بكين 8 سبتمبر 2016 (شينخوا) استطاعت الدولة الحديثة تيمور ليست استدعاء استراليا إلى المحكمة الدائمة للتحكيم فى لاهاى، على خلفية نزاع حول الحدود البحرية.
وقد لجأت تيمور ليست إلى رفع دعوى تسوية إلزامية فى المحكمة فى 11 أبريل الماضي، بعدما رفضت استراليا الاشتراك فى محادثات مباشرة لترسيم حدود نهائية فى بحر تيمور بين البلدين الجارتين.
ومن بين الأمور المتنازع عليها حقل نفط وغاز يعرف باسم جريتر صن رايز، الذى يقدر ما يحتويه من موارد ب40 مليار دولار أمريكي. ويقع الحقل فى نقطة أقرب إلى تيمور ليست.
وترغب تيمور ليست، بشكل رسمي، فى ترسيم حدودها البحرية الخاصة ببحر تيمور مع استراليا، على طول خط الوسط الذى يبعد بشكل متساوٍ بين البلدين، الأمر الذى سوف يجعل حقل الغاز والنفط من نصيب تيمور ليست.
غير أن استراليا ،التى تطمع في موارد تيمور ليست منذ وقت طويل، سبقت، فيما يبدو، جارتها الحديثة والصغيرة فى كل خطوة قامت بها، بوسائل مختلفة.
وبحسب زانانا جوسماو، بطل المقاومة فى تيمور ليست وأول رئيس لها، فإنه فى 20 من مايو 2002، وهو نفس يوم استقلال تيمور ليست، أجبرت أستراليا دولة تيمور ليست الوليدة على توقيع معاهدة بحر تيمور، التي تستند فى الجانب الأكبر منها على معاهدة عام 1989 بين استراليا وأندونيسيا التى كانت تحتل تيمور ليست فى ذلك الوقت، وقامت برسم خط حدود بحري مؤقت إلى أقصى الشمال من خط الوسط.
وفى عام 2006، وقعت البلدان معاهدة حول الإجراءات البحرية المحددة في بحر تيمور. وتنص المعاهدة على توزيع متساو للإيرادات من رواسب حقل جريتر صن رايز، ولكنها تفرض فى ذات الوقت تعليقا يمتد 50 عاما للمكالبة بحقوق السيادة وترسيم الحدود البحرية.
غير أن شرعية معاهدة 2006 صارت محل شك بعدما اتضح فى عام 2012 أن عملاء لاستراليا، كانوا يتظاهرون بكونهم عمال مساعدة، استطاعوا زرع أجهزة تنصت فى قاعة مجلس وزراء تيمور ليست، ليمكنوا استراليا من الفوز بمزايا غير مستحقة فى المفاوضات التي أدت إلى معاهدة 2006.
وعقب لجوء تيمور ليست إلى التحكيم من خلال المحكمة الدائمة للتحكيم فى عام 2013 فى أعقاب الكشف عن ملابسات عملية التجسس، قام عملاء تابعون لاستراليا بالإغارة على مكتب محام يمثل تيمور ليست فى القضية، بأحد ضواحى مدينة كانبيرا، واستولوا على كنز من الوثائق الهامة.
كما اكتشفت تيمور ليست أنه قبل استقلالها بشهرين، قامت استراليا بدهاء، بالنأى بنفسها من التسوية الإجبارية للنزاعات بشأن الحدود البحرية، فى محكمة العدل الدولية، ووفق اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
وبالنسبة لعملية التسوية الإلزامية التى تتولاها الآن المحكمة الدائمة للتحكيم، فقد أعلنت استراليا عزمها على اعتبار اللجنة التى تتناول القضية ليست لها اختصاص قضائي بالأمر، وأنه على فرض إصدارها حكما بأنها صاحبة اختصاص، فإن تقرير اللجنة النهائي لن يكون ملزما لاستراليا.
إن هذا السلوك الاستبدادي من جانب استراليا يجعل من حديثها الطنان منذ شهرين فقط عن أنها أكثر أخلاقية من الآخرين، مثيرا للسخرية، حيث أدانت استراليا الصين "لأفعالها المستأسدة على الآخرين"، وقامت بسرد المواعظ المستقاة من القانون الدولي فيما يخض نزاعات بحر الصين الجنوبي.
وحتى إذا كانت استراليا عديمة الاحساس إلى هذه الدرجة، فإن رفضها إجراء محادثات مباشرة مع تيمور ليست، علاوة على احتقارها الأعراف الدولية وسقطاتها الأخلاقية، إنما هي أمور تمثل وصفة جيدة لإثارة المشاكل.
ولو أن التاريخ يمثل لنا أى عبرة، فإن المفاوضات المباشرة القائمة على النوايا الطيبة هى الطريقة المثلى لتسوية النزاعات الحدودية. لقد آن الأوان لأن تتعلم استراليا دروس التاريخ.