أن تلعب دورا قياديا هاما بصفتها رئيسا لقمة مجموعة العشرين هذا العام للمساعدة في إيجاد وسائل مناسبة لحسم هذه الخلافات حول التجارة، وقال "أعتقد أنه ضمن إطار مجموعة العشرين نحن بحاجة إلى إيجاد سبل لبث الثقة في الناس بأنه حقا حوار صادق وبأنه يتم التعامل مع المخاوف بطريقة براغماتية".
ومع إحاطتها بتعالي الأصوات المؤيدة للإجراءات الحمائية في العالم، فإن الصين بادرت إلى تشكيل مجموعة عمل حول التجارة والاستثمار تابعة لمجموعة العشرين، وقامت بإضفاء الطابع المؤسسي على اجتماع وزراء تجارة دول مجموعة العشرين من أجل تعزيز الاستثمار والتجارة الدولية، والتي من شأنها أن تساهم أيضا في النمو العالمي الذي تشتد الحاجة إليه.
وفي اجتماع وزراء تجارة دول مجموعة العشرين الذي عُقد الشهر الماضي في شانغهاي بالصين، اتفق الوزراء على إستراتيجية واسعة لتعزيز نمو التجارة العالمية، والتي سيقوم الأعضاء في مجموعة الـ 20 من خلالها بقيادة، على سبيل المثال، الخفض في تكاليف التجارة، والعمل على مواءمة سياسات التجارة والاستثمار، ودفع التجارة في قطاع الخدمات، وتعزيز التمويل التجاري، وتعزيز تنمية التجارة الإلكترونية والتعامل مع التجارة والتنمية.
وقال الوزراء في بيان مشترك إنه "يجب أن تظل التجارة والاستثمار محركات هامة للتنمية والنمو الاقتصادي العالمي، وتوليد فرص عمل، وتشجيع الابتكار، والمساهمة في تحقيق الرفاه والنمو الشامل".
وبالنسبة لسياسات الاقتصاد الكلي، قال كاهن إن وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية في دول مجموعة العشرين قد أصدروا مرارا بيانات قوية حول استخدام جميع أدوات السياسة - النقدية والمالية الهيكلية - لتعزيز النمو، لكن "السؤال هو كيف نتجاوز هذه التصريحات وصولا إلى العمل الفعلي".
ووفقا لكاهن، فإنه من الصعب سياسيا واقتصاديا تنفيذ إصلاحات هيكلية في حين أن أعضاء مجموعة الـ 20 هم أيضا "منقسمون تماما" حول توسيع السياسة المالية لتحفيز النمو، معربا عن قلقه من أنه لا يوجد حقيقة أي شيء جديد أمام صناع السياسة مما يتعين القيام به في الوقت الذي يكون فيه الجميع متفقين بشأن الحاجة للمزيد من النمو.
وقال إن "ذلك قد يكون شيئا لتسعى إليه الحكومة الصينية وتتعامل معه وتديره"، مضيفا أن صناع السياسة بحاجة للتفكير فيما إذا كانت تدابير السياسة الحالية كافية "لإنتاج هذا النوع من النمو الذي من شأنه أن يجعل الناس يشعرون بالرضا حول الاقتصاد العالمي".
وتساءل "كيف نستطيع جعل الناس يشعرون بالثقة من أن السياسات ليست مجرد عناوين جيدة فقط، بل أنها حقا ستعمل على تغيير الطريقة التي يعمل فيها اقتصادنا على المدى الطويل"، مؤكدا أن "هناك قدرا كبيرا من الإحباط والقلق" إزاء المستقبل الاقتصادي لدى السكان في الولايات المتحدة وأوروبا وأجزاء أخرى من العالم.
وقال لي باو دونغ، نائب وزير الخارجية الصيني، إن قمة مجموعة العشرين المزمع عقدها في هانغتشو الشهر المقبل سوف تركز على النقاشات حول الابتكار، والثورة الصناعية الجديدة، والاقتصاد الرقمي، والإصلاح الهيكلي تحت جدول الأعمال بـ "تحقيق مسار جديد للنمو".
وأضاف أن "هذا يهدف إلى كسر النموذج الحالي من الاعتماد الوحيد على الحوافز المالية والسياسة النقدية السهلة من خلال إصلاح هيكلي وإستراتيجيات نمو قائمة على الابتكار، وتعزيز إمكانات للنمو ضمن مدى متوسط إلى طويل".
وتعمل الصين مع الزملاء الأعضاء على رسم خطة مجموعة الـ 20 للنمو القائمة على الابتكار، والتي تسلط الضوء على مفهوم الابتكار الشامل ووضع خطة عمل ملموسة لبناء ثورة صناعية جديدة واقتصاد رقمي، مما قد يساعد على دعم ثقة الناس في الاقتصاد العالمي.
وباعتبارها منصة رئيسية للتعاون الاقتصادي العالمي، فإن مجموعة العشرين قد حققت بعض التقدمات أيضا في مجال الإدارة الاقتصادية العالمية خلال السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك تنفيذ إصلاحات الحصص والحوكمة عام 2010 في صندوق النقد الدولي.
وقال كاهن إن "الصين ممثلة حاليا بشكل أفضل بكثير في المؤسسات الدولية عما كان عليه الحال من قبل، بما في ذلك صندوق النقد الدولي"، مضيفا أنها "تواصل التحرك في الاتجاه الصحيح حيث تم سماع وجهات النظر والأصوات الصينية بشكل أكثر في هذه المنتديات .. أعتقد أنه ينبغي الاستمرار في ذلك".
ومع أخذه بعين الاعتبار النفوذ المتزايد للصين في الساحة العالمية، رحب كاهن بانضمام أكبر دولة نامية في العالم إلى نادي باريس، وهو مجموعة غير رسمية من الدائنين الذين يعملون على المساعدة في تسوية مشكلات ديون الدول.
وقال إنه سيكون "إقرار إيجابي ومهم للغاية" بشأن التزام الصين بقواعد مشددة في قضايا الديون في حال قررت الصين الانضمام إلى نادي باريس وأن تصبح عضوا في النادي.
وأضاف "أعتقد أن هذا مثال عن ممارسة القيادة بالنسبة للصين، وإن القيام بذلك سيعتبر خطوة إيجابية للغاية"، معربا عن أمله بأن تتمكن الصين من لعب دور قيادي في تعزيز التعاون الدولي بشكل أفضل فيما يتعلق بإعادة هيكلة الديون.