واشنطن 12 نوفمبر 2016 (شينخوا) وجه فوز ترامب المفاجئ في الانتخابات الرئاسية الأمريكية يوم الثلاثاء ضربة شديدة لإرث الرئيس الأمريكي باراك أوباما التجاري بعد تلاشى أمل توقيعه على اتفاق التجارة عبر الباسيفيك سريعا بعد انتخاب ترامب.
وضغطت إدارة أوباما بقوة لعدة أشهر على أمل الموافقة على اتفاق الشراكة عبر الباسيفيك (تي بي بي) المثير للجدل خلال ما يسمى بفترة البطة العرجاء المتبقية للكونغرس بعد الانتخابات، وذلك في حال فازت المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
لكن، مدفوعا بموجة عداء للتجارة ومشاعر مناهضة للمؤسسة، انتخب المرشح الجمهوري ترامب للبيت الأبيض، مشكلا صدمة للكثيرين في جميع أنحاء البلاد.
وكان الزعماء الجمهوريون في الكونغرس قد أوضحوا أنهم لن ينظروا في الاتفاق التجاري الذي يشمل 12 دولة في منطقة الباسيفيك خلال الفترة المتبقية من ولاية أوباما، مستشهدين برفض الرئيس المنتخب للاتفاقية.
وقال زعيم الأغلبية بمجلس الشيوخ ميتش ماكونيل للصحفيين يوم الأربعاء " (تي بي بي) بالتأكيد لن تعرض هذا العام. سوف تحال للمناقشة مع الرئيس الجديد".
وشذ ترامب عن عقيدة الجمهوريين القائمة منذ فترة طويلة، والتي تؤيد التجارة الحرة، حيث تبنى موقفا محابيا للتجارة الحمائية طوال حملته الانتخابية، وذلك في محاولة منه لجذب الناخبين الغاضبين والمحبطين من ذوي الياقات الزرقاء، ممن شهدوا فقدان العديد من الوظائف في قطاع التصنيع جراء الاقتصاد العالمي المتنامي.
وتعهد ترامب بإعادة التفاوض بشأن اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية )نافتا( والانسحاب من (تي بي بي)، التي قال إنها سوف "تدمر" قطاع التصنيع في الولايات المتحدة، وذلك في جزء من جهوده الساعية لاستعادة الوظائف الأمريكية.
وبينما لا يزال يؤمن المسؤولون في البيت الأبيض بمنطقية الـ(تي بي بي) للولايات المتحدة لأسباب اقتصادية وأمنية قومية، إلا أنهم أقروا بصعوبة الضغط على الكونغرس لتمرير الاتفاقية بعد الانتخابات.
وقال ادويوال والي اديمو، نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي للاقتصادات الدولية، للصحفيين في مؤتمر عبر الهاتف يوم الجمعة، "من حيث الاتفاقية ذاتها، تحدث الزعيم ماكونيل عن ذلك إنه شئ سيعمل عليه مع الرئيس المنتحب لتحديد كيفية المضي بالاتفاقيات التجارية في المستقبل".
وقال بن رودس، نائب مستشار الأمن القومي الأمريكي للاتصالات الاستراتيجية في مكالمة بنفس المؤتمر إن الغموض بشأن مصير الاتفاقية يأتي أيضا على رأس جدول الأعمال عندما يحضر اوباما قمة قادة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا-الباسيفيك (ابيك) في بيرو الأسبوع المقبل.
وقال " أتوقع أن الرئيس سيكون لديه فرصة للقاء زعماء (تي بي بي) كمجموعة أثناء وجوده في بيرو".
وأضاف " من الواضح أننا ندرك أن التطورات السياسية الأخيرة في دولتنا وكيف ستؤثر على (تي بي بي)، لكن هذا سبب إضافي للرئيس للتباحث مع قادة (تي بي بي) حول العمل الذي أنجزوه وكيف النظر ودفع القضايا المتعلقة بالتجارة قدما".
