بكين 31 أغسطس 2016 (شينخوا) تنطلق بعد أيام قمة مجموعة العشرين بمدينة هانغتشو الصينية متخذة من دفع انتعاش الاقتصاد العالمي من حالة الركود عبر تعزيز الاستثمارات الخارجية والتعاون مع البلدان الأخرى محورا لها في الوقت الذي تدعو فيه الصين إلى مبادرة"بناء اقتصاد عالمي مفتوح". وعلى خلفية سعي العالم إلى التعاون متبادل المنفعة ولاسيما في مجال القدرة الإنتاجية، يمكننا أن نشهد نموذجا رائعا لذلك من التعاون الصيني- المصري، نموذجا يؤسس لمرحلة جديدة من العمل المشترك.
ففي الآونة الأخيرة، انتهت شركة صينية كبرى بكل سلاسة من إنشاء المرحلة الأولى من المشروع الأول لرفع كفاءة وتحديث شبكة نقل الكهرباء المصرية، وهو مشروع يهدف إلى مد ثلاثة خطوط كهرباء جهد 500 كيلوفولت بطول60 كلم في مدينة بني سويف المصرية الواقعة جنوب القاهرة، واستطاعت الشركة خلال عملها في المشروع تسجيل أرقام قياسية لتؤكد حرصها على انجازه على أكمل وجه. ولا شك في أننا سنرى مستقبلا أزهارا يانعة في بستان التعاون الصيني- المصري في مجال القدرة الإنتاجية عقب نجاح الصين في تنفيذ مشروع خاص بإنشاءات نقل الكهرباء وفقا لمعايير تكنولوجية عالية على الأراضي المصرية.
-- الشركات الصينية تصنع علامة تجارية
في العام الجاري وتحديدا يوم 21 يناير، وقعت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة المصرية وشركة شبكة الكهرباء الوطنية الصينية اتفاقية المرحلة الأولى من المشروع الأول لرفع كفاءة وتحديث شبكة نقل الكهرباء المصرية, ليصبح بذلك أول مشروع وقعت بشأنه اتفاقية رسمية تحت إطار التعاون في القدرة الإنتاجية بين البلدين. وتولت شركة الصين المحدودة لمعدات وتكنولوجيا الطاقة الكهربائية التابعة لشركة شبكة الكهرباء الوطنية الصينية مسؤولية إجراء الدراسات الخاصة بالمشروع وتصميمه وتوفير المعدات اللازمة له وإنشائه.
وقد قال مسؤول بوزارة الكهرباء المصرية عقب توقيع الاتفاقية "إن هذه هي المرة الأولى التي نجرى فيها تعاونا مع الصين. إنكم لا تمثلون شركة شبكة الكهرباء الوطنية الصينية فحسب, وإنما تمثلون أيضا جميع الشركات الصينية الأخرى ".
ومن جانبه، ذكر ليو قوانغ هوي, مدير فرع شركة الصين المحدودة لمعدات وتكنولوجيا الطاقة الكهربائية بمصر، أنه يتعين على شركته الانتهاء من إنشاء الخطوط الثلاثة التي تشمل 121 برج كهرباء قبل ذروة استخدام الكهرباء في الصيف المقبل, لهذا "سنبذل قصاري جهدنا ليخرج هذا المشروع في أحسن صورة لكي نصنع علامة تجارية لشركات الكهرباء الصينية رغم أن المهام المنوطين بها كبيرة ولابد من إنجازها بأسرع ما يمكن".
ورغم أن الشركة الصينية بدأت أعمالها قبل ثلاثة أشهر فقط، إلا أن أسلوبها في العمل نال إعجاب وتقدير نظيراتها المصرية، حيث يبدأ العمال الصينيون في مباشرة أعمالهم في الثالثة أو الرابعة من صباح كل يوم لتجنب درجات الحرارة المرتفعة التي تصل إلى 40 درجة مئوية في فترة الظهيرة، وقد سجلت الشركة أربعة أرقام قياسية خلال عملها حتى الآن في هذا المشروع وهي أن أبراجها هي الأثقل وزنا (400 طن)، والأطول (174.8 م)، والمسافة بين كل برج والآخر هي الأوسع (910 أمتار)، وإنشائها لها هو الأسرع .
