حلب 17 سبتمبر 2016 ( شينخوا ) محمود علبة، يعيش في أحد أحياء حلب، يفتح صالونا للحلاقة في الهواء الطلق بعد أن خسر صالونه في ريف حلب بسبب الحرب المستمرة، وبات يقدم خدماته مجانية للأتيام ، وحافظ على أسعار الحلاقة قبل الحرب للفقراء، بالرغم من وضعه الصعب الذي يعيشه.
المواطن الحلبي الذي يحب أن يناديه أهالي حلب باسم أبو أحمد (47 عاما)، يعمل حلاقا لمدة 27 عاما ، والذي كان يقيم في منطقة مساكن هنانو في ريف محافظة حلب الشمالية، ترك منطقته بسبب الحرب ، سعى لأن يعيش داخل ملجأ لكي يحافظ على حياته .
وقال أبو أحمد لوكالة أنباء ((شينخوا)) "عندما هربت من مساكن هنانو، جئت إلى حلب، وكان علي أن أفكر بأن عملا يدر علي أموالا تكفيني شر العوز، فقررت أن أعمل في مهنة الحلاقة ، ولكن في أي مكان".
وأضاف أبو أحمد قائلا إن صديقه نصحه بأن يفتح صالون حلاقة في الهواء الطلق في حي السبيل بمدينة حلب بهدف كسب لقمة العيش التي تساعده في تأمين مصروف عائلته المؤلفة من أربعة أشخاص.
وفي البداية كان العمل في حديقة السبيل مصدر إحراج للحلاق أبو أحمد، خاصة عندما يقوم بتصفيف الشعر للزبائن في الهواء الطلق، كونه عادة ليست شائعة في سوريا.
وقال "في البداية كنت محرجا جدا، ولكن في وقت لاحق اعتدت على أن أكون حلاقا في الهواء الطلق، وبات الزبائن يأتون إلي".
وأمضى أبو أحمد قرابة العامين والنصف بالعمل في صالون الحلاقة بالهواء الطلق، وأصبح رجلا مشهورا في حي السبيل وبين مجتمع فقير في حلب.
ومضى يقول "أنا شخص فقير، ولكن هذا لا يجعلنا شخصا جشعا أركض وراء المال"، مضيفا " أشعر بحال الفقراء والنازحين من بيوتهم، لأنني واحد منهم، وأقوم بتقديم الحلاقة لهم بأسعار تبدو رمزية، على الرغم من وضعي الصعب".
وقال إنه سيتم محافظا على أخذ أسعار مخفضة من زبائنه، كما كانت قبل نشوب الأزمة .
وأضاف "حتى وقت قريب كنت آخذ 100 ليرة سورية (0.20 دولار أمريكي) للحلاقة ، ولكن الآن أرفع سعرها إلى 150 (0.29 دولار أمريكي)، وأرخص أسعار حلاقة قبل الأزمة منذ خمس سنوات".
أما بالنسبة للأطفال، وهناك "أسعار خاصة" من 75 ليرة سورية (0.15 دولار أمريكي)، وهو السعر القديم ، حيث ارتفعت أسعار الحلاقة ما لا يقل عن عشرة أضعاف منذ بداية الأزمة.
وقال عبلة أيضا أنه يهتم بالأطفال الأيتام، الذين فقدوا أحد والديهم أثناء الحرب، ويعتبر نفسه والد هؤلاء الأطفال، ويقدم لهم الخدمات مجانا.
ويقف أبو أحمد تحت ظل شجرة كبيرة، مع حقيبة سواء، وكرسي صغير مصنوع من الجلد، ينتظر زبائنه كل يوم.
"لقد أتيت إلى هنا كل يوم في الساعة 7:00 صباحا، وأترك العمل عندما تغيب الشمس، أعمل وكأني أعمل في متجر وأقوم بتحديد ساعات العمل"، مؤكدا أن الكل يحترمه لأنه يحترم موعده.
والزبائن عليهم الانتظار تحت ظل شجرة قريبة كي يأتي دورهم، ويتبادلون أطراف الحديث معه عن بعد.
وقال حسن /71 عاما/ ، ولديه ثلاثة أولاد وخمس بنات، كان قد التقى بالحراق أبو أحمد في الحديقة، وأصبح زبونه.
وقال "لقد أدركت أن أسعاره رخيصة وأحيانا كان يقوم بعمله مجانا لأولئك الذين ليس لديهم المال، وكان فقيرا ويحب الفقراء".
وأضاف أن "أبو أحمد مثال يجب أن يحتذي به، لأن الناس خلال الأزمة بحاجة إلى مساعدة بعضهم البعض".
وأكد أن "الجميع في حلب يقضى وقتا عصيبا مع هذه الأزمة، وأنا شخصيا أجلس على مربط الشارع إذا كان لدي فرصة للحصول على المال، لأن راتبي التقاعدي لا يكفيني" .
أبو أحمد ليس الوحيد الذي سعى لإقامة مشروع تجاري صغير في الحديقة، كما هو الوضع بالنسبة للشعب في حلب الذي يعيش أوضاعا مأساوية، كباقي المدن التي تعرضت للاشتباكات وأعمال عنف.
وأعرب أبو أحمد عن تمياته في أن " تنجح الهدنة حتى أستطيع أن العودة إلى بيتي قبل الأزمة ، وأن يعود حالنا إلى ما كان عليه قبل نشوب الأزمة ".
وتعد حلب، أكبر محافظة سورية والعاصمة الاقتصادية لسوريا قبل نشوب الأزمة في مارس 2011، وشهدت أكثف المعارك عنفا قبل وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ يوم الاثنين الماضي.
كما شهدت الأجزاء التي تسيطر عليها الحكومة من غرب حلب وتلك التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة المسلحة في شرق هدوء نسبيا، مقارنة مع ما قبل الهدنة.
وسوف يتبع وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة وروسيا خطوات أخرى منها فك حصار الحكومة على المناطق التي يسيطر عليها مقاتلي المعارضة المسلحة في الجزء الشرقي من حلب والسماح بدخول قوافل المساعدات.