بكين 16 أكتوبر 2016 (شينخوا) تلاقي القمة الثامنة لقادة مجموعة بريكس المنعقدة في مدينة غوا الهندية تحت عنوان "صياغة برنامج حلول فعال وشامل ومشترك" اهتماما كبيرا من المجتمع الدولي، لأنها تعطى زخما لتعزيز الاقتصاد العالمي وتحسين الإدارة الكلية للاقتصاد ودفع مقرطة العلاقات الدولية.
وقبل ذلك, اجتمع قادة دول بريكس الخمس في مدينة هانغتشو الصينية لحضور قمة مجموعة العشرين في أوائل الشهر الماضي حيث تبادلوا الآراء حول تعميق التعاون ومواجهة التحديات الراهنة معا. وثمة تطلعات في أن تسهم نتائج اجتماع غوا الذي تأتي عقب قمة هانغتشو في رفع مستوى التعاون في الحوكمة العالمية ودفع الابتكار والتنمية المستدامة.
ومنذ عام 2001 وحتى الآن, نمت مجموعة بريكس من مجرد مفهوم إلى آلية واقعية وفعالة, وهذا يكشف عن نمط جديد لنمو الاقتصاد العالمي ويتيح إمكانية جديدة لتغيير نظام الحوكمة العالمية.
وفي الواقع، لا غني عن التعاون المعمق بين دول بريكس إذا كنا نأمل في أن تتألق المجموعة بشكل مستمر حيث أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى اتجاه لهذا التعاون المعمق خلال اجتماع قادة دول بريكس على هامش قمة مجموعة العشرين بهانغتشو من خلال طرحه لاقتراح من أربع نقاط وهي:
أولا, الابتكار المشترك لنمط النمو؛ ثانيا, التحسين المشترك للحوكمة العالمية؛ ثالثا, الحفاظ المشترك على العدل والعدالة الدوليين وخلق بيئة تنمية مستقرة وسلمية؛ وأخيرا، العمل المشترك على دفع نمو التعاون الدولي من أجل انتهاج طريق التنمية المستدامة.
إن مشكلة ضعف انتعاش الاقتصاد العالمي، التي أعقبت الأزمة المالية العالمية, تؤرق كل من الدول المتقدمة وكذا مجموعة بريكس. لهذا، تجمع الكثير من الدول على أن السبيل إلى التغلب على الحالة الراهنة يكمن في إتباع طريق الابتكار.
وفي الوقت ذاته, كشفت الأزمة المالية عن عدم معقولية بعض أجزاء الهيكل الأصلي للحوكمة العالمية. وبوصفها محركا رئيسيا لتنمية الاقتصاد العالمي, تتصاعد مطالب الأسواق الناشئة والدول النامية إلى زيادة نسبة تمثيلها والتعبير عن رأيها في الأنظمة الدولية. لذا، ينبغي على دول بريكس الأعضاء بمجموعة العشرين تعزيز التبادل والتنسيق لمواصلة تغيير هيكل الحوكمة العالمية بصورة نشطة.
ويشير المحللون إلى أن دول مجموعة بريكس تضطلع بدور واعد في توطيد التعاون بين بلدان الجنوب ودفع التزام الدول المتقدمة بتعهداتها وقيادة الدول النامية الأخرى للسير على درب التنمية المستدامة.
وباعتبارها ممثلا للدول الناشئة, فإن أداء مجموعة بريكس عقب الأزمة المالية عزز من مكانتها الدولية, خاصة في ظل كون الصين محركا رئيسيا لتنمية الاقتصاد العالمي, حيث أظهرت إحصاءات صندوق النقد الدولي أن معدل المساهمة الصينية في تنمية الاقتصاد العالمي بلغت 35% خلال السنوات الخمس الماضية.
وبالنسبة للعالم, لا يزال الاقتصاد العالمي يبحث عن زخم جديد للنمو في الوقت الذي يعيش فيه عملية انتعاش صعبة. وصحيح أن دول بريكس تواجه العديد من التحديات على مختلف مستويات مثل تحويل الهياكل الاقتصادية وضعف النمو الاقتصادي, لكن هذا لا يعني "تلاشي بريكس" كما يزعم البعض.
ورغم ذلك, لا ينبغي النظر إلى مجموعة بريكس بتشاؤم، فالعديد من المؤسسات الدولية الكبرى تشعر بتفاؤل ازاء آفاق النمو الاقتصادي لبريكس. وخير دليل على ذلك أن صندوق النقد الدولي رفع معدل النمو الاقتصادي المتوقع للأسواق الناشئة والاقتصادات النامية لعام 2016 بواقع 0.1% ليصل إلى 4.2% ، بارتفاع عن النسبة المسجلة في عام 2015 وهي 4% , كما أشارت مدير عام صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد إلى أن الصين والهند وغيرهما من الاقتصادات الناشئة ستواصل تسجيل نمو سريع, فيما تظهر البرازيل وروسيا علامات على الانتعاش.
وتتمتع دول مجموعة بريكس بموارد طبيعية وبشرية هائلة, وأسواق داخلية واسعة وإمكانات تنموية كبيرة, وفضاء سياسي واسع. ويتوقع الاقتصاديون أن يمثل حجم اقتصاد دول بريكس 25% من اقتصاد العالم في عام 2020, ليغدو بذلك اقتصاد دول بريكس محركا مهما لدفع الاقتصاد العالمي.
ومع أن هناك بعض الصعوبات والمشكلات, تواصل مجالات التعاون بين دول بريكس اتساعها وتتحسن آلية تعاونها. وباتت قمة غوا تشكل حلقة وصل في آلية التعاون بين دول بريكس. ومع أن هناك اختلافات في الموقع الجغرافي والموارد ومستوي النمو الاقتصادي والنظم السياسية, إلا أن دول بريكس لن تختار المواجهة والانغلاق, بل ستختار التعاون والانفتاح.
فـ"دول بريكس قادرة على التعبير عن آرائها للمجتمع الدولي في بعض الشؤون الدولية الرئيسية"،هكذا قال الخبير الهندي الشهير في الشؤون الصينية سليكانتور غوندابالي.
كما أكد سيوالان سينغ الأستاذ بجامعة جواهر لال نهرو أن دول بريكس تقدم مساهمات كثيرة لتعزيز الحوكمة العالمية، وبالتالي لابد للقادة من اغتنام هذه الفرصة الطيبة لتحقيق اختراقة جديدة.