بكين 6 نوفمبر عام 2016 (شينخوا) ظلت الصين تحافظ على نمو سريع منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949، ولاسيما بعد تطبيقها سياسة الاصلاح والانفتاح منذ أواخر السبعينيات من القرن الماضي، ما خلق للبلاد نمطا جديدا من التنمية لدولة نامية تعاني مشاكل الفقر والتخلف التي كابدتها قبل أكثر من ستة عقود.

ولا شك في أن أبرز خصائص النمط التنموي الصيني على الصعيد السياسي تتمثل بقيادة الحزب الشيوعي الصيني، وذلك يعد سرا من أسرار النمو السريع الصيني وضمانا لنجاح إعادة نهوض الأمة الصينية جمعاء .

ولذلك؛ شهدت الصين تقدما ملحوظا بعد أن وضع الحزب استراتيجيات التنمية الملائمة للظروف الواقعية في البلاد في تاريخ جمهورية الصين الشعبية، ولو جرى عكس ذلك، لكانت البلاد قد فشلت حتما في انتهاز فرص التنمية القيمة في فترات معينة مثل فترة "الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى " في القرن الماضي.

ونظرا لذلك، يأمل الشعب الصيني من الحزب أن يضع ويصدر الاستراتيجيات الحكيمة في أسرع وقت ممكن لمواجهة الصعوبات والمعضلات الكثيرة التي تعكر صفو النمو الاقتصادي الوطني خصوصا بعد الأزمة المالية التي اجتاحت العالم منذ عام 2007 .

ولمواجهة الصعوبات ، لم يفكر الجيل الجديد من قادة الحزب في تسوية المشاكل الاقتصادية التي تهم عموم الشعب فقط ، وإنما بجميع القضايا التي تشمل جميع مفاصل حياة المجتمع الصيني . فوضعوا سلسلة من الاستراتيجيات خصوصا بعد عام 2013 حيث عقد الحزب الاجتماع الكامل الثالث للجنته المركزية الثامنة عشرة.

وبحسب النظام السياسي الصيني ، يشغل جميع قادة الجيل الجديد للحزب في اللجنة المركزية الـ18 واللجنة المركزية لفحص الانضباط ، وتحمل اللجنة المركزية للحزب مسؤولية وضع استراتيجيات تنمية البلاد ، لأن الحزب الشيوعي الصيني هو الحزب الحاكم في البلاد .

ونظرا لأنه يتم انتخاب اللجنتين المركزيتين للحزب في المؤتمر الوطني للحزب كل خمسة أعوام وفقا لدستور الحزب ، فقد انتخبت اللجنتان المركزيتان الـ18 للحزب في المؤتمر الوطني الـ18 الذي انعقد عام 2012، وسيقوم الحزب بانتخابات جديدة في مؤتمره الوطني الـ19 الذي من المقرر أن ينعقد في العام القادم.

وبالنسبة إلى كل دورة من اللجان المركزية للحزب ، فخلال خمسة أعوام من عملها، ينبغي عليها أن تعقد عددا معينا من الاجتماعات الكاملة لمناقشة وتقرير أهم الموضوعات لتنمية الدولة وحوكمة الحزب بنفسه .

وحسب دعوة المكتب السياسي التابع للجنة المركزية للحزب، وفي العقود الأخيرة ، عقدت كل لجنة من اللجان المركزية ، بشكل دائم وليس بالضروري، سبعة اجتماعات كاملة، فدائما ما يقرر الاجتماع الكامل الأول أعضاء الهيئات المحورية للجنة مثل الأمين العام للحزب وأعضاء المكتب السياسي واللجنة العسكرية التابعة لها وغيرها ، ويناقش الاجتماع الكامل الثاني قائمة مرشحي مسؤولي الدولة، ويضع الاجتماع الكامل الثالث سياسات اقتصادية استراتيجية للدولة ، ويناقش الاجتماع الكامل الرابع شؤون حوكمة الحزب، ويراجع ويناقش القادة في الاجتماع الكامل الخامس الخطة الخمسية للتنمية الاقتصادية الاجتماعية الوطنية، ويناقش الاجتماع الكامل السادس قضايا مهمة غير محددة، ويقوم الاجتماع الكامل السابع دائما بأعمال الاستعداد للمؤتمر الوطني التالي للحزب .

وفي إطار التقاليد الحزبية هذه ، وضعت اللجنة المركزية الـ18 استراتيجيات أساسية تغطي جميع انحاء المجتمع الصيني للتنمية في اجتماعاتها الكاملة الماضية، وعقدت ستة اجتماعات كاملة حتى الشهر الماضي .

وقررت اللجنة في اجتماعها الأول قادة الحزب في يوم 15 نوفمبر عام 2012، وناقشت وقررت في الاجتماع الكامل الثاني الممتد من يوم 26 حتى يوم 28 فبراير من عام 2013 قائمة مرشحي مسؤولي الدولة .

ثم وفي نفس العام، عقدت اللجنة اجتماعها الكامل الثالث في الفترة بين يومي 9 و12 نوفمبر، وأصدرت فيه قرارا استراتيجيا لمواصلة تعزيز الاصلاح في كل نواحي المجتمع الصيني وللقضايا الهامة المتعلقة بذلك .

أما في الفترة بين يومي 20 و23 أكتوبر عام 2014 وبإقامة اجتماعها الكامل الرابع ، وضعت اللجنة استراتيجية حكم القانون بصورة شاملة في البلاد .

بالنسبة إلى اجتماعها الكامل الخامس الذي عقد بين يومي 26 و29 أكتوبر العام المنصرم ، فقد وضعت اللجنة المركزية الـ18 للحزب الشيوعي الصيني استراتيجية اتمام بناء مجتمع الرفاه المعتدل على كافة المستويات في عموم البلاد قبل حلول عام 2020، وناقشت صياغة الخطة الخمسية الـ13 (2016-2020) لتنمية الاقتصاد الوطني والتطور الاجتماعي في البلاد (الخطة الوطنية الخمسية الـ13 للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ).

وفي الاجتماع الكامل السادس للجنة والذي أقيم في الفترة بين 24 و27 أكتوبر المنصرم، صدرت وثيقتان رئيسيتان بشأن استراتيجية الحوكمة الصارمة للحزب الشيوعي الصيني على نحو شامل، وناقشت قضايا رئيسية تتناول تشديد الحوكمة داخل الحزب ولوائح المراقبة داخل الحزب وقواعد الحياة السياسية داخل الحزب.

وقد طرح الحزب في أواخر عام 2014 أن استراتيجياته تتركز على اتمام بناء مجتمع الرفاه المعتدل وعلى تعميق الاصلاح في كل نواحي المجتمع وعلى حكم القانون بصورة شاملة وعلى تشديد حوكمة الحزب على نحو شامل ، وتلك تماما هي نفس الموضوعات الرئيسية التي تناولتها الاجتماعات الكاملة الأربعة الأخيرة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني .

يبدو أن الحزب لن يحيد عن درب العمل الدؤوب ويكمل هيكلة استراتيجياته لتحقيق الحلم الصيني لإعادة نهوض الأمة الصينية العظيمة التي سيشهدها العالم في المستقبل غير البعيد بلا شك.