بكين 23 نوفمبر 2016 (شينخوا) منذ قمة منتدى التعاون الاقتصادى لآسيا- الباسفيك فى بكين عام 2014، سلطت الصين الضوء باستمرار على الحوكمة العالمية فى مناسبات دولية مختلفة مثل قمة هانغتشو لمجموعة العشرين فى سبتمبر الماضي وقمة الأبيك التى انتهت لتوها فى ليما.
وتضخ مقترحات الصين ومبادراتها وإسهاماتها حيوية جديدة فى الحوكمة العالمية.
قيادة العولمة الاقتصادية
في قمة المديرين التنفيذيين للأبيك فى ليما جدد الرئيس الصيني شي جين بينغ دعوته للدفع قدما ببناء منطقة للتجارة الحرة لآسيا- الباسيفيك، قائلا "انها مبادرة استراتيجية حاسمة بالنسبة للرخاء طويل الأجل لمنطقة آسيا- الباسيفيك".
وقال لقادة الأعمال العالميين "ينبغى علينا أن نتابع بناء هذه المنطقة كآلية مؤسسية لضمان اقتصاد مفتوح فى آسيا- الباسيفيك"، مؤكدا على أن "الانفتاح هو شريان الحياة لاقتصاد آسيا- الباسيفيك".
وقد أطلقت عملية إقامة منطقة التجارة الحرة لآسيا- الباسيفيك فى اجتماع القادة الاقتصاديين للأبيك عام 2014 فى بكين مع الموافقة على خارطة طريق. كما اجريت "دراسة استراتيجية جماعية" بعد ذلك وفقا لاتفاق أعضاء الأبيك وينبغى رفع نتيجة الدراسة إلى القادة الاقتصاديين بنهاية 2016.
وفى ظل الوضع الدولى الراهن، تعد مبادرة شي ذات أهمية عظمى. وفى السنوات القليلة الماضية وقع الاقتصاد الدولى فى شرك التعافى الضعيف وعدم كفاية القوة الدافعة للنمو وبطء التجارة والاستثمار.
وما يبعث على الفزع هو أن العولمة الاقتصادية تواجه لطمات قوية من ريح معاكسة قادمة من الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية حيث ترتفع الحمائية.
بيد أن الرئيس شي أظهر للعالم ثقة منطقة آسيا- الباسيفيك فى العولمة الاقتصادية، قائلا إن"التزام منطقة آسيا- الباسيفيك بالعولمة الاقتصادية لم يتغير وأن ثقتها لم تتناقص".
ورحب المراقبون بتصميم شي بحرارة. وعلقت صحيفة ((الفاينانشيال تايمز)) البريطانية على موقعها الالكترونى بأن الصين كمدافع عن التجارة الحرة والاقتصاد المفتوح فى منطقة آسيا- الباسيفيك، تلعب دورا قياديا فى التجارة العالمية.
الممارسة الابتكارية للصين
مع تغير الزمن، يجب أن يعكس نظام الحوكمة الاقتصادية العالمية التغيرات العميقة فى الساحة الاقتصادية العالمية مع زيادة التمثيل والرأى للأسواق الناهضة والدول النامية.
وقد تمسكت الصين دائما فى السنوات الماضية باعتبارها كبرى الدول النامية بالحديث لصالح الدول النامية وعززت الوحدة والتعاون معها.
ومن خلال مبادرة الحزام والطريق، تشارك الصين فرص التنمية مع البلدان الواقعة على طول طرق التجارة هذه. وعلاوة على ذلك فإن الصين خلقت سابقة بإنشاء مؤسسات مالية متعددة الأطراف بين البلدان النامية من خلال تأسيس البنك الآسيوى للاستثمار فى البنية الأساسية وبنك التنمية الجديد لمجموعة البريكس.
وفى الوقت نفسه، أدى إدخال اليوان فى سلة حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولى إلى رفع المكانة الدولية لعملات البلدان النامية. كما وسعت الصين قنوات التعاون مع البلدان النامية بتقوية منتدى التعاون بين الصين وافريقيا وإنشاء منتدى الصين- مجموعة دول أمريكا اللاتينية والكاريبى.