وكان رئيس وزراء سنغافورة لي هسين لونغ حذر من أن الولايات المتحدة قد تفقد سمعتها وتؤذي علاقاتها مع حلفائها في آسيا إذا ما فشلت في التصديق على اتفاقية الشراكة عبر الباسيفيك.
وقال لي في أغسطس أثناء زيارته لواشنطن " أعتقد أنه من حيث مشاركة أمريكا في المنطقة، لقد وضعتم سمعتكم على المحك. هذا هو الشئ الكبير الذي تفعله أمريكا في آسيا-الباسيفيك مع إدارة اوباما باستمرار على مدى سنوات عديدة من الدفع والعمل الشاق".
وأضاف " أذا انتظرنا في النهاية في المذبح ولم تصل العروس، أعتقد أن هناك أشخاص سوف يتضررون بشدة. ليس فقط عاطفيا ولكن سيتضررون حقا لفترة طويلة قادمة".
وتضم اتفاقية الشراكة عبر الباسيفيك كلا من أستراليا وبروناي وكندا وتشيلي واليابان وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا وبيرو وسنغافورة والولايات المتحدة وفيتنام. وتم التوقيع عليها رسميا من قبل وزراء من هذه البلدان الـ 12 في فبراير الماضي بعد أكثر من خمس سنوات من المفاوضات.
وتمر الاتفاقية حاليا بفترة تصديق لمدة عامين، حيث يجب أن تقوم خلالها ستة بلدان على الأقل، تمثل 85 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي المشترك للدول الـ 12 المشاركة في الاتفاقية، بالموافقة على النص النهائي للاتفاقية التي سيتم تنفيذها.
وقال سكوت ميلر، الخبير التجاري بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، " إذا فشلت الولايات المتحدة أو اليابان في التصديق على النسخة المبسطة من القواعد، فإن الاتفاقية كما هي مكتوبة لن تدخل حيز التنفيذ".
بيد أن هذا لا يعني أن الـ11 دولة المتبقية المشاركة في الاتفاق لا يمكنها مراجعة هذا الشرط وتنفيذ الاتفاق في حال فشلت الولايات المتحدة في التصديق عليه، وفقا لميلر.
وأضاف " هذا الأمر سيحتاج إلى خطوة منفصلة. سيتطلب من الأطراف الأخرى غير الولايات المتحدة التباحث معا وتحديد إذا ما كان يكفي هذا لاقتصاداتهم المضي قدما وإعادة التفاوض بالأساس على ذلك الجزء من الاتفاق".
وقد يؤدي فوز ترامب أيضا الى مزيد من التأخير لاتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي التي تفاوضت إدارة أوباما بشأنها مع الاتحاد الاوروبي لمدة 3 سنوات، وفقا لمسؤول تجاري كبير بالاتحاد الأوروبي.
وقالت المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي سيسيليا مالمستروم في مؤتمر صحفي يوم الجمعة" سوف تدخل اتفاقية شراكة التجارة والاستثمار عبر ضفتي الأطلسي (تي تي آي بي) الثلاجة لبعض الوقت. ما سيحدث بعد ذلك، نعتقد أنه علينا أن ننتظر ونرى".
وأضافت " سنكون على استعداد لاستئناف المحادثات وقتما تشعر الإدارة الأمريكية الجديدة بأنها مستعدة لذلك، الكرة الآن في ملعبهم".
وكان يأمل المفاوضون من الجانبين وضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق التجاري بحلول نهاية العام الجاري بيد أن غياب الدعم السياسي من الجانبين وتزايد المشاعر المناوئة للعولمة جعل من الصعب عليهم التغلب على القضايا السياسية الحساسة في المحادثات.
ومن غير الواضح إذا ما كانت رئاسة ترامب ستستأنف المفاوضات بشأن (تي بي بي) و(تي تي آي بي) أو ستتخلص من هذه الصفقات التجارية الطموحة. وقال ترامب إنه يفضل التفاوض بشأن اتفاقيات مع كل دولة على حدة بدلا من الدخول في اتفاقيات تجارة متعددة الجنسيات.