بكين 17 أغسطس 2016 (شينخوا) في ظل ما يواجهه الاقتصاد العالمي من تحديات ضخمة، فإن القمة الـ11 لمجموعة العشرين المقرر عقدها يومي 4 و5 سبتمبر المقبل في مدينة هانغتشو الصينية والتي سيستضيفها الرئيس الصيني شي جين بينغ،ستلقى بلا شك اهتماما واسعا من أنحاء العالم حيث تتطلع مختلف الدول إلى أن توضع خلالها خطة ملموسة لتسوية المشكلات الاقتصادية الخطيرة.
تعد قمة مجموعة العشرين بهانغتشو هذا العام القمة الدولية الأرفع مستوى والأكبر حجما والأعمق أثرا التي تستضيفها الصين في السنوات الأخيرة. لذلك، تبذل الصين جهودا ضخمة في استضافة القمة التي ستركز على مواجهة تحديات أكثر بروزا وأهمية وإلحاحا، وتسعى لعرض الحكمة الصينية الخاصة بحوكمة الاقتصاد العالمي ودفع تنميته.
ومع مرور ثمانية أعوام على بدء الأزمة المالية العالمية، قد يصعب على الاقتصاد العالمي المعتل استعادة إيقاع نموه، بل وتتجاوز صعوبة استعادة وتيرة هذا النمو توقعات الجميع ولا سيما وأن صندوق النقد الدولي خفض في أحدث توقعاته هدف نمو الاقتصادي العالمي هذا العام من 3.1% إلى 2.9%. وإذا ما أكدت الأيام صحة هذه التوقعات، فيصبح عام 2016 ثاني عام تصل فيه نسبة النمو العالمي إلى ما دون 3 % بعد العام الماضي الذي بلغت فيه النسبة 2.4%.
وبالإضافة إلى ذلك، تواجه الاقتصادات المتقدمة انتعاشا ضعيفا، إذ قام صندوق النقد الدولي في وقت سابق من العام الجاري بخفض توقعاته لمعدلات النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان.
ورأى محللون إن تزايد معدل الشيخوخة، وعدم المساواة في توزيع الثروة، والاحتكارات التكنولوجية، والحمائية التجارية، وأزمة اللاجئين السوريين وكذلك خطر الإرهاب تقف كأسباب رئيسية خلف فخ النمو المنخفض. ومن أجل معالجة هذه المشكلة، صارت مجموعة العشرين بحاجة إلى اتخاذ مزيد من الإجراءات الملموسة لتعزيز التنمية المستدامة.
وفي الواقع، تأتي قمة هانغتشو وسط ظروف معقدة وحاسمة للغاية. ولذلك، تعلق هذه القمة آمالا كبيرة على أن تساعد الدولة المضيفة وهي الصين، بصفتها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تساعد على رسم خريطة طريق وطرح أفكار جديدة لتحقيق التنمية المستدامة للاقتصاد العالمي وإيجاد وسيلة لانتشاله من مأزق النمو المنخفض، وذلك استفادة من خبراتها وانطلاقا من الوضع الدولي الحقيقي.
وكان الرئيس الصيني شي جين بينغ قد وعد رسميا العالم، خلال قمة المجموعة التي عقدت في بريسبان في سبتمبر عام 2014، وعد بأن تقدم الصين، بصفتها الدولة المضيفة لقمة مجموعة العشرين لعام 2016، مزيدا من الاسهامات في دفع التنمية الاقتصادية العالمية وتلعب دورا أكبر في هذا الصدد.
وبوضع هذه المسؤولية الكبيرة على عاتقها، قامت الصين بتدابير دقيقة في إعداد الموضوعات وتجهيز جدول الأعمال حيث تقوم أولا بوضع التنمية الابتكارية والإصلاح الهيكلي في مكانة مهمة وتؤكد على أهمية "الابتكار الإصلاحي" مع تحديد تسعة مجالات لها الأولوية و48 مبدأ توجيهيا للإصلاح الهيكلي ونظام قياس لتقييم مدى تقدم الإصلاح ونتائجه.
وتسعى الصين ثانيا فيما يتعلق بالحمائية التجارية العالمية إلى إيجاد وسيلة مفتوحة لمعالجة سلبيات العولمة وعيوبها حيث تدفع من أجل إصدار أول إعلان لوزراء التجارة في تاريخ مجموعة العشرين وكذا تدفع من أجل الموافقة على إستراتيجية تنمية التجارة العالمية لمجموعة العشرين وعلى مبدأ توجيهي للتجارة العالمية لمجموعة العشرين، لتواصل بذلك تقديم إسهاماتها التاريخية المشهودة لها عالميا في تعزيز تنسيق التجارة والسياسات الاستثمارية العالمية.
وفي إطار الجهود التي تبذلها الصين أيضا، تضع قمة هانغتشو ولأول مرة مسألة التنمية في مكانة بارزة بهيكل السياسات الكلي العالمي. وتعد خطة عمل شاملة لتنفيذ جدول أعمال للتنمية المستدامة لعام 2030،وإصدار بيان خاص بشأن قضية التغيرات المناخية وذلك لأول مرة، وإدراج المالية الخضراء على جدول أعمال القمة.
وبالاضافة إلى ذلك، تولى الصين مزيدا من الاهتمام بالدول النامية والمصلحة المشتركة للبشرية جمعاء، وهو موقف لا يؤكد فقط على تحمل الصين للمسؤولية بصفتها أكبر دولة نامية، وإنما يعد وسيلة أساسية للتغلب على المشكلات المتمثلة في عدم عدالة النمو الاقتصادي العالمي وعدم توازنه وعدم استدامته.