وفى قمة مجموعة العشرين فى هانغتشو، ركز الرئيس شي على مفهوم المساواة والانفتاح والتعاون والمشاركة فى الحوكمة الاقتصادية العالمية، تاركا بصمة عميقة فى تاريخ مجموعة العشرين وجاعلا المجموعة منصة رئيسة للحوكمة الاقتصادية العالمية.
وبالإضافة إلى الإسهامات فى الحوكمة الاقتصادية العالمية، قامت الصين بدور نشط فى التعامل مع التحديات والقضايا الساخنة العالمية.
إن الصين ترغب فى العمل مع المجتمع الدولى لصالح رخاء كل البشر ودعم مفهوم السيادة فى الفضاء الالكترونى وجعل نظام حوكمة الفضاء الالكترونى العالمى أكثر عدلا ومعقولية.
وتشمل أعمال الصين إنشاء صندوق مساعدة التعاون فيما بين بلدان الجنوب لمد العون إلى العالم فى القضاء على الفقر وصندوق التعاون المناخى بين الصين ودول الجنوب- الجنوب (بقيمة 3 مليارات دولار أمريكى) لمساعدة الدول النامية الأخرى على مكافحة التغير المناخى.
وفى مؤتمر باريس بشأن التغير المناخى فى باريس العام الماضى، وجهت الصين كقوة مسئولة، اتجاه المفاوضات وقدمت اسهامات مهمة فى التوصل الى اتفاقية.
وقد أشادت صحيفة ((شتوتجارت تسايتونج)) الألمانية اليومية بإسهامات الصين فى التنمية المستدامة، قائلة إن نموذج التنمية فى الصين يؤخذ بجدية الآن وإنه من الممكن أن يصبح جزءا من حل القضايا العالمية.
لماذا تشارك الصين بنشاط فى إصلاح الحوكمة العالمية؟
ان المشاركة الاستباقية للصين فى اصلاح الحوكمة العالمية تعود الى 12 أكتوبر 2015 عندما قال الرئيس شي فى جلسة دراسة للمكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني إن تقوية الحوكمة العالمية وإصلاح نظام الحوكمة العالمية يمثل الاتجاه العام.
وكانت تلك هى المرة الأولى التى تطرح فيها الصين بصراحة مفهوم الحوكمة العالمية.
ووفقا لما قال شي فإن الإصلاح يتعلق "بوضع قواعد النظام الدولى والآليات العالمية"و"اتخاذ قرار بشأن أى اتجاه سيتجه نحوه العالم".
واضاف "ان القضية ليست مجرد تنافس على مستوى أعلى من التنمية العالمية، ولكنها تتعلق بماهية الأدوار والوظائف التى ستقوم بها الدول فى الترتيب النظامى الكلى للنظام الدولى على المدى الطويل".
وعلى مدى قرون، قسمت الدول القوية العالم وتنافست على المغانم والنفوذ عن طريق الحروب والاستعمار، ولكن حلت محل هذا فى عالم اليوم قواعد وآليات لموازنة المصالح المختلفة.
وقال "إن الترتيبات الظالمة وغير المناسبة فى نظام الحوكمة العالمية" بحاجة إلى الإصلاح وينبغى إدخال مفاهيم جديدة. وقد قدمت الصين حوكمة عالمية تتسم بالتشاور المتبادل والجهود المشتركة والمشاركة.
وتابع شي أن الصين يجب أن تدافع عن مصالحها إلى جانب المصالح العامة للبلدان النامية وألا تركز على احتياجاتها فى سياق تنميتها فحسب بل تركز ايضا على التوقعات التى يعلقها المجتمع الدولى عليها.
إن الصين كانت دائما مشاركا وبانيا ومساهما نشطا فى النظام الدولى الراهن، وسوف تظل مشاركا ومبادرا وقائدا فى إصلاح الحوكمة العالمية التى لا تسقط النظام الراهن ولكن تبتكر فيه وتحسنه.
وشدد الرئيس الصيني على "الحماية بكل تصميم" للنظام الدولى ونظام يرتكز على مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، إضافة إلى "حماية وتوطيد" المنافع الناتجة عن النصر فى الحرب العالمية الثانية.