-- مشروع يعود بالفائدة على تنمية اقتصاد مصر
وتماشيا مع الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي تنعم به مصر, تتكشف يوما بعد يوم قوة إمكانات تنمية الاقتصاد المصري. فمصر تأتي في المركز الأول بين دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط من حيث توليد الطاقة الكهربائية حيث يصل إجمالي توليد الكهرباء في أنحاء مصر إلى حوالي 33 مليون كيلووات ولكنها مازالت بحاجة إلى توليد ثلاثة ملايين كيلووات من الكهرباء من أجل تغطية فترة ذروة استخدام الكهرباء وكذا دفع عجلة تنمية الاقتصاد المصري.
ومن المتوقع أن يسهم مشروع مد خطوط الكهرباء جهد 500 كيلوفولت هذا ، الذي يعد المشروع الأكبر لخطوط نقل الكهرباء في مصر حتى الآن وتبلغ قيمة استثماراته 780 مليون دولار أمريكي، أن يسهم إسهاما كبيرا في رفع قدرة محطات توليد الكهرباء بمنطقة دلتا النيل وتوفير الأمان الشامل لهيكل شبكة الكهرباء المصرية علاوة على أنه يحمل معنى كبيرا لدفع الاستخدام الرشيد للطاقة الكهربائية.
وقد أكد ليو قوانغ هوي أن "هذا المشروع يحمل دلالات عديدة لا تقتصر على تعزيز التعاون في مجال الكهرباء، بل تمتد إلى التأثير بشكل إيجابي على جميع عناصر السلسلة الصناعية ، كما من المتوقع أن يدفع نمو صناعات مثل الطاقة والمعدات الكهربائية والمواد الخام داخل مصر وكذا في منطقة الشرق الأوسط برمتها, وهو ما من شأنه أن يخلق حوالي 7 آلاف من مواقع العمل الجديدة التي ستتيح فرص عمل للعديد من الشباب والخرجين المصريين".
واشاد بالخطة التي وضعتها شبكة الكهرباء المصرية وتهدف إلى توطيد التعاون مع نظيراتها في السعودية والأردن وليبيا والدول المجاورة الأخرى من أجل تصدير الطاقة الكهربائية الفائضة إليها, قائلا "إن هذا التعاون سيشكل سبيلا هاما لزيادة عائدات النقد الأجنبي التي ستعود بالنفع على الاقتصاد المصري وتمنحه قوة دافعة".
-- تعميق التعاون الصيني المصري في القدرة الإنتاجية
وقد أشار خالد مصطفي المسؤول البارز بالغرفة التجارية المصرية إلى أن الحكومة المصرية تسعى الى تحسين مناخ توفير الكهرباء عبر إنشاء محطات جديدة لتوليد الكهرباء ورفع كفاءة خطوط نقل الكهرباء...إلخ, في ظل ارتباط تنمية الاقتصاد المصري ارتباطا وثيقا بتطوير البنية التحتية, مضيفا أن الصين لديها الكثير من الصناعات الجيدة ذات المزايا الهائلة في مجال الكهرباء, ومصر ترحب ترحيبا بالغا بالشركات الصينية التي لديها تجارب وافرة في مجال الإنشاءات وقدرة تنافسية دولية عالية, متطلعا إلى تقوية التعاون في القدرة الإنتاجية مع الصين.
وثمة تكامل كبير بين مسعى مصر إلى رفع كفاءة الكهرباء ومسعى "التوجه نحو الخارج" الذي تعمل عليه شركات معدات الكهرباء الصينية. ومن المتوقع أن يدفع هذا المشروع المصري صادرات المعدات الكهربائية الصينية ويترك أثرا عميقا بالنسبة لما تقدمه الصين من خدمات معنية بالمشاريع الكهربائية، واستشارات عالية المستوى وكذا معايير رفيعة معنية بالكهرباء, وأيضا بالنسبة لمسعى "التوجه نحو الخارج" الذي تمضى فيه منتجاتها ومعداتها الكهربائية, وذلك من أجل تحقيق منفعة متبادلة وتعاون ثنائي مثمر بين الصين ومصر.
وأشار ليو قوانغ هوي الى أن التعاون الصيني المصري في إنتاج الطاقة يتمتع بآفاق رحبة وتتجسد أولى ثماره في دخول تكنولوجيا ومعدات نقل الكهرباء الصينية إلى مصر, مضيفا أن مصر تعد بمثابة بوابة هامة للعبور إلى الدول الإفريقية والعربية الأخرى, وكذا دولة تمثل "نقطة ارتكاز" في مبادرة "الحزام والطريق". وإن التعاون في القدرة الإنتاجية مع مصر يحمل مغزى كبيرا بالنسبة لتحقيق نقل عالي الجودة للطاقة ودفع بناء "الحزام والطريق".